شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 46 ـ
ريدان: هذا ما كنا ننتظره منكم وقد سمعتم بالحملة الرومانية تغزو بلادنا لتذلنا وتستعيدنا ولكنكم أعلنتم العصيان واضطررتمونا لقتالكم فقتل من قتل منا ومنكم وهربتم إلى صحراء الأحقاف..
الرجل: بلى.. بلى.. أيها القائد..
ريدان: ثم عندما دقت جيوش الرومان أبواب عاصمة مملكتكم انتهزتم فرصة انشغال قوات بلادكم بالدفاع عن سيادتكم وكرامتكم فاتصلتم بأعداء بلادكم وقمتم بهذا الهجوم الذي مهدتم به للحملة الرومانية الفرار بعد أن كادت تقع في قبضتنا. فهل بعد هذا نمد أيدينا إلى أيديكم؟..
الرجل: أيها القائد.. لقد أرسلني إليكم الشيخ شيحان زعيم القبائل الشرقية للتفاوض لا ضعفاً منه ولا رهبة ولا استسلاماً فما زالت سيوفنا في أيدينا..
ريدان: ونحن سيوفنا في أيدينا وفي ميدان القتال الجواب على رسالتكم..
الرجل: أيها القائد.. أناة وحلماً فما جئت لأستثيرك وتستثيرني وإنما جئت موفداً من قبل زعيم القبائل الشرقية لأقول لكم إننا نادمون على ما فعلنا من قبل ومن بعد وإننا نمد أيدينا إليكم ونعاهدكم على القتال معكم جنباً إلى جنب للقضاء على الغزاة المعتدين. فإن قبلتم كان ما نبغي وإلاّ فالميدان حكماً بيننا وبينكم كما تقول..
ريدان: الآن وضحت مهمتك وسأنقلها إلى ملك (سبأ وذو ريدان) وآتيكم بالجواب خلال بضعة أيام..
الرجل: ونحن بالانتظار.. عم صباحاً أيها القائد..
ريدان: عم صباحاً أيها الرجل..
(قصف الصواعق وهزيم الرعد وزخات المطر وزئير الرياح نسمع بعدها صوت (إيليوس) يقول):
إيليوس: ما رأيت مثل صواعق هذه البلاد ورعودها وبروقها..
مزيني: إن بروقها سيدي القائد تخطف الأبصار وصواعقها ورعودها تصم الآذان ومطرها ينهمر كالسيل المدرار.
إيليوس: نحن معتادون على الأمطار في بلادنا ولكننا غير معتادين على هذه الصواعق والرعود..
مزيني: لقد جاءت الرياح العاصفة على خيام الجنود فاقتلعتها..
إيليوس: ألا توجد مغاور كالتي نحن فيها يأوي إليها الجنود يا مزيني.. فتشوا وآووهم..
مزيني: لقد قام الجنود أنفسهم بذلك فبعضهم وجد والبعض الآخر استظل بظل صخرة أو شجرة..
إيليوس: فتش على جنودك يا مزيني فلعلّ بعضهم تاه فأعشى البرق بصره وأصمت الصواعق والرعود آذان البعض الآخر..
مزيني: أفعل يا مزيني ولا تركن لأحد غير نفسك فالليلة شاتية قاسية ولا يعلم أحد نتيجة هذا المطر المنهمر بغزارة..
(نسمع قصف الصواعق وهزيم الرعود وسقوط المطر مصحوباً بموسيقى مناسبة نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: أظننا سنغرق يا سيلاوس إذا ما استمر المطر على هذا المنوال..
سيلاوس: وهل عندك شك في ذلك؟..
أبو داس: وتريد لنفسك ولي الغرق..
سيلاوس: لا.. يا أبا داس. لقد آوينا إلى هذه المغارة في سفح هذا الجبل بعيدين عن مجاري السيول أما..
أبو داس: أما ماذا يا سيلاوس؟
سيلاوس: أما جنود (إيليوس) فستأخذهم السيول بعد قليل لأن الريح أقلعت خيامهم فلجأوا إلى الأشجار في الوديان وإلى المغاور في أسفل الجبال..
أبو داس: و (إيليوس) أين هو؟..
سيلاوس: إنه مع (مزيني) وصفوة قواده ورجاله في مغاور بعيدة عن متناول السيول..
أبو داس: مساكين هؤلاء الجنود إنهم دائماً وقود لكل شيء، للحرب، للسيل للمرض.. للغرق.. ألا تنصحهم بالترفع عن أماكن السيول؟..
سيلاوس: أتستطيع الخروج من مغارتك والبروق تخطف الأبصار والرياح مع الأمطار تدحرج الحجارة والجنادل من أعالي الجبال..
(نسمع قصف الصواعق وهزيم الرعود وزئير الرياح ونزول المطر وسقوط الصخور والجنادل وصوتها وهي تتدحرج):
أبو داس: يا لهؤلاء الجنود التعساء ستقتلهم هذه الجنادل والصخور المتدحرجة من أعالي الجبال وعما قريب تهاجمهم السيول فتأتي على من يتبقى منهم.. إنني حزين يا سيلاوس على أني لا أستطيع أن أمد لهم يد المساعدة..
سيلاوس: كلنا كذلك يا أبا داس ولكن ما باليد حيلة.. ليت (إيليوس) ومن معه مكانهم.. ولكنه صرف كيف وأوي إلى ركن شديد.. يعصمه من ويلات السيول..
أبو داس: صه يا سيلاوس أتسمع؟
سيلاوس: إني أسمع دوياً.. دوياً.. إنه السيل.. إنه الآتي.. يا إلهي لقد غرق الجنود..
أبو داس: يا إلهي.. رحماك بهم.. رحماك بهم.. وأنزل عقابك على من كان السبب.. إيليوس.. إيليوس..
(يزداد الدوي تصاحبه موسيقى مناسبة نسمع بعدها صراخ الجنود وهم يقولون):
الأصوات: السيل.. السيل.. أخذنا السيل.. أسعفونا.. أنجدونا.. أنقذونا من الغرق..
إيليوس: (صارخاً) السيل.. السيل.. مزيني.. مزيني كيف غفلت عن السيول يا مزيني.. لقد أخذ السيل ما أبقته الحروب.. يا للمساكين.. يا للتعساء..
(أصوات وصراخ من لم يغرق بعد من الجنود):
اللعنة عليك يا إيليوس..
أبو داس: أتسمع صراخ الجنود الذي يقطع نياط القلوب..
سيلاوس: أتسمعهم وهم يلعنون (إيليوس)..
أبو داس: صدقت يا سيلاوس.. إن كان (إيليوس) ضمير: لو كان له ضمير ما فعل ما فعل ولا ارتكب ما ارتكب..
سيلاوس: الآن أصبح.. (إيليوس) مع صفوة قواده ورجاله طعاماً سائغاً هيناً ليناً للقوات الحميرية.. إن كانت قد قامت باقتفاء آثارنا..
أبو داس: إن الحلقة تضيق حول عنق (إيليوس) إنه يتحسس حبل المشنقة حول عنقه الضخم وكأنه عنق حيوان لا إنسان..
سيلاوس: إنني الآن أخشى أن يفلت (إيليوس) من قبضة الحميريين..
أبو داس: كيف يا سيلاوس كيف؟..
سيلاوس: إن قوات الحميريين التي تقتفي آثارنا لا شك أنها عندما ترى جثث المئات من جنود الرومان ستعتقد أن (إيليوس) في جملة من غرق وستتوقف عن مطاردتنا..
أبو داس: أتراها تظن بأن السيل قد أتى على جميع أفراد الحملة؟..
سيلاوس: إن عدد الجنود الرومان الغرقى كبير جداً وهذا ما يوحي إليهم بأن جميع أفراد الحملة قد غرقوا ولا سيما حين يرون الخيام والدواب والعتاد والميرة..
أبو داس: ليت الجنود الحميريين المطاردين لا يكونون بهذا الغباء ولكن..
سيلاوس: ولكن ماذا؟
أبو داس: ولكن إن سلمنا من جنود الحميريين المطاردين فلن نسلم من قطاع الطرق وذئاب الليل ثم إن الناس في القرى التي سنمر بها سيبعثون بأخبارنا إلى القوات الحميرية..
سيلاوس: ربما يأخذ (إيليوس) طرقاً جانبية ليضلل مطارديه..
أبو داس: ولكن أنى له أن يعرف بالطرق الجانبية.. إننا أدلاؤه لا نعرف هذه الطرق..
سيلاوس: إن (إيليوس) بارع في الهرب وسيعرف كيف ينجي نفسه ومن معه..
أبو داس: إنني أشك في قدرته ولكننا سنرى.. سنرى..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سنداح يقول):
سنداح: يا لها من كارثة تحل بالجيش الروماني. أنظر يا شداد إلى أشلاء الجنود إنها تعد بالمئات..
شداد: أترى جثة قائد الحملة الرومانية (إيليوس) بين هذه الأشلاء؟
سنداح: من يدري يا شداد. لقد شوهت ضربات السيول وارتطاماتها بالصخور والجنادل جثث هؤلاء الجنود بل مزقت بعضها ورؤوس بعضها وبعضها دفنته الأودية السحيقة التي مرت بها..
شداد: هذا صحيح يا سنداح ثم أنى لنا أن نعرف جثة (إيليوس) ونحن لم نر صورته قط.. ربما من لباسه وسلاحه لو كان في الميدان.. أما في هذه الحال فمن الصعب ولا سيما والسيول قد هاجمتهم ليلاً وقد تحللوا من لباس الميدان..
سنداح: ما أفظع الغرق.. انظر كيف شوّه أجساد الجنود..
شداد: أرى أن نوعز إلى جنودنا بجمع ما جرفته السيول من عتاد وألبسة جنود قبل أن يسطو عليها الأهلون فلعلّنا نجد جثة (إيليوس) في مكان ما من هذا الوادي الكبير..
سنداح: ألا يمكن أن يكون (القائد الروماني) قد نجا من الغرق؟..
شداد: المفروض أن القائد يكون عادة محاطاً بجنوده للمحافظة على حياته وهذه جثث جنوده ولا شك أن جثته بين هذه الجثث..
سنداح: ألا ترى أن نقوم بتمشيط دقيق للمنطقة فقد يكون القائد الروماني مختبئاً في مكان ما فيها بعد أن هلك جنوده..
شداد: فكرة سديدة ولكن المنطقة أصبحت وعرة ومليئة بالأوحال وبقايا السيول مما يصعب معه تمشيطها بشكل دقيق.. ثم..
سنداح: ثم ماذا يا شداد؟..
شداد: أتظن أن قائد الحملة الرومانية لو نجا من الغرق سيبقى في مكانه حتى نأتي ونقبض عليه أم سري بليله؟
سنداح: على كل حال نكون تأكدنا من نجاته أو من غرقه فعملية التمشيط أعتقد أنها ضرورية وضرورية جداً..
شداد: إذن قم بها أنت وأنا سأتولى عملية جمع مخلفات الجنود الغرقى..
(نسمع صوت (إيليوس) يقول):
إيليوس: إننا نسلك طرقاً جانبية مهتدين بالنجوم والطرق الوعرة التي لا تستطيع غير البغال والحمير السير بها.. لنضلل مطاردينا..
مزيني: بلى سيدي القائد بلى..
إيليوس: لقد قال لي سيلاوس ونحن في بداية دخول بلاد العرب أن هنالك طرقاً لا يستطيع المرء السير فيها إلا على الحمير والبغال.. لعلّه كان يتنبأ بهذا المصير..
مزيني: قد يكون بنى ذلك على معرفته بهذه البلاد..
إيليوس: إنها بلاده يا مزيني وهو أدرى بشعابها ووهادها..
مزيني: ليته معنا.. ربما كان عوناً لنا على الوصول إلى (نجرانا)..
إيليوس: أتراه يصدق معنا أم يرمي بنا في متاهة لا نخرج منها أبداً..
مزيني: ليس ذلك ببعيد ولا سيما سيدي القائد لا يثق به..
إيليوس: ربما أثق بأبي داس أكثر.. أما سيلاوس فحية رقطاء..
مزيني: على كل حال لقد لقيا جزاءهما..
إيليوس: ولكن ما ذنب جنودنا.. إنها غلطتك يا مزيني.. سيظل ضميرك يحاسبك عليها حتى تموت..
مزيني: ولكني سيدي أجهل مفاجآت السيول ولعلّها أول مرة أرى فيها سيلاً بهذا العنف.. إننا في بلادنا معتادون على فيضان الأنهار.. أما أن تفيض الرمال والصحراء بهذا الشكل فهذا ما لم يخطر لي ببال..
إيليوس: لقد طلبت منك أن تقوم بالتفتيش بنفسك على جنودك ووعدتني أليس كذلك؟
مزيني: لقد قمت سيدي القائد مستعيناً ببعض رفاقي من القواد ولكن البروق أعشت أبصارنا والرعود أصمّت آذاننا والرياح العاتية والجنادل والحجارة التي كانت تتدحرج من قمم الجبال حالت بيننا وبين القيان بهذه المهمة.. فخشينا أن نهلك قبل أن نؤديها..
إيليوس: وكان ما كان من فاجعة ستتحدث بها الأجيال القادمة..
مزيني: المهم الآن هو أن نحرص على نجاة سيدي القائد وسلامته فقد وقع المحذور ولا سبيل إلى رد ما كان..
إيليوس: أجل يا مزيني.. أجل ولكن آخ.. آخ..
مزيني: ولكن ماذا سيدي القائد ولماذا تعض على بنانك؟..
إيليوس: آخ.. ليت سيلاوس وأبا داس على قيد الحياة..
مزيني: ولم هذا التمني سيدي القائد؟..
إيليوس: كنت أريد أن اصلبهما في ميدان الإمبراطور أوغست العظيم بالإسكندرية..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :606  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 46 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الجمعية النسائية الخيرية الأولى بجدة

أول جمعية سجلت بوزارة الشئون الاجتماعية، ظلت تعمل لأكثر من نصف قرن في العمل الخيري التطوعي،في مجالات رعاية الطفولة والأمومة، والرعاية الصحية، وتأهيل المرأة وغيرها من أوجه الخير.