دَنا وتَدَلىَّ.. ثم أَمْسَى بِقُرْبِهِا |
كأَنْ وَرَدَ الفِرْدَوْسَ فاستعذب الوِرْدا!. |
وقالت له. ما أعذب الوصل بَيْنَنـا. |
فقال لها أَوّاهِ. ما أَعْـذَبَ الرِّفْـدا!. |
* * * |
تَمنَّيْتُ أَنْ لو عِشْتُ في الرَّوْضِ راقصاً فأَطْعَمَ منه المَطْعَـمَ اللَّـذَّ والشَّهْـدا! |
وأشْتَمُّ منـه الـوَرْدَ أَعْطَـرَ يانِعـاً |
وأَلْثُمُ منه الثَّغْر -والنَّحْرَ- وَالنَّهْدا!. |
* * * |
هنا كل أَلْوانِ الهنـاءِ. فَلَـنْ يـرى. |
غدى مِثْلَ يَوْمي المُسْتَفِيضِ من الرَّغْدِ!. |
هنا الحُبُّ يَشْدُو بالجَمالِ ويَزْدَهـي. |
بآلائِهِ ما يَشْتَكـي لَوْعَـةَ الوَجْـدِ!. |
تَذَوَّقْتُ منه ما اشْتَهيْتُ من النَّـدى. |
وعانَقْتُ فيه ما اشْتَهَيْتُ من الوَعْدِ!. |
وقُلْتُ لها يا نَفْسُ. هذا هـو الهَـوى. |
يَلَذُّكِ من قُرْبٍ. ويَشْفِيكِ من بُعْـدِ!. |
تَركْتُ الذي يَهْوي إلى الدَّرْكِ بالمُـنى. |
فأَسْرَيْتُ من سَفْحٍ وَطيءٍ إلى نَجْـدِ!. |
فما إنْ يَرى فيه ضَمِيري سِوى الرُّؤي. |
تُطِلُّ عليه بالسَّراوَةِ والمَجْدِ! |
وما فيه مِن صَدٍّ. ولا فيه مـن قِلـىً. |
ولا مِن سهامٍ قاتِـلاتٍ. ولا جُـرْدِ!. |
ولكِنْ غُناءٌ.. بَـلْ أَغارِيـدُ بُلْبُـلٍ. |
ونَشْوَتُه من إِلْفِهِ. وشـذَى الـوَرْدِ!. |
* * * |
كلانا يَعِيـشُ العُمْـرَ في صَبَواتِـهِ |
وفي أُنْسِهِ بالصَّفْوِ.. والمَنْزِلِ الرَّحْب!. |
قد اتَّفَقا حِسَاً.. كما اتَّفَقَـا حِجـًى. |
فَطابا بِعَيْش ما يَمَلُّ مـن القُـرْبِ!. |
وكيف يَمُلُّ القُرْبَ مَن عاشَ لاهِفـاً. |
عليه. فَلاقى مُتْعَةَ العَقْل والقلـب؟!. |
تمرُّ بِهِ السَّاعـاتُ عَجْلـى كأنَّهـا. |
ثَوانٍ كَحِلْمٍ مُسْعِدٍ بِالجنَى العَـذْبِ!. |
* * * |
أَجَلْ. هو حِلْـمٌ مُسْعِـدٌ ثم يَقْظَـةٌ. |
تَرَنَّحَ منها الحالمانِ.. وزُلْزِلا! |
فَتِلْكَ التي أَغْرَتْـهُ بالـدَّلِّ واللُّهـى. |
نَأَتْ عنهُ غَدْراً. فاسْتَرابَ وأَجْفَـلا!. |
وقالتْ له مـا كنْـتُ إلا فَرِيسَـةً. |
لِذِئْبٍ رأى فيها شَرابـاً ومَأْكَـلا!. |
فَدَعْني فقد أَثْقَلْتَ. وانْشُدْ ضَحِيَّـةً. |
سِوايَ. فقد لاقَيْتُ غَيْرَكَ أَفْضَـلا!. |
فقال لهـا أَحْسَنْتِ بِالهَجْـرِ إنَّـني |
أَراني بمـا قـد كنْتُ فيـه مُغَفَّـلا! |
وقَلْبي الـذي قد كانَ فِيكِ مُتَيَّمـاً. |
صحا ورأى الإِبْرِيزَ قد عادَ جَنْـدَلا!. |
تَحَوَّلَ عن حُـبِّ اللَّعُـوبِ تَرَفُّعـاً. |
وأَنْتِ التي أَيْقَظْتِهِ.. فَتَحَوَّلا! |
أَلَسْتُ بهـذا كنْتُ أَرْبَـحَ رَابِـح؟! |
وأَنْتِ به كُنْتِ السَّرابَ المُضَـلِّلا؟!. |
* * * |
سأَشْدو فَيَرْوِي الغيدُ شِعْرِيِ مُحَلِّقـاً. |
ويَنْظُمْنَ فيه العِقْدَ زَهْـراً مُؤَرِّجـا!. |
يُحَلُّونَ أعناقاً به وتواصِياً |
ويُلْقِينَ إبريزاً وماساً تَوَهَّجا! |
ويُنْشِدْنَ عنْه الشِّعْرَ يُشْجي بِلَفْظِـهِ. |
ومَعْناهُ حـرا لا يَـذِلُّ.. وأَبْلَجـا!. |
أنا الرُّوْضُ أَثماراً وزَهْـراً وجَـدْوَلاً. |
وإنْ كُنْتُ شَوْكاً لِلضَّلالِ وعَوْسَجا!. |
* * * |
لعلَّكِ بَعْدَ البَيْنِ والنَّـأْيِ قـد بـدا. |
لِعَيْنَيْكِ ما أَشْجى وما أَوْرَدَ الخُسْرا!. |
سَمِعْتِ من الأَتْرابِ ما أَرْمَضَ الحشا. |
حشاكِ. وقد عادَ النَّسيمُ به جَمْـرا!. |
فهل ذرفت عينـاك أَدْمـع نـادمٍ. |
على الحُبِّ كانَ الطُّهْرَ فاخْتَرْتِهِ عِهْرا؟!. |
لقد كُنْتُ في مَغْناكِ بَـدْراً مُضَوِّئـاً. |
دُجاكِ. ومُنْذُ اليوم لن تُبْصِري البَدْرا!. |
* * * |
ولن تُبْصِري إلاَّ النَّشـاوى بِشَهْـوَةٍ. |
إذا اقْتَرفُوها أَعْرضُوا وتَهَرَّبوا!. |
وأَبْقُوا الأقاويـلَ المَشِينَـة وَصْمَـةً. |
كأَنْ لم يكُونوا بالأقاوِيـل أَذْنَبُـوا!. |
بِلا حَرَجٍ قالـوا. وقـد يَنْشُرونَهـا. |
لِيُعْجِمَ فيها الشَّانِئـوكِ.. ويُعْرِبُـوا!. |
وما زَعَموا بـل كـانَ حَقّـاً لهُـم |
فما يَسْتَطِيعُ الَّوْدَ عَنْكِ.. مُكَـذِّبُ!. |
* * * |
هـذه القِصَّـةُ ما كانـت خَيـالاً |
بَلْ هي الواقِعُ في أَخْـزى المَجالـي!. |
هي للسَّارِينَ أَجْلى عِبْرَةٍ |
من دُرُوبٍ سَيْطَرَتْ فيها السَّعالـي!. |
ولئِنْ كانوا ذِئاباً تَرْتَوِي |
مِن دِماءِ الغِيدِ.. أم كانـوا ثعالـى!. |
فلقد يَنْفَعُها أَنْ تَهْتَدِي |
بعد طُولِ الغَيِّ بالسِّحْـرِ الحَـلالِ!. |