شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 4 -
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت (الشماخ) يقول):
الشماخ: يا قوم! لقد علمتم بعطاء منك ملك الكنعانيين وسماحه لنا بالتوطن وإشادة مدينة في أي مكان..
أصوات: مرحى لملك الكنعانيين.. مرحى للأمير.. مرحى.. مرحى..
الشماخ: وقد اخترت هذا المكان لابني عليه مدينة سأسميها (يبوس)..
أصوات: بوركت (يبوس).. بوركت (يبوس).. أحسنت الاختيار أيها الأمير..
الشماخ: وسأبني مسجداً فوق الصخرة التي على قمة هذا الجبل المقدس.
أصوات: مرحى للأمير.. مرحى.. مرحى..
الشماخ: يا معشر اليبوسيين.. بوركتم شكراً على هذه العواطف المتدفقة وهذا الحماس الرائع.. والآن..
أصوات: الآن ماذا أيها الأمير..
الشماخ: انتخبوا من بينكم الرجال الأشداء والصناع الماهرين ولنبدأ العمل على بركة الله..
أصوات: على بركة الله..
الشيماء: ما أروع تظاهرات الحماس الذي تجلى في أجمل صورة بين صفوف عشيرتنا فقد أقدموا صغاراً وكباراً نساءً ورجالاً على العمل في تشييد مدينة (يبوس)..
زرود: إنهم يشيدون يا سيدتي لأنفسهم ولمن يأتي من بعدهم..
الشيماء: صدقت يا زرود.. إن هذا الاندفاع والإقبال المنقطع النظير على العمل يبشرني بمستقبل باهر لهذه المدينة..
زرود: اسمعي يا سيدتي أصوات معاولهم وفؤوسهم وأغانيهم وأهازيجهم..
الشيماء: إنها الفرحة يا زرود تتردد في قلوبهم فتنطلق على ألسنتهم أنغاماً شجية حلوة..
زرود: أجل يا مولاتي أجل.. كل شيء يصادف هوى في النفس لا يملك لسانه المرء إلاَّ التعبير عنه من دون شعور أو إرادة..
صوت صادر من مكان سحيق: يبوس.. يبوس.. باركك الإله القدوس.. وحرسك من مكائد المشركين والمجوس يستشرق شمس قداساتك على الدنيا بأسرها فتهتف بخلودك الأجيال على كر الدهور ومر العصور..
(موسيقى مختلطة بمعاول وفؤوس وأغان وأهازيج العمال المنهمكين في بناء مدينة (يبوس) وأخيراً نسمع صوت (الشماخ) يقول):
الشماخ: إن العمل يسير على ما يرام يا صرواح..
صرواح: صفت النية وخلصت الطوية، ووضحت معالم الهدف والغاية وستكون (يبوس) عطاء غير ممنون من لدن إله كريم رحيم..
الشماخ: يا إله (هود).. يا من تعلم ما ننشر وما نبطن. لقد بنيت بإرادتك ومشيئتك هذه المدينة فاكلأها يا إلهي بعين عنايتك وجنبها ويلات الكوارث والمحن..
صرواح: والمسجد متى ستعمره أيها الأمير..
الشماخ: حالما أفرغ من تشييد مدينة (يبوس)..
صرواح: سيكون موقعه جميلاً ورائعاً أيها الأمير.. ذلك لأنه سيتوسط قمة هذا الجبل الأشم..
الشماخ: أجل.. أجل.. يا إله (هود) أعني.. وامنحني القوة والعون..
فريوان: أسمعت بمدينة (يبوس) التي أنشأها أمير اليبوسيين..
جذعان: إنهم يتحدثون كثيراً عنها في (ربة عمون) يا فريوان..
فريوان: ونحن في (مؤاب) ليس لنا حديث إلاَّ عنها يا (جذعان)..
جذعان: يلوح لي أن أمير اليبوسيين ذو عزم وجرأة وإقدام..
فريوان: كيف عرفت هذا يا جذعان..
جذعان: إنه غريب عن هذه الديار.. إنه من جنوب الجزيرة.. استطاع بعد فترة وجيزة من وصوله أن ينشىء مدينة في موقع مقدس.. وأن يخرج بقومه من حياة الخيام والخدور إلى حياة المنازل والقصور..
فريوان: إنه ليس غريباً عن هذه الديار أيها الأخ العموني.. إنه كما علمت ابن عم ملك الكنعانيين..
جذعان: إنك تزيد في تقديري واحترامي لهذا الأمير.. أيها الأخ المؤابي..
فريوان: كيف يا جذعان كيف؟
جذعان: كان بوسع هذا الأمير أن ينزل ضيفاً عزيزاً مكرماً على ابن عمه ملك الكنعانيين وفي أي مدينة من مدن الكنعانيين المنتثرة على طول البلاد وعرضها…
فريوان: بلى.. بلى..
جذعان: ولكنه يدافع عن عزمه واقتداره آثر أن يبني بكده وجهاده هو وأبناء عشيرته مدينة يتحدث الناس عنها في مؤاب وعمون..
فريوان: لقد فتح سوقاً جديداً لمحصولاتنا الزراعية والحيوانية بظهور مدينة (يبوس) إلى الوجود..
جذعان: والشيء العجيب في هذا الأمير أنه يدين بدين غير الذي ندين به.. ولا يعترف بآلهتنا التي نعبدها.. حتى آلهة بني عمه الكنعانيين يكفر بها..
فريوان: ولكن كيف يسمح ملك الكنعانيين بدخول دين يتهدد دين آبائه وأجداده..
جذعان: إنه ابن عم الملك..
فريوان: وإن ابنة هذا الأمير ستكون زوجة لابن ملك الكنعانيين.
جذعان: من أين عرفت ذلك يا فريوان..
فريوان: وهل يخفى خبر مبهج كهذا على الناس؟
زرود: كثر زحام الرواد على بابك سيدتي.. والمورد العذب كثير الزحام..
الشيماء: أي رواد يا زرود؟
زرود: كتر خطابك يا سيدتي؟
الشيماء: من قال لك ذلك؟
زرود: صرواح سيدتي..
الشيماء: كيف يا زرود؟
زرود: رسول من ملك العمونيين وآخر من المؤاببين جاءا ليخطباك من أبيك..
الشيماء: وماذا كان موقف أبي يا زرود؟
زرود: قبل أن أجيبك سيدتي أود أن أسألك؟
الشيماء: تسألينني عماذا يا زرود؟
زرود: لو خيرت سيدتي الشيماء بين خطابك؛ الكنعاني، المؤابي والعموني فأيهم تختارين؟
الشيماء: ابن العم يا زرود.. لقد سمعت عن خصاله وشمائله الحميدة الشيء الكثير..
زرود: ولكن ملك العمونيين يهدد ويتوعد..
الشيماء: أبلغ الأمر إلى هذا الحد يا زرود..
زرود: ذلك ما سمعته من صرواح..
الشيماء: أيستطيع العمونيون مجابهة الكنعانيين؟
زرود: لا ولكنهم قد يستعينون بجوارهم الأدمويين والمؤابيين ثم من قد يدري فقد يستعينون بالفلسطينين..
الشيماء: أيبلغ السخف بهؤلاء الملوك إلى حد امتشاق الحسام في سبيل امرأة..
زرود: لا يستبعد يا مولاتي فكم كانت المرأة سبباً مباشراً أو غير مباشر في إشعال نيران الحروب والقتال..
الشيماء: ولكنك لم تقولي لي ما هو موقف والدي من كل ما سمعت..
زرود: هو كنعاني قبل كل شيء وكنعاني بعد كل شيء..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الشماخ يقول)
الشماخ: يجب أن نحتاط يا صرواح ونحذر غدر العمونيين فهم قريبون منا والجار القريب أدرى بعيوب جاره..
صرواح: صدقت يا مولاي صدقت ولكن..
الشماخ ولكن ماذا يا صرواح..
صرواح: لماذا لا تعجل في إطفاء نار الفتنة المرتقبة..
الشماخ: كيف يا صرواح أبيدي أطفاؤها..؟
صرواح: أجل يا سيدي أجل..
الشماخ: كيف قل وافصح..
صرواح: يزوج سيدي ابنته الشيماء من ابن ملك الكنعانيين وتنتهي كل هذه الجعجعة..
الشماخ: ولكن أريده زواجاً تتحدث به الأجيال.. فالشيماء وحيدتي وأغلى شيء لدي..
صرواح: قد يضر التطويل فتزيد فرص اشتعال نار الفتنة يا مولاي..
الشماخ: إنك تستعجل يا صرواح زواج الشيماء لأمر في نفسك..
صرواح: أي أمر يا مولاي..
الشماخ: زواجك من (زرود).. أليس كذلك؟
صرواح: مولاي إنني وزرود خدمك المخلصون.. وأمرنا لا يهمنا بقدر ما يهمنا أمر ولي نعمتنا سيدي الأمير..
الشماخ: إخلاصك يا صرواح مشهور وملموس..
صرواح: إذن ستأخذ في أهبة الاستعداد لما ستتمخص عنه الظروف..
الشماخ: هذا هو الصواب.. بورك فيك..
فريوان: ما كنت أظن أن مدينة (يبوس) تعمر بهذه السرعة المذهلة يا جذعان.
جذعان: همم الرجال تقد الجبال يا فريوان.. ألم أقل لك إن أمير اليبوسيين صاحب عزم وحزم..
فريوان: بلى يا جذعان بلى.. لقد تجلت لي الآن أمائر فراستك وصدق تنبؤاتك..
جذعان: تعال معي يا فريوان تعال..
فريوان: إلى أين.. أين؟
جذعان: إلى المعبد أو المسجد كما يسميه اليبوسيون.. انظر ما أضخم بناءه.
فريوان: وأروع مكانه.. إنه يشرف على مدينة (يبوس)..
جذعان: لقد أحسن اختيار الموقع والبناء..
فريوان: أجل يا جذعان أجل.. لقد اشتهر الكنعانيون بذوقهم الرفيع في فن المعمار والزخارف والألوان..
جذعان: لقد تأثروا بالفراعنة في ضخامة البناء ومتانته وبالفلسطينين في النقوش والزخارف..
فريوان: صدقت يا هذا صدقت..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت صرواح يقول ):
صرواح: سيدي الأمير..
الشماخ: ما وراءك يا صرواح..
صرواح: رسول من عند ملك الكنعانيين..
الشماخ: أدخله في الحال..
الرسول: السلام على الأمير الهمام..
الشماخ: وعليك السلام..
الرسول: رسالة من مولاي ملك الكنعانيين..
الشماخ: هاتها.. صرواح..
صرواح: سيدي..
الشماخ: خذ الرسول إلى دار الضيافة وقل لهم يكرموه غاية الإكرام وعد إليّ في الحال..
صرواح: أمرك يا سيدي..
الشيماء: ما أحذقك في تلقف الأخبار يا (زرود).. لقد حضر رسول من ملك الكنعانيين فهل عندك علم بما جاء به الرسول؟
زرود: حتى الساعة ليس عندي أي علم بمهمة هذا الرسول.. ولكن..
الشيماء: ولكن ماذا؟
زرود: أية مهمة غير موضوع الساعة..
الشيماء: وما هو موضوع الساعة يا زرود؟
زرود: وهل غير زواج سيدتي موضوع يشغل البال في هذه الأيام؟
الشيماء: لماذا تكون قضيتي موضوع الساعة وهناك من الحوادث ما يطغى عليها..
زرود: مثلاً يا سيدتي..
الشيماء: الصراع بين الفراعنة والفلسطينيين.. والحديث عن صراع مرير بين حكام مصر من الهكسوس..
زرود: ونحن هنا يا مولاتي في صراع حول زواجك..
الشيماء: إلهي أجرنا سوء العاقبة والمنقلب..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الشماخ يقول ):
الشماخ: صرواح.. صرواح..
صرواح: مولاي..
الشماخ: أرى الأمور تسير وكأنك تقرأ يا صرواح في كتاب مسطور..
صرواح: إطراء لا أستحقه يا مولاي..
الشماخ: جاء رسول ملك الكنعانيين يستعجلني زفاف ابنتي من ابنه ويلمح إلى وعيد ملك العمونيين ويعلمني أنه أمر بحشد جيوش على حدود العمونيين لإحباط أية محاولة لغزو مفاجىء..
صرواح: وماذا يرى سيدي الأمير؟
الشماخ: وهل هنالك مفر من تلبية أمر الملك..
صرواح: نعم ما قررت يا مولاي.. إن ذلك سيضع نهاية لأية محاولات من جانب العمونيين أو غير العمونيين..
الشماخ: هذا ما سيكون يا صرواح..
صرواح: اللَّهم اجعله قراناً سعيداً وطالع يمن وخير وبركات..
الشماخ: اللَّهم أمين.. آمين..
(يبكي الشماخ فيقول له صرواح ):
صرواح: أتبكي يا مولاي.. ولم؟
الشماخ: أبكي لأني سأفارق أعز إنسانة لدي..
صرواح: صحيح يا مولاي أني و (زرود) لا نصل إلى مرتبة (الشيماء) في قلبك ولكننا سنكون لسيدي الأمير الخادمين الأمينين المخلصين..
الشماخ: بورك فيكما.. بورك فيكما..
* * *
الملك: يا قوم جمعتكم للمداولة في أمر هام؟
أحدهم: ما هو أيها الملك؟
الملك: لعلَّكم سمعتم بالنبي الذي ظهر بين العبرانيين المقيمين في مصر وأنه استطاع إقناع فرعون مصر بتهجير جماعته والخروج بهم إلى تيه سيناء..
أحدهم: سمعنا طرفاً من هذه الأخبار أيها المليك فاْفتِ علينا بما عندك يا مولاي عنهم..
الملك: إن هؤلاء العبرانيين قد وصلوا بالفعل إلى سيناء وقد علمت أنهم يتجمعون للقيام بغزو مفاجىء لبلادنا..
أحدهم: نحن لهم أيها المليك..
أصوات: سنبيدهم.. سنسحقهم ونفنيهم..
الملك: بورك فيكم.. بورك فيكم.. لقد جمعتكم للمشورة فبماذا تشيرون؟
أحدهم: يجب أن نتجهز ونستعد للقائهم فإن كانوا يريدون غزونا قاتلناهم حتى تحكم الحرب بيننا، وإن أرادوا المرور إلى بلاد غير بلادنا اتخذنا في حينه ما يجب..
المليك: ماذا ترون أيها القواد في هذه المشورة؟
أصوات: موافقون.. موافقون..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :998  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 55 من 65
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.