أجْهَدَتْني الحياةُ يا رَبِّ حتى |
لَتَمَنَّيْتُ أَنْ تَغُولَ المنُونُ! |
غير أَنِّي أخافُ من سَطْـوَةِ الإِثْـمِ |
فتشقى اليقين مِنِّي الظُّنُونُ! |
كيف ألْقاكَ والغواية ألْهَتْني |
عن الرُّشْدِ..واسْتَبَدَّ الجُنُونُ! |
أَفَأَلْقى مِنْكَ الحَنَانَ وما كنتُ حَنوناً.. وأنتَ أنتَ الحَنُونُ! |
* * * |
أَمْ سأَلْقى عدالةً تَجْلِد الرُّوحَ بِسَوْطٍ من الجَحيِم رَهيبِ؟! |
أَنْذَرَتْهُ فما ارعوى. وتَصَدَّى |
غَيْرَ مُسْتَبْصِرٍ ولا مُسْتَجِيبِ! |
وتَرَدَّى إلى الحَضِيضِ فلاقى |
كُلَّ مُسْتَنْكِرٍ وكُلَّ حَرِيبِ! |
أَلَّفُوا عُصْبَةً وما بالُوا |
بيَوْمٍ على الغُواةِ عَصِيبِ! |
* * * |
كنْتُ مِنْهُمْ.. لكِنَّني كنْتُ |
أنقاهم ضميرا.. وخَيْرَهمُ تَفْكـيرا!. |
كنْتُ أسْتَنْكِرُ الخَطايا وآتِيها |
وأَسْتَعْذِبُ الشَّرابَ المَرِيرا! |
وبِقَلْبي الأَلِيمِ لَمْحَةُ نُورٍ |
لـو تَجَلَّتْ لما غَـدَوْتُ ضَرِيـرا! |
ولما رُحْتُ ساَدِراً في ضلالٍ |
يَجْعَلُ النَّابِهَ الحصيف غَرِيرا! |
* * * |
ما الـذي في غَـدِي بَعْـد أَمسـي |
جانَبَ الـدَّرْكَ مُسْتَنـيراً سَوِيّـاً؟!. |
فَرأَى فيه فِتْنَةَ اللُّبِّ إذا |
كان سامِريّاً غَوِيّاَ..؟! |
فَمَشى عابِثاً بِدَرْبٍ مَقِيتٍ |
قامَ إِبْليسُهُ عليه وصِيَّا! |
فيه ما يشتهـي العصـى فيطويـه |
فَيَغْدو الجَلِيُّ فيه شَجِيَّا! |
إنَّه كان أَمْسِي فأشْقاني |
وما زِلْتُ فيه نِضْواً شَقِيَّا! |
* * * |
إنَّما الخَلْقُ في الحياة شُكُولٌ |
مُنْذُ أَنْ صِيغَ مـن تُقًـى وفُجـورِ!. |
بَعْضُهُـم يَرْتَـوِي ارْتِشَافـاً من العـَذْبِ طَهُـوراً.. ويَكتفـي بالطَّهُـورِ! |
راضياً بالزَّكِيِّ من طَيِّبِ العَيْشِ قلِيلاً كَمَطْعَم العُصْفُورِ! |
والصَّبُورُ الصَّبُورُ في هـذه الدنيـا |
كرِيمُ العُقْبى كَمِثْلِ الشَّكُورِ! |
* * * |
وأنـا لم أكُـنْ صَبُـوراً ولا كنْتُ |
شَكُوراً.. فَفِيـمَ هـذا الـدَّلالُ؟! |
أفَبالخُسْرِ والخَطِيئاتِ أَزْهو |
خابَ مِنْهـا قَبْلـي وَذَلَّ الرِّجـالُ! |
إنَّما الزَّهْـوُ والـدَّلالُ بِمـا كـانَ |
جَلِيلاً.. يَعَزُّ مِنهُ الجَلالُ! |
* * * |
صارِحيني يا أُخْتَ رُوحي. وصُـدِّي |
عن ضَلُولٍ جافى السُّمُـوَّ فَأَهْـوى!. |
قد تَحَوَّلْتُ عن سبيلي الذي كـان |
سَوِيّاً. فَلَسْتُ أَهْلاً لِنَجْوى! |
ما أراني من الغِوايَةِ إلاَّ |
تابِعاً شَهْوتي ومَـنْ كـانَ أَغْـوى! |
فاذْكُرِيني إذا خَلَـوْتِ بِمِحْرابِـكِ |
ذِكْرى تُزِيحُ كَرْباً وبَلْوى! |
* * * |
إنَّني صائِرٌ قَرِيباً إِلى الله |
بِقَلْبٍ ذي لَوْعَةٍ وانْكِسارِ! |
خائِفاً.. آمِلاً.. فما أَعْظَـمَ العَفْـوَ |
لَدَيْهِ.. عن الخطايا الكِبارِ! |
ولَعَلِّي بِما أُجِنُّ.. بإِيماني |
نَقِيّاً مِنْ لَوْثَةٍ وضِرارِ..! |
أَجِدُ العَفْـوَ.. والجَحِيـمُ يُنادِيـني |
إِلَيْهِ.. وجَنَّتي في انْتِظاري! |
* * * |
نَحْنُ نَلْهُـو وفي الشَّبـابِ اقْتِحـامٌ |
ثُمَّ نَكْبُوا. وفي الشَّبـابِ انْهِـزامُ!. |
لِمَ لا نُبْصِـرُ العظـاتِ فَنَسْتَهْـدي |
ولا يَجْرَحُ الرَّشادَ الحُسامُ؟! |
الأَشِدَّاءُ قبْـلَ أن يَعُـودوا ضِعافـاً |
لَيْتَهُم غالَبُـوا الهَـوى فاسْتَقامـوا! |
كانَ حَقّاً عَلَيْهِمُو أَنْ يضيئوا |
قَبْلَ أَنْ يَدْهَمَ الحياةَ الحِمامُ! |