الحلقة - 11 - |
مرقص: (يصرخ) مات.. وامصيبتاه.. يا لها من خسارة.. لقد فقدنا رجلاً قلّ أن يجود الزمان به.. هل ندفنه يا حضرة الطبيب.. أمات حقاً؟ |
الطبيب: مات.. وإني أصرح لكم بدفنه.. |
مرقص: (كيريا لايسون) فليرحمه الرب.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت فاطمة تقول): |
فاطمة: تجلدي يا عائشة واسترجعي فالمصاب واحد وأنه أخي كما هو زوجك.. |
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته |
يوماً على آلة حدباء محمول |
|
عائشة: (تقول والبكاء يخنق عباراتها): سأصبر. سأتجلد.. أنا لله وأنا إليه راجعون.. |
فاطمة: وقد أرسلني خالد إليك وسيلحق بي بعد انتهاء مراسم الدفن.. |
عائشة: أنا أعرف شعوره ومعزة إبراهيم في نفسه واعلم أنه في هذا اليوم كثير المشاغل فالدفن يحتاج إلى وقت ومراسم تنصيبه أميراً تأخذ وقتاً ولذلك فأنا أعذره.. |
فاطمة: ولكن وأخيه نحو المرحوم أخي ونحوك لا يعذره بل يلح إليه بأن يكون بجانبك.. |
عائشة: جزاه الله عنّا خير.. |
فاطمة: ثم إن عثمان أصبح شاباً مكتمل الشباب ومن خلّف ما مات.. |
عائشة: إن عثمان مولع بأبيه ووفاته كانت ضربة إليه موجعة له.. |
فاطمة: ولكني رأيته متجلداً صبوراً وهو شعار المسلم في الشدائد.. |
عائشة: الحمد لله الذي لم تزلزل الفجيعة صبره وجلده.. |
فاطمة: أرى صفوفاً من النساء قادمات لتعزيتك يا عائشة.. |
عائشة: شكر الله مسعاهن وأحسن لي ولهن العزاء وغفر لفقيدنا وأسكنه فسيح جناته.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مرقص يقول): |
مرقص: أيها الإمبراطور العظيم.. |
مرقص: أخبار تسر.. |
الإمبراطور: قل وأوجز.. |
مرقص: فجع المسلمون في الصومال في أميرهم إبراهيم.. |
الإمبراطور: ومن نصبو خلفاً له؟ |
مرقص: خالد.. |
الإمبراطور: من هو خالد؟ |
مرقص: زوج أخت إبراهيم.. |
الإمبراطور: هل خالد من أصل صومالي كإبراهيم؟ |
مرقص: لا إنه من نسل المسلمين الذين وفدوا على الصومال.. |
الإمبراطور: عجيب أمر هؤلاء المسلمين.. |
مرقص: كيف يا سيدي الإمبراطور.. |
الإمبراطور: الإسلام ملتهم وجنسيتهم ووطنهم.. |
مرقص: وهذا سر تفوقهم ونجاحهم.. |
الإمبراطور: تصوّر يا مرقص لو أن خالداً هذا كان مواطناً هنا ومت أنا هل تنصبونه إمبراطوراً. |
مرقص: لا يا سيدي لأنك عهدت بولاية العرش إلى ابنك من بعدك.. |
الإمبراطور: والمسلمون أيضاً عندهم ولاية للعهد.. |
مرقص: ولكنها عادة مستحدثة.. لم تكن في عهد خلفائهم الراشدين.. وإنما ابتدأت بالخلفاء الأمويين.. |
الإمبراطور: إذن فالمسلمون في الصومال ينهجون نهج خلفائهم الراشدين أي نهج العهد القريب من عهد النبوة.. |
مرقص: أجل.. أجل.. |
الإمبراطور: يا إلهي إن الخطر علينا منهم عظيم ويجب اتخاذ الإجراءات الشديدة للوقاية منه بالقضاء على هذه الدولة المسلمة قبل أن يستفحل أمرها.. |
مرقص: لقد حاول سلفك القضاء عليهم ولكن مسعاه فشل وكانت الكارثة التي فقدنا فيها أحد أساقفتنا العظام.. |
الإمبراطور: قد تكون أسباب الفشل مردها إلى أخطاء جسيمة في الاستعداد والتخطيط للمعركة.. |
مرقص: هذا صحيح.. كانت هنالك أخطاء لعلّ أهمها أننا حاربنا ونحن بعيدون عن مراكز تمويننا كمانkh |
أننا حاربنا في أرض نجهل مداخلها ومخارجها.. |
الإمبراطور: إذن فأسباب الفشل واضحة كالشمس في رابعة النهار.. |
مرقص: بلى يا سيدي بلى.. ولكن.. |
الإمبراطور: ولكن ماذا يا مرقص؟.. |
مرقص: هل عند سيدي تدبير جديد؟.. |
الإمبراطور: مادام هؤلاء المسلمون مجاورين لنا فلن يكتب لنا استقرار أو حياة.. |
مرقص: أجل.. أجل.. |
الإمبراطور: ولذلك يجب التفكير في ضربة خاطفة ولا يكون ذلك إلا بتلافي الأخطاء التي وقعنا فيها في المرة السابقة.. |
مرقص: رأي مولاي مصيب.. ولكن كيف التدبير.. |
الإمبراطور: ما رأيك أنت؟ |
مرقص: إذا استطعنا بذر بذور الخلف والانقسام بين المسلمين استطعنا أن نقضي عليهم.. |
الإمبراطور: هذا صحيح ولكن كيف الوصول إلى ذلك والمسلمون في الصومال في عنفوان وحدتهم وقوتهم.. |
مرقص: لو تمكنا من اغتيال (حسان) قائد أسطول المسلمين فإن الصدع سيدخل بين صفوفهم لأن حسان شخصية أسطورية يتجمع حولها شباب المسلمين في الصومال وهم وقود الحرب.. |
الإمبراطور: ولكن كيف نصل إلى حسان وهو لا شك محاط بسياج من المريدين والأنصار.. |
مرقص: إنه مولع بالصيد.. |
الإمبراطور: (يضرب كفاً على كف) وجدتها.. وجدتها.. |
مرقص: ماذا وجد سيدي؟ |
الإمبراطور: الجواب ما ستسمع به.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت خالد يقول): |
خالد: هل من جديد يا حسان؟ |
حسان: لا جديد ولكننا دائماً على استعداد لأننا بجوار عدو يتربص بنا وينتظر أول فرصة للانقضاض علينا.. |
خالد: إنك على حق والاحتياطات التي أخذتها إثر وفاة (إبراهيم) كانت في محلها.. فلعمري كنت أتوجس أن ينتهز أعداؤنا من فجيعتنا فرصة للفتك بنا.. |
حسان: هذا ما حسبت له ولذلك أعددت الأسطول لأية احتمالات.. |
خالد: لقد جاءني عثمان ابن المرحوم (إبراهيم) وكلمني في أمر أرجأت إجابته إليه حتى استطلع رأيك.. |
حسان: ما هو يا خالد؟.. |
خالد: يريد عثمان أن يلتحق بالأسطول.. |
حسان: ما رأي والدته عائشة؟ |
خالد: لقد سألت عثمان حين كلمني في الأمر إذا كانت والدته لا تمانع في ذلك.. |
حسان: وبماذا أجاب؟.. |
خالد: أجاب بأنه استشار والدته وأنها تركت البت في الأمر وقالت إنها سترضى بما يستقر عليه رأيي فما رأيك يا حسان؟.. |
حسان: إنني أرحب بالتحاق عثمان بالأسطول وأن نعلن والدته بذلك فإذا باركت رأينا أبلغناه لعثمان وإلاّ وجدنا لعثمان عملاً آخر.. |
خالد: هذا رأي سديد.. وإني أرى؟ |
حسان: ترى ماذا؟ |
خالد: قم بنا الآن إلى عائشة نبلغها رأينا ونترك لها الرأي الأخير.. |
حسان: ولكن أين هي عائشة؟ |
خالد: مع فاطمة في المخدع القريب من هنا.. |
حسان: اذهب أنت وحدك وكلمها.. |
خالد: إنك تعلم أن عائشة تأنس برأيك وتحترمه.. |
حسان: فليكن ما تريد هلمّ بنا إليها.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت فاطمة تقول): |
فاطمة: أراك قلقة شاردة التفكير يا عائشة.. فماذا يشغلك؟ |
عائشة: يشغلني ماذا أقول يا فاطمة؟.. |
فاطمة: قولي ونفّسي عن صدرك بعض ما يحمل من كرب.. |
عائشة: عثمان يا أختاه! |
فاطمة: ماذا بعثمان؟ |
عائشة: إنه يلح في العمل بالأسطول مع حسان.. |
فاطمة: إنني معك فيما يساورك من قلقي إزاء اتجاه عثمان.. ولكن.. |
عائشة: ولكن ماذا؟ |
فاطمة: هل فاتحت خالد وأخذت رأيه في الأمر.. |
عائشة: لقد قلت لعثمان أن يستشير خالد وأن ينزل على رأيه.. |
فاطمة: ولعلّ من حسن الاتفاق أن يكون حسان الآن مع خالد.. |
عائشة: إذا كان حسان عند خالد الآن فإني موقنة أنه فاتحه في الأمر.. |
(صوت جلبة مسبوق بموسيقى نسمع بعدها صوت خالد يقول): |
خالد: فاطمة.. أم سليمان.. |
فاطمة: نعم يا أبا سليمان.. |
خالد: أعندك أم عثمان؟ |
فاطمة: بلى.. |
خالد: استأذني لحسان ولي في أن تكلمها في الموضوع الذي يشغلها.. |
فاطمة: (لعائشة) إذن صح ما تنبأت به يا عائشة.. |
عائشة: قولي لهما فليدخلا.. |
فاطمة: ادخلا.. تفضلا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت خالد وحسان يقولان): |
حسان وخالد: السلام عليكما.. |
عائشة وفاطمة: وعليكما السلام؟ |
عائشة: كيف أنت يا حسان وكيف أم سهيل؟ |
حسان: بخير يا أم عثمان.. |
خالد: يا أم عثمان.. هل تسمحين لي بالكلام.. |
عائشة: تفضل فأنت صاحب الإذن.. |
خالد: لقد تذاكرت مع حسان في موضوع عثمان وقد رحَّبنا بانخراطه في الأسطول وعلقنا الأمر على موافقتك النهائية.. |
عائشة: فلتكن مشيئة الله.. إني موافقة على ما ارتأيتما مبتهلة إلى الله العلي القدير أن يكلأه بعين عنايته التي لا تنام.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الأمبراطورية يقول): |
الإمبراطور: مرقص! |
مرقص: أمر مولاي.. |
الإمبراطور: هل القناصة مستعدون للسفر في المهمة التي كلفناهم بها.. |
مرقص: نعم يا سيدي على أتم الاستعداد وإنهم ينتظرون صدور الأمر بالسفر.. |
الإمبراطور: وهل وضعتم في الميزان جميع الاحتمالات.. |
مرقص: أجل يا مولاي.. |
الإمبراطور: هل يدركون خطورة المهمة التي انتدبناهم من أجلها.. |
مرقص: بلى يا سيدي وهم سعداء إذ يتشرفون بهذه الثقة الغالية.. |
الإمبراطور: هل يعلمون بالمكافأة السخية التي سأجزلها لهم بعد أدائهم هذه المهمة؟.. |
مرقص: أجل.. أجل.. وهم مستعدون لبذل أرواحهم في سبيل الثقة التي أوليتموهم إياها.. |
الإمبراطور: بورك فيهم.. بورك فيهم.. قل لهم.. |
مرقص: ماذا أقول لهم يا مولاي.. |
الإمبراطور: قل لهم ينطلقوا بعد منتصف هذه الليلة للقيام بما أمرناهم به منتظرين أخبارهم السارة.. |
مرقص: أمرك يا مولاي.. |
|