شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 44 ـ
أبو داس: ليتنا نستطيع الاتصال بالقوات الحميرية لتشعرها بما عزم عليه (إيليوس)..
سيلاوس: أتدري متى ينوي (إيليوس) الفرار يا أبا داس؟
أبو داس: هذا المساء على أبعد تقدير..
سيلاوس: أبهذه السرعة يفر (إيليوس) لا يلوي على شيء..
أبو داس: وهل هنالك شيء يهم (إيليوس) غير نفسه. إنه مستعد لتضحية كل الناس في سبيل بقائه..
سيلاوس: إذن ليتنا نستطيع إبلاغ القوات الحميرية..
أبو داس: أرى أن نرسل أحد إخواننا النبطيين إلى معسكر الحميريين..
سيلاوس: الرقابة شديدة يا أبا داس فلو قُبِضَ عليه قبض علينا (إيليوس) وصلبنا على بوابة (مارياما) ليتنا نجد من أهل البلد. من لصوص المعسكرات من قطاع الليل.. ما أشد الشوق للحاجة حين يعز وجود الحاجة..
أبو داس: أما لاحظت شيئاً جديداً هذه المرة يا سيلاوس؟..
سيلاوس: ما هو يا أبا داس؟..
أبو داس: إن (إيليوس) لم يطلب إلينا التهيىء للرحيل كما كان يفعل من قبل..
سيلاوس: لعلّه ينوي أن يتركنا مع الجنود المرضى..
أبو داس: ليته يفعل يا سيلاوس كنا أسرعنا بإبلاغ القيادة الحميرية فربما تعقبته وأسرته ومن معه..
سيلاوس: ليته يفعل.. ما أكثر تمنياتنا في هذا اليوم وما ابعد ما سيتحقق منها..
أبو داس: صه يا سيلاوس فإني أرى (مزيني) قادماً إلينا..
سيلاوس: إنه لا شك قادم لينبئنا بموعد الرحيل والاستعداد له..
(دخول (مزيني) الذي يقول):
مزيني: أنعمتما مساءً..
أبو داس: أنعمت مساءً يا مزيني..
مزيني: أراكما غير مستعدين للسفر..
سيلاوس: لم يعلمنا أحد بالاستعداد للسفر ثم إلى أين؟
مزيني: إلى عاصمة الحميريين فقد قرر سيدي القائد مهاجمة القوات الحميرية هذا المساء.. هيا استعدا. طاب مساؤكما..
أبو داس: طاب مساؤك أيها القائد (مزيني)..
سيلاوس: إنه كذاب كسيده (إيليوس) أيظننا أغبياء بحيث ينطلي علينا مثل هذا الكلام..
أبو داس: أغبياء.. أذكياء.. هيا بنا نلبس للحرب عدتها امتثالاً لأمر قائدنا (مزيني)..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت (إيليوس) يقول):
إيليوس: مزيني.. مزيني؟..
مزيني: سيدي القائد..
إيليوس: هل أمرت قواد القطاعات بأن يكونوا جد حذرين في خروجهم مع جنودهم بحيث لا يحدثون أي ضجيج ولا قعقعة لأسلحتهم؟..
مزيني: بلى سيدي القائد بلى.. لقد أبلغتهم ما أمرت وحذرتهم من مخالفته..
إيليوس: وأبو داس وسيلاوس هل أبلغتهما وجهة حركتنا؟..
مزيني: بلى.. بلى..
إيليوس: هل تظن أنهما صدقا ذلك؟..
مزيني: قد يصدقان ولكنهما عندما يعرفان اتجاه سيرنا سيعلمان أننا غير صادقين..
إيليوس: سواء كنا صادقين أم كنا كاذبين فالمهم أن لا نترك لهما فرصة وضع أية عراقيل أمام خروجنا من (مارياما)..
مزيني: لقد فات الوقت الذي كان بإمكانهما وضع العراقيل أمام انسحابنا من (مارياما) كانت خطة سيدي القائد محكمة بحيث صدقها الجميع..
إيليوس: عسى أن لا نلقى في طريقنا ما يفسد علينا خطتنا..
مزيني: لا يستبعد وجود بعض التعكيرات والعراقيل في طريقنا إن لم يكن من بقايا القوات الحميرية أو جنود مخافرها على الطريق فلن نعدم مهاجمة لصوص الليل وقطاع الطريق وما أكثرهم في بلاد العرب..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت (مزاحم) يقول):
مزاحم: شمس! تعالي يا شمس..
شمس: ما وراءك يا مزاحم..؟
مزاحم: أخبار من (مارياما)..
شمس: لعلّها أخبار سارة؟
مزاحم: لا.. يا أختاه.. إنها أخبار غير سارة..
شمس: قل بربك وطمني..
مزاحم: تعاني القوات الحميرية هجوماً كاسحاً من القبائل الشرقية التي أعلنت العصيان متخذة من وجود القوات الرومانية فرصة للانقضاض..
شمس: يا إلهي! إنها أخبار سيئة للغاية..
مزاحم: والشائعات تقول إن هذه القبائل قامت بالهجوم تساندها القوات الرومانية..
شمس: إذن فوضع الجيش الحميري خطير جداً..
مزاحم: لا شك ولا شبهة في ذلك..
شمس: يا للإعراب ما أشد جهلهم وأضيق تفكيرهم بمصلحتهم ومصلحة بلدهم..
مزاحم: هل للإعراب عيون تبصر وعقول تدرك.. إن مصلحتهم هي النهب والسلب والثأر والانتقام..
شمس: والوطن والسيادة والكرامة؟..
مزاحم: هذه معانٍ بعيدة كل البعد عن مدارك الإعراب ومفاهيمهم..
شمس: ولكن..
مزاحم: ولكن ماذا يا شمس؟
شمس: ولكني أرى أن هجوم هذه القبائل كان بناء على خطة مدبرة من قبل أعداء الحكم الحالي في مملكة (سبأ وذو ريدان)..
مزاحم: رأيك لا يبعد عن الحقيقة يا شمس. لا بد أن أعداء الحكم في بلاد حمير قد رتبوا اتصالاً بين القائد الروماني وبين زعماء هذه القبائل..
شمس: ولا بد أن القائد الروماني قد أغدق من وعوده ومغرياته وعطاياه لهذه القبائل لكي تثور على الحميريين..
مزاحم: هذا من تحصيل الحاصل يا شمس.. قولي إن الوعود والمغريات والعطايا بحساب وغير حساب من قبل القائد الروماني هي التي حفزت هذه القبائل على شن هذا الهجوم الكاسح..
شمس: إذا صحّت الأخبار فالمعجزة أن لا تحتل القوات الرومانية مع القبائل المتمردة العاصمة الحميرية وتبيحها وأهلها لقواتها الظافرة تعبث فيها فساداً..
مزاحم: قلبي يحدثني أن المعجزة ستحدث يا شمس وأن العاصمة الحميرية ستنجو من احتلال الرومان.
شمس: هل نحن في عصر المعجزات؟..
مزاحم: لم لا يا أختاه فهنالك إرهاصات بقرب ظهور نبي مثل موسى وإبراهيم وأن هذا النبي سيولد في المنطقة المسماة بفلسطين اليوم..
شمس: أجاد فيما تقول يا مزاحم؟
مزاحم: صدقيني يا أختاه.. هذا ما يتحدث به الكهان والعرّافون والمطلعون على سير الأولين..
شمس: أرجو أن تتحقق المعجزة فتنجو بلادنا من احتلال الرومان إلى الأبد.. إلى الأبد..
(عواء الذئاب المتقطع نسمع بعدها صوت سيلاوس يقول):
سيلاوس: أرانا نسير في طريق العودة بسرعة جنونية يا أبا داس..
أبو داس: إنها أوامر قائدنا الفرار (إيليوس) يا سيلاوس..
سيلاوس: أتسمع عواء الذئاب يا أبا داس؟
أبو داس: بلى.. بلى..
سيلاوس: بم تذكرك؟
أبو داس: تذكرني بهجوم العصابات العربية على القوات الرومانية.. ونحن في طريقنا من شمال بلاد العرب إلى جنوبها..
سيلاوس: ألا يكون هذا العواء مقدمة لهجوم عصابات عربية؟..
أبو داس: لا أستطيع الجزم ولكن..
سيلاوس: ولكن ماذا؟..
أبو داس: يلوح لي أن عواء العصابات كان يختلف في امتداده وقوته عن عواء الذئاب الحقيقي..
سيلاوس: صدقت يا أبا داس فعواء العصابات العربية له نغمة مميزة عن عواء الذئاب..
أبو داس: يا لحسن حظك يا (إيليوس) إن باب النجاة مفتوح أمامك على مصراعيه..
سيلاوس: ألا تؤمن بالمفاجآت؟..
أبو داس: أية مفاجآت يا سيلاوس.. أين هي والقوات الحميرية تكاد تدفنها رمال القبائل الشرقية الزاحفة..
سيلاوس: ولكني أؤمن بالمفاجآت وأعتقد أن طريقنا إلى (نجرانا) محفوف بالمصاعب والمكاره..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت إيليوس يقول):
إيليوس: ها هو اليوم الثالث يمضي على انسحابنا السريع وكل شيء على ما يرام..
مزيني: هذا صحيح سيدي القائد ولكنه انسحاب يكلفنا غالياً..
إيليوس: كيف يا مزيني كيف؟..
مزيني: تظهر بعض أعراض المرض على جنودنا فنضطر إلى تركهم في المكان الذي ظهرت فيه أعراض المرض عليهم بعد أن نعطيهم منوماً لا يصحون منه أبداً. ولو فرضنا أن أحدهم صحا فلن يصحو إلاّ بعد أن نكون قطعنا مسافات طويلة..
إيليوس: شيء مؤسف حقاً يا مزيني ولكنه عمل لا بد منه لمنع انتشار المرض بين من تبقى من الجنود من جهة وإزاحة المريض من آلام المرض من جهة أخرى..
مزيني: لا شك أنها حالة فظيعة.. فظيعة جداً سيدي القائد ولكننا مضطرون إلى ارتكابها في سبيل سلامة ما تبقى من جنودنا..
إيليوس: كيف وجدت معنويات جنودنا؟..
مزيني: أيسمح لي سيدي القائد بأن أكون صريحاً معه؟..
إيليوس: تكلم يا مزيني بملء حريتك..
مزيني: معنويات جنودنا محطمة. والخوف يسيطر على كل فرد منهم من المرض ولا سيما بعد أن رأوا مصير من يصاب بالمرض..
إيليوس: إنها الحرب يا مزيني ترتكب فيها من الفظائع ما لا يرتكبه متوحشو الأدغال وبرابرة الهون والصقالبة..
مزيني: إن أعمالنا الحالية فيها كثير مما كان يفعله متوحشو الهون والصقالبة. عندما احتلوا أوروبا..
إيليوس: على كل حال يجب إفهام الجنود والإيحاء إليهم بأن ما نفعله هو من أجل سلامتهم ووقايتهم من المرض.
مزيني: سمعت بعض الجنود يقول أهذا عمل إنساني.. ألا سبيل إلى إراحة المصاب بالمرض بطريقة غير قتله.. من يدري فقد يشفى المصاب لو أعطيت له فرصة المعالجة..
إيليوس: موجة التذمر هذه ستخف حدتها عندما يصل جنودنا إلى شاطىء السلامة..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: أسمعت بالطريقة الوحشية التي أمر (إيليوس) بانتهاجها مع الجنود الذين يصابون بالمرض..
سيلاوس: لا يا أبا داس لا..
أبو داس: إنهم يسقون الجندي المصاب مخدراً مسموماً لا يصحو منه إلى الأبد..
سيلاوس: يا لها من وحشية مسبقة وحشية البربر الذين اجتاحوا أوروبا..
أبو داس: صعقت يا سيلاوس حين بلغني الخبر.. ألا نقوم بعمل لإيقاف هذه الطريقة الوحشية..
سيلاوس: ما العمل مثلاً يا أبا داس؟
أبو داس: ننصح (إيليوس) مثلاً بحقن المصابين بالمرض بدواء منوّم لا يصحون منه إلا بعد أن نكون قد قطعنا مسافات طويلة ولا شك أن المصابين سيجدون من يعتني بهم من أهل هذا البلد..
سيلاوس: نصيحتك يا أبا داس أنجع واسطة لانتشار المرض بين اليمنيين. وإني لموقن أن (إيليوس) سيعمل بها حالاً..
أبو داس: إذن ما العمل؟..
سيلاوس: دع الروماني يقتل الروماني فهذا جزاء المعتدين..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :564  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 44 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.