شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 24 ـ
مكرز: لعلّه لا يريد أن يرى محمداً والمسلمين يدخلون مكة ويطوفون بالبيت..
سهيل:بل هذا هو السبب يا مكرز هو الذي حفز إبل سفيان على السفر..
مكرز: إنني معك يا أبا جندل في أنه ليس من الحكمة أن يقوم أبو سفيان بهذه الرحلة والبلد ترتقب زيارة لا ندري ما يتمخض عنها..
سهيل:لأبي سفيان في بعض الأحايين أعمال يحار المرء في تفسيرها وتعليلها فمثلاً هذه الرحلة ما هي موجباتها ومسبباتها. أما ما كان بالإمكان تأخيرها إلى وقت أكثر ملاءمة..
مكرز: إن أبا سفيان جد مطمئن من أن محمداً لن يأتي بحركة تناقض بنود صلح الحديبية.. فما عرف عنه إلا الوفاء والمحافظة على العهد..
سهيل:هذا أمر لا خلاف عليه إنما الخلاف في التوقيت..
مكرز: لم لا تقصد هند بنت عتبة فقد تساعدك على زوجها أبي سفيان..
سهيل:علمت أنها هي التي اقترحت سفر أبي سفيان. وأنها هي نفسها ستكون بالطائف في اليوم الذي يعتمر فيه محمد..
مكرز: إذن فسيلقى على عاتقك العبء كله. وأنه لعبء يقتل ولكنك خير من يحمل المسؤولية ويقدر واجبه حق قدره.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة يعقبها صمت مطبق يقطعه صوت صفوان بن أمية وهو يقول):
صفوان: المحاولة التي تريدنا الاشتراك فيها خطيرة جداً يا ناشز..
ناشز: ولكن نجاحها مضمون جداً جداً..
صفوان: حاولنا من قبل يا ناشز وكنا نقول مثلك إن محاولتنا ناجحة تماماً فإذا بنا نفشل فشلاً ذريعاً ما يزال أصدقاؤنا يتندَّرون به..
ناشز: لعلّنا ننجح هذه المرة يا صفوان..
صفوان: أنا أصبحت لا أؤمن بلعلّ وعسى وما تدعونا إليه حسابه يجب أن يخطىء فيه المرء وإلا تعرّض إلى ما لا يحمد عقباه..
ناشز: ولكني كما سمعت حسبت لكل شيء حسابه..
صفوان: لا أظنك يا ناشز. إنك مغرور بنفسك شأن كل المغامرين..
ناشز: ولكن هذه الفكرة واتتني حين ألقيت برحابك عصا ترحالي..
صفوان: إذن فهي فكرة مبتسرة مرتجلة. لم تأخذ ما تستحق من الدرس يا ناشز..
ناشز: ما عهدتك يا صفوان بهذا التردد والتهيب..
صفوان: ليس المخاطر محموداً وإنْ سلما. الملذوع يخشى جرة الحبل كما يقولون..
ناشز: محاولة الوصول إلى الهدف تحتاج إلى عدة محاولات. محاولة واحدة أو محاولتان لا تكفيان والمهم المثابرة حتى بلوغ الهدف.
صفوان: أنت تتكلم بلغة المحاربين وقوّاد الجيوش. قد يكون ما تقوله صحيحاً ولكن..
ناشز: ولكن ماذا يا صفوان..
صفوان: لا تنسى يا ناشز أن محمداً نبي وربه سيطلعه على كل شيء. لقد بعثت عمير بن وهب لاغتياله ولم يكن يعلم أحد بذلك غيري وغيره. فإذا برب محمد يطلعه على مؤامرتنا.
ناشز: إذن سأحاول أنا وحدي اغتيال محمد يا صفوان..
صفوان: ثق يا ناشز إن محاولتك ستبوء بالفشل وإني أنصحك..
ناشز: تنصحني بماذا يا صفوان؟..
صفوان: أنصحك باللحاق بأقربائك وإخوانك في جهات الشام فحياتك ستكون مهددة بالخطر لو علم بك أحد من أصحاب محمد وقد اصبحوا بيننا يسرحون ويمرحون بعد معاهدة الحديبية.
ناشز: إذن فالسلام عليك يا صفوان سلاماً لا لقاء بعده.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مكرز بن حفص يقول):
مكرز: شوهد رجل غريب في دار صفوان بن أمية منذ عدة أيام..
سهيل:ربما يكون من أهل الشام الذين تربطهم بصفوان روابط تجارية.
مكرز: يقول من أخبرني أنه يشبه يهود خيبر..
سهيل:اليهود خيبر سحنة خاصة يا مكرز؟..
مكرز: بلى يا أبا جندل لأنهم يتزاوجون من بعض كما أن لغتهم فيها بعض المدات والغنات التي جاءتهم ممن وفدوا من يهود شمال الجزيرة..
سهيل:أما يزال هذا الضيف لدى صفوان؟..
مكرز: قيل إنه سافر أمس بصحبة قافلة لصفوان في طريقه إلى الشام..
سهيل:كفانا الله شره يا مكرز..
مكرز: ولكن كان الأحرى بصفوان أن يأتي بضيفه إلى الندوة ليعرفه بقادة قريش..
سهيل:لعلّ ضيفه من الشخصيات التافهة الهزيلة التي لم ير صفوان بن أمية أنها تشرفه إن هي زارت الندوة..
مكرز: هذا ما يحملني على الظن بأن ضيف صفوان كان من يهود خيبر..
سهيل:سواء كان من يهود خيبر أو من غيرهم فقد رحل إلى حيث ألقت..
مكرز: أمن أخبار جديدة عن محمد يا جندل؟.. فرحيل هند بنت عتبة إلى الطائف نذير بقرب مجيء محمد للاعتمار..
سهيل:صدقت يا مكرز فمحمد في طريقه إلى مكة..
مكرز: والمسؤولية ألقاها أبو سفيان على كاهلك وسافر إلى بلاد الشام والروم..
سهيل:أرجو أن تمر أيام الاعتمار بسلام يا مكرز وألا يحدث فيها ما يزعج..
مكرز: أما سفهاء مكة وغوغاؤها فسأكفيك شرهم يا أبا جندل. وتكفل أنت بالبقية من وجوه قريش وزعمائها..
سهيل:لقد كفونا شرهم بمغادرتهم مكة إلى الطائف أو إلى الأماكن المجاورة لمكة أسمع يا مكرز..
مكرز: نعم يا أبا يزيد؟..
سهيل:أأنت متأكد من أن ضيف صفوان بن أمية قد رحل..
مكرز: بلى.. إني متأكد جداً يا أبا جندل.. ولكن لم عدت تثير موضوعه؟..
سهيل:خشيت أن يكون ما قلت عنه أنه من يهود خيبر. وإنه قطعاً ما جاء إلا لتدبر مؤامرة أو اغتيال شأنه شأن غيره من اليهود..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت هند بنت عتبة تقول):
هند: حسناً ما فعلت يا صفوان بترحيلك هذا اليهودي..
صفوان: خشيت أن يخلق لنا مشاكل لا نستطيع مجابهتها وأبو سفيان غائباً..
هند: ما أفظع اليهود يا صفوان لا يتركون محمداً من أذاهم..
صفوان: إن محمداً طهر منطقة يثرب منهم فكيف لا يتآمرون على اغتياله كلما سنحت لهم فرصة.
هند: ولكني كما علمت أن اليهود هم الذين اضطروا محمداً إلى قتالهم وطردهم من جهات يثرب لقد أمنهم حين دخل يثرب وعاهدهم وعاقدهم ولكنهم كانوا ينقضون العهود ويجبرون محمداً على قتالهم..
صفوان: والشيء الغريب أن اليهود جربوا قتال محمد عندما أثاروا بني قينقاع عليه ولكنهم لم يخلدوا إلى السكينة وينعموا بالمعاملة الكريمة التي كان محمد يعاملهم بها بل تحرشوا به المرة بعد الأخرى حتى قضي عليهم نهائياً..
هند: إنهم كانوا كالباحث عن حتفه بظلفه يا صفوان..
صفوان: صدقت يا هند.. تصوري أن يهود خيبر بعد أن استسلموا لمحمد أوعزوا إلى زوجة سلام بن مشكم زعيمهم بأن تضع السم لمحمد في شاة مطبوخة..
هند: هل أكل محمد من لحم هذه الشاة؟..
صفوان: بلى يا هند لاك اللحم ومضغه ثم لفظه وقال لأصحابه ارفعوا أيديكم عنه..
هند: لا شك أن ربه أوحى له بذلك..
صفوان: قطعاً يا هند وإلا من أين له أن يعرف..
هند: وماذا كان مصير اليهودية التي دست له السم..
صفوان: قيل إن محمداً أرسل إليها فسألها. هل سمَّمت هذه الشاة فقالت من أخبرك قال أخبرتني ذراع الشاة المسمومة..
هند: فاعترفت حينئذ..
صفوان: بلى. فقال لها محمد؟ ما حملك على ذلك؟..
هند: سؤال محمد في محله..
صفوان: قالت. إن كنت نبياً يطلعك الله وإن كنت كاذباً فأريح الناس منك وقد استبان لي أنك صادق وأنا أشهدك ومن حضرك إني على دينك وأن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله..
هند: لا شك أن محمداً عفا عنها..
صفوان: أجل يا هند أجل.. هذا ما سمعته من ناشز اليهودي..
هند: ومع كل هذه البينات جاءنا ناشز لتدبر مؤامرة لاغتيال محمد.. يا لمحمد من هؤلاء اليهود ومكرهم ودسائسهم..
(نقلة صوتية نسمع فيها أصوات المسلمين وهم يلبون قائلين):
أصوات: لبيك اللَّهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك..
(تتكرر التلبية نسمع بعدها صوت سهيل يقول):
سهيل:علمت يا مكرز أن محمداً ساق معه ستين بدنة وحمل السلاح والدروع والرماح ومائتي فرس قدمها أمامه وعليها محمد بن مسلمة والسلاح واستعمل عليه بشير بن سعد..
مكرز: هذا صحيح يا أبا جندل.. وقد سلك محمد بجيشه طريق الفرع. أتراه يريد قتالنا..
سهيل:والله لا أستطيع الجزم يا مكرز.. ولكن أذهب في نفر من قريش واسألوا محمداً لم يأتنا بسلاحه ودروعه وخيله ومداد معاهدة الحديبية لم يجف بعد..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى تختلط بوقع حوافر الخيل وصهيلها وقعقعة السلاح تعقبها أصوات التلبية):
أصوات: لبيك اللَّهم لبيك.. (تتكرر التلبية نسمع بعدها صوت مكرز بن حفص يقول):
مكرز: يا محمد بن مسلمة. والله ما أحدثنا حدثاً وأنا على كتابنا ومدتنا ففيم يغزونا محمد في أصحابه نحن موفدون من قبل قريش فخذنا إليه.
محمد بن مسلمة: هيا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فإنه ينزل بطن ياجج..
(موسيقى سريعة تختلط بوقع حوافر خيل القادمين الذين عندما يصلون إلى مجلس الرسول الأعظم يقول مكرز):
مكرز: يا محمد. والله ما عرفت صغيراً ولا كبيراً بالغدر. تدخل بالسلاح في الحرم على قومك وقد شرطت لهم أن لا تدخل إلا بسلاح المسافر السيوف في القرب.
محمد بن مسلمة: صه يا معشر قريش أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول لكم.
أصوات: قل يا محمد بن مسلمة.. قل..
محمد بن مسلمة: يقول: إنه لن يدخل عليكم بسلاح..
مكرز: هذا الذي تعرف به يا محمد البر والوفاء. هيا بنا يا قوم..
(موسيقى تختلط بتحركات العائدين نسمع بعدها أصوات التلبية):
أصوات: لبيك اللَّهم لبيك (تتكرر التلبية نسمع بعدها صوت سهيل بن عمرو يقول):
سهيل:إذن لمحمد على الشرط الذي شرط لنا. كنت واثقاً يا مكرز من أن محمداً لن ينقض عهداً وإنما فعل احتياطاً وتوثقاً خوفاً من غدرنا به..
مكرز: بلى يا أبا جندل. وقد خلف السلاح في بطن ياجج مع مائتي رجل على رأسهم أوس الأنصاري.
أصوات: لبيك اللَّهم لبيك..
سهيل:وما آفة الأخبار إلا رواتها..
مكرز: كيف يا أبا جندل كيف؟..
سهيل:كانت الأخبار التي تردنا عن أصحاب محمد أن حمى يثرب وقد وهنتهم وأضعفتهم فإذا هم انظر يا مكرز. انظر.. إنهم يرملون الأشواط الثلاثة وقد اصطبغوا بثيابهم..
مكرز: صدقت يا أبا جندل.. لهؤلاء المسلمون أقوى من الحديد. إنهم لينفرون في خفة الظباء ورشاقتها..
سهيل:لقد امتلأ جبل قيقعان بالقرشيين وهم يتفرجون على المسلمين بينما هم يطوفون بالبيت ويسعون بين الصفا والمروة. يا ويل قريش من هذه الزيارة يا مكرز يا ويلها..
مكرز: أراك تعلق أهمية كبيرة على هذه الزيارة..
سهيل:أجل يا مكرز أجل. سترى قريش بعدها ورب هذا البيت كيف يدخل الناس أفواجاً أفواجاً في دين محمد..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت صفوان بن أمية يقول):
صفوان: لقد واجه سهيل بن عمرو يا هند موقفاً صعباً قبل دخول محمد مكة معتمراً..
هند: كيف يا صفوان كيف؟..
صفوان: قدم محمد ومعه السلاح والدروع والرماح ومائتا فرس فظن أن محمداً يبيت غزواً لمكة.
هند: للناس الحق في أن يظنوا هذا الظن عندما يسمعون بهذا السلاح مع محمد..
صفوان: وكاد زمام الأمن يفلت من بين يدي سهيل بن عمرو..
هند: لقد تركناه وحده في الميدان يا صفوان..
صفوان: تركنا معه حويطب بن عبد العزى ومكرز بن حفص..
هند: مكرز بن حفص الرعديد الجبان.. يا بئس من تركتم.. مسكين سهيل بن عمرو ماذا صنع وليس عنده من يعتمد عليه.
صفوان: أرسل وفداً على رأسه مكرز بن حفص للتأكد من الخبر..
هند: وسأقول لك قبل أن تقول لي يا صفوان. إن محمداً أجابهم بأنه لن يدخل مكة بالسلاح وأنه عند العهد الذي عاهد قريشاً عليه. أليس كذلك..
صفوان: لعلّك عرفت هذا من غيري يا هند..
هند: لا ورب البيت يا صفوان ولكني أعلم يقيناً أن محمداً ما عرف عنه أن نكث عهداً أو أخلف وفاء..
صفوان: لا شك أن العمرة التي يقوم بها محمداً الآن دعاية واسعة لمحمد ودين محمد..
هند: وهي من نتائج معاهدة الحديبية التي جنى محمد ثمارها وشربت قريش مرارها..
صفوان: أية مرارة يا هند.. إن معاهدة الحديبية انتصار لقريش ما بعده انتصار ستزدهر تجارتنا وتنمو مواردنا وليس لنا هدف سوى رفع مستوانا الاقتصادي.. أما محمد..
هند: أما محمد فماذا يا صفوان؟..
صفوان: أما محمد فسيكون منهمكاً في صراع مستمر في سبيل نشر دعوته وتبليغ رسالته لا يخرج من معركة إلا ليدخل في أخرى وهكذا تضمحل تجارته وتتدهور اقتصادياته في الوقت الذي تقوى فيه قريش وتمكن لسيادتها.
هند: إنك تتكلم بلغة أرباب المال يا صفوان لا بلغة الحديد والنار.. أترى محمداً ومن معه من الغباء والغفلة بحيث لا يلتفتون إلى تنمية مواردهم الاقتصادية ولا يعلمون أنه بدون المال لا يستطيعون القتال سواء في موقف الهجوم أو الدفاع.
صفوان: ولكن الحروب نار تأكل الأخضر واليابس..
هند: ولكن محمداً يحارب في سبيل عقيدة لا في سبيل مطامع شخصية أو دنيوية..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :660  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 24 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج