شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 25 ـ
صفوان: إنني أكره الحروب يا هند مهما تكن الدوافع إليها ومع ذلك أراك اليوم مندفعة في مديح محمد وأصحاب محمد..
هند: لقد سبقني أبو سفيان إلى مديح محمد من قبل أن يبرح إلى يثرب..
صفوان: كيف يا هند كيف؟..
هند: خرجت مع أبي سفيان إلى البادية ومعنا ابني معاوية على حمار له.. فسمعنا محمداً يدعو لدينه فقال أبو سفيان..
صفوان: قال ماذا؟..
هند: أنزل يا معاوية حتى يركب محمد.. وركب محمد ثم التفت إلينا وقال..
صفوان: ماذا قال محمد؟..
هند: يا أبا سفيان بن حرب.. ويا هند بنت عتبة.. والله لتموتُنَّ ثم لتبعثنَّ ثم ليدخلنَّ المحسن الجنة والمسيء النار. وأنا أقول لكم بحق وأنكم لأول من أنذرتم ثم تلا مما يوحي إليه..
صفوان: ماذا تلا؟..
هند: (حم.. تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم). حتى وصل إلى قوله.. (قالتا أتينا طائعين).. ثم نزل عن الدابة وانصرف فقلت لأبي سفيان بعد انصراف محمد..
صفوان: قلت ماذا؟..
هند: ألهذا الساحر أنزلت ابني..
صفوان: صدقت يا هند..
هند: فقال أبو سفيان.. لا والله يا هند ما هو بساحر ولا كذاب.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مكرز بن حفص يقول):
مكرز: هل من أخبار عن أبي سفيان يا أبا يزيد؟..
سهيل:لا جديد عن أبي سفيان يا مكرز.. لو أتيحت لي الفرصة لعشت ستة شهور في تلك الربوع الجميلة..
مكرز: أبلاد الشام إلى هذا الحجم من الجمال والروعة..
سهيل:لو حدثتك ليالي وأياماً عن بلاد الشام ما وفيت عشر معشار ما أفاء الله عليها من خيرات ونعم وظل وماء وشجر..
مكرز: إنك تشوقني إلى زيارة هذه البلاد..
سهيل:ولم لا تخرج في تجارة لصفوان بن أمية إلى الشام..؟
مكرز: إن صفوان بن أمية يخشاني ولا يرضي أن أذهب في تجارة له.
سهيل:لا تذهب كمسؤول عن تجارته بل اذهب رفيقاً لرجال صفوان. وإني جد متأكد إنهم سيرحبون بك فاسمك ترعبه كثير من القبائل التي ستمر بها هذه القافلة.
مكرز: إنك تثير غروري يا أبا جندل؟ حبذا لو سمعتك هند بنت عتبة التي تلقبني بالجبان الرعديد من يوم إن افلت من قبضة محمد بن مسلمة قائد حرس محمد..
سهيل:ألم يسلم أحد من لسان هذه الإنسانة السليط. إذا لم تجد أحداً تشتمه فقد تشتم نفسها أو تتعارك مع خيالها إن لم تجد أحداً..
مكرز: لقد شغلنا بالحديث عن أبي سفيان وبلاد الشام ونسينا في غمرة هذا الحديث محمداً واصحاب محمد..
سهيل:أجل يا مكرز أجل.. أنستنا ربوع الشام الجميلة عن حديث الساعة.. الحديث عن محمد يا للروعة التي ظهر بها محمد وأصحابه..
مكرز: والقوة يا أبا جندل.. أرأيت كيف يرملون وهم يسعون بين الصفا والمروة والأرض تكاد تتشقق من تحت ارجلهم.. كنا نظن أن حمى يثرب قد وهنت أجسادهم فإذا بهم أصحاء أشداء..
سهيل:بلى يا مكرز بلى.. وهذا النظام الذي يسود تحركاتهم وحياتهم. إنه ينقصنا أننا نعيش في فوضى لا مثيل لها..
مكرز: فوضى يا سهيل تهدد بسوء المصير إن لم نقض عليها.. أو نعالجها حالاً..
سهيل:ولقد تجلت روعة هذا النظام بأجلى مظاهرها في صلاتهم. وعندما اصدر لهم محمد الأمر بالعودة بعد انتهاء أيام العمرة.. صفوف متراصة منتظمة وخضوع وطاعة ما عرفها العرب من قبل..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى صاخبة وابواق وضجيج نسمع بعده صوت بطريق الروم يقول):
البطريق: يا جناب القيصر الهمام.. باركك الرب.. لكأنك الغداة أصبحت مهموماً..
هرقل: أجل أيها البطريق. رأيت حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر فمن يختتن من هذه الأمم..
البطريق: ما نعلم أمة تختتن إلا اليهود.. وهم في سلطانك وتحت يدك ما كُتب إلى مدائن ملكك فليقتلوا من فيهم من اليهود واسترح من هذا الهم..
(نسمع ضجيجاً تصحبه موسيقى خفيفة نسمع بعدها صوت هرقل يقول):
هرقل: ما هذا الضجيج الذي أسمعه أيها البطريق..
البطريق: رسول صاحب بصري يقود رجلاً من العرب..
هرقل: أدخلوه مع العربي..
البطريق: أيها القيصر العظيم. إن هذا العربي يحدث عن أمر حدث له..
هرقل أيها البطريق سل هذا العربي عن هذا الحدث الذي كان ببلده..
البطريق: أيها القيصر إن هذا العربي يقول: خرج بين أظهرهم رجل يزعم أنه نبي وقد أتبعه ناس وخالفه آخرون وكانت بينهم ملاحم في مواطن كثيرة وأنه تركهم على ذلك.
هرقل: اذهبوا به وانظروا امختتن هو أم لا..
البطريق: إنه مختتن أيها القيصر..
هرقل: هذا ملك هذه الأمة قد ظهر أعطوه ثيابه ولينطلق وقل أيها البطريق لصاحب الشرطة أن يقلب الشام ظهراً لبطن حتى يأتيني برجل من قوم هذا الذي يزعم أنه نبي..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت صفوان بن أمية يقول):
صفوان: ألا ترغبين في العودة إلى مكة يا هند فقد غادرها محمد وأصحابه.
هند: أراني استروحت المقام بالطائف يا صفوان بين هذه الكروم الجميلة والهواء العليل والظلال المرحة..
صفوان: ولكن مكة ومن فيها بحاجة إليك وخاصة في غياب أبي سفيان..
هند: لقد طال غياب أبي سفيان يا صفوان غياباً ليس من عادته أنه يثير قلقي واضطرابي..
صفوان: إنه بخير فأخبار السوء يا هند لا تتخفى.. وما دمت قلقة على أبي سفيان فإني ارى أن تعودي إلى مكة لتكوني على اتصال بالذاهبين والقادمين من بلاد الشام..
هند: صدقت يا صفوان فقد تكون لديهم أخبار عن ابي سفيان..
صفوان: ألم يأتك سهيل بن عمرو بأي خبر عن أبي سفيان؟..
هند: لا يا صفوان. إن أبا جندل مثلي قلق على أبي سفيان. إن العبء الذي ألقى عليه جسيم في هذه الفترة الحبيبة إليك يا صفوان..
صفوان: أجل يا هند أجل.. إنها فترة حبيبة إلى نفسي فتجارتي مزدهرة وأموري تسير من حسن إلى أحسن ما أحلى الاستقرار والهدوء..
هند: إنه الهدوء الذي يسبق العاصفة يا صفوان..
صفوان: كفانا الله شر العواصف وأدام علينا نعمة الأمن والاطمئنان. وبعد عشر سنين يخلق ما لا تعلمون..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى صاخبة وهمهمات وغمغمات تدل على اجتماع هام نسمع بعدها صوت البطريق يقول):
البطريق: هاهم أيها القيصر..
هرقل: أيكم اقرب نسباً بهذا الذي يزعم أنه نبي..
أبو سفيان: أنا أقربهم نسباً..
هرقل: أدن مني وقل أيها البطريق لأصحاب هذا الرجل إني سأسأله فإن كذب فردوا عليه..
أبو سفيان: سل ما بدا لك أيها القيصر..
هرقل: كيف نسبه فيكم؟..
أبو سفيان: هو فينا ذو نسب..
هرقل: هل قال هذا القول منكم أحد قط قبله..
أبو سفيان: لا أيها القيصر..
هرقل: هل كان من آبائه من ملك؟..
أبو سفيان: لا..
هرقل: أفأشراف الناس أتبعوه أم ضعفائهم؟..
أبو سفيان: بل ضعفائهم..
هرقل: أيزيدون أم ينقصون؟..
أبو سفيان: بل يزيدون..
هرقل: هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟..
أبو سفيان: لا أيها القيصر..
هرقل: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟..
أبو سفيان: لا..
هرقل: هل يغدر؟..
أبو سفيان: لا ونحن منه مدة لا ندري ما هو فاعل فيها؟..
هرقل: هل قاتلتموه؟..
أبو سفيان: نعم..
هرقل: فكيف كان قتالكم إياه؟..
أبو سفيان: الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه..
هرقل: ماذا يأمركم؟..
أبو سفيان: يقول اعبدو الله وحده ولا تشركوا به شيئاً واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة..
هرقل: إن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين. وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم فلوا علم أني أخلص إليه فتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه. أيها البطريق أقرأ الكتاب الذي وصلني من هذا النبي..
البطريق: (يقرأ) بسم الله الرحمن الرحيم.. ومن محمد بن عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم. سلام على من اتبع الهدى. أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام. أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين. فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسبين قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (سورة آل عمران 64).
(أصوات صخب ولغط مصحوباً بموسيقى صاخبة وهرج ومرج نسمع صوت هرقل يقول):
هرقل: أو خرجوا هؤلاء الأعراب ولينصرفوا من حيث أتوا..
أبو سفيان: (يضرب يداً على يد وهو يقول) يا لعباد الله. لقد أمرني بن ابي كبشة أصبحت ملوك بني الأصفر يهابونه في ملكهم وسلطانهم.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مكرز بن حفص يقول):
مكرز: جو مكة مشحون بالشائعات المختلفة.
سهيل:أية شائعات وما نوعها؟..
مكرز: شائعات كلها عن محمد وفي صالح محمد..
سهيل:أنا يهمني يا مكرز ماهية هذه الشائعات. أما أن تكون في صالح محمد فالأمور كلها منذ صلح الحديبية تسير في صالح محمد..
مكرز: انتشار الإسلام بين أهل مكة بشكل يثير الرعب والقلق..
سهيل:هذا شيء طبيعي نتج عن الاختلاط الحر الذي أرساه صلح الحديبية..
مكرز: لا يقتصر الدخول في الإسلام على المستضفعين فحسب بل يتعداه إلى القادة والزعماء..
سهيل:قادة وزعماء من قريش يا مكرز..
مكرز: بلى يا أبا يزيد بلى..
سهيل:على من تتركز الشائعات من القواد والزعماء..
مكرز: على خالد بن الوليد وعمرو بن العاص.
سهيل:(بسخرية) وأبو سفيان أيضاً أليس كذلك؟..
مكرز: أراك تسخر من قولي يا أبا جندل..
سهيل:لا.. ولكني استبعد إسلامهما في الوقت الحاضر..
مكرز: إذن فأنت تتوقع أن يسلما فيما بعد..
سهيل:وأنا وأنت يا مكرز أيضاً..
مكرز: أنا مستحيل يا أبا جندل.. أدخل في الإسلام مستحيل. أما أنت فأنت أعلم بنفسك مني..
سهيل:سترى في القريب العاجل من منا سيسبق الآخر للدخول في دين محمد..
مكرز: إنك تحيرني يا سهيل. لولا أني أقرب الناس وألصقهم بك لأتهمتك بالدخول في الإسلام..
سهيل:الدخول في الإسلام لا يعد تهمة ولا جريمة يا مكرز. وها هي البلد تتحدث عن عزم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد الدخول في دين محمد. فمن يجرؤ على اتهامهما؟
مكرز: إذن أنت على علم سابق بعزم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد على الدخول في الإسلام وتتجاهل ويلي من بحرك العميق..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت صفوان بن أمية يقول):
صفوان: نزولك إلى مكة يا هند أصبح ضرورة ملحة بعدما تواترت الأنباء عن عزم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد الدخول في الإسلام.
هند: أتجد فيما تقول يا صفوان؟..
صفوان: أي ورب الكعبة يا هند؟.. هذا ما يتحدث الناس به في مكة..
هند: ألم تفاتح أياً منهما في هذا الأمر؟..
صفوان: إنني معك هنا بالطائف ولكني عازم على مفاتحتهما في أمر هذه الأخبار بمجرد نزولي إلى مكة..
هند: وسهيل بن عمرو ماذا يفعل وقد أناط به أبو سفيان المسؤولية في غيابه.
صفوان: لا أدري يا هند لا أدري. إني موقن أن سهيل بن عمرو لا يتوانى في الأمر لخطورته على الناس.
هند: خبر خطير جداً يا صفوان.. إذا ما قيل عن عزم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد في الإسلام..
صفوان: إنه خبر يتهدد سلامة قريش وسيادتها يا هند وعودة أبي سفيان أصبحت لازمة لمعالجة الموقف الذي سيتدهور بسرعة مذهلة إذا صح الخبر.. ألا تستطيعين مقابلة عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وإقناعهما بالعدول.
هند: سافعل يا صفوان سافعل. فالقضية بالنسبة لقريش قضية حياة أو موت..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :646  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ديوان زكي قنصل

[الاعمال الشعرية الكاملة: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج