شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذ الدكتور جميل مغربي))
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذه ليلة وفاء بوفاء.. والحب أتى بفارس هذه الليلة من حصن الفروسية وقلعة العروبة وموطن الحب من الشهباء من حلب ولا بد لي من أن أسافر بكم إلى حلب لإزالة لبس قد ران على الأذهان ردحاً من الزمن حين نصف المتنبي بأنه شاعر مداح دون أن نعي حقيقة العلاقة بين أبي الطيب وسيف الدولة قاطن حلب وفارس حلب وقائد حلب، فهو كان يجثم على ثغر من الثغور، لصد هجمات الروم عن بقية المواطن والأصقاع العربية ولا بد من أن أشير هنا لتنبيه كل من سلب أبا الطيب بأنه شاعر مداح لأن سيف الدولة قد شاهد أبا الطيب ينشد شعره في حضرة أبي العشائر فراقه ذلك ودعا أبا الطيب ليقدم في حلب ولكن تأبى ثم عاود الكرة ثانياً حتى توطدت العلاقة فيما بعد بين أبي الطيب وسيف الدولة ونشأت علاقة من الحب بين سيف الدولة وأبي الطيب، فقد كان المتنبي يرى في سيف الدولة صورة الفارس العربي الذي يذوذ عن الأصقاع العربية ويصد هجمات الروم فلذلك وصف تلك المعارك التي وصفها في شعره ومنها قلعة الحدث كما تعلمون، ومن يتأمل هذا الشعر يجد أن العلاقة كانت بين سيف الدولة والمتنبي علاقة توازٍ، عبر عنها كما أشرت فيما سبق المتنبي بقوله:
شاعر المجد خدمه شاعر اللفظ
كلانا رب المعاني الدقاق
والمتنبي حين قدم إلى سيف الدولة اشترط عليه على خلاف بقية الشعراء أن لا ينشد شعراً إلا وهو جالس، لا يقف وأن لا يقبل الأرض بين يديه، وكان له ما أراد، ولذلك حتى حين يتحدث إلى سيف الدولة ويمدحه لا ينسى محاسنه ولا ينسى شاعريته إطلاقاً:
أجزني إذا أنشدت شعراً فإنما
بشعري أتاك المادحون مرددا
ودع كل صوت غير صوتي فإنني
أنا الصائح المحكي والآخر الصدى
كان بهذا الاعتداد وبهذا الاعتزاز وبهذه القيمة العالية والسامية يوازن بين شخصيته الشعرية ومجده الشعري وذلك المجد الذي حظي به سيف الدولة فهو كان يمثل أيضاً وجهة تضاهي الوجهة التي يقوم بها سيف الدولة في إدارة الحكم، فهو يدير الأدب والشعر وسيف الدولة يدير الدولة والحكم هذا ما حدث أيضاً مع ابن العميد كما تعلمون فقد دعا المتنبي ليمدحه فتأبى المتنبي وعزف عن ذلك حتى استجاب في النهاية ويذكر ابن العميد كما تعلمون حين كان يكره المتنبي أنه كان يسعى إلى التقليل من شعر المتنبي، فقال لقد جهدت أن أخمل ذكره فلم تصلني بطاقة تعزية حين توفيت أخته إلا وقد صدرت بقوله:
طوى الجزيرة حتى جاءني خبر
فزعت فيه بآمالي إلى الكذب
حتى لم يدع لي صدقه أملا
شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي
فقال: فعلمت أن الرجل معذور ولا يواجه، أو فيما هو في دائرة ذلك المعنى، حتى فيما بعد انتقل المتنبي ومدح ابن العميد كما تعلمون، أقول ذلك للتعبير عن أن الحب هو العلاقة التي كانت تربط بين المتنبي وممدوحيه، كما أنني لا أنكر أيضاً أن المديح كان هو الوسيلة للذيوع والسيرورة، فلم يكن من وسائل إعلامية أو قنوات لإذاعة هذا الشعر سوى أن يفد الشاعر إلى بلاط أو إلى قصر وأحبذ استخدام قصر الممدوح ليسمع شعره للآخرين فكما نعلم أن النامي كان شاعر سيف الدولة وبلاط سيف الدولة كان مفعماً بالشخصيات العلمية الوأواء الدمشقي النامي بن خالويه وغيرهما من الشعراء والأدباء فحين قدم المتنبي أصبح هو شاعر سيف الدولة، أقول ذلك لأعود إلى ضيف هذه الليلة، فكما أن المتنبي أحب سيف الدولة كما أعتقد أيضاً أنه أحب أخت سيف الدولة وكما يشير محمود شاكر في كتابه عن المتنبي، فإن ما أتى بضيفنا إلى هذه البلاد هو الحب، لقد حلق وقدم إلينا على جناحيه من الحب والعلم فكانت رسالته العلمية عن الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية وكانت إطلالة في زمن سحيق على أدب هذه البلاد، وقدم أيضاً للإسهام بالتدريس في جامعات المملكة، وكان لي شرف مزاملته حين كنت محاضراً في جامعة الملك عبد العزيز كلية الآداب قسم اللغة العربية وشاركته أيضاً في مؤتمرات علمية، أذكر مجلدات الدكتورة سعاد الصباح في تكريم سمو الأمير عبد الله الفيصل، والاحتفالية التي أقيمت في أبها وكان لي شرف أيضاً المشاركة في إدارة ندوة من الندوات، وزميلنا الدكتور عبد الله المعطاني كان يضطلع بهذه المسؤولية في هذه المناسبة واليوم يعود إلينا..
أسأل الله أن يمد في أجله وينسأ فيه وأن يمنحه ويحبوه الصحة والعافية لكي نلتف حوله وتظل مسيرة الاثنينية قائمة إلى ما شاء الله، أقول حين ذهب المتنبي إلى ابن العميد بعد أن رضي عنه قال:
تركت دخان الرمث في أوطانها
طلباً لقوم يوقدون العنبر
لكنني سأقف على الاستهلال لأخاطب به الضيف في هذه الليلة ولا أود أن استطرد في ذكر مزاياه فالحب أحياناً يلجمني على الاستفاضة ومشاعري تجبرني على إتاحة الفرصة للآخرين للتحدث في إسهاماته وإنجازاته العلمية وهي من الكثرة بحيث سيتحدثون عنها جملة من الزملاء وجملة من الأساتذة الأفاضل لكن أقول:
باد هواك صبرت أم لم تصبر
وبكاك إن لم يجر دمعك أو جرى
عريف الحفل: الكلمة الآن لصاحب الفضيلة فضيلة الشيخ محمد علي الصابوني خادم الكتاب والسنّة والأستاذ في جامعة أم القرى سابقاً والعلاّمة المعروف.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :909  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 129 من 242
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.