شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 23 -
فارعة: لقد صدق حدسي في هذا السلطان يا مزينة. إنه مجاهد في الطليعة من المجاهدين في سبيل الله.. ولكنه مغامر..
مزينة: لا يا فارعة إنها مبادرة طيبة يستهل بها عهده..
فارعة: ألا ترين أنه تعجل الزحف. قبل أن نوطد أقدامنا في الأراضي التي احتليناها من أرض العدو والتي لا تزال له فيها جيوب لم نحطمها بعد.
مزينة: لعلَّ السلطان بهذه الحركة يقضي على الجيوب ويمشي قدماً في الفخ إلى الأمام.
فارعة: ولكني أخشى من أعوان الأعداء المنبثين في هذه الأراضي.
مزينة: تخشين ماذا؟
فارعة: أخشى أن يندس بين صفوفنا الزاحفة من يغتال السلطان إبراهيم.
مزينة: ولكن قواتنا - فيما علمت - قد طهَّرت الأراضي التي احتلتها من قوات العدو وهي بسبيل القضاء على ما تبقى له من جيوب فيها.
فارعة: أليس من الأفضل أن نمشي على أرض صلبة يا مزينة.
مزينة: بلى.. بلى.. يا أختاه.. ولكن السلطان إبراهيم لم يقدم على ما أقدم إلا بعد أن استشار سليمان وعثمان والشيخ سالم.
فارعة: وكلهم مع الأسف مندفعون. لقد فقدنا بموت الأمير (همامي) حنكة الشيخ وحكمتهم وأصالة رأيهم وسعة تجاربهم ومع ذلك.
مزينة: ومع ذلك ماذا؟
فارعة: فالخيرة ما أختاره الله سبحانه وتعالى.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت قيصوم يقول):
قيصوم: سيدي الإمبراطور؟
الإمبراطور: ما وراءك أيها القائد؟
قيصوم: المسلمون؟
الإمبراطور: ماذا دهاهم أيها القائد؟
قيصوم: بدأ جيشهم التوغل في أراضي الإمبراطورة..
الإمبراطورة: يجب صدهم مهما يكن الثمن.
قيصوم: ولكن ما لدي من قوات لا تستطيع الوقوف في وجه القوات الإسلامية الزاحفة.
الإمبراطور: والقبائل التي أغريناها ودفعنا الأموال الطائلة لها ألا يمكنك الاستفادة منها.
قيصوم: بالحكمة مولاي وصائب رأيه.
الإمبراطور: قل. ألا يمكن الاستفادة منها..
قيصوم: كل الاستفادة يا سيدي..
الإمبراطور: كيف؟
قيصوم: نوعز إليها بمهاجمة خطوط المسلمين الخلفية وتدمير مواصلاتهم ونهب تموينهم وخلق نوع من الفوضى والذعر في القرى والأراضي التي احتلوها.
الإمبراطور: وتنتظر مني ماذا؟
قيصوم: انتظر الموافقة..
الإمبراطور: أقدم ولا تخف ثم..
قيصوم: ثم ماذا يا مولاي..
الإمبراطور: ثم بما لديك من قوات بحرب عصابات لا حرب مواجهة وفوق ذلك يجب.
قيصوم: يجب ماذا؟
الإمبراطور: يجب اغتيال السلطان إبراهيم وأركان قيادته. وتخريب أسطوله إذا أمكن.
قيصوم: قد نستطيع اغتيال السلطان إبراهيم وبعض قواده ولكن الأسطول لا يمكننا الدنو منه فقائده أبرع قائد أخرجته الصومال.
الإمبراطور: نترك أمره إلى قائد أسطول البرتغال. الذي لا أدري ماذا فعلت بشأن الاتصال به.
قيصوم: أرسلت من يستكشف الطريق إليه مع الرسالة التي أمرت بها يا مولاي.
الإمبراطور: وذلك كم يستغرق من الوقت؟
قيصوم: ذلك يعتمد على سهولة الطريق من وعورته.
الإمبراطور: كيف؟
قيصوم: حامل رسالة مولاي سيمر بأراضي وبلدان كثيرة.
الإمبراطور: لِمَ لَم ترسله بالبحر.
قيصوم: خشيت أن يقع في أيدي المسلمين فبحر القلزم أصبح بحيرة إسلامية يا مولاي وتفتيش السفن فيه يجري على قدم وساق.
الإمبراطور: حسناً. فلننتظر ما يأتي به رجلنا. والآن ما عليك إلا تنفيذ ما أمرتك به. وعسى أن يكون اغتيال السلطان إبراهيم هدية منك لي في عيد الميلاد القادم.
قيصوم: أرجو أن أكون عند حسن الظن يا مولاي ولكن لي رجاء.
الإمبراطور: ما هو؟
قيصوم: أن تذهبوا إلى أماكن بعيدة عن متناول العدو..
الإمبراطور: تعني المناطق الجبلية من إمبراطوريتنا قيصوم: بلى يا مولاي بلى..
الإمبراطور: سأقبل رجاءك.. والآن سر في مهمتك..
قيصوم: بالأمر يا مولاي..
* * *
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت سليمان يقول):
سليمان: إننا نقترب أيها السلطان والأخوة القادة من مناطق وعرة في أرض العدو.
أصوات: بلى.. بلى..
سليمان: وإني أرى قبل الدخول في هذه المناطق أن نستكمل تطهير البلاد التي احتليناها من أراضي العدو..
السلطان إبراهيم: لقد أرسلت بعض السرايا لتطهير الأراضي وللقضاء على جيوب العدو فيها وأرى أن نسير في زحفنا من دون أي توقف يسمح للعدو باسترداد أنفاسه وترميم قواته.
عثمان: ولكنني أخشى أن يصاب اندفاعنا بنكسة أليمة..
السلطان إبراهيم: أتقول هذا يا عثمان وأنت قائد أسطولنا السند بعد الله لقواتنا الزاحفة.
عثمان: شكراً أيها السلطان على هذا الإطراء ولكني لا أرى من الصواب زج قواتنا البحرية في معارك خاسرة ثم.
السلطان إبراهيم: ثم ماذا؟
عثمان: ثم إن دخول قواتكم المناطق الوعرة سيبعدها عن مساندة الأسطول وحمايته. وقد يعرض الأسطول إلى الوقوع في كمين بحري غير منتظر.
السلطان إبراهيم: إنك تهول الأمور يا عثمان..
سليمان: ما أراه ألا يقول حقاً..
السلطان إبراهيم: ما رأي الشيخ سالم؟
الشيخ سالم: إنني معك أيها السلطان فنحن لم نأت إلى هنا لنخلد للراحة بل أتينا للجهاد في سبيل الله والفرصة مؤاتية لذلك.
السلطان إبراهيم: ما رأيكما بعد ما سمعنا..
عثمان: إني ما زلت عند رأي ومع ذلك فأنت صاحب الرأي الأول والأخير.
سليمان: وأنا أؤيد ما يقوله عثمان. ولكن لي اقتراحاً..
السلطان إبراهيم: ما هو؟
سليمان: هل تأكدتم من قادة الجيوش أن ما لدينا من قوات كافية للسيطرة على الأماكن التي سنحتلها وتثبيت أقدامها فيها.
السلطان إبراهيم: القادة يرون أننا بحاجة إلى قوات إضافية لتثبيت سيطرتنا وتوطيدها فيما سنحتل من أراضي. ولكنهم يقولون إن بالإمكان الزحف والقوات الإضافية تتلاحق فيما بعد.
عثمان: أترون من الحكمة ألا ندافع بعدما قاله قواد الجيش.
السلطان إبراهيم: ولكني والشيخ سالم قد تمرسنا الحروب وخبرناها ورأينا أظن له وزنه.
عثمان: لقد سبق أن قلت أيها السلطان أنكم صاحب الرأي الأول والأخير ونحن مجندون في خدمة هذا الدين.
السلطان إبراهيم: شكراً.. شكراً..
سليمان: ولكني لم أكمل اقتراحي بعد أيها السلطان؟
السلطان إبراهيم: تفضل أيها الأمير.. تفضل..
سليمان: علمت أنكم تلقيتم من ابنكم أحمد أمير ((العدل)) في غيابكم ما يفيد بأن إمدادات إسلامية في طريقها إلى ((العدل)).
السلطان إبراهيم: بلى.. بلى.. وأذكر أني قلت لكم ذلك..
سليمان: ألا ترون أنه يحسن انتظار مجيء هذه الإمدادات ومن ثم الزحف بعد أن تكون قد قضينا على الجيوب التي تتناثر في أرجاء الأراضي التي احتليناها.
السلطان إبراهيم: ما رأيكم؟
الجميع: موافقون.. موافقون..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت فارح يقول):
فارح: السلام عليكم..
الجميع: وعليكم السلام..
السلطان إبراهيم: ما وراءك أيها القائد؟
فارح: هاجمت قبائل مجهولة الهوية خطوطنا الخلفية واستولت على المواد التموينية وبعض قوافل العتاد وقتلت عدداً من حراس هذه القوافل.
السلطان إبراهيم: ألم تبعثوا بقوات مطاردة..
فارح: لا.. لم نتمكن لأن ما لدينا من قوات لا يصح بعثرتها ونحن بسبيل الزحف على مناطق وعرة تستدعي وجود قوات كبيرة..
السلطان إبراهيم: ولكن يجب تأديب هذه القبائل.
فارح: إذا أوقفتم الزحف فسنقوم بتأديب هذه القبائل..
السلطان إبراهيم: لقد اتفقنا على تأجيل الزحف ريثما تأتينا الإمدادات التي كتب إلى ولدي أحمد من ((العدل)) بأنها في طريقها إليهم..
فارح: حسناً أيها السلطان هل اعتبر ما قلتموه أمراً..
السلطان إبراهيم: انتظر حتى آخذ رأي القادة الأمراء..
الجميع: موافقون على تأديب هذه القبائل بحزم وقوة.
* * *
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت فارعة يقول):
فارعة: وأخيراً نزل السلطان إبراهيم عند رأي زوجك سليمان. ويا له من رأي سديد.
مزينة: أنسيت رأي عثمان فهو في الحقيقة صاحب الرأي الأول في الأمر..
فارعة: لقد علمت أن عثمان عارض الزحف وأنه كاد يصطدم برأي السلطان إبراهيم ولا سيما بعد تأييد الشيخ سالم للسلطان ولكن لباقة سليمان لطفت الجو فهدأت العاصفة في مهدها.
مزينة: وها هي الأحداث تبرهن على أن رأي عثمان وسليمان هو الأصوب فهجوم القبائل على خطوط تمويننا فتح العيون على الخطر الذي كنا سنتعرض له لو لم نتوقف عن الزحف.
فارعة: الحمد لله الذي هدى قادتنا إلى حجة الصواب. وأرجو أن يوفقهم إلى تأديب هذه القبائل والبطش بها.
مزينة: ليت القائد يافع يشترك برجاله مع القائد فارح في هذه الحملة التأديبية.
فارعة: ولكن قوات يافع مهيأة للزحف في الأماكن الوعرة لسابق خبرتها وتمرسها القتال في الجبال والوديان.
مزينة: هل ترين أن هجوم هذه القبائل كان بناء على خطة مرسومة ومدبرة من النصارى.
فارعة: وهل يخامرك شك في ذلك؟
مزينة: إذن فهي مقدمة حرب عصابات وأعصاب..
فارعة: بكل تأكيد..
مزينة: يلوح لي أننا مقدمون على هذا النوع من الحرب..
فارعة: أجل بعد أن حطمت قواتنا القوات الرئيسية للنصارى. لجأ العدو إلى هذا النوع من القتال وهو أصعب الأنواع وأشدها خطورة.
مزينة: كيف؟
فارعة: ذلك لأن العدو يعرف مداخل أرضه وخارجها ونحن نجهلها..
مزينة: ولكننا نحن أيضاً أهل هذه الجهات ولا نعدم أن نجد أدلاء من أهلها يعينون قواتنا في مهمتها.
فارعة: المثل يقول. أهل مكة أدرى بشعابها. وأهل هذه المنطقة أدرى ببلادهم منا.
مزينة: إذن ما العمل؟
فارعة: لست عضواً في القيادة..
مزينة: ولكننا نتداول الرأي كمشتركات في هذه المعركة المصيرية..
فارعة: أرى أولاً وقبل كل شيء أن نثبت أقدامنا على أرض صلبة وذلك لا يكون إلا بتطهير الأراضي التي احتليناها من ذيول الأعداء وأعوانهم وجيوبهم وعيونهم.
مزينة: وهذا يأخذ وقتاً غير قليل..
فارعة: عامل الوقت في صالحنا فنحن بانتظار إمدادات جديدة..
مزينة: وعدونا ألا يمكنه أن يحصل على إمدادات..
فارعة: من أين وهو محاط بالمسلمين من كل جانب..
مزينة: والله ما أدري وقلبي غير مطمئن وإني لأتوقع أحداثاً جسيمة..
فارعة: ضعي ثقتك بالله وكلي إليه المصير فهو نعم المولى ونعم النصير.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :539  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 46 من 65
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .