شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتور عبد الله المعطاني
أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك عبد العزيز بجدة ))
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاةُ والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لعلي أتفق مع الأساتذة الكرام الذين باركوا مبادرة الاثنينية بالحديث عن هذه الكتب فنحن يهمنا الفكر أكثر مما يهمنا الشخص، والمتنبي كان ابن سقّا ولكنه ملأ الدنيا وشغل الناس، وجرير كان أبوه يرضع الشياه ولكنه أعطى ما أعطى من هذا الفكر، وأبو تمام وغيره.
في الواقع أنا حينما جئت إلى هذه الاثنينية بمهاتفة في ليلة البارحة من الدكتور زاهد زهدي وما كنت أعلم عن الكتاب، وأُرْسِلَ لي فعلاً، ولكن أُرسِل إلى الجامعة في رمضان وفي هذا اليوم بقيت في مكتبي سويعات حينما وجدته أتصفحه ولكني لم أكتب كتابة علمية أو منهجية وبُلّغْتُ بأن الأستاذ أبو مدين قد قام بهذه المهمة ولكن يبدو أنه لم يأتِ، وشعرتُ بشيء من اليُتْمِ حينما تحدث أساتذتنا أصحاب الفصاحة والبيان، الدكتور محمد عبده يماني، والدكتور محمد بن سعد بن حسين، والشيخ أبو تراب، ووجدت نفسي أكاديمياً يحشر نفسه بين هذه الكوكبة البليغة ولكني أُنقِذت بورقة الدكتور جليل عطية.
لا شك أن المنهج الذي اتخذه الدكتور زاهد زهدي في قراءة تراث وشعر الجواهري هو منهج وصفي وليس منهجاً تحليلياً، وأيضاً مما لاحظته على ورقة الدكتور جليل التي تتحدث عن الكتاب وهذه الليلة الحديث أصبح مراوحةً مرةً عن الجواهري ومرةً عن الكتاب، والجواهري يستحق أن يتحدث عنه النقادُ والأدباءُ والذين يهتمون بالأدب العربي ولكن في تصوري أن الأهم أن نتحدث عن الكتاب، لأنّا جئنا هنا للحديث عن الكتاب، المنهج الذي أتخذُه الدكتور زاهد كان منهجاً وصفياً وفي تصوري أنه أحد المناهج المطروحة لم يكن منهجاً تحليلياً ولم يتصادم مع النص الشعري، وكنت أتمنى لو أن الدكتور جليل وقف عند هذا، لم يحلل القصيدة تحليلاً أسلوبياً أو بلاغياً ولكنه تحدثَ عن قومية الجواهري، عن سخرية الجواهري، عن فلسفة الجواهري في الموت والحياة، وهذا طبعاً المنهج مقبول وموجود ومطروح منذ القدم وإن كان هناك بعض الملاحظات التي تسميها العرب ما وراء الصياغة، ما وراء الصياغة وجِدَتْ في أدبنا العربي وفي نقدنا العربي كثير، مثلاً يقول لك هذا شعر كثير ماء الرونق، وهذا شعر مثلاً حسن التأليف، الكتاب، عنوان الكتاب هو ما وراء الصياغة (صنّاجة العرب) ما المقصود بالصناجة؟ هو طبعاً وصفٌ وُصِفَ به الأعشى، والصنّاجة هي التي من الصنج التي ترافق الموسيقيين، لكن هل الأعشى حينما قيل بأنه صنّاجة العرب لأن شعره راقص وموسيقي؟ ولأنه كان يَطْرَبُ كثيراً حتى قيل أن الشعراء أربعة امرؤ القيس إذا ركب، والأعشى إذا طَرِب لا ندري؟
كنت أتمنى لو أن الدكتور زاهد هو شرحها ولكن لو ربطها بشعر الأعشى وشعر الجواهري إذا كان أراد للجواهري أن يكون صنّاجة الشعر، أيضاً هناك السانح والبارح في شعر الجواهري، أنا أتصور أن هذه أيضاً من الأوصاف التي وراء الصياغة، وقف عندَ المطالع وعندَ القوافي، المنهج التحليلي التكاملي يهتم في تحليل القصيدة بحوالي خمسة أو ستة عناصر:
العنصر الأول: التركيب، تركيب اللغة، وهو ما أسماه عبد القاهر الجرجاني (النّظْم).
العنصر الثاني: الدلالات، الدلالات التي هي تسمى بالإنجليزي (Semantics) والتركيبة (Syntax)، هذه الدلالة هي التي تمزق معناها البعيد وأسماها عبد القاهر الجرجاني "معنى المعنى"، وهذه الدلالات في المحك الرئيسي لكثير من الشعراء، طبعاً عبد القاهر الجرجاني في كتابه (أسرار البلاغة) و(دلائل الإعجاز) وقف عندها طويلاً وخاصة حينما يأتي إلي تفسير القرآن الكريم، "استيفن أولمن" في كتابه (الأسلوبية) اسماها أيضاً المعنى المعرفي والمعنى التعبيري، وعبد القاهر اسماها معنى المعنى، ومن ثم النحو والصوت والأمور المرجعية التي تهتم بالنص، هذه الأشياء لم توجد في كتاب زاهد وإنما طبعاً تحدَّث عن الجواهري بحب، هذا الحب جعله يتحدث عن الجواهري كمثال للشاعر وهناك الحب موصول، زاهد زهدي تحدث عن الجواهري لأنه يحبه، والدكتور جليل تحدث عن زاهد لأنه يحبه وبالتالي ركَّز على كثير من المحطات المضيئة، وفي ملاحظة مهمة جداً أن الدكتور زاهد شاعر، والجواهري شاعر، وحينما يتحدث الشاعر يتحدث بتجربة أكثر آلية وأكثر حضوراً من غيره، ولذلك أبو العلاء المعري حينما تحدث عن المتنبي في معجز أحمد، ولسان الدين بن الخطيب حينما تحدث عن الشعراء، وكذلك الناقد الباقع الناقد المتعمق الذي لم يعطَ ما يستحق إلى يومنا هذا وهو ابن طباطبة العلوي في كتابه (عيار الشعر)، حينما تحدث عن الشعر وعن تجربة الشعر وهو شاعر متعمق في هذا الميدان، تحدث عنه بوعي تام، منذ أن تكونت القصيدة إلى أن خرجت كالمولود الذي خرج مكتملاً، طبعاً الدكتور جليل حينما قال التكرار اللفظي وما إلى ذلك، هذا منهج بلاغي والمنهج البلاغي هو منهج انتقائي، أو البلاغة هي انتقائية، وأما الأسلوبية فهي منهج تكاملي.
لا أقول في نهاية هذه الأفكار المشتتة إلا أنني سعيد جداً أن أحيي الدكتور زاهد زهدي على هذا العمل لأنه إضافة ولأنا بحاجة في نقدنا الأدبي إلى التعامل مع هذه القمم الشعرية الجميلة التي أعطت الإبداع ما يستحق، والجواهري عملاق ومن المصادفات ونحن في الاثنينية تفتح صدرها أن يكتب الدكتور محمد عبده يماني مقدمة وهو المعروف بالاتجاه الإسلامي، مقدمة عن الشاعر الجواهري وهو معروفٌ بأنه شوعي متعمق في شيوعيته ولكن هذا من منطلق واحد، كما أن أبا عبيدة القاضي الجليل الذي قال عن شعر أبي نواس أنه شعر رائع ومكتمل فنياً، كذلك قال الدكتور محمد عبده هذه الكلمة ولذلك قال ابن الأثير "أن سوء معتقد الشاعر لا يفسد شعره الفني"، وهذه قضية يا إخوانا تطول لو أردنا أن نتحدث بها إلى الصباح لا يمكن أن نوفيها حقها، وإنما نتعامل نحن مع النص، مع التراكيب الفنية، مع الدلالات، مع القيمة التي يحملها هذا الشعر وهو ما حدانا إلى أنْ نضعَ الجواهري في مقدمة الشعر العربي وسوف يبقى، ولعلَّ كما تفضل الدكتور جليل أنّ للحديث بقية عن الكتاب، حينما يتناوله النقاد بمنهج علمي صارم، أتصور أنها إضافة أخرى للدكتور زاهد زهدي الذي منحنا هذه النفحة، أشكره وأشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
عريف الحفل: طبعاً كما هو معروف نتلقى أسئلة حضراتكم واستفساراتكم والتي توجه إلى سعادة مؤلف الكتاب، نحن بانتظارها ونتمنى أن يكون سؤالاً واحداً حتى نتيح الفرصة لباقي الأخوة الحضور.
 
الشيخ عبد المقصود خوجه: نترك الكلمة الآن لصاحب الكتاب، لأنّ لديه ما يود أن يقوله وبعد ذلك تطرح الأسئلة وله حرية الإجابة عليها أو إحالتها لمن يراه من السادة الحضور من المتكلمين من أساتذتنا، فليتفضل.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1641  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 125 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.