شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الذبائح في منى
نشرت في جريدة الندوة عام 1374هـ
لا ينكر أحد أن جميع الترتيبات التي حاولها المختصون لنظافة منى ضاعت هباء، ورؤيت الذبائح تملأ الطرقات وتنشر عفونتها بين الخيام والبيوت عدا أوساخ الحجاج وفضلاتهم.
والذي يراه أصحاب الرأي أنه لا حيلة في القضاء على هذا إلاّ بإنشاء مصنع تبريد اللحوم وتعليبها الذي طال عليه الأمد قبل أن يرى النور.
فعسى أن يكون عامنا هذا آخر عهد لنا بمثل هذه المناظر، وعسى أن يستطيع المكلّفون بالنظافة أن يعيدوا النظر جدياً بعد اليوم فيما نعانيه من باقي الأوساخ والفضلات.
نحن نعرف أن أمانة العاصمة استعانت بأصحاب الاختصاص فقدموا إليها عشرات المراقبين على أمل أن يضبطوا مداخل منى، فلا يبيحون لباعة المواشي دخولها إلاّ إلى الجهة التي عُيّنت للبيع والذبح تحاشياً من أن يتخللوا بمواشيهم خيام الحجاج فيتم البيع والذبح بين الخيام كما تعودوا أن يفعلوا في سنيهم السابقة.
ولكننا نعرف كذلك أن مداخل منى ليست محددة ليسهل مراقبتها، فهي محصورة بين سلسلتين طويلتين من الجبال ولا يعجز البدوي أو يعجز مواشيه أن يتسلقوا الجبال من أي جهة أرادوها ليهبطوا إلى الخيام بعيدين عن عيون الرقباء مهما بلغت قوة إبصارها.
ونحن نعرف أن أمانة العاصمة وجّهت نداءها في الصحف لترجو المواطنين والحجاج أن يقلعوا عن شراء المواشي من السارحين بين الخيام وذبحها حتى لا يسيئوا إلى صحتهم بما تبعثه فضلاتها من روائح كريهة.
ولكن الواقع أن الأغلبية الساحقة ممن عنتهم بندائها لا يقرؤون الصحف، وإذا قرأها القليل منهم فأنانية الإنسان هي أنانيته وهي تأبى عليه أن يتكلّف المشوار إلى نهاية منى وهو يجد المواشي سارحة بين يديه معروضة للبيع وسكين الذبح تلمع بين أوانيه.
إذن فجميع الترتيبات كانت إلى عبث، وجميع النداءات لم يسمع منها حرف! فعاشت منى أيامها مفروشة سائر طرقاتها ومسالكها وأزقتها بالذبائح تنبعث منها الروائح العفنة التي لا تطاق.
تُرى لو هبط أحد من غير المسلمين منى خلسة فصادفته هذه المناظر الكئيبة، وزكمت أنفه ما ينبعث منها ألا يجدها فرصة يحمل بها على أعمال المسلمين وتبذيرهم في وقت بات فيه العالم أشد ما يكون حاجة إلى كل أوقية من أكوام اللحوم الملقاة هدراً للعفونة والبلى!
لعلّ في هذا ما يكفي لأن يحفّزنا للعمل الجاد الذي طالت دراسته فننشط لبناء مصانع التبريد والتعليب توفيراً للأموال الطائلة التي ننبذها وعملاً لإفادة الفقراء من طعامها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :490  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 17 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج