شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة معالي الشيخ عبد العزيز الرفاعي ))
ثم أعطيت الكلمة لمعالي الأستاذ عبد العزيز الرفاعي، حيث قال:
- بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم.
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
- حين أرحب بهذه الزيارة الكريمة، التي يقوم بها الشاعر المهجري الكبير - الأستاذ زكـي قنصل - أجمل ترحيب، فإني أعد هذه الزيارة إطلالة جديدة للأدب المهجري، الَّذي كان له دوره المؤثر في أدباء الحجاز بصفة خاصة، في بدء النهضة الأدبية.. في المملكة العربية السعودية - فقد قرأ فريق من الرواد الأدب المهجري شعراً ونثراً - وتداولوه دراسة ومتابعة، وترك بصماته على بعضهم.. وإن كان هذا لا يعني بطبيعة الحال طغيانه على الشخصية الأدبية المميزة في الأدب السعودي، الَّذي شكلته مؤثرات عدة.. يعود بعضها للتراث العربي القديم، وبعضها إلى التراث المصري عند مشاهير شعرائه وكتابه، والأدب في الشام والعراق بمقادير متفاوتة في نسبة التأثير.. وفي التوزيع بين طبقات الأدباء السعوديين. ولم يكن الأدب المهجري ذا نبرة واحدة.. فمنهم من استغرب فكره - وهذا ما يمثله جبران خليل جبران، الَّذي تأثر بالفكر الغربي تأثراً شديداً - ومنهم من كان وثيق الارتباط بأرومته ووطنه العربي - ونجد ذلك مثلاً عند إلياس فرحات، وإيليا أبي ماضي - ومنهم من تراوح بين الجانبين، مثل: ميخائيل نعيمة.
 
- ومهما يكن الأمر، فإن الأدب في المهجر قد فتن به فريق من الأدباء الرواد.. في مكة وجدة، وتداولوا كتبه ودواوينه، وحاول بعضهم تقليده والسير على نهجه، وذلك لأن الأدب تميز بخصائص معينة أثارت جدلاً كبيراً في الأوساط الأدبية في مصر، حينما أطلق عليه الناقد (سيد قطب) - حينما كان مرتبطاً بالأدب والنقد - اسم الأدب المهموس، وكتب في ذلك مقالات مشهورة، اعترض عليه فيها الناقد الدكتور محمد مندور، ومهما يكن الاسم الَّذي يصح إطلاقه على الأدب المهجري، فإن لهذا الأدب شخصيته المميزة التي لا تنكر، لعل الحنين والشوق إلى الوطن الأم وإلى الأهل والصحب، لعل ذلك فيه أشد ملامحه بروزاً؛ ولعل أبرز ما يمثل هذا الحنين موشحة إلياس فرحات المغناة: (يا عروس الروض) ولا شك أن نغمة الحنين قد اجتذبت أدباءنا الرواد، وللحنين نغمة تشد القلوب المرهفة.
- ولم يكن المهجريون بمنأى عن جراح وطنهم العربي وهمومه، فقد شارك أكثرهم في أصداء الأصوات التي كانت تقع في العالم العربي الكبير، سواء ما كان منها متصلاً بفلسطين - وهي الجرح الدامي في قلب البلاد العربية، وفي قلب كل عربي - أو ما كان متصلاً بوقائع الاستعمار، أو بالفواجع التي كانت تقع في الوطن العربي، فكانت ترتفع أصوات شعرائهم منكرة منددة، بأشهر النبرات، وأقواها وأكثرها حماسة؛ كما أن أصواتهم لم تكن تغيب عن أفراح العالم العربي أو محافله وحفلاته ومناسباته وذكرياته، وكانت هذه الأصوات بينهم لا يفرق بينها طائفية، فهم في السراء والضراء صوت واحد لا نشاز فيه، وكم مدح مسيحيوهم نبيَّ الإسلام بأجمل المدائح.
- وحينما أتحدث عن الأدب المهجري والشعر فيه بصفة خاصة، لا أفرق بين مهاجري الشمال ومهاجري الجنوب؛ فقد كانوا في عواطفهم الجياشة وانجازاتهم وابداعاتهم جهة واحدة، لا تختلف أصواتهم إلا بمقدار ما تختلف أصوات الجوقة الواحدة، ليكون في اختلافها نغم موحد البنية لا يطغى نشازه على انسجام الأصوات وتداخلها؛ إذا كانت البداية في الأدب المهجري قد شكلت طلائع التعلق في الأدب الحديث.. في المملكة العربية السعودية، فقد ظلت الرابط بين أدبائها وذلك الأدب وثيقة.. بعد انقضاء فورة الإعجاب الحميم، الَّذي صاحب ظهور القضية الأولى من طلائع أدب المهجر، وهي عصبة الرواد.
- ومن تلك الروابط، أن المملكة دأبت على دعوة بعض أعلام ذلك الأدب على زيارتها بين الحين والحين، لتدعيم وشائج الحس العربي بين مهد العروبة، وبين تلك الجزيرة العربية التي أقامها أدباؤه وشعراؤه داخل المهجر، ليظلوا على صلة روحية على نحو ما بمنابع اللغة؛ وقد استجاب لتلك الدعوات نفر من كرامهم، كان من أبرزهم الشاعر القروي، الَّذي أحسبه زار البلاد لأكثر من مرة وقد أتيح لي أن ألتقي به، وأن أستمع إليه، وأن أرى شدة ارتباطه الروحي بهذه البلاد.. وكانت لنا معه أسمار وأخبار وأشعار.
- وها نحن نسعد اليوم بزيارة ضيف كبير كريم، من أكثر شعراء المهجر ومن كبارهم ومن أجودهم شعراً.. شعره تميز بالأصالة والسلاسة وأناقة اللفظ، إلى إبداعية الأفكار؛ وقد أحسنت وزارة الإعلام حينما وجهت إليه الدعوة ليكون ضيفها وأتاحت لنا – معشر الأدباء – هذا اللقاء الكريم به، وهو لقاء تاريخي بلا شك، سعدنا به كثيراً، وإنني أرجو أن يكون من ثماره أدب وشعر ونثر، يظل سجلاً مشرقاً لهذه الزيارة، وعلامة مميزة في تاريخ الروابط الأدبية بين المهاجر والوطن الأم؛ وإنني لأتمنى للضيف العزيز طيب الإقامة بين المعجبين بأدبه وشعره، وأن يكون لهذه الزيارة في نفسه أجمل الصدى، وأطيب ذكرى؛ وإننا لنعده سفيراً جديداً يوثق علاقاتنا بالأدب المهجري.. هذا الأدب الَّذي يوشك على الاحتجاب، بعد أن أصبحت الأجيال العربية المهاجرة إلى الأمريكتين أقل ارتباطاً بالوطن الأم، وأكثر انبهاراً بالحياة الجديدة هناك.
- ولقد أسعدني الحظ، فكنت على صلة بالأخوة الأشقاء من آل قنصل.. فكانت بيني وبين الشاعر المهجري الكبير الراحل، إلياس قنصل مراسلات أثمرت طبع ديوانه: "رباعيات مختارة" في السلسلة الشعرية.. وهذا الديوان نشر محلياً، فكانت له سفارة أدبية مثلها هذا الديوان، وهو شقيق للأستاذ زكي قنصل، ولكن لم يتهيأ لي أن أراه، كما كانت لي مراسلات مع شقيقهما الأستاذ: جوزيف قنصل، وراسلني أخوهم الأصغر: "كرم قنصل" من دمشق.. وللأستاذ زكي في رثاء أخيه الشاعر إلياس - الَّذي توفي عام 1981م - مرثية محلقة مطلعها:
لم يغب رغم بعده عن عياني
إنه بين مقلتي وجناني
 
- وينبغي أن يذكر الذاكرون أن للشاعر إلياس ديوان: "النبي العربي الكريم" امتدحه الأستاذ المجمعي: "محمد عبد الغني حسن" وأثنى عليه ثناءاً عاطراً.. ولشاعرنا الكبير زكي قنصل - نفسه - مطولات وقصائد عن فيض مشاعره الصادقة تجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. وكتابه المنزل ومن ذلك ملحمته الرسالة الخالدة.
- من بين ذخائر الأستاذ الضيف الشاعر: زكي قنصل، ديوان: "أشواك بالكاف" وأنا أحب أن أسميه: "أشواق" بالقاف ولكن الحق مع الشاعر، لأن الشوق متى ازداد تحول إلى شوك يسهر ويوخز، ويقيم ويقعد، ولا ينبغي أن نكتم ما تفعل بنا الأشواق أو الأشواك، فلا يعرف الشوق إلا من يكابده.. وهذا الديوان تعنى إحدى دور النشر المحلية بإخراجه قريباً إلى الساحة الأدبية، ليكون تحية وذكرى لهذا الشاعر الكبير ولزيارته.. ولولا ظروف الطباعة والإخراج لكان بين يدي شاعرنا الكبير اليوم، ولكن سنجعل بين يديه تجاربه الطباعية - بروفاته - ليشرف على تصحيحها بنفسه وقلمه - وأخيراً.. لا أجد ما أحييه به وأحييِّ به ديوانه أجمل من تحية الشاعر المهجري الكبير الراحل: "جورج صيدح" حينما قال - هو لسان حالي إلاَّ في كبره -.
يا جامع الشوك من شتى منابته
وحامل الحكمة الغراء للناس
أقسمت لم أر قبل اليوم عوسجة
يفوح منها عبير الورد والآس
 
إلى أن يقول:
بعثت روح زهير في مواعظه
وجئت من حكمة الأعشى بأقباس
لولا الحياء ولولا الكبر يمنعني
ضفـرت شوكـك إكليلاً علـى رأسـي
- وبهذه المناسبة أقول عن وشائج الأدب المهجري في هذه البلاد وإعجابنا به، إنني في بعض تجولاتي في مدينة جدة رأيت شارعاً يحمل اسم: "نسيب عويضة".
- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1139  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 116 من 170
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج