شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 8 ـ
داعس: علمت أن اثنين من أفراد السرية المحمدية قد نجوا من القتل يا ابن أُبي.
ابن أبي: من هما يا داعس؟
داعس: كعب بن زيد وعمرو بن أمية الضمري..
ابن أبي: كيف نجوا من القتل؟
داعس: ترك كعب بن زيد بين القتلى وبه رمق وأخذ عمرو بن أمية أسيراً فلما أخبر عامر بن الطفيل أنه من مضر أطلقه وبعد أن جز ناصيته وأعتقه عن رقبته زعم أنها كانت على أمه.
ابن أبي: إذن فالقتلى أقل من الأربعين.
داعس: وهو عدد ليس بالقليل يا بن أبي أليس كذلك؟
ابن أبي: بلى يا داعس بلى وخسارة محمد فيهم لا تعوّض.
داعس: أجل يا بن أُبي.. ولكني لم أكمل بعد حديثي عن اللذين نجوا من القتل.
ابن أبي: قل يا داعس قل.
داعس: الجريح كعب بن زيد نقل إلى المدينة وهو بين الحياة والموت..
ابن أبي: وعمرو بن أمية الضمري؟
داعس: عمرو هذا بعد أن أعتق ذهب لا يلوي على شيء حتى إذا كان بالقوقرة..
ابن أبي: وأين القوقرة هذه يا داعس.
داعس: القوقرة مكان يبعد ثمانية برد عن يثرب ويسمى قوقرة الكدر)..
ابن أبي: وبعد يا داعس..
داعس: جلس عمرو يستروح ظل شجرة فاقبل رجلان ونزلا معه في ظل الشجرة فسألهما عمرو فقالا إنهما من بني عامر فأمهلهما عمرو حتى إذا ناما قتلهما وهو يرى أنه أصاب بهما ثأرة فيمن أصيبوا من أصحاب محمد..
ابن أبي: يا له من مجرم آثم. وبعد يا داعس..
داعس: فلما قدم عمرو على محمد وأخبره الخبر قاله له لقد قتلت قتيلين بيني وبينهما عقد وجوار وسأدنيهما..
ابن أبي: لقد أضر بمحمد من حيث ظن أنه نفع وأخذ بالثأر ولبعض من قتلوا من أصحاب محمد.
داعس: وقد علمت يا بن أُبي.
ابن أبي: علمت ماذا يا داعس؟
داعس: علمت أن محمداً سيخرج إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر لأن بين بني النضير وبين عامر عقد وحلف.
ابن أبي: فرصة تسنح لي للانتقام من محمد له أتركها من دون اقتناصها الويل لمحمد وأصحاب محمد سيكون انتقامي فظيعاً وفظيعاً جداً.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت شاس بن يقول):
شاس: أرأيت يا أم اسحق..
أم اسحق: رأيت ماذا؟
شاس: كيف استطاع اليهود بتعاونهم مع جماعة ابن أُبي ضرب محمد ضربة في الصميم.
أم اسحق: إما أنها ضربة لمحمد فهذا ما أشك فيه.
شاس: كيف يا أم اسحق. أربعون قارئاً متفقهون في دين محمد يقتلون في غمضة وتشكين أنها ضربة إذن فأنت حمقى.
أم اسحق: احبس لسانك عن الشتم وتعال نتكلم بالمعقول.
شاس: أي معقول يا هذه وأنت أصبحت لا تفرقين بين المعقول وبين اللامعقول.
أم اسحق: أما قلت لك لا تحقد ولا تغلب إذا كنت تريد إقناع أحد فالغضب حجر عثرة في سبيل أي تفاهم أو جدل وإقناع.
شاس: سأمسك بزمام أعصابي. تكلمي يا أم اسحق. تكلمي بمعقولك..
أم اسحق: هذا العدد الذي فقده محمد من خيرة رجاله لا يعد ضربة لمحمد وإنما خسارة تعوّض ولكن الضربات كثيراً ما تكون قاضية ومعناها الهلاك. ومحمد ما يزال يقف على رجليه مرفوع الرأس كأنه لم يصب بشيء..
شاس: إنه تجلد يا هذه..
أم اسحق: تجلد. صبر قوة عزم سمه ما شئت. المهم محمد ما يزال محمداً وما يزال الخطر يتهدد مصير اليهود في هذه المنطقة إن لم يصانعوه ويلتزموا حدود ما اتفقوا معه عليه.
شاس: إن العهد الذي أعطاه محمد لليهود كان تخديراً لهم حتى لا يميلوا إلى أعدائه فيرجحوا أكفتهم عليه. وإني لمتأكد أن محمداً سينقض هذا العهد في الوقت الذي ينتهي عن مشاكله مع قريش..
أم اسحق: ولكني لم أسمع أن محمداً نقض العهد أو بنو قينقاع. أجب متجرداً من حقدك وعدائك لمحمد.
شاس: لا يا أم اسحق.. بنو قينقاع هم الذين نقضوا العهد.
أم اسحق: هل أساء محمد معاملة اليهود أو غيرهم من الذين عاهدهم..
شاس: لا يا أم اسحق.
أم اسحق: ولكنك أنت وغيرك من اليهود تسعون في تدمير محمد.. أليس هذا نقض للعهد.
شاس: ولكن وجود محمد يتهدد وجودنا يا أم اسحق وكراهتنا لمحمد ودين محمد تجري في دمائنا ولا سبيل إلى إزالة ما يجري في الدماء.
أم اسحق: إذن فمصير اليهود في هذه المنطقة إلى الزوال نتيجة حتمية لا شك فيها.
شاس: ولكن التخلص من محمد سيحول دون هذا المصير الذي تتوقعينه لليهود يا أم اسحق.
أم اسحق: ويجرؤ على اغتيال محمد لقد دبرت عدة مؤامرات لاغتياله ولكنه كان ينجو منها في كل مرة أتذكر آخر واحدة منها.
شاس: أتعنين محاولة عمير بن وهب الجمحي وكيف انقلبت إلى دخوله في الإسلام وعودته إلى بلده مكة للتبشير بهذا الدين علنا أمام أعداء هذا الدين من القرشيين.
أم اسحق: أجل يا شاس أجل..
شاس: ولكن اليهود في هذه المرة هم الذين سيقومون باغتيال محمد وأنت تعرفين جرأة قومك وقدرتهم على حبك المؤمرات.
أم اسحق: إن انتصار محمد على قريش في بدر أفقد اليهود صوابهم فجعلهم ينقلون مقاومتهم لدعوة محمد من ميدان الصراع الكلامي إلى ميدان الحرب الدامي ولعمري إذا سلك قومي اليهود هذا الطريق فوجودهم مهدد بالدمار.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى تختلط بأصوات الباعة والتجار والمنادين نسمع بعدها صوت رافع يقول):
رافع: كيف حال التجارة في هذه الأيام يا قردم بن عمرو؟
قردم: حال السوق التجارية حسنة في هذه الأيام. فمتى وجد الاستقرار نشطت الحركة التجارية يا رافع والعكس بالعكس.
رافع: أنتم أيها اليهود مصدر الشر والبلاء فمكائدهم ومؤامراتكم ودسائسكم جلبت الكساد لسوقنا فطلاب الميرة انقطعوا عن المدينة من دسكم وأراجيفكم والمستوردون لسلع الشام قبعوا في دورهم خشية العابثين بالأمن في الطرق التجارية.
قردم: ولم تتهمنا نحن اليهود يا رافع وتنسى قريش مكة والأعراب المجاورين للمدينة وعبثهم بالأمن.
رافع: أنتم يا قردم وراء تحركات قريش والإعراب وأنتم اليهود تحيطون بالمدينة وتتحرشون بالمسلمين وتحرشكم هذا يبدد سحب الاستقرار التجاري التي تخيم على المدينة.
قردم: لا أدري يا رافع ماذا أصاب قومي اليهود بعد انتشار المسلمين في بدر كنت أعتقد أنهم سيخلدون إلى السكينة ويبدؤون صفحة تعاون مع المسلمين فإذا بهم يفتحون صفحة من العداء السافر للمسلمين لا يعلم أحد نتائجها.
رافع: حقاً ما تقوله يا قردم.. بنو قينقاع اقرب ديار اليهود جميعاً إلى المسلمين تحرشوا بهم ولم ينفع معهم النصح ولم تجد مفاوضة النبي صلَّى الله عليه وسلم لهم فركبوا رؤوسهم وكان ما كان من استسلامهم من دون قيد أو شرط..
قردم: وهذا التحرش لا شك قد أثر على الحركة التجارية في المدينة وخلق جواً من الاضطراب والخوف..
رافع: والتجارة كما تعلم يا قردم لا تزدهر في أجواء الخوف والهلع واضطراب حبل الأمن.
قردم: وجاءت ضربة المسلمين في أحد وكستهم في حادثتي بئر الرجيع وبئر معونة فزادت الطين بلة..
رافع: وكان بإمكان المسلمين إزالة آثار هذه النكسات لولا أنكم أيها اليهود أخذتم تتحركون من جديد وتحكمون مع المنافقين المؤامرات وتحيكون الدسائس ضد المسلمين وعلى الخصوص ضد النبي صلَّى الله عليه وسلم.
قردم: إنني فرد من اليهود ولست مسؤولاً يا رافع عما يفعله قومي..
رافع: لقد أثبتم أيها اليهود أن العهود والمواثيق التي تبرمونها مع غيركم إنما هي حبر على ورق تتمسكون بها عندما تكون في صالحكم وعندما تكونون في حاجة إلى التمسك بها.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سهيل بن يقول):
سهيل:بعد أشهر قليلة يحين موعد بدر الثانية وهو الموعد الذي تحدى فيه أبو سفيان المسلمين في أعقاب معركة أُحد.
مكرز: بلى يا سهيل بلى. وقد قبل المسلمون التحدي على ما أذكر.
سهيل:المعركة على الأبواب ولا أرى لها بوادر استعداد لها بين القرشيين.
مكرز: شيء يلفت النظر حقاً يا سهيل بن عمرو وأنتم قادتنا مسؤولون عن ذلك..
سهيل:ولكن أبا سفيان لم يحرك ساكناً في هذا الأمر بل لم يثر الموضوع في اجتماعات الندوة.
مكرز: لعلّ هند بنت عتبة لم تشر عليه بذلك..
سهيل:ألا أحد يشير على هند بنت عتبة بإثارة هذا الموضوع.
مكرز: ولم لا تثير أنت الموضوع في اجتماع الندوة وأنت أحد القادة يا سهيل بل ولسانها وخطيبها…
سهيل:وددت أكثر من مرة أن أذكر الحاضرين بهذا الموعد ولكني تفادياً للصراع مع أبي سفيان أو مع هند بنت عتبة على الوجه الأصح كنت أتحاشى الإثارة.
مكرز: أهند بنت عتبة تخيفك إلى هذا الحد يا أبا جندل..
سهيل:ما خشيت يا مكرز أحداً قط ولكني أراني في هذه الأيام أحب الانطواء ولا أريد الدخول في قال وقيل..
مكرز: ولكن الأمر يتعلق بكرامة قريش وسيادتها ويستقطب الجهود لمعركة حدد أبو سفيان موعدها ونسي حتى الآن الاستعداد لها..
سهيل:أترى محمداً يستعد لهذه المعركة أم نسيها هو كأبي سفيان في زحمة صراعه الدموي مع اليهود والمنافقين.
مكرز: لا معلومات عندي عما يجري في يثرب. ولكن المعروف عن محمد بن عبد الله أنه لا ينسى وعداً ولا موعداً حتى في أحلك الظروف التي مرت به.
سهيل:إذن فأنت ميّال إلى أن المسلمين سيستعدون لهذه المعركة.
مكرز: لا ريب عندي في ذلك فمعركة بدر الثانية هي معركة حياة أو موت بالنسبة لمحمد ودين محمد. معركة إن انتصر فيها محمد سترد سيادته وهيبته وإذا انهزم فيها كانت القاضية عليه وعلى أصحابه..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ابن أُبي يقول):
ابن أبي: تسير الأمور في صالحنا يا شاس. وأرى أن الظروف مواتية للقضاء على الإسلام والمسلمين في شخص محمد بن عبد الله..
شاس: أنت تعلم يا بن أُبي أن أحب شيء على اليهود هو القضاء على هذا الدين ورسول هذا الدين وإني أود أن أؤكد لك أن بني النضير وسيدهم حيي بن أخطب على استعداد تام للقيام بهذه المهمة إذا ما تهيأت ظروفها.
ابن أبي: الظروف يا شاس تكاد تلقي بمقاليدها في أيديكم أيها اليهود..
شاس: كيف يا ابن أُبي كيف؟
ابن أبي: علمت أن محمد بن عبد الله سيسير إلى بني النضير يستعينهم ليساهموا مع المسلمين في دفع دية ذينك الرجلين العامرين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري.
شاس: هل سيسير محمد إلى بني النضير وحده أو مع نخبة قوية من أصحابه.
ابن أبي: محمد سيذهب إلى بني النضير غير مسلح ولا مستعد لحرب لأن بينه وبين بني النضير معاهدة عدم اعتداء ولذلك سيسير إليهم وهو مطمئن لا يفكر في أنهم سيجرأون على إيصال أي شر إليه.
شاس: إذا صحت زيارة محمد لبني النضير فإنها ستكون فرصة العمر يا بن أُبي فرصة لن يسنح الزمان بمثلها للفتك بمحمد.
ابن أبي: لا شك عندي أن يهود بني النضير يدركون جدياً أنها فرصتهم الوحيدة للتخلص من محمد ولا يخامرني أَي ريب في أنهم سيقتنصون هذه الفرصة الذهبية ويضربون ضربتهم القاصمة ومع ذلك..
شاس: ومع ذلك. ماذا تقصد يا بن أُبي؟
ابن أبي: سأرسل أحد أتباعي المخلصين إلى بني النضير ليفاتحهم في الأمر.
شاس: لا أرى من الحكمة يا بن أُبي أن ترسل أحداً من قبلك في هذا الموضوع الدقيق. فبنو النضير وعلى رأسهم حيي بن أخطب يعرفون واجبهم ويعلمون تمام العلم أن الخلاص من محمد أمنيتهم الوحيدة التي يستهدفون تحقيقها عند سنوح أول فرصة لهم.
رافع: أخشى أن يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة يا قردم..
قردم: لسنا في موسم العواصف والزوابع يا رافع..
رافع: زوابعكم أيها اليهود تثور فجأة من دون سابق إنذار.
قردم: ولكن قومي اليهود أراهم في هذه الأيام منصرفين إلى تجارتهم يجد ونشاط غريبين.
رافع: إنه استعداد للقيام بأمر خطير فالحركة اليهودية في أسواقنا اليوم ليست طبيعية. والإقبال معهم على تخزين البضائع يدل على أن في الجو شيئاً ما.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت المنادي يقول):
المنادي: يا معشر المسلمين! يا معشر المسلمين! يا معشر المسلمين! رسول الله يأمركم بالتهيؤ لقتال بني النضير هيا استعدوا للجهاد في سبيل الله..
رافع: أما قلت لك يا قردم إنه السكون الذي يسبق العاصفة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :661  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 8 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج