شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نفاد الذخيرة
أخي محمد عمر
بين يدي 20 صحفة في دفتر مدرسي من دفاتر بناتي، كتبتها رداً على خطابك الذي كتبته إليَّ يوم زيارتك لمصنع حلويات.. محمد نور جمجوم. وقد كلفني الرد رحلة إلى معمل تكرير السكر بالحوامدية، والقيام بجولة "زمخشرية" استهلكت يوماً "بحاله!"..
وظلت رسالة الرد تحت "التبييض" كل هذه المدة، مع تجدد الإصرار يومياً وليلياً على إنجازه.. حتى غلبني اليأس، وغلب العيال، فنزلوا فيها تفريقاً وتمزيقاً..
أتعرف قصة القائد العسكري الذي خسر المعركة لعشرة أسباب! أعفاه الحاكم العسكري من ذكر 9 حين ذكر أولها!.
إنها قصتي أيها الصديق الحبيب.. نفاد الذخيرة أفندم! ثم (9) أسباب أخرى، ليس نفاد الذخيرة أهمها ولا ألعنها، ولكنه أوَّلها في السياق فقط.
ولا بد أن سوء الظن بي قد ملأ نفسك هياماً بلعنة ماضي علاقتنا.. وامتدادها.. هذا الامتداد "الزوجي؟!"، الذي لا يعطي الحياة، ولا يأخذها، وإنما يتركك في حالة من الالتواء.. والعسر.. تشبه حالة المصاب بالفتاق! لا هي مرض يقتل، ولا صحة تستقيم.
ولا شك أنك أخذت غايتك في هذا الهيام ومنه.. وهذا نصيب من الحرية والانطلاق يحسد عليه العقلاء المجانين، والأصحاء المرضى، وأغبطك على أن الله سبحانه وتعالى قد أتاح لك حظك منه على حساب قفاي، كما كُتب لي في يوم قريب أن "أتمرطح" على قفاك "محفزاً" و "مسلتاً" و "مستكرشاً" و "مستكبداً" لمجرد أن نَفَسْ العلاقة "الأخوية" كان ما يزال يتردد بين النقابة -ثم التيسير.. والنيابة بما يستلزم ضرورة التسليم بوجودها ولو اعتباراً..
يسرني أن أعرف المزيد عن أحوالك فأنا أعرف أن موقفك سيتغير كثيراً.. بعدما تم من انتقال العامل.. أو تحوله. والذي أرجوه أن يكون التوفيق حليفك.
ما يزال الطنين في أذني متصلاً يشتد. العودة. العودة. فقد كرهت مصر وما فيها كراهية تتصل فيها النتيجة بالسبب.. ولولا أن قطع تعليم العيال، أو استمراره "داخلياً" في حالة انتقالي وحدي، قرار يجب أن لا يمليه التسرع، لما بقيت حتى اليوم على ما يشبه الخوازيق أو يفوقها.. إنها حياة مهدرة من جميع وجهات النظر إليها على اختلافها..
أين أصدقاؤنا؟ وما فعل الله بهم معك أو معك بهم؟ أوَليس لديك ما يقال إلاّ هذا الحديث "السكري"، يا "حلو" عن المصنع وجوّه؟ وماذا عن نجاح "دكاكين" أو "بيبان" وهل توسعت.. فيه أم ظل على حاله؟
هل يمكن الحصول لي على قطعة أرض 50 ×50 أو نحوها تصلح لبناء فيلا لسكناي والأطفال إذا عدت وأين موقعها؟ والقيمة؟ ورأيك؟
ماذا كان نصيب قصتك. ولماذا لا ترجو الناشر أن يهديني أو يبيعني نسخة منها لأنني لم أقرأها، ولم أرها مطبوعة، حتى الآن، وإنما سمعت ممن سمع، ممن عرف، ممن قرأ، أنها طبعت ولم يوزع منها هنا غير الهدايا.. ليت اللعنة تجوز.. ولكن لا، فما تزال لبعض الكلمات حرمتها "وعوضي على الله -وعليك!-" في جهد التصحيح..
وبعد، فما هي القصة التالية لأستعد لكتابة مقدمتها من الآن.
وبهذه المناسبة، لقد كان نصف رسالتي المسوّدة ملاحظات عن القصة، يمكن أن تعتبر مؤخرة لها.
أنا الآن أكثر تردداً على السفارة والقنصلية من أي وقت سابق. وقد أتاح لي هذا أن ألاحظ الفارق الكبير بين ما تستطيع أن تحققه حيوية السفير من فائدة لبلاده.. وبين سفير أقل حيوية.. إن الزائر المعتاد يشعر بأن هناك تجديداً.. وحركة.. ونشاطاً، لم تكن، كلها أو بعضها طابعاً مميزاً لمن في المكان وما فيه..
لم أرد بهذا إلاّ أن أسرُّك، ومن ناحية أخرى لأشعرك بمقدار الخطأ في.. عدم تشبثك بالانتقال إلى مصر في هذه الفرصة. إني أعتقد أن من الممكن إصلاح هذا الخطأ في أية مناسبة من مناسبات الانتقال.
أرجو أن لا تكتب إليَّ رسائل تفيض بالتحفظ.. فإن مما يؤلمني أن يكون البعد من أسباب إشاعة الانقباض بيننا.
إلى اللقاء، ودمت،
أخوك حمزة شحاتة
 
طباعة

تعليق

 القراءات :548  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 86 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.