شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وَا إسْلاَمَاهْ؟!
وهذه لفحة شعريّة صالية من قلب شاعر مكلوم ـ تصوّر حالة الأمّة الإسلامية وما آلت إليه من انفكاك واندحار وشتَات وانكسار ممّا مكّن لقوى الشرّ الانقضاض عليها في عقر دارها ذؤباناً مسعورة شرسة على مسمع ومرأىً من العالم المؤتزر بثوب حضارة المادة المجرّدة من الحسّ والأخلاق وحقوق الإنسان..
أهديها إلى أحفاد الأحفاد في الأجيال القابلة علّها تكون أصدق حسًّا وجسًّا منّا فتفعل ما عجزنا عن فعله..
وذاتَ يومٍ رأيتُ الجَوَّ مَكْتَئِبَاً
يُعمِّقُ الحُزْنَ غَاباتٍ من السَّأَمِ
وينشرُ الخَوْفَ في الأَجْواءِ مُكْتَسحاً
شُمَّ الجِبَالِ كبُركانٍ من الحُمَمِ
يُثيرُ في السَّفْحِ أصواتاً مُجَلْجِلَةً
تُصَوِّرُ الرُّعْبَ أُخْدوداً من الظُّلَمِ
والرِّيحُ تَخدِشُ نَبْضَ الهَمْسِ جَائِرَةً
على المَرافِىءِ ـ إعْصاراً من الضَّرَمِ
والبحر يُلقي بأَمْواجٍ مُبَعْثرةٍ
تُحوِّلُ الشَّطَّ أطلالاً من الرُّسُمِ
شاهدتُ فيه تَباريحي ومَوْجِدَتي
وكلَّ ما فيَّ من طَفْحٍ ومن كَلَمِ
حاولتُ أعبرُ شطَّ اليَمِّ مختفياً
أقاومُ المَوْجَ بالتَّجديفِ في العَتَمِ
أُقارِعُ الرِّيحَ في عَزْمٍ فيغلِبُني
عَصْفُ الرِّياحِ بما يُلقيهِ مِنْ رِمَمِ
يَمَّمْتُ أركضُ للشطآنِ في حَذَرٍ
أرجو النَّجَاةَ لما في النفسِ من بَرَمِ
رمى بِيَ الموجُ في دنيا مغلَّفةٍ
بالزُّورِ ـ بالسَّقْطِ ـ بالإِحْباطِ.. بالوَجَمِ
شاهَدْتُ فيها أَمَانِيَّ التي يَبِسَتْ
لِمَا أُعَانِيهِ من كَبْحٍ ومن صَلَمِ
أشكو الزَّمَانَ وليلاً طالَ مَرقَدُهُ
يوحي إلى النفسِ بالتَّنْميلِ في القَدَمِ
نَوَابِضُ الحِسِّ قد جفَّتْ رَوَافدُها
فَاسْتَهْنَأَ النَّاسُ عَيشَ الذُّلِّ كالرَّخَمِ
كأنَّما المرءُ لا حِسٌّ يُحرَّكُهُ
صَوْبَ الفَضيلَةِ والإِحْسَاسِ بالقِيَمِ
مَنْ يَجْرَعِ الذُّلَّ كَأْساً غيرَ مكترثٍ
بالمرِّ فيه مَذَاقاً غيرَ ذي طَعَمِ
يلْقَ الهَوَانَ ويَرضَ كُلَّ مُخْزِيةٍ
في غير حسٍّ.. ولا نُبْلٍ ولا كَرَمِ
ويلعقُ الصَّاب في مُرٍّ بلا مَضَض
ولا يُحِسَّنَّ نَزْفَ الجُرْحِ من وَرَمِ
وإخْوَةُ الدِّينِ في الأَمْصَارِ يَمْحَقَهُم
بَطْشُ الطُّغاةِ على مَرْأىً من الأُمَمِ
ما بالُنا اليومَ لا تَسْخو رجولتُنا
نَصُدُّ بأساً بَسَيفِ الحَقِّ والقَلَمِ
نَسْتَنْهِضُ العَزْمَ لا نَخْشَى مُبارَزةً
شُلّتْ يَدُ القَمْعِ للهَامَاتِ والهِمَمِ
قد كان بالأمسِ في أعطافنا أَلَقٌ
يُجذِّرُ الحُبّ بالإجماعِ في الكَلِمِ
يستنطقُ الصَّحْوَ في أعماقنا وَهجاً
ويبعثُ الخوفَ في الطَّاغينَ كالرُّجُمِ
واليوم صِرْنا من الإخْذاءِ في وَجَلٍ
نستعطفُ الخَصْمَ بالإسراعِ في الدَّعَمِ
والعالمُ الكُفْرُ لا ينوي مآزرَةً
وليس نَأْمُلُ ما يُفْضي إلى العَشَمِ
ونحن قومٌ أَضَعْنا أهلنا سَفَهاً
وليس فينا ثَقيفُ الرَّأْي والحِكَمِ
((القُدْسُ)) تشكو وما في السَّاحِ ((مُعْتَصِمٌ))
يقول ((لبَّيْكِ)) يا ((قدْسَاهُ)) في شَمَمِ
وليس في السَّاحِ مَنْ يُصغي لصرختِها
يهبُّ كالرِّيح سبَّاقاً إلى الحَرَمِ
كأنَّما النُّغْلُ والأَحقادُ تَنهَبُنا
وليس فينا ((صَلاحُ الدِّينِ)) ذو الشِّيَمِ
هل دَمْدَمَ اليَأْسَ في أَجْنَابِنَا مَلَلاً
واغْتَالَنَا الحَبْطُ بالتَّمْزيقِ والصَّرَمِ؟
أم أنَّه الخِزْيُ لا نَدري بَوَاعِثَهُ
قد صفَّدَ الجَأْرَ بالإِكْباتِ والصَّمَمِ
وفي ((سَراييفو)) نَرَى دَحْراً لأمَّتِنَا
وحَربَ ((تَنْصير)) وزِلْزالاً من الحُطَمِ
يَسْتبدلُ العِزَّ في تاريخنَا نَزَقاً
وينشر البَغْيَ والإفْسادَ في الأَدَمِ
يَدُكُّ أهلاً لنا في الدين إخوتُنا
من غير ذنبٍ جَنَوْا ـ يا وَكْسَةَ الذِّمَمِ
((الصِّرْبُ)) جاثوا دياراً كُنَّ آمِنَةً
ولوَّثوها بِهَتْكِ العِرْضِ والحُرُمِ
واليوم نشكو ((بكوسوفا)) وما جلبتْ
مخالبُ الغَدْرِ من ذُلٍّ ومن كَدَمِ
وعالمُ الكُفْرِ في أَنْيابِهِ سَعَرٌ
يُحارِبُ الدِّينَ إسْقاطاً كَمُتَّهَمِ
وإخوةُ الدينِ في ((الشِّيشانِ)) تَحْصُدُهم
مَنَاجِلُ البَغْيِ حَصْدَ العُشْبِ بالجَلَمِ
ما بالُنا اليومَ لا نَقْوَى مُنازَلةً؟
هل أصبحَ العزمُ مَشْلولاً من الدَّسَمِ؟
أم أنّه الجبْنُ والإهْطَاعُ يَنْهشُنا
أينَ البطولاتُ للأجدادِ من قِدَمٍ؟
والمسلمون بأعدادٍ مكثَّفةٍ
وليس فيهم أَبِيُّ النفسِ والهِمَمِ
غابوا عن الدينِ فاندكَّتْ معاقِلُهُمْ
واستحكَمَ الضَّعْفُ في الأعماقِ كالسَّقَمِ
أمْسَوْا من الهَوْنِ أجساماً مجوَّفَةً
تطفو على الماءِ أشلاءً من اللَّمَمِ
يا خِسَّةَ النّفسِ إِنْ أقْعَتْ ركائبُنا
عن المَسيرِ إلى العَلْياءِ والقِمَمِ
واجْتاحَنَا الخَوْفُ في عَزَماتِنَا شَطَطاً
يُخَدِّرُ النَّفْسَ بالإِذْعَانِ للسَّلَمِ
يَا وَصْمَةً العَارِ في هاماتِنَا خَجَلاً
ممَّا نُواريهِ مِنْ سَوْءاتِ مُنْهَزِمِ
قد شُرِّدَ الأهلُ والأبناءُ في صَلَفٍ
واستنسرَ الفَأْرُ تيَّاهاً على النُّجُّمِ
يصولُ بالغدر فتَّاكاً بِوَحدَتِنا
يُبَرْكِنُ الرُّعْبَ في الأمصارِ والتُّخُمِ
والمسلمونَ على شُعَبٍ مُمَزَّقةٍ
((اللَّهُ أكبرُ)) كَمْ في النفسِ مِنْ أَلَمِ؟!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :682  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 75
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج