الحلقة - 14 - |
سليمان: وأختك مزنة أين هي؟... |
عثمان: لقد فتشت عنها فلم أجدها وإني لأخشى أن تكون قد وقعت أسيرة أو بين القتلى.. |
سليمان: ما الرأي؟... |
عثمان: أنت القائد فيجب أن تصدر الأوامر... |
سليمان: ولكني أطلب رأيك.. |
عثمان: رأيي أن ننسحب بما تبقى من لدينا من رجال وعتاد إلى مدينة العدول... |
سليمان: هذا رأيي ولكني لا آمر به إلا بعد أن أتيقن من نقل كل قادر على حمل السلام في زيلع معي... |
عثمان: ولكن أسطولنا لا يسعهم... |
سليمان: إن لم تحملهم فسيقتلهم العدو صبراً... |
عثمان: والله ما أدري كيف أنفذ أمرك هذا.. إنه مستحيل... |
سليمان: إن رجالنا ما يزالون يقاتلون بضراوة ويكبدون العدو خسائر جسيمة في الرجال والعتاد.... |
عثمان: وقطع أسطولنا كما ترى مشتبكة مع العدو وإلاَّ هذه القطعة من الأسطول جعلتها في المؤخرة لتكون مركزاً للقيادة... |
سليمان: ولكن اسطولنا كما أرى يكاد يقضي على أسطول الأعداء.. ألا يمكن أن نستغل بعض قطع أسطول العدو التي وقعت في أيدينا لنقل الرجال... |
عثمان: إنني احتاج إلى من يقود هذه القطع من أسطول العدو.. وليس لدي الخبراء. |
سليمان: إذا كانت هذه هي العائق فسنذللها... المهم أرسل قطع الأسطول المسلوبة من العدو إلى المؤخرة فلعلنا نجد بين من تبقى من رجالنا من يقودها... |
عثمان: سأفعل ولا سيما بعد أن أنسحب أسطول العدو فجأة من المعركة يقصد إغرائنا على مطاردته حتى نبتعد عن مراكز تمويننا ثم ينقض علينا كما فعل بجيشنا البري... |
صوت: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. أنقذوا نساءكم وأولادكم من أسر الأعداء. لقد نفرت قبائل المسلمين من كل صوب لامدادكم فاثبتوا واصمدوا فالنصر لمن صبر... |
أصوات: لبيك... لبيك... الله أكبر... الله أكبر... |
سليمان: أسمعت ذلك الصوت الداوي يا عثمان؟ |
عثمان: أجل أنه صوت سهيل بن عثمان.. لقد ذكرني بصوت أبيه المرحوم يوم معركة الأسطول التي أبلى فيها بلاء حسناً حقق به لنا النصر... |
سليمان: سأقوم بهجوم مضاد بما تبقى لدي من المسلمين وبالقبائل التي جاءت من شرق الصومال فلعلي استرد بعض الأسرى أو استشهد كما استشهد أسلافي... |
عثمان: أنها مخاطرة وسأوعز إلى قطع أسطولنا المتقدمة بتعزيز هجومكم. |
سليمان: بورك فيك. وستكون فرصة لك لسحب قطع الأسطول المأسورة إلى الوراء وتهيئها لرجالنا المنسحبين ولنقل ما يمكن من العتاد... |
عثمان: سر أنت على بركة الله وإياك والمخاطرة فقد ذهب والدك يرحمه الله ضحيتها... |
سليمان: سأعمل بنصيحتك... |
عثمان: واستفد من مواهب سهيل بن حسان في المعركة... |
سليمان: حسناً... حسناً.. |
عثمان: الله معنا.. الله معنا.. |
أصوات: الله معنا.. الله معنا.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. |
الأمبراطور: إنه اليوم الثالث للمعركة يا مرقص وما يزال المسلمون يقاتلون على الأرض بالرغم من أوامر قائدهم لهم بالانسحاب للإسطول... |
مرقص: لقد جاءتهم إمدادات من القبائل المجاورة رفعت من معنوياتهم ولكن |
الأمبراطور: ولكن ماذا؟ |
مرقص: ولكنهم في النهاية سيفرون للإسطول إذ لا قبل لهم بفرساننا المقاتلين. |
الأمبراطور: إننا ندفع الثمن غالياً.. |
مرقص: ولكن النتيجة ستكون انتصاراً ساحقاً على أعداء الصليب.. |
الأمبراطور: صدقت يا مرقص فالضحايا لا تهم ما دامت النتيجة هي النصر وكل نصر له ثمنه.. |
مرقص: ولاسيما إذا كان فيه القضاء على أكبر معقل للمسلمين في الصومال.. |
الأمبراطور: زيلع العاصمة والاستيلاء عليها يفتح الطريق أمامنا لاحتلال بقية مناطق الصومال والفناء ما تبقى من المسلمين فيها.. |
مرقص: إن جيشنا المظفر الزاحف يقتل كل ما يجد أمامه حتى الأسرى يقتلهم. أنها عملية إبادة ولا شيء غيرها ينفع لاستئصال المسلمين والتخلص منهم.. |
الأمبراطور: والنساء والأطفال.. |
مرقص: النساء والأطفال نستعبدهم كما يفعل المسلمون بنسائنا وأطفالنا حين يأسرونهم. |
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. |
الأمبراطور: أتسمع يا مرقص... |
مرقص: أنها أصوات التكبير التي يجب أن لا ترتفع بعد اليوم.. |
الأمبراطور: ولكني أرى شيئاً جديداً في هذه الأصوات الآن.. إنها شديدة وقوية. |
(يدخل القائد وهو يقول). |
القائد: سيدي الأمبراطور؟ |
الأمبراطور: ما وراءك أيها القائد؟ |
القائد: إن المسلمين يقومون بهجوم مضاد وقد استطاعوا فتح ثغرة واسعة في جيشنا تسللوا منها إلى حيث الأسرى من النساء والأطفال. |
الأمبراطور: ألهذا الحد امتد هجومهم واتسع؟.. |
القائد: أجل يا سيدي الأمبراطور... |
الأمبراطور: وماذا أعددت لصده وإبادته؟.. |
القائد: إنني أدفع بأعداد كبيرة من قواتنا لإيقاف الهجوم المضاد... |
الأمبراطور: هل المهاجمون يتلقون إمدادات؟.. |
القائد: لا أدري.. إنما أدري.. |
الأمبراطور: ما معنى ما تقول؟ |
القائد: الذي أدريه إن الإسطول يعزز ميمنتهم وهو الذي يمدهم ويعينهم ويحمي هجومهم... |
الأمبراطور: أما يزال هجوم المسلمين على أشده؟ |
القائد: حينما قدمت إلى مولاي كان على أشده.. |
الأمبراطور: إذا استمر هجوم المسلمين على ضراوته بعد استردادهم للأسرى من النساء والأطفال فهذا يعني أنهم يتلقون امدادات بشكل منتظم. |
مرقص: صدقت يا مولاي... |
الأمبراطور: أما إذا انكسرت حدته بعد استردادهم للأسرى من النساء والرجال فهذا يعني أن غايتهم هي فك أسر نسائهم وأطفالهم وعليك أيها القائد القضاء عليهم... |
مرقص: واسترداد الأسرى من النساء والأطفال. |
الأمبراطور: ما يقول مرقص يجب تنفيذه... |
القائد: أمر مولاي... |
الأمبراطور: غريب هذا الهجوم الشديد يا مرقص؟ |
مرقص: لا غرابة فيه يا مولاي إذ ليس عند المسلمين شيء أغلى من العرض والولد والمال أنهم يستعذبون الموت في سبيل الحفاظ على أعراضهم.. |
الأمبراطور: صدقت ولذلك سألت القائد ما إذا انكسرت سورة الهجوم وحدته بعد استرداد المسلمين لأسراهم من النساء والأطفال... |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت عثمان يقول): |
عثمان: هجوم رائع كاسح خاطف يا سليمان... |
سليمان: وضحاياه كثيرون يا عثمان ولولا مساندة الأسطول لكنا عرضة لتطويق قوات العدو الذي قذف في الميدان بأرتال جديدة... |
عثمان: يكفي هجومكم فخراً أنه استرد الأسرى من النساء والأطفال. |
سليمان: وفي المقدمة مزينة.. كيف جراحها؟ لم نجد فرصة نحن لمعرفتها.. |
عثمان: لقد أصيبت بسهم في كتفها وآخر في فخذها وهو الذي أوقعها في الأسر... |
سليمان: كيف هي الآن ومن معها؟.. |
عثمان: إن الإسعاف جار لهن، ولا سيما جراح بعضهن مميتة... |
سليمان: في سبيل الله من قتل من رجالنا ونسائنا وأولادنا... |
عثمان: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ..(آل عمران: 169). |
سليمان: صدق الله العظيم... |
عثمان: هلم بنا لمواساة الجرحى... |
سليمان: أريد أن أطمئن على قواتنا المهاجمة.. لقد عهدت إلى سهيل بن حسان بتدبير أمر انسحابها للأسطول بعد أن توليت خفارة الأسرى ونقلهم إلى الأسطول... |
عثمان: وأنا عمدت إلى صفوان بتغطية انسحاب هذه القوات. والعملية تأخذ وقتاً غير قليل إذا لم تحدث مفاجآت... |
سليمان: مفاجآت؟ |
عثمان: كأن يعرف العدو بخطة انسحابنا فيشدد هجومه فيكلفنا ضحايا غير منتظرة من الرجال... |
سليمان: أترى هنالك بوادر مفاجآت؟.. |
عثمان: لا ولذلك هلم بنا نتفقد الجرحى قبل أن يحدث ما يشغلنا عنهم... |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت مزينة يقول): |
مزينة: تجلدن يا أخواتي فجراحي والله أوجع من جراحكن ولكني أتجلد... |
عثمان: هذا أميركن سليمان جاء يتفقد أحوالكن... |
أصوات: عاش أميرنا البطل... |
مزينه: لاعدمناك يا سليمان.. لولا هجومك لظللنا إماء أرقاء لعلوج النصارى.. يتصرفون بنا كما يشاؤون. |
سليمان: وسهيل هل نسيتن بطولته.. إنه هو الذي قاد القوة الضاربة من المسلمين فأحدث ثغرة في صفوف الكافرين استطعنا منها التسلل إليكن.. |
أصوات: عاش سهيل.. عاش سهيل.. |
عثمان: والآن يجب عليكن أن تتجلدن وتتحلين بالصبر فالرحلة إلى مدينة العدل طويلة... |
سليمان: إن ما يقول قائد الإسطول صحيح فالرحلة شاقة ومن معكن من المقاتلين سيكونون منشغلين في مراقبة العدو وربما قتله. |
مزينه: سنصبر وسنتجلد وإذا سمحتم لنا قاتلن.. |
سليمان: شكراً شكراً لقد دافعتن وقاتلتن بشجاعة سيسجلها تاريخ هذا البلد بأحرف من نور لكن ونار على أعدائكن... |
عثمان: أيها الأمير.. تمت عملية الإنسحاب بشكل سريع غير منتظر لقد وفق سهيل وصفوان في التعاون على انجاح هذه المهمة. |
سليمان: إذن فإلى مدينة العادل... |
عثمان: وداعاً يا زيلع وداعاً إلى لقاء قريب. |
* * * |
|