شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
توطئة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه.
كانت فكرة ديوان لي يحمل عنوان "الأربعون".. أن يتضمَّن جميعَ القصائد التي قيلت.. والتجارب الشعرية الموحية - خلال فترة زمنية معيَّنة - ابتدأتْ، والعمر يستشرف الأربعينيّات، وتنتهي وهو يهمُّ بوداعها.. غير أن الذي حدث أن تضمَّنت بعض دواويني الأخرى شعراً من نفس هذه الفترة بالذات.. بل إنَّ ديواناً كاملاً –هو (عودة الفيضان)– كان فيضَها الدَّفاق ورفَّات الشعور النابض.. وذلك تجاوباً مع طبيعة الحياة الأدبية وأعمالها التي أمارسها، وهي تَفرض نفسها، وليس أمامي معها أي خيار.. ولكن التَّجارب مع تلك المشاعر.. هو نفسه المتحدِّث عن المراحل الشعرية المتناغمة..
هذا.. وأرى لزاماً عليَّ أن أطرح شيئاً من الإِيضاح عن قضية شعر الغزل.. والحب الذي يغلب على معظم شعر هذا الديوان.. أو حتى غيره من الشعر العاطفي.. فالواقع أن الشعر هذا لم يكن مجرَّد تحبير وصياغة.. بل هو نفثات مصدور وبوح أحاسيس في مختلف معاناتها.. وهو كذلك أحلام شاعر يتضوَّر بآلامه ويشعر بعذاب الآخرين.. فلا يملك إلاَّ أنْ يجأَر بشكاواه.. في همسٍ وفي لوعة.. وفي صراخٍ صامت.. وهو يتَّجه بكل شعوره وحريق إحساساته إلى مصدر الجمال والحب.. ويتطلَّع في لهفة الظامئ إلى النبع الأصيل لهما في ملكوت الله الأعلى..
القلب اللّهف يتعبَّد في محراب جلاله.. والروحُ الحائرةُ تبحثُ وترتجي الوصول إلى الصفاء وإلى قداساته..
لهذا لم يكن التَّشبيب بالجمال الحسِّي والتَّغنِّي به إلاَّ رمزاً لما هو أَبعد وأَعمق.. بل الأَصحّ أَنَّ الإِلهامَ كان مصدرَه الجمالُ المعنوي والروحي.. وإن كان ذلك الرمز إنَّما هو توهُّم لخيالٍ بعيد المنال.. لأَنَّه..
لأَنه لا توجد قطُّ تلك التي يظلُّ الغزلُ في محرابها فنوناً تتنوَّع. أَو أَوصافاً لا حدود لها.. كما لم تكن هناك أَية رغبةٍ في إنسانةٍ بالذات.. كنوع من محاولة الامتلاك.. ولكنه - كما ذكرت - خيال شاعر حالمٍ يفتِّش عن المثاليَّات وعن شعلة إِلهام.. وما كانت تلك اللَّهفات والأَماني إلاَّ صور لتعابير حالمة.. ووجدانيَّات روحٍ تشفُّ عن أَحلامها وتريد أَن تسبرَ أَغوار الحقيقة.. حُلوةً كانت أو مُرَّة..
وتدفَّق الشعرُ كأَمواجِ بحيرةٍ.. تتجدَّد فيها الانفعالات والترانيم.. مع خطرات الرياح وهبَّات النسيم.. فإِذا المشاعرُ تصوغ عوالم وصوراً من الواقع المُعاش بالحسِّ وبالكيان.. وبالنظرة الواعية والهمسة الحانية.. وبكل هذا تُبدع الخاطرةُ أَلواناً من الغزل، وكأَنها لونٌ من التجربة.. وقبل كل شيء - هي من صور الوجدِ الدفين في لحظات التَّجلِّي الشَّفَّافة.. وارتقاء النفس في تطلُّعاتها الدائمة إلى مصادر الحسنِ الخالد..
والقلبُ يرفُّ في قوَّةٍ وفي انْتظام.. إِنَّه يحلم أَن يسودَ الحبُّ بين جميع الناس.. وأَن يسمو بأَحاسيسهم ووجداناتهم.. فلا يرى هذا الحبُّ إلاَّ الرّقيَّ بالعواطف إلى أَرفع عوالم الحياة النَّقية.. ولا يُعالج إلاَّ الشوقَ إلى أَعلى فأَعلى.. إلى مبدع كل جمال.. إلى القرب من جلال الله الخالق المبدع لكل تكوين.. وإلى الرجاء في رضوانه.. وهذي هي غاية الغايات من الشعر ومن الحب.. ومن التَّغنِّي بالمحاسن.. بالجمال الذي لا ينفد..
والحمد لله الذي بشكره تدوم النعم.. وله البقاء وحده جلَّ وعلا.
المدينة المنورة: 1 محرم سنة 1404هـ
عبد السلام هاشم حافظ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1320  التعليقات :0
 

صفحة 1 من 63
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الأول: من المهد إلى اللحد: 1996]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج