شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أخي وَصديقي الشيخ ..
.. لقد فجعت .. إذ فوجئت .. بنبإ وفاة أخي وصديقي الشيخ ضياء الدين رجب.. بعد هزيع من الليل عقب مواراته الثرى .. وبعد أن كنت وإياه في الرياض .. نستعيد الماضي .. ونعيد الذكريات .. تغمده الله برحمته.
مضيت .. ولما تمض يومان .. فيهما ..
أعدنا من الماضي الزمان المجانبا ..
سكنا معاً .. قلب الرياض .. يضمنا
إليه بقلب عاش للحب .. لاهبا..
رأيتك تفضي (لليمامة) .. داخلا
فأقبلت صوبي .. إذ لقيتك .. واثبا ..
فعانقتني .. والشوق باللحظ ناطق
وأوجزت في اللوم الرقيق .. معاتبا ..
تقول: .. لقد فر الزمان .. ولم تجد ..
من الوقت .. ما نلقاك فيه مصاحبا ..
أجبت .. بهذا قد قضى اليوم .. حظنا
فحسبك هذا اليوم .. إن كنت حاسبا..
فعشنا بصالون (اليمامة) .. نرتوي
من الفن سحراً .. من فؤادك .. ذائبا ..
فكنت مصيخ السمع .. سمعاً متابعاً
وكنت مجيد القول .. قولاً مداعبا ..
وما كنت أدري .. أو أصدق أنني
سألقاك نعياً .. في خيالي .. كاذبا ..
فلا زلت .. بين العين .. طيفاً ملازماً
أظل أناجيه .. وإن كنت غائبا ..
ولا زلت .. بين الأذن .. صوتاً أحسه
صدى عبقرياً .. للحلاوة ناهبا ..
تسائلني ترديد مطلع "مكتي"
وتسألني كل القصيدة .. راغبا ..
وكنت أعانيها لأجلك .. مصغيا
إليها .. فأنت الشعر.. قولا.. وصاحبا..
وإني سأتلوها بصوتي عاليا
لروحك مهداة .. وما كنت نادبا ..
سألتك .. هل تمضي معي لصديقنا (1)
فإني إلى ميعاده .. كنت ذاهبا ..
فقلت: .. لقد كنا لديه .. بأمسنا
وعشنا بذكراك الندية .. جانبا ..
وإني أحس الآن .. أني متعب
وبيت "لميس" (2) فيه ألقى المتاعبا ..
لعلي أنال .. الليل .. بالبيت راحة
سألقاك في جدا متى عدت .. آيبا ..
لقد نلتها .. لكن إلى غير عودة
إلينا .. إلى أن يأتي الغد .. ناعبا ..
وعدت .. ولكن في طريقك .. عابراً
إلى مكة .. حيث التقيت الحبائبا!!
* * *
أخي .. وصديقي الشيخ .. عزت خلاله
فما كان يوماً .. للأخلاء .. عائبا ..
أتذكر؟؟.. لما جئت مكة .. صادياً
إلى الفكر فناً .. والفنون مذاهبا؟؟
إلى الناس .. تشتاق الجلوس .. كرهته
إذا ضقت بالأقوال .. طالت .. مثالبا ..
لقد كنت لي الخل الأليف .. محببا
وكنت لك الخل الوفي .. مصاحبا ..
فقد جمعتنا طيلة العمر .. بيننا
قرابة فكر .. فاجتوينا الأقاربا ..
نلاعب آيات البيان .. نصوغها
بياناً .. وباسم المرتجيه .. عجائبا (3) ..
نقلد أرباب الفصاحة .. باسمهم
ندس خطاباً باسم من كان نائبا ..
عن الصحب من إخواننا .. قاد ركبهم
فجاء على ظهر الدعابة .. راكبا ..
فمرت عليه .. لعبة .. لا يجيدها
ومرت لدينا .. ضحكة الدهر .. لاعبا
فكنت أسميك "المدردح" .. بعدها
وكنت تسميني الظريف المشاغبا ..
وكنت .. وكنا لليالي حفيلة
أنيس ليال .. عشتها الأمس .. عازبا ..
تؤانسنا الأشعار شتى .. حبيبة
لقلبك .. أو قلبي .. منى .. ورغائبا ..
فعشنا بها نحيا إلى الفجر صادقا
تقوم إماما .. تطرد الفجر كاذبا ..
إلى أن قضى بيني وبينك بعدها
بنا البعد ظمآن الجوانح .. ساغبا..
ففرقنا العيش الرخيص لطالب
حياة خلت مما له كنت طالبا ..
وجمعنا بعد التفرق .. والأسى
لدى غربة في مصر .. دهرك شاحبا ..
وفي مصر .. لم نصبر على اليأس والأذى
فعدنا .. وأحرقنا .. ورانا .. المراكبا!!
* * *
أخي وصديقي الشيخ.. كم عشت سارحاً
برغمك عن دنيا "المخاليق" .. غائبا ..
وكم كنت تبدو كالدراويش .. لائذا ..
بسمتك هذا .. أو بصمتك .. هاربا ..
لقد كنت بالذهن الحديدي .. ذاكراً
يصحح . أو يروي الحديث .. مراقبا ..
فلم تك بالنسيان إلا مرفها ..
عن النفس .. ترضاه شعاراً مناسبا ..
أتذكر؟؟ .. إذ أبصرت صورتك التي ..
أبانتك في ركن الصحيفة .. شائبا ..
فقلت: من "المخلوق" هذا؟؟ .. أظنه .. فلانا فقلنا: .. أنت قلت: .. عجائبا!!
* * *
أخي.. وصديقي الشيخ .. والدوح بيننا
أطاح .. ومن أغلى الغصون.. الذوائبا..
تقصف أغصاناً .. وأسقط بينها ..
من الغصن أوراقاً .. تعز .. شواحبا ..
زكاها بأحلام الربيع .. ربيعها
فراحت بآلام الخريف .. ذواهبا ..
أريد أطيل القول .. لولا مرارة ..
بنفسي استقرت .. لا تطيق النوائبا ..
فكم بين هذا الصدر لحد .. بجوفه ..
دفنت أعزاء .. لديَّ .. حبائبا ..
ذكرتك بالقول المردد .. دائماً ..
على شفة صاغت لديه الغرائبا ..
فيا أيها "المخلوق" لاذ بخالق ..
كريم .. سيلقى في حماه رحائبا ..
فقدناك .. في دنيا المحاماة .. قاضياً
أريباً .. وفي دنيا الصحافة .. كاتباً ..
وفي روضة الشعر المغرد .. بلبلاً
فصيحاً رقيق اللفظ .. جاء مواكبا ..
يمازج معناه .. تشف .. وحولها ..
طيوف .. أحاطت بالطيوف .. مواكبا
أقم بيننا ذكرى . إذا طاق صبرنا ..
على الذكر صبراً .. قد فقدناه لازبا ..
وسر في رياض الخلد .. إن بساحها ..
إليك لشوقاً .. للمسيرة .. واجبا ..
لحمزة (4) .. يخطو بالشباب .. توثباً
إليك .. فتلقاه بحضنك .. واثبا ..
وقل .. يا أمان الخائفين .. وإن تكن ..
عتقت رقاب الخوف .. فانجاب خائبا ..
فما بعد هذا اليوم .. خوف .. ولا ونى فما عدت بعد اليوم .. للغد .. هائباً!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1718  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 8 من 173
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.