من علَّـم البلبلَ الإِنشـادَ في السَّحـرِ؟ |
من لقَّـن الطَّيـرَ ترنيمـاً مع الزَّهـرِ؟ |
من رقـرقَ السِّحرَ في قلـب الحياةِ ومـَنْ |
عرَّى مشاهدَ هذا الكونِ للنَّظر؟ |
في حسنها وصدَى هواها.. في نضارتها |
تُغري وتُبهجُ دنيانا عَلى وَتري |
الحبُّ لحَّنها للنُّور أُغنيةً |
تَحلو بمسمع كلِّ الناسِ والغُدر |
* * * |
من هدهدَ الرَّوضةَ الخضراءَ للنَّغمِ؟ |
من داعبَ الغصنَ في أَشواقِ مبتسِمِ؟ |
من لوَّن الوردَ والأَزهارَ.. فانْفرجتْ |
أَلوانُها بالشَّذى الزاكي مع النُّسم؟ |
تُهدي الرَّبيع لنا.. وشَّاه مؤْتلقاً |
كفُّ الطَّبيعةِ في زهوٍ من النِّعم |
الحبُّ أَودعَها في السِّرِّ نضرتَهُ |
يَشدو العبيرَ بها في جوقةِ النَّغم |
* * * |
من حفَّز الهِمَم العلياءَ تَبتدرُ؟ |
ميدانَها الحرَّ.. إخلاصاً وتَستعرُ؟ |
- تَبني الديارَ وتَفديها وتَنظُمها |
عقداً وضيئاً على الأَيَّام يَزدهر |
تَحمي الذِّمارَ وتُبدي كلَّ مرحمةٍ |
للأَوفياءِ.. ومَنْ يغزو سَينقبر! |
الحبُّ للوطن الباقي وتربتِه |
طبعٌ تَأَصَّلَ بالأَحرار يَفتخر |
* * * |
مَن أَودعَ الأُمَّ حسًّاً صادقَ الدَّفْقِ؟ |
تَرَى بفلذتها ميلاداً من الشَّرقِ؟ |
مَن أَفهـمَ الطفلَ عطـفَ الأُمِّ ملتحمـاً |
به.. ومِنْ دمها يَروِي ويستبْقي؟ |
- فهْـو الحبيبُ المفدَّى .. بل ومهجتُهـا |
وهْي الأُمومةُ تقديسٌ من الحقِّ- |
الحبُّ ضمَّهما للخلْد وانتثرتْ |
مشاغـلُ النُّبـل في عـزٍّ وفـي صـدقِ |
* * * |
من شاغـلَ الرُّوحَ والوجدانَ والخاطِـرْ؟ |
وأَلهَب الحسَّ والأَحلامَ والنَّاظرْ؟ |
من صوَّر الحسنَ في قلـب الفتَى غـزلاً |
أَذكَى العواطفَ والإِلهامَ والشَّاعر؟ |
- فاستأْسدَتْ خفقاتُ الصَّدرِ راويةً |
أُقصوصةَ العمرِ في أُنشودة الساحرْ- |
الحبُّ أَوحَى.. وقد ذابت حلاوتُه |
في الكـأْس من غصَّـة اللوعاتِ بالهاجـر |
* * * |
من جمَّل المرأَةَ الحسناءَ بالفتنَةْ؟ |
في عين عاشقها.. في الفكْر.. في المهجَة؟ |
-يَرى بطلعتها أَحلَى المُنَى ويرَى |
فيها الملاكَ ودنيا الطُّهرِ والبهجَة |
كأنَّها كلُّ شيءٍ في تلفُّتِه |
يُحـسُّ فيهـا هوَى الأَيـام في نظـرَةِ- |
الحبُّ مفتاحُ باب السِّرِّ يَشرعُه |
على الجمالِ وفي القلبيْن بالفِطرة |
* * * |
مَن راقَص الحُلُمَ الورديَّ في الصَّدْرِ؟ |
من أَيقظَ الحـسَّ محمومـاً على الفجْـرِ؟ |
من أَشعـلَ القلـبَ بالأَشـواق وارْتجفـتْ |
أَحلامُه تُرسلُ الآهاتِ بالذُّعر؟ |
يَهفو إلى الحسن يَعلو كلَّ رابيةٍ |
بالنور والنارِ.. والإِحساسِ بالشِّعْر |
* * * |
أَجلُّ ما وهبَ الإِلهُ للبشَرِ |
الحـبُّ أَسمَـى معانـي الحـسِّ والفكَـرِ |
الحبُّ عاطفةُ الأَجيالِ تَمنحُها |
سـرَّ البقـاءِ مَـدى الأَحقابِ والعُصُـرِ |
والحبُّ في الله إنسانيَّةٌ شَرَعَتْ |
رمزَ الإِخاء.. مع الآلاءِ والزَّهر |
والحبُّ للرَّبِّ تَسبيحٌ ومُنطَلقٌ |
في العالـم الأرحـبِ المخضـلِّ بالثَّمـر |
والحبُّ حُلْمٌ يحثُّ القلبَ ثانيةً |
وهْوَ الحياةُ تَمدُّ العمرَ بالصُّور |
لا يأْسَ فيهـا.. ولا الإِظـلامُ يُدركُهـا.. |
فالحبُّ هدْيٌ وأَضواءٌ من القَدرِ |