شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
صِرَاع؟!
تنْهَشُني الأَثامُ نَهْشَ الذَّئابْ
وتَنْثَني عنَّي جياعاَ غِضابْ!
يا نفس قد أَوْرَدْتني مَوْرِداً
ذَهابُه يُوصِدُ دُوني الإِيابْ!
حاوَلتُ أَنْ أَرْجِعَ لكنَّني
وَجَدْتُني أَشْتاقُ عَـذْبَ الشَّـرابْ!
فكيف لي يا نفـسُ أَنْ أَرعَـوِي؟!
كيف.. وأَنتِ الغَيُّ. أَنْتِ العَـابْ؟!.
ظَمِئْتُ للماء فأَدْنَيْتِني
لا لِلفُرات العَذْبِ. بـل للسَّـرابْ.
يا لَيْتَني عاصَيْـتُ داعـي الهـوى
حتى ولو أَدْمتْ جُنُوبـي الحِـرابْ!
مضى شبابي واغِلاً في الخَنى
وخَيْرُ ما نَمْلِكُ.. نحن.. الشَّبـابْ!
وها أنا اليَوْمَ بِشَيْخوُخةٍ
وانِيةٍ تَسْلُكُ تِلْكَ الشِّعابْ!
متى أَراني عائداً لِلْهُدى
ما أَشْتَهي الكَأْسَ. وحُلْوَ الكِعـابْ؟!.
أرى رِفاقي بعد ما أَمْعَنُوا
في اللَّهْو عادُوا خُشَّعـاً للصَّـوابْ!.
فهل أنا وَحْـدي الـذي يَجْتَـوي
رَشادَهُ.. مُسْتَهْدِفاً لِلْعِقابْ؟!
وهل أنا الغـاوِي الـذي يَسْتـوي.
بِدَرْكِهِ المُظْلِـم.. دُونَ الصِحـاب؟!
أمامَه الأخْرى .. ويا وَيْلَتا
من سوء مـا سَطَّـرهُ في الكِتـابْ!
يا وَيْلهُ وهو الذَّكِيُّ الذي
يَعرفُ ما يَلْقـاهُ يَـوْمَ الحِسـابْ!.
كيف تَـوارى عَقْلُـهُ في القَـذى؟!
كيف تَـوارى حِسُّـهُ في التُـرابْ!.
فَكّرَ في الرُّشْدِ.. ولكنَّهُ
عاصاهُ.. ما أَوْحَشَ سُودَ الرِّحـابْ!
آثَـرَ مِـن ضَغْطِ الهـوى قِشْـرَهُ
واختارَهُ دُون كريم اللُّبابْ!
فَيا لهُ مِن بُلْبُلٍ عاثِرٍ
بَدَّلَ بالشَّدْوِ نعِيقَ الغُرابْ!
كانَ بِرَوْضِ مُونِقٍ حافِلٍ
بالثَّمَر الحالـي.. بـما يُسْتطـابْ!.
من زَهْـرٍ يَنْفَـحُ عِطْـراً.. ومِـن
جَداوِل تَحْلـو كمـاءِ السَّحـابْ!.
كانِ له شِعْرٌ بَديعُ الرُّؤى
مُحَلِّقِ ..مُسْتَشْـرِفٍ كالشَّهـابْ! .
يُضيءُ بالشِّعْر جميعَ الصُّوى
فَيُرْشدُ السَّاري. ويَشْفي المصـابْ!
يُجلُّهُ الرَّبْعُ.. ويَعْلو بِهِ..
لأّنهُ يَرْفَع عَنْه الحِجابْ!
لأَِنَّه يُسْدِي إليه المُنَى
تَخْطُرُ بالحِلْيِ وغالي الثَّيابْ!
مُهَنْدسِاً كانتْ له حِكْمةٌ
تُعِيدُ للْعُمْـرانِ .. بعـد الخَـرابْ!.
كأَنَّما يَغْرفُ مِن عَلْيمٍ..
دُرَّا يُحَلِّي زَيْنَباً والرَّباتْ!
وتَقْتَنِيهِ النَّاسُ ذُخْراً لهم
لأَنَّه يَحْمِلُ فَصْلَ الخِطابْ!
فَما لَهُ يَهوي إلى حفرة
لَيْس بِها إلاَّ طَنِينُ الذُّبابْ!
مُظْلِمَةٌ.. مُفْضِيَةٌ للِرَّدى
كالقَبْرِ ..يالَ الخِزْي . يالَ التَّبـابْ!.
ماضِيةِ يَسْتَصْرِخُ مِن حاضِرِ
هُداهُ.. والحاضِرُ يُخْفـي الجَـواب!.
لأَِنه اسْتَلًم في شِقْوَةٍ
بِسَطْوَةِ أَلْوَتْ به فاسْتَجابْ!
* * *
يَرْحَمْهُ الله.. وكم أَنْقَذَتْ
رَحْمَتُه. كم أَخْصَبَتْ مـن يَبـابْ!
كم أَكْرمَـتْ مِـن خاسِـرٍ آبِـقٍ
فطابت العُقْـبى. وطـابَ المتَـابْ!
لقد رَأىِ بَعْد العَمى نَيْزكاً
يُضيءُ. فاسْتَأَنَسَ بَعـد اغْتِـرابْ!
قال.. لَعَلَّ النَّجمَ مِنَ بَعْدِهِ
يَأْتي. ويَأتي البَـدْرُ بَعْـد الغِيـابْ!.
فَيَرْجعُ الطَّيْرُ إلى رَوْضِهِ
مُغَرِّداَ بعد طَويل النُّعابْ!
جدة/ 28/11/1414هـ
9/5/1994م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :375  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 68 من 174
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.