قِفوا على "القبر" نذْري من مآقينا |
لآلئ الدَّمع؛ إكراماً لمَاضينا |
نبكيهِ؛ وهوَ يبكِّينا؟ ونندُبه |
معَ "الرفاق" ونرثيهِ، ويرثينا |
لا تسألوا: ما شجاهُ عندَ غيبتنا |
قد كان ما كان.. والأشعارُ تُنبينا |
هُنا شبابي، هُنا حِبي هُنا وطني |
هُنا منامةُ مَنْ أحببتُها دِينا |
لا تعْذلوا شاعراً يبْكي على جدث |
ولاَ الأُلى معهُ ناحوا مُواسِينا |
الشعرُ والدمعُ ما أبْقى الزمانُ لنا |
لولا هُما النطمستْ حتى مآسينا |
وما بخِلنَا بدمْع يومَ كارثةٍ |
ولا عصتْ حسرةَ الذِّكرى قوافينا |
أيامُنا الدمعُ، تذْريها، وتذْرفها |
تلكَ الجفونُ الثَّكالى من ليالينا |
لِمنْ تصانُ القوافي والدُّموعُ إذا |
لم نستبحْها لأهلينا.. قرابينا؟ |
* * * |
يا شاريَ البرقِ من غَربي "أزال" وقد |
سجى الظلامُ؛ حناناً بالمُحبِّينا |
إذا تَنَسَّمْت سرّاً بعدما هجعوا |
فلا تذعه على غير المُوالينا |
لمْ نبتعدْ عن قلىً؛ لكن مُراغمةً |
والله يعلم يوم البين ماشينا |
تلك الأباطيلُ والأسمارُ ما فتئتْ |
تفشي أريج الأماني في نوادينا |
وما انتشى هائمٌ منّا بلحن هوىً |
إلاَّ إذا كان من شعر "اليمَانينا" |
ونحنُ قومٌ؛ إذا غنَّى متيمهُمْ |
ْبالشِّعر جوَّدَهُ لفظاً وتلحينا |
* * * |
في سفح "دمُّون" غنَّى "ذُو القُروح" على
(1)
|
لحنِ الجراح.. بأنْباء المصَابينا |
وقال: بين غبا يومي، وصحْو غدي |
"خمرٌ وأمْرٌ" فصاح الثأرُ آمينا |
وناح "وضّاحُ" مُشتاقاً لروضته
(2)
|
لمَّا ثوى في دُجى "الصندوق" مدفوناً |
ما كان آخر لحنٍ في حشاشته |
ترى؟ أم الموتُ يأتي ليس موزوناً! |
لا "سينَ"، لا "قاف"، لا "ميمات" نعرفُها |
إذا دَهانا؛ ولا "راءً"، ولا "نونا" |
و"الغالبي" و"ابنُ عبَّادٍ" و"عَمْرو" ومَن |
معَ "الزُّبيريّ" بكَى هيمانَ مجنونا
(3)
|
وسَلْ إذا شئتَ عنساً، أو فسل "عدنا" |
وسلْ "ذمارَ" وسلْ "صنْعا" و"دمُّونا" |
وسلْ "شهارةَ"، أو إريانَ، أو "شرفاً" |
أو سفحَ "حضْران" أو فاسأَلْ "بردُّونا"
(4)
|
وسلْ وسلْ لا تسَلْ في كل منعطفٍ |
مِن أرضِنا شاعرٌ يشْدو فيشْجينا |
لولا القوافي لما كانتْ لنا "يمنٌ" |
مِنْ دونِ كلّ بلادِ الله تُصبينا |
وما انتشى هائمٌ منَّا بلحنِ هوى |
إلاَّ إذا كانَ من شِعر "اليمانينا" |
لو كان للدمع نهر كان خاردُنا |
أو كانَ للشعرِ وادٍ كانَ "وادينا" |
* * * |
"قبرٌ" بصنعاء لمْ نشهدْ جنازتهُ |
ولو حضرْنا؛ حملنا النعشَ حَافينا |
في جوفِه؛ كل ما كنَّا نضنُّ به |
وكل ما كانَ حيّا مِن أمانينا؛ |
"لو استطعنَا لخضنا الجوَّ صاعقةً |
والبرَّ نارَ وغىً، والبحرَ غِسْلينا" |
سعياً إلى "اليمن" الميمونِ نشكرُ مَن |
وفي لنا، ونُعزِّي مَنْ يعزِّينا؛ |
لكنْ قضَى الله أمراً لا يفسره |
إلاَّ الرضَا؛ ويداهُ فوقَ أيدينا؛ |
إنْ لمْ نجدْ ما يؤدِّي حقَّ واجبَنا |
فقدْ وجدْنا التأسِّي في مراثينا |
والشعرُ والدَّمعُ ا أبقَى الزَّمانُ لَنا |
والشعرُ والدَّمعُ يكفينا ويُغنينا |