شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 47 ـ
مزيني: ليتهما لم تجرفهما السيول بيد أنهما الآن لا شك بين المئات من أشلاء جنودنا المبعثرة في ذلك الوادي الرهيب..
إيليوس: إنه وادي الموت يا مزيني.. لقد ابتلع أكثر مما ابتلعته الحروب.. والآن يجب أن نختبىء في المغاور بالنهار ونسري بالليل حتى نأمن مطاردة القوات الحميرية لنا..
مزيني: وقطاع الطريق سيدي القائد إنهم لا يقلون خطراً عن القوات الحميرية..
إيليوس: ليت أحداً من سكان هذه المناطق يقع في أيدينا كنا أغريناه بالمال ليدلنا على اقرب طريق إلى مدينة (نجرانا) فإني أخشى أن أضل الطريق وخاصة في الليالي الغائمة..
مزيني: أيمكن أن نثق بأحد من أهل هذا البلد بعد أن ذقنا منهم الأمرّين..
إيليوس: المال أحسن وسيلة لأغرائه ولا شك أن لعابه سيسيل حين يرى بريق الذهب في يديه فربما لم يبصر الذهب في عمره..
مزيني: ولكن أين هو الرجل المطلوب؟..
إيليوس: قد تسوقه الأقدار أو الحظ إن تبقى لنا حظ..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: ولا ندري أيها القائد أي طريق سلكه (إيليوس) قائد الحملة الرومانية ولكننا نرجح أنه أخذ طريقاً جانبية ليضلل مطارديه..
سيلاوس: إن القائد الروماني ماهر في رصد النجوم ولعلّه يهتدي بها في طريقه إلى (مدينة نجرانا).
سنداح: ولكننا في ليالي الشتاء وليست السماء صحواً في كل الليالي فلا شك أنه سيضل طريقه وسيقع في أيدي قواتنا التي تعقبه..
أبو داس: لعلّه يستأجره ليلاً من أهل البلد ولا سيما ولديه من المال ما يغري القلوب القاسية..
سنداح: قد يكون هذا الدليل الواسطة الوحيدة لنجاته إن حصل عليها..
سيلاوس: إن القائد الروماني يسير في طرق جانبية من الصعب أن يجد فيها ضالته أيها القائد سنداح..
سنداح: من يدري يا سيلاوس فقد يواتيه ومن معه الحظ فيجد ضالته..
أبو داس: ولكنكم ولا شك قد وزعتم قواتاً كثيرةً لمطاردته..
سنداح: من دون شك يا أبا داس.. من دون شك..
سيلاوس: ربما اختار (القائد الروماني) مسرى الليل والاختفاء بالنهار حتى لا ينكشف أمره..
سنداح: ولكن قواتنا المطاردة مزعوم لها بتمشيط المناطق التي تمشي فيها بحيث لا تترك مغاوراً أو ودياناً سحيقة أو أي شيء يمكن أن يساعد على الاختفاء إلاّ فتشته..
أبو داس: كانت هنالك أخبار تقول: ((إن رؤساء دول بحر القلزم قد اتفقوا فيما بينهم على حشد أساطيلهم لمواجهة الأسطول الروماني فماذا تم في ذلك؟..
سنداح: آخر معلومات لدي أن هذه الأساطيل قد حشدت فعلاً تحت إمرة قائد الأسطول الحميري..
سيلاوس: ألم تقم بمهاجمة الأسطول الروماني بعد؟..
سنداح: لا أظنها فعلت يا سيلاوس..
أبو داس: ليتها تفعل الآن فإنها فرصة العمر وسيكون فيها القضاء المبرم على ما تبقى من الحملة الرومانية في البر.
سنداح: هذه أمور من اختصاص القيادة البحرية ونحن تابعون للقيادة البرية..
سيلاوس: هذا صحيح هل لنا أن نسألك أيضاً ماذا تم بشأن القبائل الشرقية المتمردة..
سنداح: لقد ألقت السلاح وأعلن زعماؤها الولاء والطاعة لملك (سبأ وذو ريدان) ويشترك بعض رجالها الآن معنا في مطاردة القوات الرومانية.
أبو داس: شيء جميل أن تدفن الأحقاد والضغائن عندما تتعرض سلامة الوطن للخطر..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزاحم يقول):
مزاحم: لقد حدثت المعجزة يا شمس أما قلت لك إننا في عصر المعجزات..
شمس: ما هي المعجزة؟ أية معجزة هذه التي تتحدث عنها؟..
مزاحم: أنسيت الجيش الروماني؟..
شمس: آه.. تذكرت.. هل هاجم الجيش الروماني العاصمة الحميرية؟..
مزاحم: بالعكس.. لقد انسحب الجيش الروماني من (مارياما) هارباً من وجه القوات الحميرية تاركاً فيها جنوده المرضى يلاقون حتفهم..
شمس: يا للفظاعة.. يا للوحشية.. أين الشفقة؟ أين الرحمة؟ أيترك هؤلاء الجنود بدون تطبيب أو عناية؟
مزاحم: لقد تفشى المرض بين جنود الرومان حتى أصبح وباء فتركهم (إيليوس) لأنهم سيموتون سواء ذهبوا معه أم ظلوا حيث هم.. وبقاؤهم في مكانهم أهون عليهم من السفر..
شمس: وأين هرب القائد الروماني الشجاع؟..
مزاحم: يقال إنه يقصد مدينة (نجرانا) ومنها إلى الأسطول..
شمس: ليت القوات الحميرية تتعقبه وتقبض عليه.. ولكنها لا شك مشغولة بقتالها مع القبائل الشرقية المتمردة..
مزاحم: إن القوات الحميرية تتعقب (إيليوس)..
شمس: كيف يا مزاحم كيف.. هل انتهت من حربها مع القبائل الشرقية المتمردة؟
مزاحم: بلى يا شمس بلى لقد أخلدت القبائل الشرقية للطاعة وقد علمت أنها تتعاون مع القوات الحميرية في مطاردة الجيش الروماني الفار..
شمس: يا لها بشرى وأي بشرى.. متى تبشرني بالقبض علي (إيليوس)..
مزاحم: قريباً.. وقريباً جداً يا أختاه..
شمس: نسينا في زحمة الفرحة أن نذكر والدنا وزوجي سيلاوس ماذا جرى لهما؟ أتراهما أحياء أم هما في عداد الأموات؟..
مزاحم: لا أحد يدري يا أختاه.. أخبار الرؤوس الكبيرة هي التي تذاع وتنشر أما غيرهم فهم منسوون؟..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت (مزيني) يقول):
مزيني: سيدي القائد!
إيليوس: ما وراءك يا مزيني؟
مزيني: وجدت الرجل الذي سيقودنا إلى مدينة (نجرانا)..
إيليوس: أواثق أنت منه؟..
مزيني: أني لي أن أثق به وقد قذفت به هذه الطرق التي لا يعيش فيها إنسان لا حيوان..
إيليوس: أفاتحته في الأمر؟..
مزيني: بلى سيدي القائد بلى..
إيليوس: كم طلب؟..
مزيني: مئتا قطعة ذهبية..
إيليوس: يا له من رجل طماع.. كيفية الدفع؟
مزيني: النصف الآن والباقي عند وصولنا مدينة (نجرانا)..
إيليوس: قل له اتفقنا وأعطه النصف.. وعليك مراقبته مراقبة دقيقة فلعلّه عين من عيون القوات الحميرية المطاردة لنا..
مزيني: أمرك سيدي القائد..
إيليوس: سل الرجل.. هل نحن بعيدون عن (مدينة نجرانا)؟..
مزيني: كان هذا سؤالي قبل أن أسأله عن الأجر الذي يطلبه..
إيليوس: ماذا قال لك؟
مزيني: قال.. إننا سنهجع نهاراً ونسري ليلاً في طرق ضيقة ملتوية وعرة فيها جبال ووهاد وستستغرق رحلتنا خمسة عشر يوماً إلى (نجرانا)..
إيليوس: يا إلهي هذا يعني أن رحلتنا من (مارياما) إلى (نجرانا) ستستغرق ستين يوماً.. هذا كثير كثير.. أخشى أن تسبقنا القوات الحميرية إليها..
مزيني: لن ندخل (نجرانا) قبل أن نتأكد من خلوها من أية قوات حميرية ثم إننا لا نستطيع البقاء بها طويلاً فغايتنا هي الوصول بسلامة إلى حيث يرسو الأسطول الروماني..
إيليوس: صدقت يا مزيني صدقت.. آه متى نصل إليك أيها الأسطول الحبيب..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: لا شك أن (إيليوس) الجبان يعتقد أننا في عداد جنوده الذين جرفتهم السيول..
سيلاوس: بكل تأكيد يا أبا داس ولا ريب أنه مغتبط بهذا المصير..
أبو داس: ليته يعرف أننا نتبعه القوات الحميرية المطاردة.. هذا هو اليوم الخامس والأربعون منذ خروجنا من (مارياما)..
سيلاوس: وهذا هو اليوم الخامس والعشرون منذ فرقت السيول بيننا وبين (إيليوس)..
أبو داس: يا له من داهية.. لم نقف له حتى الآن على أثر.. كأن الأرض ابتلعته..
سيلاوس: إن القائد الحميري (سنداح) بدأ يميل إلى رأي زميله القائد الحميري شداد في أن (إيليوس) قد جرفته السيول مع من جرفت من جنود الرومان..
أبو داس: لقد فتشنا الوادي تفتيشاً دقيقاً وقمنا بتمشيطه فما عثرنا له على أثر..
سيلاوس: وأنا بعد هذه المطاردة المضنية بدأت أشك في أن (إيليوس) على قيد الحياة..
أبو داس: يقيني أن إيليوس على قيد الحياة وأنه يختبىء نهاراً ويمشي ليلاً..
سيلاوس: لم لا تقول إنه قد وصل (مدينة نجرانا)..
أبو داس: إن الطريق إلى مدينة نجرانا طويل جداً يا سيلاوس (إيليوس) لا يستطيع السير سريعاً ولا سيما وهو من دون شك يمشي على قدميه هو ومن معه..
سيلاوس: إيليوس يمشي على قدميه بعد تلك العربة الضخمة التي تجرها الخيل المطهمة.. يا له من ذل.. سبحان من أذله..
أبو داس: هذه عاقبة الطغاة والجبابرة..
سيلاوس: إذا سلمت معك بأن (إيليوس) حي يرزق فإني أعتقد أنه يسلك الآن طرقاً جبلية وعرة تدمي أقدامه الناعمة لأن في المناطق الجبلية مجالاً لاختفائه بالنهار وسراه بالليل..
أبو داس: وهذا ما تراه القيادة الحميرية المطاردة.. ومع ذلك فهي تفتش عليه في المناطق الصحراوية والجبلية..
سيلاوس: ولكن بيننا وبينه أيام وليال يا أبا داس ولعلّه الآن يشرف على منطقة مدينة (نجرانا)..
أبو داس: إذا وجد (إيليوس) الدليل الصادق وأسرع في سيره فلا شك أنه يقترب الآن من مدينة (نجرانا)..
سيلاوس: لم لا ترسل القيادة الحميرية المطاردة بعض قواتها السريعة إلى (نجرانا) فترابط بها قبل وصول (إيليوس)..
أبو داس: إنها لا تدري أين هي وجهة (إيليوس) فقد لا يعرج على (نجرانا) بل ينحدر من الجبال إلى الشاطىء ويأخذ أحد القوارب إلى حيث يرسو الأسطول الروماني..
سيلاوس: إن المنطقة واسعة ومجال الهرب فيها واسع أيضاً وتطويق هذه المنطقة يحتاج إلى الألوف من الجنود والفرسان وهذا ما لا تستطيعه القيادة الحميرية..
(أبواق السفن وتلاطم الأمواج وهديرها نسمع بعده صوت القائد الحميري يافع يقول):
يافع: إنه لمن يمن الطالع في الوقت الذي تتحد فيه أساطيلنا في ساحة الشرف والكرامة لتصد أسطول الرومان المعتدين تجيء الأنباء لتنقل إلينا أن الحملة الرومانية قد فرت من (مارياما) متخذة طريقها صوب مدينة (نجرانا)..
يوهمامى: يا لها من أخبار سارة أيها القائد يافع.. انهزمت القوات الرومانية بعد قتال عنيف ولا شك مع القوات الحميرية..
يافع: لا.. أيها القائد يوهمامى..
يوهمامى: إذن كيف جرى ذلك شيء يسترعي الانتباه والاهتمام..
يافع: تفشى مرض خبيث بين الجنود الرومان فوجد قائدهم أنه لا يستطيع القتال والزحف على العاصمة الحميرية فترك الجنود المرضى وفر بالسالمين منهم إلى حيث يرسو الأسطول الروماني..
يوهمامى: ألم تشعر قواتكم بهذا الفرار؟
يافع: كانت قواتنا منهمكة في قتال عنيف مع القبائل الشرقية المهاجمة التي استطاعت فتح ثغرات خطيرة في جبهتنا ولولا بسالة جنودنا واستهانتهم بالموت لا تفتح طريق العاصمة الحميرية أمام موجات هذه القبائل العاتية..
يوهمامى: إذن فقد انتهز القائد الروماني فرصة انشغالكم بقتال القبائل الشرقية فهرب بليله. يا له من قائد ذكي ماهر..
يافع: لا شك أن طريقة هربه كانت في منتهى المهارة والذكاء ولا سيما ولم نشعر بهربه إلا بعد مرور سبعة أيام..
يوهمامى: وماذا فعلتم؟
يافع: ما زالت قواتنا تقتفي آثاره..
يوهمامى: إذن فما هي مهمتنا الآن؟..
يافع: أرى أن تقترب أساطيلنا من المكان الذي يرسو فيه الأسطول الروماني ونغريه على الدخول في معركة معنا أو نضطره إلى العَوْد من حيث أتى..
يوهمامى: هل أساطيلنا أيها القائد قادرة على تحدي الأسطول الروماني؟..
يافع: ولم لا أيها القائد يوهمامى..
يوهمامى: إذا كنت متأكداً من قدراتنا على المواجهة فسر بنا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :578  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 47 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.