شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من قصص الخلفاء والملوك في الحج
يستقصي ((تقي الدين أحمد بن علي المقريزي)) عدد المرات التي حج فيها خلفاء الإسلام، ويروي لنا ((ابن الأثير)) و ((الطبري))، و ((الأزرقي)) و ((الفاسي)) وجمهرة من المؤرخين كثيراً من عجائب القصص التي كانت تصادف حجاجنا من الخلفاء أو الملوك عبر التاريخ في ثنايا الحج.
فما نستخلصه مما يرويه الطبري، وهو مؤرخ ملتزم يسلسل حوادث العوام كل عام على حدته، إشارته في آخر حوادث العام عن الخليفة أو الملك الذي يشد رحاله إلى الحج، وربما توسع القزويني بتفصيل أكثر في وصف القافلة التي مشت في ركاب الخليفة أو الملك، ويسهب ابن الأثير أو الأزرقي في أخبارها.
ونحن هنا لنلخص أهم هذه الروايات سنجد مما يروونه أن الخلفاء الراشدين أبا بكر وعثمان رضي الله عنهم، حرصوا على أداء أعمال الحج في سائر السنوات التي تولوا فيها الخلافة إلاّ سنة واحدة لكل منهم على خلاف في بعض الأقوال، أما علي كرم الله وجهه، فقد حالت الحروب بينه وبين ذلك.
وحج من خلفاء بني أمية خمسة هم معاوية، وعبد الملك، والوليد، وسليمان، وهشام.. حج معاوية وعبد الملك أكثر من مرة، ولم يحج الثلاثة الباقون إلاّ مرة واحدة.
أما خلفاء بني العباس في بغداد فلم يحج منهم إلاّ ثلاثة من خلفاء العصر الأول وهم المنصور، والمهدي، والرشيد. ولم يحج من خلفاء العصر العباسي الثاني أحد، لأن حياة الترف التي يرويها القزويني بالإضافة إلى سيطرة الفاطميين على مقدرات الحجاز وثورات القرامطة التي أشعلت الفتن في الطريق إلى مكة، واحتلالهم مكة نفسها كانت كلها عوامل ذات أثر حجبت الخلفاء عن مكة ومنعتهم من أداء فريضة الحج.
وامتنع خلفاء الأندلس جميعاً عن الحج لسيطرة خلفاء المشرق على الحجاز، ولأنه كان يتعذر على الخليفة الأندلسي أن يجد طريقه إلى مكة آمناً.
ويمضي بنا القزويني في إحصائه فيذكر لنا أسماء من حج من ملوك الإسلام بعد أن انقسمت الخلافة إلى دويلات، فيقول إنه حج من ملوك اليمن سبعة هم: محمد الصليحي وملكان من أيوبي اليمن، ثم الملك المسعود، ثم ثلاثة من ملوك بني رسول.
كما حج من ملوك الشام ثلاثة: نور الدين بن زنكي، وعيسى بن العادل، والناصر بن داود.
ولم يحج أحد من ملوك بني أيوب في مصر لانشغالهم بالجهاد ضد الصليبيين وقد ذكروا أن صلاح الدين الأيوبي أعدّ عدته للحج، ولكن المنية عاجلته.
وحج من ملوك مصر الظاهر بيبرس، والناصر محمد بن قلاوون، والأشرف شعبان.
وتوسع القزويني في استقصاء أسماء الملوك الحجاج، فذكر من حجاج ملوك بلاد التكرور: منسا بن ماري، وساكبورة، ومنسا بن موسى، وبلاد التكرور هذه يصح أن نطلقها اليوم على ممالك واسعة في جزء كبير من قارة أفريقيا.
وإذا تتبعنا رواة التاريخ ممن ذكرنا في صدر بحثنا، وتابعناهم فيما يروون من قصص الخلفاء والملوك في الحج طالعتنا حوادث وقصص لها دهشتها.
فما يروونه عن أبي عثمان الهندي أنه قال ((رأيت ابن الخطاب يرمي الجمرة وعليه إزار مرفوع بقطعة من أدم)).
ويروون عن علي بن أبي طالب أنه قال: ((رأيت عمر يطوف بالكعبة وعليه إزار فيه إحدى وعشرون رقعة بعضها من أدم)).
وعن سعيد بن المسيب أنه قال: حج عمر، فلما كان بضجنان قال: ((لا إله إلاّ الله المعطي من شاء ما شاء، كنت أرعى إبل الخطاب بهذا الوادي في مدرعة صوف، وكان فظاً يتبعني إذا عملت، ويضربني إذا قصرت، وقد أمسيت وليس بيني وبين الله أحد))!!
ويروي صاحب الأعشى أن معاوية حج فسأل عن امرأة من بني كنانة كانت تنزل الحجون يقال لها ((الدارمية)) فجيء إليه بها، وكانت سوداء مكتنزة اللحم، فقال: ما حالك يا ابنة حام؟ قالت: لست لحام أدعى، إنما أنا امرأة من كنانة. قال: صدقت.. أتدرين لم أرسلت لك؟ قالت: لا يعلم الغيب إلاّ الله، قال: بعثت إليك لأسألك علام أحببت علياً وأبغضتني؟ وواليته وعاديتني؟ قالت: أوتعفيني يا أمير المؤمنين؟ قال: لا أعفيك. قالت: أما إذا أبيت فإني أحببت علياً على قتالك من هو أولى بالأمر منك وطلبك ما ليس لك بحق. قال: ولذلك انتفخ بطنك وعظم ثدياك. قالت: يا هذا بهند كانت تضرب الأمثال، لأبي!!
قال: يا هذه أربعي، فإنا لم نقل إلاّ خيراً، ثم قال: كيف رأيت علياً؟ فقالت: رأيته لم يفتنه الملك الذي فتنك، ولم تشغله النعمة التي شغلتك. قال: صدقت، فهل لك من حاجة، قالت: وتفعل إذا سألتك؟ قال: نعم! قالت: تعطيني مائة ناقة حمراء فيها فحلها وراعيها. قال: تصنعين بها ماذا؟ قالت: أغذي بألبانها الصغار، واستحيي بها الكبار، وأصلح بها بين العشائر. قال: إن أعطيتك ذلك، فهل أحل عندك محل علي؟ قالت: ماء ولا كصداء، ومرعى ولا كالسعدان وفتى ولا كمالك. قال: يا سبحان الله أودنه؟ ثم قال: أما والله لو كان علي، ما كان أعطاك منها شيئاً. قالت: والله ولا وبرة واحدة من مال المسلمين.
وورد عن الوليد بن عبد الملك أنه حج، ثم انتهى إلى المدينة وكان قد أمر ببناء مسجدها، فعنّ له أن يتفقد البناء، فأخلي له المسجد حتى لم يبق فيه غير ((سعيد بن المسيب)) فلم يجسر أحد من الحرس أن يخرجه. فقيل له: لو قمت فقال: ((لا أقوم حتى يأتي الوقت الذي كنت أقوم فيه فقيل: لو سلّمت على أمير المؤمنين. قال: والله لا أقوم إليه)).
قال عمر بن عبد العزيز: فجعلت أعدل بالوليد في ناحية المسجد لئلا يراه، فالتفت الوليد إلى القبلة فقال: من ذلك الشيخ؟ أهو سعيد؟ قال عمر بن عبد العزيز: نعم، ومن حاله كذا وكذا، ولو علم بمكانك لقام فسلم عليك، وهو ضعيف البصر، فقال الوليد: قد علمت حاله، ونحن نأتيه، فدار في المسجد، ثم أتاه، فقال: كيف أنت أيها الشيخ؟ فوالله ما تحرك سعيد، بل قال: بخير والحمد لله.. فكيف أمير المؤمنين وكيف حاله. ثم لم يلبث أن انصرف الوليد وهو يقول لعمر: هذا بقية الناس!!
وفي هذه السنة، وعلى أثر ما شاهد الوليد من وعثاء الطريق إلى الحجاز، كتب إلى جميع البلاد بإصلاح الطرق وعمل الآبار بطريق الحجاج.. ومنع المجذومين من الخروج على الناس، وأجرى لهم الأرزاق.
ويذكرون عن الخليفة الرشيد أنه حج فاستدعى الفضل بن الربيع ذات ليلة ليقول له: ويحك قد حاك في نفسي شيء فانظر لي رجلاً أسأله، فقال: ههنا الفضيل بن عياض، فقال: أمض بنا إليه، قال: فأتيناه فإذا هو قائم يصلي يتلو آية من القرآن يرددها، فقال: إقرع الباب فقرعت الباب، فقال: من هذا؟ قلت: أجب أمير المؤمنين، قال: ما لي ولأمير المؤمنين، فقلت: سبحان الله، أما عليك طاعته؟ أليس قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليس للمؤمن أن يذل نفسه))؟ فنزل ففتح الباب، ثم ارتقى إلى الغرفة، فأطفأ السراج، ثم التجأ إلى زاوية من زوايا البيت. فدخلنا فجعلنا نجول عليه بأيدينا، فسبقت كف هارون إليه قبلي، فقال الفضيل: يا لها من كف ما ألينها إن نجت غداً من عذاب الله عزّ وجلّ. فقلت في نفسي ليكلمنه الليلة بكلام من قلب تقي.
قال هارون: خذ لما جئناك له -رحمه الله- فقال: إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا من يعظه، فكان مما قيل له: ((إن أردت النجاة فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك، وأكره لهم ما تكره لنفسك، ثم مت إن شئت)). فبكى هارون بكاءً شديداً حتى غشي عليه. فقلت له: أرفق بأمير المؤمنين. قال: يا ابن الربيع تقتله أنت وأصحابك، وأرفق به أنا.
فلما أفاق الرشيد، قال: زدني رحمك الله، قال: يا محسن الوجه أنت الذي يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة، فإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك.
فبكى هارون. وقال له: عليك دين؟ قال: نعم دين لربي لم يحاسبني عليه. قال: إنما أعني دين العباد. قال إن ربي عزّ وجلّ لم يأمرني بهذا، وإنما أمرني أن أصدق وعده، وأطيع أمره. فقال له: هذا ألف دينار خذها فأنفقها على عيالك. فقال: سبحان الله أنا أدلك على طريق النجاة، وأنت تكافئني بمثل هذا؟ سلّمك الله ووفقك، ثم صمت فلم يكلمنا، فخرجنا من عنده.
وبخروجنا دخلت عليه امرأة من نسائه، فقالت: يا هذا قد ترى ما نحن فيه من ضيق فلو قبلت هذا المال فتفرجنا به. فقال لها: مثلي ومثلكم كمثل قوم كان لهم بعير يأكلون من كسبه، فلما كبر نحروه فأكلوا لحمه، فلما سمع الرشيد هذا الكلام، قال: ندخل فعسى أن يقبل المال، فلما علم الفضيل خرج، فجلس في السطح عند باب الغرفة، فجاء هارون فجلس إلى جانبه، فجعل يكلمه فلم يجبه، فبينما نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء، فقالت: يا هذا قد آذيت الشيخ منذ الليلة، فانصرف رحمك الله. فانصرفنا.
ويذكرون عن الرشيد أنه حج في بعض سنواته ماشياً من مكة إلى منى فعرفات وشهد بقية المشاعر ماشياً، وأنه كان يطوف بين المغرب والعشاء ثلاثة عشر أسبوعاً ولا يطيق ذلك واحد ممن كان معه.
كما يذكرون أن زبيدة زوجة الرشيد شهدت أكثر المشاعر ماشية، وهي التي أمرت بجلب العين إلى مكة، وأنفقت مئات الألوف في سبيلها عندما رأت ما يقاسيه الأهالي والحجاج من قلة الماء.
ويذكرون عن صاحب اليمن الملك المسعود، أنه هاجم مكة في عام 619هـ ليمنع الدعاء على منبرها للعباسيين ويؤيده للأيوبيين في مصر، وأنه ما لبث أن رجع إلى اليمن بعد أن استناب عليها أحد نوابه، ثم عاد إليها بعد سنوات ليؤدي فريضة الحج، فأصيب فيها بمرض الفالج الذي مات به. وقد قيل أنه لما حضرته الوفاة لم تطب نفسه لما لديه من أموال، وأنه لذلك طلب إلى فقير مغربي أن يتصدق عليه بما يكفي لكفنه.
والملك المسعود هذا هو أول من جعل مقام إبراهيم ثابتاً في مكة، وبنى عليه القبة التي أزيلت من عامين. وكان مقام إبراهيم قبله ربما نقل إلى جوف الكعبة أو أحد أركان المسجد إذا ازدحم المسجد بالحجاج.
ويذكرون أن ملك مصر الظاهر بيبرس انسل من جيوشه في أحد الثغور سراً ليؤدي فريضة الحج، فلما انتهى إلى مكة لم يشعر بوصوله أحد، لأنه اختلط بعامة الحجيج، وشاهده بعضهم يوم غسل الكعبة يشارك العامة في غسلها، ورمى إليه أكثر من واحد بأردية الإحرام ليغسلها لهم في ماء غسل الكعبة، فكان يغسلها ويعيدها إليهم، ليتسلم غيرها. وكان يعطي خاصته جملة أموال ليوزعوها في الناس سراً. وعندما شرع المختصون ينيطون بالكعبة كسوتها الجديدة شاركهم في أعمالهم دون أن يشعروا به إلاّ خواصه.
وحجّ الملك الناصر قلاوون في عام 719هـ، فشارك في غسل الكعبة وتعليق ثوبها والإحسان إلى أهلها. ومما ذكر عنه أن بدوياً من الأعراب لجأ به في حاجة، فامتدت يده إلى لحية الملك -على عادة الأعراب- ليتوسل بها إليه، فصرخ فيه أحد حراس الملك ليتأدب، ويرفع يده، فتبسم الملك، وقال: هذه عادة العرب فلا ضير فيما فعل.
ومما يرويه المؤرخون أن أحمد بن إسماعيل، ملك اليمن، نوى الحج، فكتب إلى أمير مكة، الشريف بركات، يطلب إليه إخلاء عدة بيوت عيّنها بجوار المسجد، وأن يتلقاه عند قرية حليّ، فاستاء بركات لعنجهية الطلب، فكتب إليه يقول:
بالقنا الخطي والبيض الظبا
وبخيل تتبارى سرّبا
وبأبطال إذا ما استعرت
نار حرب ولظاها التهبا
نحمي ذا البيت ونحمي جدة
وربا حليّ وأكناف قبا
إلى أن يقول:
قل لمن رام بنادينا ومن
رام ياْتي بيتنا مغتصباً
لا يحج البيت إلاّ خاضعاً
دافعاً عشراً لنا ثم جبا
فلما انتهت إلى ملك اليمن تخلف عن الحج، وأضمر الشر لبركات بصورة كان لها ما بعدها مما لسنا بصدده هنا.
وكان من عادة ملوك الإسلام وسلاطينهم في أكثر أقطارهم أن يأمروا بالنداء للحج ابتداء من غرة رجب، فتقام الاحتفالات وترفع الرايات، وتنصب الزينات. وعندما ابتدعت عادة المحمل في عصر المماليك كانوا يحتفلون بخروجه في مصر والشام، وأحياناً في اليمن، ليمر بشوارع المدينة، ويقف في ساحاتها، يحف بموكبه أصحاب الطبول والمزامير، ويتقدمه أصحاب المراتب الرسمية.
فإذا بدأ الاستعداد لمسيرة القوافل شرع المرتبون لها يعدون ما يلزم للمسيرة الطويلة.. كانوا يعنون أكثر ما يعنون بأحمال الدقيق، والبقسماط، والروايا، والقرب، والأشربة، وإذا حج الأمير أو السلطان عين العربان المتوجهين معه والقادة المحافظين عليه، وأمر بترتيب المنازل على طول الطريق الذي يسلكه إلى مكة وخصص لها من يقوم عليها في انتظار وصوله، وربما كلف الخولة ليهيئوا أحواضاً من خشب تزرع فيها المباقل والخضروات والرياحين والمشمومات، فتحمل على الجمال وتسقى طول الطريق للانتفاع بها. كما يكلف الخبازون والقلاؤون وصناع (الكماج) والحلوى أن يجهزوا أفرانهم للسفر، ويعدوا أدواتهم.
وعندما حج الملك الناصر قلاوون جهز من الشام خمسمائة جمل تحمل الحلوى والسكردانات التي تحفظها وجملة كبيرة من الفواكه التي لا يسرع إليها العطب، كما جهز ثمانين جملاً لحمل ما يحتاج إليه المطبخ، وكانت تحمل فيما تحمل -ثلاثة آلاف دجاجة وألف طائر وعشرات القدور، وصحبه إلى الحج خمسون أميراً، وكان كل أمير يقود نحو المائة يتسلم نفقاتهم وأعلاف دوابهم، قبل أن يبدأ رحلته في موكب الملك.
وكان المنفق على الموسم ينظم بنوده قبل الرحيل، لتتسع للصدقات والإعانات ومرتبات العربان في طريق السير وحفر الآبار إذا أعوزهم الأمر، وتوزيع ما يجب توزيعه على فقراء الحرمين وأصحاب الرواتب المفروضة في سجلات القصر الملكي أو بيوت المال.
وبنى لبعضهم القصور في الطريق إلى مكة لينزلوها، واتخذوا لها المصانع، وزرعوا حولها ما ينفعهم كزاد للطريق الطويل.
وكان الطريق إلى مكة يبدو أكثر طولاً وأشد مشقة لعوام الحجاج، فقد كانت أكثر أقطارهم تفد إلى مصر.. يفدون إليها من أفريقيا والأندلس والمغرب براً أو بحراً في طريق شاقة، كما يفدون إلى الشام من بلاد الترك والقوقاز وبخارى والقرم وشمال روسيا وسيبيريا وجزائر البحر الأبيض، ثم ينحدرون من الشام إلى مصر ليستأنفوا منها إرهاقاً جديداً.
وكان يتجه بعضهم إلى السويس، حيث تقلهم المراكب الشراعية إلى جدة، ويمضي الكثيرون مصعدين في الصعيد إلى ((قوص)) براً، أو من طريق النيل، ويستغرق ذلك نحو عشرين يوماً، ثم يتجهون إلى ((عيذاب)) أو ((القصير)) في أعلى الصعيد على شاطئ البحر الأحمر، حيث ينتظرون المراكب التي تقلهم إلى جدة، وقد يستغرق انتظارهم في الميناء نحو شهر، كما يستغرقهم السفر منها إلى جدة عشرة أيام.
وكانوا يستقلون مراكب غير محكمة، وأشرعتها من حصير، وأصحابها يتعسفون في معاملة الحجاج، ويشحنون فيها أكثر من حمولتها، ولذلك كانوا يتعرضون لأخطار البحر، كما أن بعض المراكب كانت تغرق بالفعل.
وكان بعض عرب البجاة يتولون نقل الحجاج في صحراء الصعيد فوق جمالهم وفي البحر إلى جدة على مراكبهم الشراعية، وكانوا يرهقون الحجاج باستغلالهم، وربما عرضوهم للطريق المعطش ليموتوا، فيستولوا على متاعهم.
إذا قيس هذا بمواصلات اليوم الميسرة وأمانها المطمئن، تعيَّن الشكر لله على نعمه وحسن توفيقه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :659  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 18 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج