شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 45 ـ
أبو داس: ولكن أين هي الإنسانية يا سيلاوس؟..
سيلاوس: دفنها (إيليوس) في رمال بلاد العرب كما دفن حملته الظالمة..
أبو داس: لا أدري كيف أصور لك آلامي من هذه الوحشية التي يرتكبها (إيليوس) وزبانيته..
سيلاوس: لقد فطر الرومان على الغلظة والفظاظة وتاريخهم حافل بذلك.. أيمكن لأحد أن ينسى أعمال (نيرون) وحرقه روما وإجباره الأسرى على مصارعة الأسود التي كانت بالطبع تصرعهم وتأكلهم..
أبو داس: هذه وقائع تاريخية صحيحة كنا وما زلنا نستبشعها وكنا نأمل أن تقضي عليها سنة التطور والارتقاء البشري فإذا بنا نعود إليها بشكل قد يكون أخف من مصارعة الأسود..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت (شيحان) شيخ القبائل الشرقية يصرخ قائلاً):
شيحان: تعال أيها اليهودي القذر. تعال أيها الكذاب الأشر..
روبين: ماذا جرى يا شيخ شيحان؟.. ماذا جنيت؟
شيحان: أين قومك الرومان.. أين أصحابك الشجعان أين هم قل يا روبين يا سافل يا منحط..
روبين: لقد وعدني قائد الرومان بمهاجمة الحميريين فور هجومكم عليهم..
شيحان: لنا سبعة أيام ونحن في قتال مرير مع الحميريين وأصدقاؤك الأبطال لم نر لهم غباراً في الميدان فأين هم إن كنت صادقاً أيها اليهودي اللعين..
روبين: لا بد أن شيئاً ما حدث فأخرهم عن الهجوم أرسلوني إليهم وسآتيكم بالخبر اليقين..
شيحان: نرسلك إليهم أيها اليهودي القذر لتهرب من العذاب الذي ينتظرك..
روبين: ولكني ما تجنيت عليكم حتى استحق العقاب.. أرسلوني وأرسلوا معي من تثقون به لنأتينكم بالخبر اليقين..
شيحان: نرسلك مع من نثق بهم.. لقد أرسلنا رسلنا إلى (مارياما) فجاءوا ليخبرونا..
روبين: يخبرونكم ماذا؟..
شيحان: يخبروننا أنه لم يبق في (مارياما) من قومك الشجعان إلاّ جنوداً مرضى مات أكثرهم والباقون ينتظرون حتفهم بين ساعة وأخرى..
روبين: والقائد الروماني وبقية جيشه أين هم إذن لا بد أنهم يهاجمون الحميريين من جهة أخرى..
شيحان: لقد جاس رسلنا جميع الطرق والأماكن التي يمكن للرومان أن يهاجموا منها الحميرين فلم يقفوا لهم على أثر..
روبين: يا إلهي.. هل ابتلعتهم الأرض.. هل هاجمهم الحميريون فأبادوهم قبل أن يهاجموهم..
شيحان: لا أيها اليهودي اللعين.. لقد شوهد أصحابك الجبناء الماكرون الغادرون يفرون في سرعة الريح قاصدين مدينة (نجرانا)..
روبين: مستحيل.. مستحيل..
شيحان: أتكذبني أيها اليهودي القذر.. خذوه وأصلبوه ثم ابعثوا بجثته هدية إلى القوات الحميرية واكتبوا عليها هذا جزاء الخائنين.. هذا جزاء الخائنين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت القائد (ريدان) يقول):
ريدان: لقد خفت حدة هجوم القبائل الشرقية منذ هذا الصباح وفيما تعللون ذلك؟
سنداح: لعلّهم ينظمون صفوفهم ليعاودوا هجومهم بضراوة أكثر..
ريدان: رأي سليم يا سنداح.. ما تقول يا شداد..
شداد: القبائل لا تعرف معنى التنظيم ولا فنون الحروب وأساليبها ولهذا فإني أرى..
ريدان: ترى ماذا يا شداد؟..
شداد: أرى أن القبائل الشرقية عندما هاجمتنا بعنف وشدة كانت تعتمد على مساعدة القوات الرومانية ولذلك لم تبالي بالضحايا..
ريدان: كلام جميل وبعد:
شداد: فلما مضت سبعة أيام ولم يقم فيها الرومان بأي هجوم مساند بدأت هذه القبائل تفكر في مصيرها..
ريدان: في الحقيقة هذه ظاهرة كان من الواجب ألا نغفل عن إدراكها كان علينا أن نبعث بمن يستطلعون أخبار الجيش الروماني..
سنداح: ولكننا بعثنا فرجع المرسلون ليقولوا إن الجيش الروماني يقوم بحركة واسعة وكأنها تمهيد للخروج للقتال.
ريدان: ولكن الرومان لم يخرجوا..
شداد: لقد شغلنا عنهم بصد موجات القبائل الشرقية العاتية التي فتحت ثغرات خطيرة كلفنا سدها ثمناً غالياً من الرجال والعتاد..
ريدان: أجل يا شداد.. أجل كادت هذه الثغرات أن تؤدي إلى كارثة لولا بسالة جنودنا واستهانتهم بالموت والآن ماذا ترون؟..
سنداح: أرى أن نعيد الكرة فنستطلع أخبار الرومان ونقرر خطتنا على ضوء ما نتلقى من معلومات..
ريدان: تولّ أنت يا سنداح الأمر فقواتك أقرب من قواتنا إلى (مارياما).
سنداح: أمرك أيها القائد..
ريدان: لنعد إلى رأي شداد في هذا التوقف الطارىء على هجوم القبائل الشرقية أما تزال يا سنداح على رأيك منه..
سنداح: أراني بعد الذي قاله شداد أميل إلى رأيه وعلى كل فالرأي لك أيها القائد..
ريدان: وأنا معك يا سنداح أميل إلى رأي شداد ولكن..
شداد: ولكن ماذا أيها القائد؟..
ريدان: أرى أن نستطلع أسباب هذا التوقف الفجائي عن القتال مع الاحتياط في نفس الوقت لأي هجوم مفاجىء..
سنداح وشداد: نعم الرأي أيها القائد.. نعم الرأي..
ريدان: إذن فليقم كل منا بدوره في العمل..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت (مزيني) يقول):
مزيني: سيدي القائد!
إيليوس: ما وراءك يا مزيني؟
مزيني: الميرة تكاد تنفد فماذا يأمر سيدي القائد؟..
إيليوس: انهبوا القرى التي تمرون ولا تتركوا فيها أي شيء نستفيد منه كميرة للجنود..
مزيني: ولكن أخبار أعمالنا هذه ستنتقل إلى القرى التي لم نمر بها بعد..
إيليوس: وإذا وصلت إلى هذه القرى..
مزيني: إن أهالي هذه القرى سيكونون ولا شك تجمعاً للوقوف ضدنا.
إيليوس: إذن ما العمل؟..
مزيني: نشتري بالمال ما نحتاج إليه من ميرة وذخيرة..
إيليوس: مزيني!
مزيني: سيدي القائد..
إيليوس: أخشى أن ينفد المال قبل أن نصل إلى شاطىء الأمان..
مزيني: ولكن الأموال التي استولينا عليها في (نجرانا) و (مارياما) تكفينا وتفيض عن حاجتنا..
إيليوس: اقتصد إذن في الصرف وأحسب للأيام السود يا مزيني.. فما يدري أحد ماذا يخبىء لنا الطريق إلى (نجرانا)..
(أصوات مدوية وصرخات مرعبة وسقوط قتلى وأنين جرحى نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: بدأت متاعبك يا (إيليوس)..
سيلاوس: هذا أول الغيث يا أبا داس..
أبو داس: إنه هجوم عصابات من قطاع الطريق وليست عصابات تتبع القوات الحميرية..
سيلاوس: هذا ما يظهر يا أبا داس.. لا شك أن (إيليوس) يضرب أخماساً في أسداس..
أبو داس: بلى يا سيلاوس ذلك لأن جنود (إيليوس) لا يمكنهم تحمل السفر في النهار وتحمل قتال العصابات في الليل، إنه إرهاق ولا سيما وهم مرهقون من القلق على أنفسهم من المرض ومن مرأى إخوانهم المرضى وهم يقتلون.
سيلاوس: عسى أن تستمر ليلياً هجمات عصابات قطاع الطرق.. إن فيها تحطيم لأعصاب (إيليوس).
أبو داس: وأنت يا سيلاوس أو أنا إما بدأنا نحس بالإرهاق والتعب فقد طالت أيام الحملة ونحن ما نخرج من مشكلة إلا لنستقبل أخرى..
سيلاوس: يلوح لي أن الطريق إلى (نجرانا) طويل جداً..
أبو داس: وحافل بالمفاجآت يا سيلاوس..
(أصوات الديوك وكأنه إيذان بطلوع الفجر نسمع بعده صوت (إيليوس) يقول):
إيليوس: يا له من هجوم مريع يا مزيني.. لعلّ خسارتنا فيه ضئيلة..
مزيني: خسارتنا في الرجال تربو على الثلاثين هذا غير المفقودين الذين تتبعوا أفراد العصابة فتاهوا في مجاهل هذه البلاد..
إيليوس: يظهر أن بعض جنودنا نسوا تعليماتي لهم بأن لا يتتبعوا عصابات بالليل بل تبقوها ويدفعوا شرها عنهم.
مزيني: بعض الجنود سيدي القائد يصابون بجنون مؤقت في ميدان القتال لا يلبث أن يذهب عنهم بمجرد انتهاء الصراع..
إيليوس: هذا الجنون هو الذي يقودهم إلى حتفهم بظلفهم. على كل حال مر جنودنا بأن لا يتعقبوا المهاجمين بل يدفعوهم وكفى.. والآن أصدر الأمر للجنود بالراحة فقد لاحت تباشير الصباح فتوقفت أعمال العصابات..
مزيني: ألا يرى سيدي بأن نرتاح طيلة هذا النهار فأنا أرى جنودنا مرهقين من قتال البارحة ولا سيما وهم بكل تأكيد سيستقبلون هجوماً في هذه الليلة..
إيليوس: افعل لهذه المرة فقط يا مزيني فإني أخشى أن يلحق بنا فرسان القوات الحميرية قبل أن نصل إلى (نجرانا)..
(نسمع صوت القائد ريدان يقول):
ريدان: يا لشدة غباوتنا وجهلنا جميعاً.. كيف أفلت منا القائد الروماني وجيشه.. إنه عار ما بعده عار لا أدري كيف نداري وجوهنا أمام مليكنا وقومنا..
شداد: لا شك أنه عار وخزي ولكن يخفف منه إننا أوقفنا هجوماً لو نجح لسقطت العاصمة تحت قدميه..
سنداح: ولربما لو علم به القائد الروماني لدخل معهم دخول الفاتحين..
ريدان: والآن ماذا ترون؟
شداد: لا يمكننا أن نلحق (بالقائد الروماني) وما يزال خطر القبائل الشرقية ماثلاً أمامنا..
سنداح: ثم إنه من الصعب اللحاق بالقوات الرومانية الهاربة بعد أن مرت عشرة أيام على هروبها..
شداد: لا شك أن قطاع الطريق وعصابات الليل قد تولت مهاجمة القوات الرومانية والفتك برجالها والسطو على ذخيرتها وميرتها..
ريدان: أرى رجلاً قادماً من جانب القبائل الشرقية يحمل علماً أبيض وشيئاً ملفوفاً بثوب أبيض على ظهر الدابة التي يقودها..
شداد: مر الحراس يفسحوا له الطريق..
(موسيقى تصاحب مشية الرجل ودابته تختلط بضجيج قوات الجيش الحميري وهمساتهم وغمغماتهم نسمع بعدها صوت ريدان يقول):
ريدان: ادخلوا الرجل..
(دخول الرجل وهو يقول):
الرجل: عم صباحاً أيها القائد..
ريدان: عم صباحاً أيها الرجل.. من أرسلك؟
الرجل: جئت موفداً من قبل زعيم القبائل الشرقية الشيخ شيحان..
ريدان: وماذا على ظهر دابتك؟
الرجل: إنها جثة اليهودي روبين الذي خاننا وخانكم فصلبناه وأرسلنا بجثته إليكم ليرى من تحدثه نفسه بالخيانة جزاء الخائنين..
ريدان: صدقت أيها الرجل.. صدقت.. هذه نهاية كل خائن.. وإني أرى مصارع غيره من الخائنين..
الرجل: ماذا تعني أيها القائد الهمام..
ريدان: أعني كل من تحدثه نفسه بخيانة مليكه وأمته وبلده..
الرجل: إنا عرب والعرب لا يعرفون الخيانة ولئن امتشقنا الحسام ضدكم فما ذلك إلا للثأر لقتلانا الذين أوديتم بهم في المعارك السابقة.
ريدان: والآن انتهزتم فرصة وجود عدو لبلادكم فمددتم أيديكم له تريدون القضاء معه على مليككم الذي هو منكم وإليكم ومن لحمكم ودمكم.. تريدون الذل والاستعباد لبلدكم وأهلكم وأولادكم.. هل هذه شمائل العرب..
الرجل: أيها القائد.. لكل جواد كبوة فلنطو صفحة مضت ولنمد أيدينا إلى أيديكم لنعمل معكم على تطهير بلادنا من رجس المعتدين الآثمين..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :649  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج