شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نحن واليهود
الأستاذ كاظم محمَّد النقيب
يقول المؤلف: لنا -نحن المسلمين- مع اليهود تاريخ طويل، مليء بالأحداث، والصراع.. ولنا مع اليهود حاضر مليء بالعدوان علينا والتعصب ضدنا.
ثم يستطرد في مقدمته.. إلى أن يقول: لم يعد هناك "ضمير عالمي".. ولم تفد الأمم المتحدة ولا الأمم المتفرقة.. الأمر أصبح واقعاً والرضوخ له سهل يسير بألاّ يكلف أموالاً ولا أرواحاً ولا جهوداً. ولا جهاداً. ولكنه يكلفنا شرفاً وعزة وكرامة فهل نحن مستعدون لنخسر هذه (القيم) أم ماذا؟ ماذا يفعل المسلمون أمام هذا الأمر الواقع؟
وعلى هذا النحو نمضي مع المؤلف الفاضل مع حديثه عن اليهود، عبر التاريخ، ثم في حديثه عن عدوانهم الآثم في العصر الحديث.
وأخيراً.. في حديثه عن العرب والمسلمين أنفسهم فيما آل إليه أمرهم تجاه هذا العدوان.. وهو يتساءل: ما هو الحل لقضيتنا مع اليهود -في نظر الإسلام؟
ولا يتردد في أن يجيب:
الحل هو: القتال.. وفي موضع آخر يقول: على أن تكون المعركة بيننا وبين اليهود المعتدين قائمة على أساس الإسلام، لأن الإسلام يفجر في الإنسان المسلم طاقات لا يستطيع تفجيرها فيه أي مبدأ آخر.
ويوم تكون المعركة قائمة على أساس الإسلام، فإن النصر يتحقق بإذن الله!
ولنمض مع المؤلف من البداية.
الحكم الإسلامي لفلسطين:
بدأ حكم المسلمين لفلسطين منذ عام (16هـ-637م) فنشروا فيها العدل والأمان. وأعطوا الحرية الدينية لجميع أهل الأديان.. يمارسونها دون أن يكرهونهم على اعتناق الإسلام. وقاموا بتعميرها فأنشأوا المدن وفتحوا القنوات للري، وأنعشوا الحالة المعاشية لجميع السكان دون تمييز، وعاش الجميع ينعمون بالخير والسعادة، واستمر الحكم الإسلامي قائماً في فلسطين حتى قيام الحرب العالمية الأولى.. وفي عام (1917م) احتلتها إنكلترا مع جملة ما احتلته من أراضٍ إسلامية أخرى.
وقد بلغت الفترة التي حكم فيها المسلمون فلسطين 1240 عاماً. لم ينازعهم عليها أي منازع، ولم يجرؤ أحد أن يقول إن فلسطين هي وطن قومي لليهود أو لغيرهم، ولم يعمل اليهود على ذلك طيلة هذه المدة وما ذلك إلاّ لأنهم كانوا يتمتعون بتمام الحرية وينعمون بكمال السعادة في ظل الحكم الإسلامي، ولو كان وقع عليهم أي نوع من الاضطهاد لما ظلوا هذه المدة تحت الحكم الإسلامي، بل لهاجروا إلى خارج الوطن الإسلامي.
وقد تعرضت فلسطين كما تعرض غيرها من البلاد الإسلامية في المشرق والمغرب إلى غزوات الصليبيين الحاقدة، واستطاعوا في وقت ضعفت فيه شوكة المسلمين، وتفرقت كلمتهم أن يؤلفوا فيها إمارات صليبية صغيرة، لكن سرعان ما استعادها المسلمون وأسقطوا تلك الإمارات وأعادوها إلى حظيرة الوطن الإسلامي كما كانت وكما أراد لها أن تكون. وذلك بعد أن تكاتف المسلمون وتركوا الاختلافات التي كانت قائمة فيما بينهم ووحدوا كلمتهم على أساس الإسلام الذي هو مصدر عزتهم وقوتهم.
أي الفريقين أحق بالأرض المقدسة؟
إن أحقية المسلمين في فلسطين تتمثل أولاً: بأنها ملك عام لجميع أفراد المسلمين، وهي جزء لا يتجزأ من وطنهم الإسلامي الشرعي الذي نالوه بالفتح لنشر الدعوة الإسلامية باعتبارها النظام الأصلح للبشر والتي اختارها الله لهم. وثانياً بطول المدة التي حكموها وبسطوا نفوذهم عليها كما مر بك واستوطنوها استيطاناً طول تلك المدة.
وليس لليهود ولا لغيرهم ممن حكم هذه البلاد أي حق يضاهي حق المسلمين أو يضارعه، ولنعد إلى فجر التاريخ لنرى أي الفريقين أحق بهذه الأرض المقدسة؟
يذكر المؤلف موجزاً عن التاريخ القديم لفلسطين ثم يقرر ما يلي:
1- إن اليهود لم يحكموا فلسطين بأكملها إلاّ مدة وجيزة من الزمن تلك هي قسم من حكم داود وحكم سليمان والبالغة (73) سنة أي من عام 1000-927 ق.م).
2- إن اليهود لم يحكموا إلاّ مناطق صغيرة وفي مدة قصيرة ومتفرقة -منها قسم قبل حكم داود- ومنها قسم من حكم داود ومنها بعد حكم سليمان يبلغ مجموعها (341) سنة.
3- إن الحكم اليهودي بأي شكل من أشكاله لهذه الأرض زال منذ عام (135م) زوالاً نهائياً. ولم يعد له فيها أي حكم مدة (1813) سنة أي حتى قيام دويلة إسرائيل بطريقة التآمر والاعتداء عام 1948م.
4- إن المسلمين حكموها مدة طويلة تبلغ (1240) سنة عدا فترة حكم الصليبيين لها بعد غزوهم لها والبالغة (192) سنة ولم يحدثنا التاريخ عن أمة من الأمم استوطنت فلسطين وحكمتها بمثل المدة التي استوطن بها المسلمون وحكموها.. ولا بما يقاربها.
5- إن حكم المسلمين لفلسطين وغيرها -ما جاء نتيجة لغزوها والاستيلاء عليها بقصد نهب خيراتها وإذلال رعاياها.. وإنما بقصد نشر الدعوة الإسلامية باعتبارها النظام الأصلح للبشر وأنها الشريعة الإلهية العادلة ذات الكلمة الفاصلة في جميع المجالات التي اختارها الله لهم وأرسل بها أشرف أنبيائه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لتكون خاتمة الشرائع الإلهية، فليس للبشر أن يختاروا لأنفسهم بعد أن اختار الله لهم.. فالمسلمون هم المنفذون لأمر الله في خلقه حتى لا تكون فتنة. ويكون كله لله.
من هذا يتبين أن الحق كله للمسلمين في فلسطين.. وليس لليهود ولا لغيرهم فيها أي حق.. ولكن هل تدرك الأمم المتحدة هذه الحقائق الدامغة؟! وهل يتيقظ الضمير العالمي ليقول كلمته في الحق المغتصب؟ وهل يسمع بهذا مجلس الأمن ليعيد الأرض إلى أهلها الشرعيين ويسود الأمن في المنطقة كلها؟ ستظل هذه التساؤلات دون أن تنال الإجابة حتى ينهض المسلمون من كبوتهم.
وينفضوا عنهم جميع ما علق بهم من مخلفات الاستعمار الكافر. ويعيدوا سيرتهم الأولى. وبذلك وحده يثبتون للعالم أجمع حقهم المضيع في فلسطين العزيزة.. وأن غداً لناظره قريب.
واجب المسلمين في استرداد الوطن:
إن الواجب الإسلامي يفرض على كل مسلم أن يبذل جميع ما بوسعه من أموال وجاه.. وحتى نفسه، من أجل المحافظة على الوطن الإسلامي، وحماية بيضة الإسلام من كل اعتداء خارجي يهدف إلى سلب أو اقتطاع جزء من أرضهم أو نهب أموالهم أو الاعتداء على كرامتهم.. وذلك بأن يجاهد في سبيل الله جهاداً مقدساً لرد العدوان وردعه.
ثم يقول المؤلف بعد حديث مستفيض عن معنى الجهاد وأهميته.. ووجوبه على جميع المسلمين اليوم دون استثناء أحد منهم.. وذلك لأن اليهود مارسوا العدوان وما زالوا يمارسونه بأبشع صورة مما أدى إلى استيلاءهم على قسم عزيز من البلاد الإسلامية وتهديدهم المباشر للأقسام الأخرى.
الحرية التي تمتع بها اليهود في ظل الحكم الإسلامي:
لم يتمتع المسلمون الذين عاشوا أو يعيشون الآن في ظل دين من الأديان أو نظام حكم من الأنظمة القائمة اليوم، والتي تدعي الحرية الدينية لكافة مواطنيها.. أو الأنظمة التي كانت سائدة سابقاً على أساس من الدكتاتورية الفردية والتعصب المقيت.. لم يتمتع المسلمون -في ظل غيرهم- بمثل ما تمتع به غيرهم من أهل الأديان والمبادئ، في ظل الحكم الإسلامي.
وإن الذي يدرس التاريخ، ويقارن بين معاملة المسلمين لغيرهم من أهل الأديان بوجه الخصوص.. ومعاملة أهل الأديان للمسلمين، يجد أن البون شاسع. والفرق كبير بين المعاملتين.
يجد التسامح والعفو والصفح والحرية والحماية المخلصة وكل أنواع الإنسانية والنبل والشهامة والكرم والعطف والشفقة والرأفة والأخوة إلى غيرها.. من كل معاملة طيبة تتمثل في المسلمين تجاه غيرهم من أهل الأديان.
ويجد الإرهاب والتنكيل وارتكاب أفضح الجرائم وأفظعها.. وقتل الأطفال والنساء والشيوخ. وإبادة الناس بالجملة.. كما يجد الحقد والضغينة.. والتعصب الأعمى وكل الأعمال اللا إنسانية تتمثل في معاملة غير المسلمين للمسلمين.
واليهود بالرغم من التعبير القرآني فيهم، وفي عداوتهم للمسلمين. لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ.. (المائدة: 82) فقد عاملهم النبي صلى الله عليه وسلم معاملة طيبة إذ عقد معهم معاهدة تضمن أن يعيشوا في المدينة مع المسلمين دون أن ينالهم أي أذى إن هم وفوا للمسلمين بعهدهم ولم يتجسسوا عليهم لحساب المشركين ولم يعاونوهم.. ولم يؤلبوا على المسلمين عدوهم.. وبذلك أمنهم على أموالهم وأنفسهم.. ومنع جميع المسلمين من التجاوز على حقوق اليهود أو التطاول عليهم.. وكان صلى الله عليه وسلم قد أوصى عامله معاذ بن جبل بألا يفتن اليهود عن يهوديتهم، كما أنه لما غنم المسلمون ما غنموا من أموال اليهود في خيبر بعد انتصار المسلمين عليهم بسبب خيانتهم كان من بين تلك الغنائم صحائف متعددة من التوراة.. فلما جاء جماعة من اليهود يطلبونها أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتسليمها لهم.
ويقول الدكتور "إسرائيل ولفنسون" في هذه الحادثة بالذات: "يدل هذا على ما كان لهذه الصحائف في نفس الرسول من المكانة العالية مما جعل اليهود يشيرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالبنان ويحفظون له هذه اليد. حيث لم يتعرض بسوء لصحفهم المقدسة. ويذكرون بإزاء ذلك ما فعله الرومان حين تغلبوا على أورشليم سنة 70 ب.م إذ أحرقوا الكتب المقدسة وداسوها بأرجلهم.. وما فعله المتعصبون النصارى من حروب اضطهاد اليهود في الأندلس.. حيث أحرقوا أيضاً صحف التوراة.. هذا هو البون الشاسع بين الفاتحين ممن ذكرناهم.. وبين رسول الإسلام".
اضطهاد اليهود للمسلمين:
يقول القرآن الكريم: هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ (الرحمن: 60) ولكن اليهود أناس لم يعرفوا الإحسان.. ولم يكافئوا المحسنين إليهم إلاّ بالإساءة، بل بأشد أنواع الإساءة.. لقد كان الأولى باليهود -إن كانوا بشراً- أن يذكروا للمسلمين معاملتهم الطيبة لهم وأياديهم البيضاء ومعروفهم الجميل الذي أسدوه لهم خلال قرون وقرون من الحكم الإسلامي الذي عاشوا في ظله آمنين!!
ولكن أنى لليهود أن يتحلوا بمكارم الأخلاق.. وأنى لهم أن يتصفوا بالإنسانية.. وتعاليم عقائدهم تملي عليهم الإجرام.. ففي التلمود:
"إن أملاك غير اليهود تعتبر كالمال المتروك الذي يحق لليهودي أن يتملكه.. وأن الله قد منح اليهود السلطة على مقتنيات وحياة كل الشعوب".
إلى أن يقول:
ولو أردنا أن نحصي جرائم اليهود ضد المسلمين، وما يمارسونه من ظلم وتقتيل ونهب وسلب منذ عام 1947م إلى يومنا هذا، سواء كان ذلك داخل فلسطين المحتلة.. أو بسبب الهجوم الذي يشنونه بين آونة وأخرى على البلاد العربية المجاورة، لو أردنا أن نحصي ذلك لاحتجنا بلا أي مبالغة إلى مجلدات ضخمة لهذا الغرض فقط.. بل ولعجزنا عن إحصاء الكثير من أعمال الاضطهاد التي لم تقع تحت حصر.. ولم تسجل بسجل.. ولكن ذكر بعضها يكفي للتعرف على فظاعة الأعمال الأخرى.
تقول الكاتبة الأمريكية "إيلين بيتي" بعد أن تذكر أنواعاً متعددة من العدوان على الآمنين وإبادة قرى عربية بكاملها على أيدي اليهود: "إن إسرائيل تزعم أنها تدافع عن نفسها.. ولكن إن كان ذلك القتال دفاعاً عن النفس فعلاً ضد غزاة ما.. أفلا ينشب على الحدود، أو على الجانب الإسرائيلي من خطة الهدنة؟ لماذا تقع هذه المذابح التي تذهب ضحيتها قرى عربية بكاملها؟ أجل لماذا تقع هذه المذابح دائماً وأبداً عبر الحدود.. وفي الجانب العربي من خط الهدنة؟".
وهي بعد أن تذكر المساعدات الأمريكية لإسرائيل تقول: هل يعرف مواطنونا الأمريكيون اليهود أنهم إنما يمولون في حمية ونشاط برنامج تقتيل وسفك وسرقة ضخمة؟
اليهودي يهودي أينما حل:
من الخطأ الفاحش أن يعتقد الفرد منا، أن اليهود الذين يعيشون في قطر من الأقطار يكونون مواطنين صالحين، شأنهم في ذلك شأن سائر الأفراد الآخرين يعملون من أجل وطنهم وبلادهم. إن من يعتقد ذلك، إما أن يكون جاهلاً بحقيقة اليهود.. ومتأثراً بدعاياتهم التي لا حد لها ولا حصر من حيث لا يدري ولا يعلم، وتلك مصيبة يجب عليه أن يتخلص منها، وإما أن يكون مغالطاً ويعمل لحسابهم، ومسخراً من قبلهم، وهو يعلم بحقيقتهم فعندها تكون المصيبة أعظم.. فيجب عليه أن يعرف أن البلاء الذي ينزله اليهود بالمسلمين يعمه ويشمله ولا تنفعه عمالته لهم..
وعلى كل فريق من هؤلاء أن يستمع إلى أقوال اليهود أنفسهم وتصريحاتهم في هذا الشأن ليكون على بينة من أمره.
فهذا الحاخام يهوذا الأمريكي اليهودي قال في بيان أصدره عام 1961م، بالحرف الواحد:
"إنني يهودي أولاً.. ثم أمريكي ثانياً بعد ذلك..."!
وهذا يهودي آخر هو "ستيفن سين واين" قال: "لقد كنت أمريكياً ثلاثة وستين جزءاً من أربعة وستين جزءاً من حياتي، ولكنني ظللت يهودياً منذ أربعة آلاف سنة".
وقد أدرك "هتلر" هذه الحقيقة حينما خاطب اليهود في ألمانيا وغيرها من دول أوروبا عندما شن عليهم حملته بعبارته المشهورة "أنت لست ألمانياً.. بل أنت يهودي!".
من هذا وغيره نستخلص أن اليهودي يهودي أينما حل ونزل، وأينما سار وارتحل فهو لمصلحة اليهود ولا ينسى أنه يهودي قبل كل شيء.
فلذا نراه إذا أصبح غنياً ذا أموال طائلة فهو يسخر تلك الأموال لحساب اليهود، وإذا تولى منصباً في قطر ما فإنه يستغله إلى أبعد الحدود لأجل مصالح اليهود..
وهم يسعون بكل ما لديهم من قوة ومن مكر للحصول على الأموال والجاه والمناصب لتسخيرها لمصالحهم.
ومن أمثلة ذلك سيطرتهم على المنظمات الدولية.. وعلى قيادات الأحزاب.. وعلى وزارات كثير من البلدان ودوائرها الحساسة..
... وقد جاء في تقرير لجنة الأمم المتحدة عن فلسطين، المجلد 3 ص130 "اليهودي يبقى يهودياً دائماً حتى ولو ارتد عن دينه.. فإذا ارتكب هذه الخطيئة بقي يهودياً على الرغم من ذلك وهو لن يستطيع أبداً تحرير نفسه من أسر يهوديته".. قال ذلك الحاخام ج.ل. فيشمن.
وما اليهود الذين شغلوا مناصب كبيرة في دول كثيرة وفي هيئات الأمم المتحدة، وفي قيادات الأحزاب المختلفة إلاّ دليل قاطع على أنهم يسعون لذلك لتسخير ما يمكنهم تسخيره عن طريق هذه المناصب لمصلحة عامة اليهود، وخدمة أغراضهم التوسعية.
خطط اليهود لإفساد الأخلاق:
ما سادت الأخلاق في أمة إلاّ ورقت وارتفعت معنوياتها إلى مصاف أرقى الأمم المتقدمة، وما انهارت أخلاق أمة إلاّ وتدهورت وانحطت إلى جنب الأمم المتأخرة..
... أدرك اليهود ذلك فراحوا "كجزء من مخططهم الجهنمي الذي يستهدف السيطرة على العالم والتحكم في أمواله وأرواحه، وتنفيذاً لما يدور في رؤوسهم وعقلياتهم من أنهم "شعب الله المختار" وأنهم "أبناء الله وأحباؤه".. يفسدون في الأرض بعد إصلاحها، ويسعون في الأرض فساداً، وذلك بتحطيم أهم ركيزة ترتكز عليها الحياة الإنسانية وهي: الأخلاق..
... فكل ما نراه اليوم في عالمنا من مظاهر الانحلال والتفسخ والانحطاط الخلقي والميوعة لدى الشبان والشابات والسقوط إلى مهاوي الرذائل، التي انتشرت عجيباً، ولم تترك داراً ولا محلاً إلاّ ودخلت إليه، ونفذت إلى جوانبه ما هو إلاّ من أثر التخطيط اليهودي لإفساد الأخلاق..
قال "هتلر": "منذ أن وضع اليهود والبلاشفة نصب أعينهم تقويض صرح الدولة الألمانية رأينا الرذيلة تنصب شراكها في الطريق.. وعرش الإباحية والخلاعة ينتصب في دور العرض السينمائي والمرابع والحانات.. وحتى في الساحات العامة.. وكيف يرجى من شبيبة هذا شأنها أن تهب للذود عن الوطن، وأن تستميت في الدفاع عن مؤسساته وتقاليده؟".
ومن العجيب أن يتنبه "هتلر" إلى ذلك الخطر.. ويظل المسلمون في غفلة عنه حتى تفشى فيهم وأحالهم إلى حيارى لا يعرفون كيف يواجهون مشاكلهم وهم أهل الشرف والحمية، وأهل الغيرة والمروءة.
* * *
... واليهود بمحاربتهم للأخلاق، ومحاولتهم القضاء عليها إنما يسلبون الشعوب أعز ما لديهم، وإنما يلحقون بهم خسائر لا يمكن تعويضها بشيء آخر.. إذ أن المثل المشهور يقول:
"إذا خسرت المال لم تخسر شيئاً.. وإذا خسرت الصحة خسرت شيئاً.. وإذا خسرت الشرف خسرت كل شيء..".
ماذا قال الرئيس كنيدي عن أمريكا:
... وهذه أمريكا، التي تلعب بها اليهودية كيفما تشاء هي الأخرى، أصبحت غارقة في الشهوات مما أدى إلى "كندي" أن يصرح في سنة 1962: "أن مستقبل أمريكا في خطر.. لأن شبابها مائع منحل غارق في الشهوات.. لا يقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه.. وأنه من بين كل سبعة شبان يتقدمون للتجنيد يوجد ستة غير صالحين.. لأن الشهوات التي غرقوا فيها أفسدت لياقتهم الطبية والنفسية!!".
ثم جاء دور إنجلترا: قضية "بروفيمو" وتعريض أسرار الدولة العسكرية للخطر لقاء لذة فاجرة يقضيها وزير الحرب مع إحدى العاهرات..
ثم جاء دور روسيا: "صرح خروشوف 1962 -كما صرح كندي- بأن مستقبل روسيا في خطر وأن شباب روسيا لا يؤتمن على مستقبلها لأنه مائع منحل غارق في الشهوات!!".
* * *
هذا هو حال الدول الكبيرة.. وما الدول الأخرى بأقل انسياقاً وراء شهواتها منها.
وقد نشرت جريدة عربية كانت تصدر في "القدس" حول مفاسد الأخلاق.. ثم ختمت هذه الجريدة كلامها بهذا النداء المؤلم المثير:
"يا شباب حلب ودمشق والعراق والقاهرة وبيروت ومكة والمدينة!! إذا كان هذا شأنكم فانتظروا.. فإن إسرائيل سترقص رقصة الموت على أشلائكم.. وفي عقر دياركم وفي عواصمكم ومدنكم وقراكم.. فما بعد "قبية" و "نحالين" وغيرهما من قرى الحدود.. إلاّ الاندفاع إليكم والإجهاز عليكم".
تعاون اليهود مع الصليبيين ضد المسلمين:
إن الصليبية الحاقدة على الإسلام.. والعدوة الثانية للمسلمين.. والتي لبست من الاستعمار الحديث قناعاً تستر به وجهها الكالح، إن هذه الصليبية التي شهرت السلاح وجندت الجنود، وحاربت المسلمين بتلك الحملات الصليبية الظالمة.. قد اتفقت مصالحها اليوم مع مصالح اليهود ضد الإسلام والمسلمين، فوجدت من إسرائيل ستاراً جديداً تختفي وراءه لتفرغ حقدها على المسلمين، وتنفذ مآربها في وطننا الإسلامي..
فليس اليهود وحدهم أمامنا في المعركة، وإنما وراءهم الصليبيون بكل قوتهم وجميع إمكانياتهم التي وضعوها بأيدي هؤلاء اليهود للفتك بنا والاعتداء على كرامتنا.. وأن أشدها فتكاً هو سلاح التعصب ضدنا.. والحقد الدفين علينا.
معركتنا مع اليهود:
إن معركتنا مع اليهود كانت وما زالت وستظل حتى يتطهر آخر شبر من وطننا الإسلامي من عدوانهم، وعدوان أسيادهم الإنكليز والأمريكان ومن لف لفهم.. وحتى تزول من الوجود هذه الدولة المسخ التي أقيمت على أشلاء أمتنا.. وعلى انتهاك حرماتنا ومقدساتنا..
قال تعالى: قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (التوبة: 29) هذا هو حل القضية في نظر الإسلام.. إنها معركة بين الحق والباطل.. بين الذين يدينون دين الحق، وهم أهل الإسلام وبين الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله.. إنها معركة لا تنتهي.. وهذه المعركة تطلب منا الكثير والكثير من العمل المتواصل الجاد، وأهم ما يلزمنا القيام به هو ما يلي:
1- العمل على أن تكون المعركة بيننا وبين اليهود المعتدين قائمة على أساس الإسلام لأن الإسلام يفجر في الإنسان المسلم طاقات لا يستطيع تفجيرها فيه أي مبدأ آخر.. وبذلك يحقق قوة فعّالة تقدم على المصاعب ولا تحجم، وتصمد في الأهوال ولا تنهزم أمام الشدائد.. وقد أثبت التاريخ بطولات نادرة صنعها الإسلام، وحقق بها جميع انتصاراته المعروفة..
ورحم الله عبد الله بن رواحة إذ قال قي غزوة "مؤتة" كلمته المشهورة بعد أن رأى المسلمين مترددين في حرب الروم لأنهم يزيدون عليهم أضعافاً كثيرة، فقد كان عدد المسلمين ثلاثة آلاف.. بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عدد الروم ومن والاهم من العرب المتنصرين "مائتين وخمسين ألفاً!!" فشجعهم عبد الله بن رواحة. وقال لهم: "يا قوم! والله إن الذي تكرهون لهو الذي خرجتم له، خرجتم تطلبون الشهادة، ونحن ما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة.. ما نقاتلهم إلاّ بهذا الدين الذي أكرمنا الله تعالى به، فإنما هي إحدى الحسنيين.. إما ظهور، وإما شهادة..".
* * *
ويوم تكون المعركة قائمة على أساس الإسلام، فإن النصر يتحقق بإذن الله تعالى.. لأنه هو القائل: إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ (محمد: 7).. وهذا يمكن للعرب وحدهم أن يقوموا به.. بعد أن تخلص النيات.. وتجتمع القلوب على طاعة الله.. وابتغاء مرضاته..
ولكن هذا لا يتحقق ولن يتحقق إلاّ إذا أخذنا الإسلام وجعلناه القاعدة التي يرتكز عليها نظامنا ودستورنا، وإلاّ إذا طبقناه في جميع مجالات حياتنا العامة والخاصة فعندئذ نجد أن الإسلام كفيل بتحقيق النصر لنا "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً".
2- العمل على توسيع دائرة المعركة.. ونقلها من نطاقها الضيق بين العرب وإسرائيل، إلى نطاقها الواسع بين المسلمين عامة وإسرائيل وبذلك تكون حرباً جهادية مقدسة شاملة.. فإن الذي يرنو إلى المسلمين وهم يؤلفون "800" مليون من البشر.. تجمعهم عقيدة واحدة.. وإلى الوطن الإسلامي الذي يسكنون فيه وما يمتاز به من مواقع استراتيجية.. وثروات هائلة متعددة ومتنوعة.. وإلى القدرات والكفاءات التي يمتلكها هؤلاء المسلمون، وإلى ماضي المسلمين.. فإنه لا محالة يخرج بإحساس كبير بالإمكانيات الهائلة والقدرات الخلاقة التي يمكن أن يحققها تعاون هؤلاء المسلمين جميعاً..
ولكن الذي يحز بالنفس أسفاً هو أن الكثير من المسلمين في غفلة عن هذه الإمكانيات التي يمكن أن يخلقها تعاون عامة المسلمين.
3- إن المعركة تتطلب منا صموداً وصبراً إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ (الأنفال: 65) كما تتطلب قوة وصلابة.. ومعلوم أن المفاسد الخلقية.. وتفشي الميوعة من الأمور التي تنخر كيان الأمة وتؤدي بها إلى الخسارة.. فعلينا أن نسعى جادين، وبكل إخلاص لتطهير مجتمعاتنا من كل الرذائل والمفاسد التي أشاعها اليهود، ونشروها في بلادنا.. بقصد تمييع شبابنا.. وانهيار أخلاقهم.. فلا بد لنا ونحن في صميم المعركة من القيام فعلاً بمنع أسباب هذه المفاسد، وتحريم استعمالها، والقضاء على مصادرها من الخمور والأفلام الخليعة.. والمجلات التي تبرز الأجسام العارية والأغاني والكتب الغرامية.. الخ، وبذلك نحفظ للشباب حميتهم على أمتهم وغيرتهم على وطنهم.. ونصون لهم عزتهم وكرامتهم..
وكذلك يجب علينا القيام بالتوعية الإسلامية الصحيحة الشاملة بمختلف الأساليب والوسائل لخلق جيل إسلامي يعي أحداثه ومشاكله، ويعالجها على ضوء التعاليم الإسلامية، يكون مماثلاً لذلك الجيل الذي أوجده النبي صلى الله عليه وسلم في صدر الإسلام.
وأخيراً: لا بد من إشاعة الأمل في النفوس.. الأمل بوعد الله.. الأمل بالنصر المحتم.. المبني على العمل المثمر البناء.. والإعداد الكامل للمعركة ولجميع متطلباتها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :592  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 40 من 49
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.