| الأفكار وَالأحداث العَامة لملحمة مؤتة |
| ولنقف على أهم الأفكار الرئيسية والأحداث العامة البارزة، من خلال واحد وعشرين مقطعاً: |
| * في المقطع الأول -أحد عشر بيتاً- يدور الشاعر في حكمة عهدناها منه في بعض ملاحمه كملحمة طارق بن زياد كما سنرى، وقد سبقه إليها شاعر الأندلس أبو البقاء الرندي وهو يرثي المدن والمماليك وغروبها. ويبدو أن تأثير ذلك الشاعر واضح على وجدان وأذن شاعرنا.. إذ استوحى منه المعنى والوزن، وذات البحر البسيط. يقول الرندي: |
| لكل شئ إذا ما تم نقصان |
| فلا يُغر بطيب العيش إنسان |
|
| ولكن شاعرنا ينطلق في معانيه منطلقاً تاريخياً شاملاً، وتصوراً فكرياً حضارياً يجسد فلسفة الحياة، ومنطق التاريخ، ودورة الزمن. إذ يرى أن سنة الحياة أن يظل الصراع قائماً بين الشرق والغرب.. صراع يغذيه الحكام دوماً. إنه تعريض عصري، أو رؤية عصرية: |
| الشرق والغرب كم خاضا لظاه وما |
| زالا مدى الدهر في ثاراتهم خصما |
| والحاكمون يقودون الشعوب إلى |
| هذا الصراع وقوداً للَّظى ودُمى |
|
| * وفي المقطع الثاني -ثلاثة عشر بيتاً- صورة أخرى من صور ذلك الصراع بين الشرق والغرب، بين الفرس والإغريق؛ حين اتخذوا ساحات حروبهم آسيا الصغرى وسورية وبلاد الرافدين ومصر.. وقد حقق الفرس النصر على يد قادتهم أمثال: دارا وقمبيز. |
| * وفي المقطع الثالث -سبعة عشر بيتاً- تطل صورة أخرى للتاريخ الدرامي في صراع الشرق مع الغرب، بين الإسكندر المقدوني وكسرى. ولكن النصر هذه المرة للروم، إذ امتدت فتوحات المقدوني الكبير عبر جبال طوروس والفرات، والأورال في روسيا، وتغلغل في الشرق الأدنى، حتى تصل الهند والسند، وكاد يهيمن على الصين.. لولا أن عاجله الموت قهراً في بابل، بعد أن تهاوى كل ما بناه من أوهام وأحلام في بناء إمبراطوريته الشاسعة الواسعة بين الشرق والغرب. |
| * وفي المقطع الرابع -سبعة أبيات- استمرار للصراع والدورة التاريخية بين الغرب والشرق.. في بلاد الشام، حين تبدأ أطماع هرقل تتجه صوب بيادر حوران، وصوب وجاهة ومكانة دمشق التجارية بين الشرق والغرب. |
| * وفي المقطع الخامس -واحد وعشرون بيتاً- يبرز دور العرب ليتسلموا قيادة الدنيا، إثر نزول الوحي في أم القرى على سيد المرسلين محمد الداعي القائد الحازم الهادي.. وأذن الله من عرشه بأن الدور في الأرض للإِسلام. |
| *وفي المقطع السادس -تسعة عشرا بيتاً- يحمل الرسول قائد المسلمين الأول دعوة السماء، ويبلغها لكل العباد والأمم وملوكها من أكاسرة وقياصرة.. ومواقف كسرى من دعوة محمد. |
| * أما المقطع السابع -واحد وعشرون بيتاً- فهو خاص بموقف هرقل من الرسول ومبعوثه (دحية الكلبي) في مجلس بالقدس، وما دار بينهما من حوار بين الطرفين، وتدخل (شرحبيل الغساني) واتهاماته لقريش وصغر شأنها بين القبائل الأخرى مثل (غسان، وقحطان)، واعترافه بقتل سفير النبي (بالعمران) وراء (تيماء). |
| * وفي المقطع الثامن -تسعة أبيات- يبرز موقف الرسول الحازم من أخبار سرايا شرحبيل وهرقل، وخبر مقتل مبعوثه المحزن وهو (الحارث بن عمير الأزدي)
(1)
ثم تجهيز الغزاة المسلمين. |
| * وفي المقطع التاسع -ثلاثة عشر بيتاً- يلقي الرسول خطبته المشهورة بالمجاهدين، وتتضمن جوهر الإِسلام، ودعوة التوحيد، وأخلاق المسلمين في الحروب.. ثم تأميره للفرسان الثلاثة: زيد بن الحارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة. |
| * وفي المقطع العاشر -ستة عشر بيتاً- تتحرك الغزاة إلى البلقاء، وتتمركز بمشارف عمان، وقد احتشد في مؤاب مائتا ألف من الرومان مقابل ثلاثة آلاف من جيش رسول الله. قوتان غير متكافئتين. |
| * وفي المقطع الحادي عشر -سبعة أبيات- ينقسم المسلمون إلى رأيين حيال قوة الرومان: رأي يدعو للمتابعة والشهادة، وآخر يرى أن الإِقدام مهلكة.. فعليهم مشورة الرسول في المدينة المنورة. |
| * وفي المقطع الثاني عشر-ثلاثة وعشرون بيتاً- يُبلور ذلك الانقسام موقف عبد الله بن رواحة الجريء، والداعي إلى المضي في طريق الجهاد في سبيل الله، ويظهر لهم نتائج الاستسلام، وما سيفعله الرومان -لا قدر الله- لو كتب لهم النصر، ويذكرهم بما فعله شرحبيل بسفير رسول الله يـوم قتلـه وغدر به. |
| * وفي المقطع الثالث عشر -ثلاثة عشر بيتاً- سباق الجيشين إلى التحصن بربى (مؤتة)، بعد أن لبَّى المسلمون نداء عبد الله بن رواحة؟ وزحف الروم بقيادة (ثيودورس) والقبائل المستعربة من بكر ولخم بقيادة (وبر بن عمرو)، بالإضافة إلى قيادة هرقل وشرحبيل. وقد وصل القائد المغوار (زيد بن حارثة) إلى مؤتة، فرمى راياته، وشيد الخيم فوق ربى مؤتـة ومشارفها وتلالها. |
| * وفي المقطع الرابع عشر-أحد عشر بيتاً- نرى جيش المسلمين مشحوناً بمبادئ الإسلام وآيات القرآن.. وجيش هرقل بحراً ملتطم الموج؛ ولكن لا يسمع إلاَّ صيحات تكبير المسلمين التي تثير الهمم والعزم والشجاعة. |
| * وفي المقطع الخامس عشر -ثمانية أبيات- ينبري زيد مرتجزاً وقد حمي الوطيس.. وإنها لرؤى شهدها الأبطال المسلمون في بدر.. كما أنها رؤى الرسول في أن يملك المسلمون الأرض والأمم. |
| * وفي المقطع السادس عشر -واحد وأربعون بيتاً– وصف ملحمي لجو المعركة، وقتال مرير يستمر سبعة أيام خاض غماره زيد بكل بسالة وهو يحمل بيمناه الراية البيضاء، حتى تناوشته رماح الروم ضرباً وطعناً فشهادة. ويتسلم الراية جعفر، ويقاتل بشجاعة نادرة، فتطير يده اليمنى، فتحمل الرايه يسراه، وتطير، ويصبح بلا ذراعين يحمي الراية بصدره حتى يلحق بركب الشهداء، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة هامساً الله أكبر.. وقد أصبح ذا الجناحين في الجنة كما وصفه رسول الله وهو ابن عمه. |
| * وفي المقطع السابع عشر -اثنا عشر بيتاً- يتناول الراية عبد الله بن رواحة شيخ الخزرج، وراح يزأر في رجاله مثيراً فيهم العزم، حتى تناوله رمح فجندله وهو يكبر، فخر صريعاً شهيداً. ويتسلم خالد بن الوليد الراية من بعده. ويضطلع بالقيادة ويعيد تعبئة صفوف المسلمين ويشعل القتال. |
| * وفي المقطع الثامن عشر -أربعة أبيات- نرى الشاعر وكأنه في قلب المعركة وقد راح يناشد خالد بن الوليد، الذي تنبأ له الرسول بأنه سيف الإًسلام.. وهذا هو يومه، وليكفِّر عما كان عليه من شرك. |
| * وفي المقطع التاسع عشر -سبعة وعشرون بيتاً– موقف عسكري وتعبوي لخالد في ترتيب رايات الجيش وخداع العدو، ولملمة الفلول! بعد أن زلزل الرعب جند الروم. ثم العودة إلى يثرب ومقابلة الناس -وبخاصة النساء– لجحفل الغزاة بفتور وتعييرهم بالفرار، بينما يرى الرسول أنه كان كراراً لا فراراً. |
| * وفي المقطع العشرين -أحد عشر بيتاً- تتجلى فيها نتائج غزوة مؤتة، وتكون مؤشراً لإرهاصات مشرقة مقبلة إذ ستكون باباً للنصر المقبل.. بل للانتصارات العديدة، والفتوحات الكبرى، من فتح مكة.. ومعارك مقبلة في مشارق الأرض ومغاربها -لم يذكرها الشاعر- أبرزها اليرموك والقادسية، ولكن وفود الجزيرة أقبلت تقدم الولاء. |
| * وفي المقطع الأخير -تسعة عشر بيتاً- تنتهي به الملحمة، وقد كان ثأر المسلمين مع الروم أول نصر تجاوز أطراف الجزيرة العربية. كما تبرز شخصية الشاعر الحية وهو يطوف بمكان الملحمة.. ليعبر عن أحاسيس اللحظة من خلال تنفس المكان و النبض بكل حرارة وإشراق التاريخ المنصرم. |
|
|
شارع عبد المقصود خوجة
00966-12-6982222 - تحويلة 250
