شدى بها (اليمُّ) واستجلى (مُحَيَّاهَا) |
وباركَ اللهُ (مَجريها ومُرساها) |
(سفينةٌ) تفتنُ الدُّنيا مَحاسِنُها |
ويهتدي (النجمُ) حَيراناً بسِيماها |
كأنَّها فَوقَ مَتنِ البَحرِ ماخرة |
(مَدينة) جنةُ الفردوسِ مأمواها |
تعلو بأبراجِها كالطَّودِ مُعلنةً |
أن (الجزيرةَ) شقَّ الموجُ (رَضواها) |
وتزدهي باسمِكَ الميمونِ تَحمِلُهُ |
أضلاعُها وتحيَّيهِ زواياها |
(جبارةٌ) كغِرارِ السيفِ زاخرةٌ |
بالوجدِ نافثةٌ منه حَنايَاها |
إذا تهادتْ على (اللجيّ) لجَّ بها |
منك الطموحُ فأغرَها وأَذكاها |
لا تُدركُ العينُ منها غيرَ جَانِحةٍ |
من حيثُ يبهرُ عينُ الشمسِ مَرآها |
رفَّ (اللَّواءُ) عليها وهو يَخفِرُها |
وشيَّدَ اللهُ (بالتوحيدِ) مَبناها |
وازدانَ كُلُّ جناحٍ من مَقاصِرِها |
بآيةٍ لك بالأكبارِ أنضَاهَا |
تَطوي (المُحيطاتِ) طياً وهي مائسةٌ |
فإن أغارتْ ففي (القُطبينِ) شَطآها |
أَعظِمْ بها وصفوفُ الفُلكِ عارضةٌ |
عليك والبغيُ والطُغيانُ يَخشاها |
وحبذا أنت تُزجيها (زبانيةً) |
على العَدوَّ فتُصليهِ شَظاياها |
وحبذا وهي (وحداتٌ مدَّرعةٌ) |
إلى شقيقاتِها انضمتْ مَزاياها |
وحبذا صُنعها تَبني هياكِلَهُ |
(أحواضُنا) وتُبارى فيه أعتاها |
وحبذا نَسجُها من صَهرِ تُربتِنا |
فما أعزَّ الثَرى فيها وأزكاها |
* * * |
هي المَعادنُ إلا أنَّها اختبأتْ |
عن الجَّهالةِ حيناً هي تنعاها |
وما سِوى الجهلِ قبلَ اليومِ طَامعنا |
ولا اعترى أمةً إلا وأرداها |
* * * |
لقد وثبتَ بهذا الشعبِ تُنقِذُهُ |
من غَفوةٍ كَسُباتِ الموتِ أَغفاها |
حتى استوى (بالسَّماكِ) الرَّحبِ أجنحةً |
خفاقةً وانتحى الأسماكَ يَغشاها |
* * * |
إني لأهتفُ بالتاريخِ مُنتشياً |
(بالمُأثراتِ) وأتلو فيك ذِكرَاها |
وأُشهدُ البحرَ قد جاشتْ غَوارِبُهُ |
وأعلنتْ سِرَّها جَهراً ونَجواها |
إذا امتطاهُ (ابنُ كلثومٍ) بِرائعةٍ |
في الجاهليةِ والإسلامِ زَكَّاها |
خاضتْ (قَوافيهِ) لا من بحرِهَا لُججاً |
بل ادعى أننا خضناهُ أمواها |
أجلْ وما هو سرٌّ في أوابدِهِ |
(سفينُ) طارقَ والتكبيرُ مَذراها |
ومن قبلِ نلسون أو بلسون ضاقَ بنا |
هذا (العُبابُ) وطوَّعناهُ إكرَاها |
أيام كانت لنا أثباجُهُ (قُحماً) |
تَعنو وآفاقُنا تزكو بريَّاها |
الريحُ عَاصِفةٌ والأرضُ راجِفةٌ |
وكلُّ غاشيةٍ تفري ضَحايَاها |
وإذ يُحاذى بنا الأُسطولُ مُقتحماً |
مَطالعَ الشمس أو يَغزو خَباياها |
ألقتْ إليه على رَغمٍ أزِمَّتَها |
(مَمَالكٌ) وشُعوبٌ جاسَ أقصاها |
وأسلمتْهُ قِيادَ الحُكمِ طائعةً |
(عواصمٌ) كالدُّمى افترتْ ثَناياها |
فكان فيه سَلامُ الأرضِ يُسبِغُهُ |
أمناً وعَدلاً وفيه اللهُ أحيَاها |
* * * |
مرحى لنا اليومَ إنْ رُحنا بِموقِفِنا |
نُسابقُ (الغَدَ) والأطيافَ رؤياها |
ونشرئبُّ إلى المَجدِ الذي اجتمعتْ |
أشتاتُهُ فيك واعتزَّتْ (بِمولاَها) |
ونُشهدُ العَربَ العَرباءَ يعصِمُها |
(نسجُ الحديدِ) وتحدُوها سَجاياها |
تغدو المَعاقلُ مِنها وهي تَنطحُها |
دَكاً وتستعذبُ (الرُّجعى) مَناياها |
أهذه أنتِ أم طيفٌ يُداعِبُنا |
أم الخَيالُ تصبَّانا فأوحاها |
أم أَنَّها حُلُمُ الأجيالِ فاحتجبتْ |
حتى أتاحَ لنا المَخفوظُ بُشراها |
بل إنَّها وهي تُزجي لَحنَهَا زَبداً |
كُبرى البَواخ حَيَّا اللهُ كُبراها |
تَرنَّمتْ بنشيدِ العِزَّ وانطلقتْ |
بها الأعِنةُ لا تألو قُصارَاها |
* * * |
كان الصَّبوحُ لها من زمزمٍ وبِهِ |
تَطيبُ وأشاحتْ عن حُمياها |
واستشعرتْ أنَّها نِيطتْ بمملكةٍ |
اللهُ طهَّرَهَا واللهُ زكَّاها |
* * * |
يَجري بها الزيتُ أو تَجري بِهِ حَبَباً |
سيَّانَ مَجراهُ في الجُّلَى ومَجرَاها |
كِلاهُما تَرهبُ الدنيا زواجِرَه |
ويتَّقي (الكوكبُ الأرضيُّ) عُقباها |
حضارةٌ لم يَكُنْ خَيراً عَناصِرُها |
مَحضاً وأمعنَها في الظُّلمِ أَقواها |
لا يستقرُّ بِها الإنسانُ من قلقٍ |
إلاَّ إذا هو بالإيمانِ أرسَاها |
ولا تَلينُ لذي رأيٍ وذي رُشدٍ |
ما لم يكنْ هو باسمِ اللهِ يَنهاها |
ألوى بها اليأسُ فانهارتْ قواعِدُها |
بما استباحتْ وما حزَّتْ خَطاياها |
وغودرتْ كهلةً شمطاءَ ذاهِلةٌ |
من (النَّواةِ) وما أدهى نَواياها |
مشيئةُ اللَّهِ والأقدارُ غالبةٌ |
هيهات يأمنُ منها من تَحدَّاها |
يمضي القَضاءُ بها في غَيْرِ لا غبةٍ |
وكيفما شَاءَ ربُّ الناسِ أَجراها |
* * * |
وأنتَ يا حَاميَ الإسلامِ رائدُنا |
إلى الحياةِ وقد ضَاعفتَ نُعماها |
أنهلتَ شعبكَ مما أنت تُشرَبُهُ |
من الشَّريعةِ أهنَاها وأروَاها |
فانقضَّ يختزلُ الأشواطَ واسعةً |
إلى (مَراميكَ) أنَّى كان مَنحاها |
يمشي على ضوئِكَ الهَادي ويتبعُهُ |
ويبتغي وُجهةً في اللهِ يَرضَاها |
وما ارتضى اللهُ ضعفَ المَوقنينَ بِهِ |
ولا السفاسفَ إلا مَن تَحامَاها |
* * * |
ولن ترى يا طَويلَ العُمرِ ذا عَبَقٍ |
تَلقاءَ يُمناكَ إلا كان مُثناها |
يدعو بما أنت تَدعو في جَوانِحِهِ |
ويقتدى بك فيما يُشهِدُ (اللهَ) |
حتى يرى الناسُ والإسلامُ قاطبةً |
أنَّ (العُروبةَ) في مَحياك مَحياها |
وأَنَّها في سبيلِ اللهِ مَاضيةٌ |
إلى (الفَراديسِ) مهما جدَّ مَسعاها |
تستقبلُ الأملَ البسَّامَ يقدِمُها |
(سعدُ السعودِ) وقد فدَّتْ (مُفدَّاها) |
وآمنتْ أَنَّها تُهدى (بعاهِلِهَا) |
وأنَّه ذُخرُها الغالي وطُوباها |
وأنَّ إشراقَهَا افترَّتْ بِهِ (صُحفٌ) |
(مُطهَّراتٌ) وأنَّ الحقَّ أَملاها |
* * * |
وما غَدٌ ببعيدٍ حينَ تُطلِقُها |
في البَحرِ (فُلكاً) وفي الأجواءِ شَرواها |
شعارُها (الدينُ) للدَّيانِ وهي بِهِ |
(عزيزةٌ) وملاكُ النَّصرِ تَقواها |
وإذ تُحييكَ إجلالاً (جَحافِلُها) |
على سَواءٍ وقد حِيزتْ صَفاياها |
وما هي (النفلُ) من نَهبٍ ولا سَلبٍ |
لكنَّها كلُّ أرضٍ ضِيمَ عُرباها |
ريعَ التُراثُ بها واستصرختْكَ لها |
دُموعُها ومآسيها ورُجماها |
وقابَ قوسينِ منك النصرُ ما انتصرتْ |
للهِ منك سيوفٌ أنت أَمضاها |
فلتحي للسلمِ والإِسلامُ مَوئلُه |
وللعُروبةِ تَحميها وتَرعَاها |
وليحفظِ اللهُ في بُرديْكَ نِعمَتَهُ |
وفي ذُراكَ لأهلِ الشُكرِ جَدواها |
* * * |