تخَيَّلْتُ أَنَّي عِشْتُ مِن قَبلُ حِقْبَةً |
وأَنَّ حَياتي واقِعٌ يَتَكَرَّرُ! |
فقد كُنْتُ طَيْراً في الفضاءِ مُحَلَّقاً |
يَفِىءُ إلى إِلْفٍ به العُشُّ أَخْضَرُ!. |
حَنُونٍ. فما تَلْقاهُ إلاَّ مُغَرِّداً |
ومِن حَوْلِهِ الأَّشجارُ تُشْذِي وتُثْمرُ! |
ولكنَّه يَخْشى الجوارحَ تَرتَمي.. |
عليه . وتَنْقَضُّ انْقِضاضاً يُدَمِّرُ! |
* * * |
ومَرَّتْ سِنُونٌ أو قُرونٌ تَصَرَّمَتْ |
عَلَيَّ. وما أَدْرِي. فَإِنِّي مُسَيَّرُ!. |
فإِذْ أنا صَقْرٌ في الفضاءِ مُحَوِّمٌ |
له صَوْلَةٌ مُخْتالَهٌ تَتَبَخْتَرُ! |
يُفَتِّشُ في أَجْوائِهِ عن فَرِيسَةٍ |
بلاَ رَحْمَةٍ يَنْقَضُّ ثم يُسَيْطِرُ! |
يُصيدُ.. ويَطْوى جُوعَهُ غَيْرَ آبِهٍ |
بِشيءٍ. فإَنَّ الصَّيْدَ رِزْقٌ مُقَدَّرُ! |
ويأْوي إلى عُشٍّ مُرِيحٍ مُنَعَّمٍ |
بأفْراخِهِ . وهو الحَصِينُ المُسَوَّرُ! |
* * * |
وضِقْتُ بهذا العَيْشِ ذَرْعاَ فَرَدَّني |
قَضائِي إلى ما كنْتُ أَخشى وأَحذَرُ! |
غَدَوْتُ هِزَبْراً يسْتبِيحُ بِحَوْلهِ |
وقُوَّته ما شاءَ .. يَنْهى وَيأْمُرُ!. |
كما المَلِك الجَبَّار تَعْنو لِحُكْمِهِ |
رَعِيَّتُهُ. لو غاصَ في الصَّدْرِ خَنْجَرُ! |
له مَأْكَلٌ منهم. لهُ خَيْرُ مَشْرَبٍ |
وهم طَوْعُ ما يُملي وما يَتَخَيَّرُ! |
وقد يَسْتوي ما بَيْنَهُم فَتَرُوهُمْ |
بَراثِنُ حُمْرٌ تَسْتذِلُّ وتُنْذِرُ! |
* * * |
شَقِيتُ فَناداني غَدٌ مُتَذَمِّرٌ |
خَسئْتَ فَبِئْسَ الظَّالِمُ المُتَجَبِّرُ! |
فقُلْتُ له مَهْلاً فإِنِّي لَكارِهٌ |
حَياتي فإِني الخاسِرُ المُتَبَطِّرُ..! |
وأَسْدُرُ في غَيِّ الحياة وأَرْعَوي |
فَأَبْكِي.. وتَطْوِيني رُؤاها وتَنْشُرُ! |
وإنِّي على ما كانَ مِنِّي لَنادِمٌ |
فهل ندمِي يُجْدي. ويُجْدي التَّدَبُّرُ؟! |
فقال.. بَلى. إنَّ التَّدَبُّرَ نِعْمَةٌ |
عَلَيْكَ. وقد يَتْلُو.. فَيَهْدِي التَبصُّرُ! |
وأَغْضَيْتُ لا أّدْرِي أَقَرْناً صَرَمْتُهُ |
وإلاَّ قُروناً .. ثم كانَ التَّغَيُّرُ..! |
فَألْفَيْتُنِيِ ظَبْياً غريراً .. وظِئْرُهُ |
بِجانِبي . فارْتاحَ مِنِّي التَّصَوُّرُ! |
ولكِنَّني أَحْسَسْتُ خَوْفاً مُمَزِّقاً |
حَشايَ. ولَوْلا الله ما كنْتُ أَصْبِرُ! |
فَلِلًّهِ ذِئْبٌ مُشْرَئِبٌ لِصَيْدِهِ |
ولّلِه ما يَلقى من الذَّئْبِ جُؤْذَرُ! |
ولكِنَّني رَغْمَ الرَّدى كنْتُ راضِياَ |
بضَعْفي. فَكَمْ أَشقى ودَمَّرَ عَنْتَرُ! |
وشاءَتْ مقاديري نَجاتي. ورُبَّما |
نجا الضَّعْفُ مِن كِسْرى. وحاباهُ قَيْصرُ! |
* * * |
قُرُونٌ مَضَتْ ثم انْتَهَتْ بي لِصَحْوَةٍ |
مُغاضِبَةٍ.. تُبْدِي الأُمورَ وتَسْتُرُ! |
تراءى بها رُوحي العَجيبُ وهَيْكَلي |
كما كانَ إنساناً بَراهُ التَّطَوُّرُ! |
فَأَطْرَقْتُ ما أَدرِي. أَأَرْبِحُ بالَّذِي |
رَجَعْتُ إليه اليَوْمَ؟ أَو سوْف أَخْسَرُ! |
أَرى في حَنايايَ الضَّلالةَ والهُدى |
خَصِيمَيْنِ من سَيْفَيْهِما أَتَقَطَّرُ..! |
تَحَيَّرْتُ ..أَطْواري العَدِيدَةْ كُلُّها |
سلامٌ وحَرْبٌ. نَعَجَةٌ وغَضَنْفَرُ! |
وأَنْكِرُ مِنْها حَالَتَيْها.. وأَنْثَني |
وقد مَسَّ أَعْصابِي الوَنى والتَّوَتُّرُ! |
فأَيُّ سَبِيلَيْهَا أَنُوءُ بِكَلْكَلٍ |
إذا سرْتُ فِيه . شَدَّ ما أَتَحَسَّرُ..! |
لقد كانَ يَلْوي من خُطاي تَرَدُّدِي |
وعادَ فألوى من خُطايَ التَّهَوُّرُ! |
وأَتْخَمَني مِن بَعْد مَخْمَصتي الغِنى |
ومِن بَعْد فَقْرِي نالَ مِنِّي التَّضَوُّرُ! |
كفَانيِ من العَيْش الرَّضِيِّ. وَضِدِّهِ |
كَفاني -وإنْ لم يَسْتَذِلَّ- التَّعَثُّرُ! |
* * * |
متى أَهْتَدِي لِلرُّشْدِ دُونَ غِوايَةٍ |
وأَحْظى بِوِرْدٍ حِينَما شِئْتُ أَصْدُرُ؟! |
متى قَلَقِي هذا يَعودُ سكِينَةً |
فَأَرْتَدُّ مِنْها بالحقيقةِ أَجْهَرُ؟! |
لقد كنْتُ قَبْلَ اليَوْمِ أَهْدى تَفَكُّرا |
فما لي بهذا اليَوْمِ لا أتفكَّرُ؟! |