مضيت .. ولما تمض يومان .. فيهما .. |
أعدنا من الماضي الزمان المجانبا .. |
سكنا معاً .. قلب الرياض .. يضمنا |
إليه بقلب عاش للحب .. لاهبا.. |
رأيتك تفضي (لليمامة) .. داخلا |
فأقبلت صوبي .. إذ لقيتك .. واثبا .. |
فعانقتني .. والشوق باللحظ ناطق |
وأوجزت في اللوم الرقيق .. معاتبا .. |
تقول: .. لقد فر الزمان .. ولم تجد .. |
من الوقت .. ما نلقاك فيه مصاحبا .. |
أجبت .. بهذا قد قضى اليوم .. حظنا |
فحسبك هذا اليوم .. إن كنت حاسبا.. |
فعشنا بصالون (اليمامة) .. نرتوي |
من الفن سحراً .. من فؤادك .. ذائبا .. |
فكنت مصيخ السمع .. سمعاً متابعاً |
وكنت مجيد القول .. قولاً مداعبا .. |
وما كنت أدري .. أو أصدق أنني |
سألقاك نعياً .. في خيالي .. كاذبا .. |
فلا زلت .. بين العين .. طيفاً ملازماً |
أظل أناجيه .. وإن كنت غائبا .. |
ولا زلت .. بين الأذن .. صوتاً أحسه |
صدى عبقرياً .. للحلاوة ناهبا .. |
تسائلني ترديد مطلع "مكتي" |
وتسألني كل القصيدة .. راغبا .. |
وكنت أعانيها لأجلك .. مصغيا |
إليها .. فأنت الشعر.. قولا.. وصاحبا.. |
وإني سأتلوها بصوتي عاليا |
لروحك مهداة .. وما كنت نادبا .. |
سألتك .. هل تمضي معي لصديقنا
(1)
|
فإني إلى ميعاده .. كنت ذاهبا .. |
فقلت: .. لقد كنا لديه .. بأمسنا |
وعشنا بذكراك الندية .. جانبا .. |
وإني أحس الآن .. أني متعب |
وبيت "لميس"
(2)
فيه ألقى المتاعبا .. |
لعلي أنال .. الليل .. بالبيت راحة |
سألقاك في جدا متى عدت .. آيبا .. |
لقد نلتها .. لكن إلى غير عودة |
إلينا .. إلى أن يأتي الغد .. ناعبا .. |
وعدت .. ولكن في طريقك .. عابراً |
إلى مكة .. حيث التقيت الحبائبا!! |
* * * |
أخي .. وصديقي الشيخ .. عزت خلاله |
فما كان يوماً .. للأخلاء .. عائبا .. |
أتذكر؟؟.. لما جئت مكة .. صادياً |
إلى الفكر فناً .. والفنون مذاهبا؟؟ |
إلى الناس .. تشتاق الجلوس .. كرهته |
إذا ضقت بالأقوال .. طالت .. مثالبا .. |
لقد كنت لي الخل الأليف .. محببا |
وكنت لك الخل الوفي .. مصاحبا .. |
فقد جمعتنا طيلة العمر .. بيننا |
قرابة فكر .. فاجتوينا الأقاربا .. |
نلاعب آيات البيان .. نصوغها |
بياناً .. وباسم المرتجيه .. عجائبا
(3)
.. |
نقلد أرباب الفصاحة .. باسمهم |
ندس خطاباً باسم من كان نائبا .. |
عن الصحب من إخواننا .. قاد ركبهم |
فجاء على ظهر الدعابة .. راكبا .. |
فمرت عليه .. لعبة .. لا يجيدها |
ومرت لدينا .. ضحكة الدهر .. لاعبا |
فكنت أسميك "المدردح" .. بعدها |
وكنت تسميني الظريف المشاغبا .. |
وكنت .. وكنا لليالي حفيلة |
أنيس ليال .. عشتها الأمس .. عازبا .. |
تؤانسنا الأشعار شتى .. حبيبة |
لقلبك .. أو قلبي .. منى .. ورغائبا .. |
فعشنا بها نحيا إلى الفجر صادقا |
تقوم إماما .. تطرد الفجر كاذبا .. |
إلى أن قضى بيني وبينك بعدها |
بنا البعد ظمآن الجوانح .. ساغبا.. |
ففرقنا العيش الرخيص لطالب |
حياة خلت مما له كنت طالبا .. |
وجمعنا بعد التفرق .. والأسى |
لدى غربة في مصر .. دهرك شاحبا .. |
وفي مصر .. لم نصبر على اليأس والأذى |
فعدنا .. وأحرقنا .. ورانا .. المراكبا!! |
* * * |
أخي وصديقي الشيخ.. كم عشت سارحاً |
برغمك عن دنيا "المخاليق" .. غائبا .. |
وكم كنت تبدو كالدراويش .. لائذا .. |
بسمتك هذا .. أو بصمتك .. هاربا .. |
لقد كنت بالذهن الحديدي .. ذاكراً |
يصحح . أو يروي الحديث .. مراقبا .. |
فلم تك بالنسيان إلا مرفها .. |
عن النفس .. ترضاه شعاراً مناسبا .. |
أتذكر؟؟ .. إذ أبصرت صورتك التي .. |
أبانتك في ركن الصحيفة .. شائبا .. |
فقلت: من "المخلوق" هذا؟؟ .. أظنه .. فلانا فقلنا: .. أنت قلت: .. عجائبا!! |
* * * |
أخي.. وصديقي الشيخ .. والدوح بيننا |
أطاح .. ومن أغلى الغصون.. الذوائبا.. |
تقصف أغصاناً .. وأسقط بينها .. |
من الغصن أوراقاً .. تعز .. شواحبا .. |
زكاها بأحلام الربيع .. ربيعها |
فراحت بآلام الخريف .. ذواهبا .. |
أريد أطيل القول .. لولا مرارة .. |
بنفسي استقرت .. لا تطيق النوائبا .. |
فكم بين هذا الصدر لحد .. بجوفه .. |
دفنت أعزاء .. لديَّ .. حبائبا .. |
ذكرتك بالقول المردد .. دائماً .. |
على شفة صاغت لديه الغرائبا .. |
فيا أيها "المخلوق" لاذ بخالق .. |
كريم .. سيلقى في حماه رحائبا .. |
فقدناك .. في دنيا المحاماة .. قاضياً |
أريباً .. وفي دنيا الصحافة .. كاتباً .. |
وفي روضة الشعر المغرد .. بلبلاً |
فصيحاً رقيق اللفظ .. جاء مواكبا .. |
يمازج معناه .. تشف .. وحولها .. |
طيوف .. أحاطت بالطيوف .. مواكبا |
أقم بيننا ذكرى . إذا طاق صبرنا .. |
على الذكر صبراً .. قد فقدناه لازبا .. |
وسر في رياض الخلد .. إن بساحها .. |
إليك لشوقاً .. للمسيرة .. واجبا .. |
لحمزة
(4)
.. يخطو بالشباب .. توثباً |
إليك .. فتلقاه بحضنك .. واثبا .. |
وقل .. يا أمان الخائفين .. وإن تكن .. |
عتقت رقاب الخوف .. فانجاب خائبا .. |
فما بعد هذا اليوم .. خوف .. ولا ونى فما عدت بعد اليوم .. للغد .. هائباً!! |