شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 3 -
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الفلسطيني (1) يقول):
الفلسطيني(1): وصلنا ياقوم ..وصلنا مرحبا بكم بين اهلكم وفي وطنكم
اصوات: مرحبا.. مرحبا.. أهلاً.. وسهلاً.. مرحبا..
صرواح: يا معشر اليبوسيين.. يا معشر اليبوسيين أميركم يأمركم بالنزول في هذا المكان.. فانزلوا على بركة الله..
اصوات: مرحبا.. مرحبا.. أهلاً.. وسهلاً.. مرحبا..
(موسيقى مختلطة بين اصوات النازلين ورغاء الابل وقعقعة السلاح ووقع حوافر الدواب تسمع بعدها صوت الشماء تقول):
الشماء :استقبال رائع يا زرود ماكنت اتوقعه
أصوات: مرحبا.. مرحبا.. أهلاً وسهلاً.. مرحبا..
زرود: إنهم عرب مثلنا يا سيدتي.. لقد أحسن والدك إليهم فنجاهم من قطاع الطريق ولصوص الليل وضحّى ببعض رجاله في سبيلهم.. أليس الواجب يفرض عليهم رد الجميل على الأقل..
الشيماء: بلى.. يا زرود.. بلى.. ما أحسن المناخ والموقع. فمن الذي اختاره؟
زرود: علمت أن الفلسطينيين اللذين كانا معنا هما اللذان اختارا هذا المكان.
الشيماء: إلهي اجعله دار أمن واستقرار.. وطمأنينة وسكينة..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت (الشماخ) يقول ):
الشماخ: إني لأتساءل يا (صرواح) ما الذي دعا الأخوين الفلسطينيين إلى تسمية أنفسهما بالفلسطينيين مع أنهما عربيان..
صرواح: إنهما عربيان من القبائل القاطنة في شمال الجزيرة هذا ما فهمت منهما..
الشماخ: ولكن لماذا أدعيا أنهما فلسطينيان؟
صرواح: لا أدري يا سيدي.. لا أدري..
الشماخ: صرواح.. انظر.. إني أرى أحد الفلسطينيين قادماً إلينا..
صرواح: لقد جاء في وقته.
الشماخ: أجل.. أجل..
الفلسطيني: طاب يومك أيها الأمير..
الشماخ: ويومك أيها الأخ العربي.. ولكن لماذا أقول لك عربي وأنت تأنف من هذا الاسم.
الفلسطيني: لا قدّر الربّ أيها الأمير..
الشماخ: مررنا في طريقنا إلى هذا المكان ببلاد العمونيين والآدمويين وسمعنا عن المؤابي وهذا المكان الذي نحن فيه يسمى بلاد الكنعانيين.. فلماذا أيها الأخ تصر على أن تسمي نفسك بالفلسطيني.
الفلسطيني: أيها الأمير.. إن هذه البلاد بلاد الكنعانيين والبلاد التي مررت بها أو سمعت عنها هي للعمونيين والآدمويين والمؤابين وهم عرب كالكنعانيين.
الشماخ: ولكن لماذا تسمي نفسك بالفلسطيني؟
الفلسطيني: الفلسطينيون أيها الأمير قوم جاؤوا من سواحل البحر الأبيض وهم ليسوا عرباً..
الشماخ: بل قل هم مغتصبون.
الفلسطيني: أجل وقد سكن الفلسطينيون المغتصبون في القسم الجنوبي الغربي من بلاد الكنعانيين أي في البلاد الواقعة بين بلاد الفراعنة والكنعانيين.
الشماخ: نعم وبعد..
الفلسطيني: وكانوا أهل حضارة وعلم وخبرة بالتجارة ونقل البضائع التي ترد في الهند عن طريق الجزيرة العربية وشحنها بالبحر إلى الممالك التي تقع على هذا البحر..
الشماخ: تقصد البحر الأبيض..
الفلسطيني: أجل.. وأنشأ هؤلاء المغتصبون مدناً كبيرة ازدهرت بالتجارة منها:
اسدود، وصقلان، وغزّة..
الشماخ: سرد تشكر عليه لتاريخ الغاصبين.. ولكن أنت كيف تسميت باسم المغتصبين هذا ما نحب أن نعرفه.
الفلسطيني: كان والدي يشتغل مع الفلسطينيين وكنت أرافقه في سفراته عبر الجزيرة العربية وأنقل معه التوابل والعطور الهندية إلى هذه البلاد..
الشماخ: فسميت بالفلسطيني بينما أنت عربي.. أليس كذلك؟
الفلسطيني: بلى يا سيدي.. أبي من شمال الجزيرة وأمي من العمونيين..
الشماخ: سأطلق عليك منذ اليوم لقب الكنعاني..
الفلسطيني: إني أعتز بهذا اللقب وأفخر أيها الأمير..
الشيماء: لقد بعث والدي كتاباً مع (صرواح) إلى ملك الكنعانيين في (مجدّو) يستأذنه في السكنى بهذه المنطقة ويطلب منه اقطاعه إياها..
زرود: وهل سافر معه الفلسطيني يا سيدتي كما كان يقول؟
الشيماء: نعم يا زرود.. لا تقولي لي بعد اليوم الفلسطيني بل قولي (الكنعاني) فقد سمّاه والدي هكذا..
زرود: لقد أرجعه والدك إلى أصله الذي يجب أن يعتز به..
الشيماء: بلى يا زرود بلى.. شيء غريب وعجيب.. أن يشيع اسم الغزاة المغتصبين ويعرف هذا القسم من بلاد الكنعانيين بفلسطين..
زرود: إن مدنَّيتهم يا سيدتي المستمدة من حضارة اليونان العظيمة وحذقهم للتجارة والملاحة هو الذي صيغ القسم الجنوبي الغربي من بلاد الكنعانيين باسمهم..
الشيماء: يا ليت أهلنا الكنعانيين أوتوا من المدنيَّة والحضارة مثلما أوتي هؤلاء المغتصبون..
زرود: إن وجود الكنعانيين في هذا الممر المعرض للغزاة والفاتحين والطامعين هو الذي أخر تقدم الكنعانيين في مدارج الحضارة والتمدن..
الشيماء: بلى يا زرود بلى.. إنهم ما يكادون يتخلصون من غازي أو مغتصب حتى يفاجأوا بآخر أشد منه عتواً وقساوة..
زرود: انظري إلى أبناء عمك الفينيقيين إنهم ينعمون بحياة استقرار ورقي وتمدن.. كما أن لهم تجارة ناشطة على البحر الأبيض..
الشيماء: أجل ذلك لأنهم بعيدون عن هذا الموقع الخطير.. ممر الغزاة والفاتحين.
زرود: أجل يا سيدتي أجل.. ستكون مواكب الضحايا طويلة وطويلة جداً يا فلسطين.
الشيماء: صدقت يا زرود.. صدقت..
الملك: مرحباً برسول ابن العم.. كيف حاله.. لعلّه بخير.. هو ومن معه..
صرواح: إنه بخير هو ومن معه أيها الملك وهو عازم على القدوم للسلام عليكم حالما يرتب أمور العشيرة ويطمئن على مقامهم وهذا كتاب منه إليكم.
الملك: هاته..
الملك: إن طلب ابن العم مستجاب يا صرواح فالأرض أرضه والبلاد بلاده والأهل أهله كما أنه ليس لدي أي مانع من إنشائه مدينة في الأرض التي اختارها لسكنه مع عشيرته.
صرواح: شكراً لك. أيها الملك العادل. أطال الله عمرك ونصرك على أعدائك وجعل عهدك الزاهر طالع يمن وسعد.
الملك: بلغ ابن العم أننا ننتظر قدومه إلينا حالما يفرغ من تسوية أمور عشيرته.
صرواح: أمرك يا مولاي.
الملك: أيها الخازن.. اجزل العطاء لرسول ابن العم وزوّده بالهدايا اللائقة بابن العم وبالمال الذي يسد حاجته.
الفلسطيني: سمعت أن استقبال ملك الكنعانيين لك كان فوق ما ينتظر.
صرواح: أجل أيها الأخ الكنعاني واسمح لي أن أخاطبك بهذا الاسم الذي اختاره أميرنا لك.
الفلسطيني: رضيت بما اختاره الأمير.. وكان اختياراً في محله.
صرواح: لقد أعجبت جداً بهذا الملك.. أحسن لقاءنا وأكرمنا منتهى الإكرام.
الكنعاني: وليس جميع ما طلبه الأمير..
صرواح: أجل أيها الأخ الكنعاني ولم يكتف هذا المليك بأن وهبنا هذه الأرض أعطانا الخيار نتملك حيث نشاء ونبني حيث نريد.
الكنعاني: إنه منتهى الإكرام يا (صرواح) ولئن دل ذلك فإنما يدل على مكانة أمير اليبوسيين عند ملك الكنعانيين.
صرواح: صدقت يا أخي: صدقت.
الكنعاني: لقد اقتربنا من منازلنا يا صرواح.. إني أشم عبير الأهل والولد.
صرواح: وأي شيء أحلى وأزكى من رائحة الأهل والولد..
الكنعاني: أليس لك أولاد يا صرواح..
صرواح: لا يا أخي لم أتزوج بعد.
الكنعاني: إنك في زهرة شبابك يا صرواح وآفاق الزواج واسعة أمامك..
صرواح: شكراً لهذا الإطراء.. والزواج يا أخي قسمة ونصيب.
الكنعاني: ولكنه أمر لا مفر منه..
صرواح: صحيح ولكن وقته لم يحن بعد..
الكنعاني: عسى ألا أكون أثقلت عليك بحديثي هذا؟
صرواح: لا يا أخي بالعكس لقد أمتعتني بحديثك في طريقنا الطويلة..
الشماخ: طال غياب (صرواح) يا بنتي.. وأخشى ألا يكون قد حالفه التوفيق في مهمته..
الشيماء: لو وقع ما توَّجست به يا أبتاه لجاءك صرواح منذ أيام.. ثم إن أخبار السوء لا تخفى..
الشماخ: صحيح يا بنتي.. شائعة السوء تنتشر بسرعة هائلة..
الشيماء: ما هي الأخبار عن بلاد الأحقاف يا أبتاه.. أما زال الناس هنالك يكابدون ويلات القحط والجدب..
الشماخ: الأخبار سيئة.. والناس هناك في كرب شديد وهجرته إلى الشرق والشمال والغرب متتابعة.. وقد يأتي اليوم الذي تسمى فيه بلاد الأحقاف (بالربع الخالي)..
الشيماء: هذا جزاء من يكذب - رسل الله وأنبياءه..
الشماخ: نعم يا بنتي نعم.. وقد عزمت عندما يهبني ملك الكنعانيين أن يكون أول عمل أقوم به هو..
الشيماء: هو ماذا يا أبتاه..
الشماخ: هو بناء مسجد نعبد الله فيه.. فقد رأيت سكان بلاد الكنعانيين يعبدون الأصنام ولا يعلمون شيئاً عن الرسل والأنبياء..
الشيماء: نعم ما تفعله يا أبتاه ويجب أن ندعو الناس هنا إلى عبادة رب (هود) وترك هذه الأصنام..
الشماخ: سنفعل يا بنتي سنفعل..
الشيماء: ولكن هل وجدت المكان الذي يصلح لأن تعمر عليه مسجداً يا أبي؟
الشماخ: بلى يا بنيتي بلى..
الشيماء: أين أين؟
الشماخ: تعالي معي تعالي.. انظري إلى الصخرة التي على رأس قمة هذا الجبل.. أترونها؟
الشيماء: أجل يا أبتي.. أجل..
الشماخ: سمعت ممن يسكنون في القرى المجاورة لنا يتحدثون أن نبي الله إبراهيم أتى بولده اسحق إلى هذا المكان ليضحي به وأنها الصخرة التي كلم الله النبي يعقوب عليها..
الشيماء: مكان مشرف وموقع رائع يا أبتاه ولكن..
الشماخ: ولكن ماذا؟
الشيماء: هل سنظل نسكن الخدور والخيام يا أبي في هذه البلاد الباردة حيث الأمطار والثلوج.
الشماخ: لا يا بنيتي لا.. إني أفكر في إنشاء مدينة..
الشيماء: تسميها ماذا يا أبتاه..
الشماخ: اسميها (يبوس) باسم عشيرة اليبوسيين..
الشماخ: اسم جميل جداً.. أطال الله عمرك يا أبي ووفقك لما فيه الخير والصلاح.
زرود: سيدي.. سيدي..
الشماخ: ما وراءك يا زرود؟
زرود: البشرى.. البشرى.. وصل (صرواح) ورفيقه مصحوبين بقافلة محملة بالهدايا لسيدي من ملك الكنعانيين.
الشماخ: بشرك الله بالخير يا زرود.
صرواح: السلام على مولاي الأمير..
الشماخ: وعليك السلام.. مرحباً بك.. يا مرحباً.. هات ما وراءك..
صرواح: الخير كل الخير يا مولاي.. استقبلنا ابن عمك أجمل استقبال وأكرمنا غاية الإكرام وهذه رسالة منه إليك.
الشماخ: أجل لقد كان عند أملي الكبير فيه جزاه الله عنا كل خير.
زرود: كانت الجمال تنوء بالهدايا النفيسة التي بعث بها ملك الكنعانيين إلى سيدي الأمير..
الشيماء: إنه عطاء ملوك يا (زرود)..
زرود: ولكنه عطاء سخيّ وكبير وسيدي الأمير يستحق هذا التكريم وقد لاحظت يا سيدتي..
الشيماء: لاحظت ماذا؟
زرود: لاحظت أن هداياه إليك كانت أفخر الهدايا وأفخمها..
الشيماء: وماذا في ذلك عمّ يهدي ابنة أخيه..
زرود: ولكني فهمت؟
الشيماء: فهمت ماذا؟ أراك تتكلمين بالألغاز يا زرود.. فهمت ماذا؟
زرود: سيدتي أستسمحك العفو لأني لا أستطيع أن أكتم عنك أي شيء..
الشيماء: أشكرك.. قولي.. إذن ما في جوفك.
زرود: فهمت من (صرواح) إن ملك الكنعانيين أرسل يخطبك من أبيك لابنه. ألم يفاتحك سيدي الأمير في هذا؟
الشيماء: لا ولكنه فاتحني في أمر آخر.
زرود: ما هو سيدتي.. قولي..
الشيماء: قال:
زرود: قال ماذا؟
الشيماء: أراك عجلة يا زرود.. اهدئي واسمعي..
زرود: أمرك مولاتي.
الشيماء: قال إن صرواح خطبك من أبي الذي أمرني أن أسألك رأيك قبل أن يبت في الأمر..
زرود: صرواح سيدتي.. صرواح إنه.. مني النفس ومنتهى سؤلها..
الشماء: لقد أحسن (صرواح) إذ اصطفاك وأحسنت إذ اخترته بورك لكما.. بورك لكما.
زرود: وأنت يا سيدتي أأستطيع أن أقول..
الشيماء: قولي..
زرود: مبروك يا سيدتي.. مبروك..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1157  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 54 من 65
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.