عدْني بِوصْلٍ منـكَ يـا فاتِـني |
فأنْتَ لي مَصْدَرُ إلْهامي! |
وأنت لي دُونَ الورى مُتْعَةٌ |
تُشُعِلُ أَطْراسي وأَقْلامي! |
جاشَتْ بصَدْري ذِكْرياتٌ |
لها عِطْـرٌ بأيَّامـي وأَحلامـي! |
أيَّامَ كنْتَ الفاتِنَ المُسْتوِي |
بِمُهْجتي. والمُغدِقَ إلهامِي! |
* * * |
إنَّي أُكَنِّـي عَنـكَ مِـن بَعْدِمـا |
لاقَيْتُ مِن هَجْرِكَ مَـا أَسْقَمـا!. |
شَقِيتُ منه. يـا لَهـذا الهـوى |
شّرِبْتُ منه سَلْسَـلاً .. عَلْقَمـا!. |
كانَ اللَّظى يَسْلِبُ منِّي الكـرى |
حِيناً.. وحِيناً كـانَ لي بَلْسَمـا! |
وكانَ لي في شَفَتَيْهِ اللَّمى |
يُسكِرني .. يَجْعَلُني المُلْهَما! |
* * * |
وكنتُ لا أُبْصِرُ إلاَّ المُنَى |
مُشْرقةً.. تُورِدُني جَنَّتي! |
إلاَّ الطُّيورَ الشَّادِياتِ التي |
تُطْرِبُني.. تُشْعِلُ لي صَبْوَتي!. |
لا فِكرتي تِشْغَلُني بالذي |
يُكْرِبُ كالأَمْـسِ. ولا مُهْجَـتي! |
أَوّاهِ ما كانَت سوى فَترةٍ |
حالِمةٍ .. ثم انْتَهَتْ فَتَرَتي! |
* * * |
ودَهَمَتْني يَقْظَةٌ كالرَّدى |
قاسيةٌ.. جَفَّ بها جَدْوَلي! |
أَذهَلني منهـا عُـزُوفُ الهـوى |
عنِّي. كَسَهْمٍ حَـطَّ في مَقْتَلـي!. |
ما كانَ أَقساهُ. فكيـف ارْتَضـى |
سفكَ دَمي؟! كيف لَوى مِفْصَلي؟! |
ما كنْـتُ إلا هائِمـاَ يَكْتـويِ |
فَيَرْتَضِي باللَّهب المُشْعَلِ! |
* * * |
وكانَ لِي النَّجْمَ الـذي أَهتـدي |
بِنُورِه في الحالِكِ المُظْلِمِ..!. |
يَسْخو بْه مـن غَـير مـا مِنَّـةٍ |
سخاءَ مَنْ يَحْنُو على المُلْهَـمِ..!. |
كانَ هو المُلْهِمُ هـذي الـرُّؤى |
كأَنَّما يَغْـرِفُ مِـن مَنْجَـمِ..! |
يَحُوطُني بالحُبَّ يَروِي به |
صَدايَ رِيَّ المانِحِ المُنْعِمِ..! |
* * * |
وقال لي يَوْماً .. أَلا تَشْتَهي |
جَنايَ؟! إنَّـي لا أُبِيـحُ الجَـنى!. |
إلاَّ لمن كانَ شَدِيدَ الجوَى |
مُسْتَعْذِباً فيه الضَّـنى والوَنـى!. |
فإِنَّه يَحْظى به ناعِماَ |
من شِقْوَةٍ يَشْتـارُ مِنْهـا المُـنى |
وأَنْتَ حتى الفَقْـر تَرْضـى بـه |
منه.. فَبَعْضُ الفَقْرِ بَعْضُ الغِـنى! |
* * * |
قد كُنْتَ هذا.. واصِلاً.. حانِيـاً |
فكيف ضَرَّجْت الهوى بالصُّدُودْ؟!. |
كيف تَحَوَّلْتَ إلى عاصِفٍ |
أَهْوِي به للسَّفْح بعد النُّجُـودْ؟!. |
ما كُنْتُ أسَتَأْهِلُ هـذا الأسـى |
ما كُنْتُ أسْتَأهِلُ هذا الجُحُـود! |
خَسِرْتَني .. قد كنْتَ تَعْلو الذُّرى |
مِنَّي. وقد كنْتَ تُلاقي الخُلُـودْ! |
* * * |
راوَدَني الغِيدُ .. فلـم أَنْجَـذِبْ |
لَهُنَّ.. لم أَحفَلْ بِحُـورِ الجِنـانْ!. |
كُنَّ على مـا يَشْتِهيـه الهـوى |
حُسْناً ودَلاَّ مـن حَصـانٍ رَزَانْ!. |
يَشْغَفْنَ بالشَّعْرِ. وبالمُعْتَلي |
به إلى النَّجْمِ.. وَضِـيءِ البَيـانْ! |
وقُلْنَ لي .. دَعْ عَنْكَ تِلكَ الَّـتي |
تُشْقِي .. وأَنْتَ الحُرّ تأْبى الهَوانْ! |
* * * |
لسَوْف تَطْوِيـنَ الحَشـا داميـاً |
منِ بَعْد أَنْ بارَحْتُ ذاك الحِمـى!. |
فإِنَّني اليَومَ على صَبْوةٍ |
تَحْمي. ولا تَسْفِكُ ِّمنِّي الدَّما..!. |
حَوْلي من الخُـرَّدِ ما أَزْدَهـي |
به. وما يَرْوِي شدِيـد الظَّمـا..! |
وهُنَّ يَطْوِين نَقِيَّ الهوى |
فلا فـؤاداً جائـراً .. أَو فَمـا! |
* * * |
الحُسْنُ لَوْلا الشَّهْرُ مـا يَسْتَـوي |
إلاَّ قَليلاً مـن حَنايـا الـوَرى!. |
الطُّهْرُ يُعْلِيهِ .. ويَهْـوي الخَـنى |
به إلى الدَّرْكِ.. ويُغْوِي السُّـرى!. |
والخُلْـدُ لِلشّعْـر إذا ما سَمـا |
وعافَ بالعِزَّ خَسِيـسَ القِـرى! |
عَلَيْهِ. أَنْ لا يَنْحَني صاغِرا |
فالشاَّعِرُ. الشَّاعِرُ لـن يَصْغَـرا! |