التعريف بالاثنينية |
|
كان التواصل بين البشر ولا يزال يمثل المحرض الأساسي للتطور
والنمو .. وعبر تاريخه الطويل لم يترك الإنسان في سعيه الدؤوب
للتواصل وسيلة إلا اتخذها جسراً نحو الآخر، فظل يصرخ، ويرسم،
ويعطي إشارات بيديه، ويرقص بجسده، إلى أن هداه الله سبحانه
وتعالى إلى الكلمة، فوجد فيها ضالته المنشودة، كيف لا وقد
جعلها الحق سبحانه وتعالى مفتاحاً للتعارف بين الناس (وجعلناكم
شعوباً وقبائل لتعارفوا) وهكذا تفنن البشر في صياغة الكلمة
شعراً ونثراً بكل لغات الدنيا.
وتشكلت العديد من الروافد لإثراء الثقافة والحوار بين مختلف
الأمم والشعوب والحضارات، وجاءت المنتديات الأدبية كواحد من
هذه الروافد، تظهر تارة وتختفي أخرى حسب توفر المناخ الملائم
لنموها وازدهارها، وكثيراً ما تتضافر جهود بعض المثقفين الذين
شغلت الكلمة حيزاً كبيراً من فكرهم ووقتهم فتُنبت تلك
المنتديات أجمل الأشجار المثقلة بثمار العلم والأدب والشعر
والفكر.
وفي هذا الإطار قامت "الاثنينية" ترجمةً لما يعتمل في نفسي
تجاه الحركة الأدبية والثقافية عامة وبصفة خاصة في المملكة
العربية السعودية، وبدأت كمنتدى أدبي للاحتفاء ببعض رموز الشعر
والأدب والفكر منذ عام 1403هـ - 1982م، كما استمدت جذورها من
حفلات التكريم التي كان يقيمها والدي (رحمه الله) على ضفاف
مواسم الحج لكبار الأدباء والشعراء والعلماء الذين يأتون ضمن
وفود بلادهم لأداء مناسك الحج .. واستمر خط "الاثنينية"
البياني في التصاعد لتكريم أصحاب الفضل الذين أثروا الساحة
الأدبية بعطائهم، باعتبار أن الكلمة ليس لها وطن، والإبداع ملك
للجميع.. وبالتالي توسعت دائرة اهتماماتها لتشمل رجالات الأدب
والثقافة والعلم والفكر وغيرهم من المبدعين من مختلف أنحاء
العالم العربي.
وللاستفادة القصوى من هذه اللقاءات، تم تفريغها ومراجعتها ثم
طباعتها في سلسلة أصبحت بمرور الوقت موسوعة - من نوع ما - تسهم
بجهد المقل في الحركة الثقافية والأدبية، وتحفظ للأجيال
القادمة نماذج من أدبنا المعاصر،.. ولعل أجمل ما في هذه
الإصدارات أنها وثقت مسيرة أصحابها مباشرة من أفواههم، مما
يعطيها ميزة رفيعة بين رصيفاتها من الكتب التي تُعنى بالتراجم..
والحمد لله صدر منها حتى الآن تسعة عشر جزءاً (يقع الجزء
السابع عشر في مجلدين).
إن تجاوب المتلقي مع هذا العمل شد عزمي للمضي في توسيع دائرة
الاستفادة منه ليطل عليكم من خلال شبكة الانترنت .. وهو كما
ترون موقع متجدد، وسوف يستمر في النمو بإذن الله، مضيفاً
فعاليات كل موسم "اثنينية" إلى جانب ما يصدر من كتب تحت مظلة "كتاب
الاثنينية".
آملاً أن يحوز هذا العمل على رضاكم، وأن تجدوا فيه المزيد من
الفائدة والمتعة، والله من وراء القصد.