شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشعر.. والعطار.. وأنا (1)
لم أزل عند رأيي في الشعر، وإن يكن أخي الأستاذ العطار قد بذل جهداً ثميناً في رده علي في إحدى هامشيات الأيام بالبلاد (2) ، وقال أخي: إنه مستعد أن يبتاع كل إنتاجي النثري والشعري بما شئت من قيمة "شئت أنا لا ما شاء القارئ".
فأما إنتاجي القديم إلى الحرب الأخيرة فكما يعلم جلّة أدباء بلدنا استحوذ عليه الأستاذ عزيز ضياء.. استحوذ على خير ما فيه "إن كان فيه خير"، وشاهدي على ذلك أخي المذكور بالخير الأستاذ طاهر زمخشري.
لقد أخذ عزيز إنتاجي لينشره كما قال، ثم ذهب إلى مصر، ومنها إلى دلهي بالهند، ثم ذهبت آثاري في الهواء، فلست أدري إلى الآن: هل أخذها للنشر، أم احتجنها (3) للطي إلى حين؟
ومن الحرب الأخيرة فآتياً، رفع الله سبحانه تسلط عزيز على آثاري، فبارك الله في عزيز، وجعله في شركة الإعلانات خيراً منه في شركة نشر الأدب الحجازي الذي طوي بفضله في حركة نشر سريعة!
وشر ما في الأمر أنه لا توجد عندي أصول أو مسودات لكل ما انتاشه عزيز أو غيره؛ ولذلك فقد فقدت الجزء الهام من آثاري نتيجة "حسن الظن"، ثم الجزء الملحق نتيجة "طيبة القلب"، وأصبح أخي عزيز بطلاً في غير معركة، وجواداً في غير ميدان!
وبعد ذلك أصبحت آثاري في نطاق محصور، منها ما ينشر، ومنها ما لا ينشر، وعدت وأنا صاحبها غير مسؤول عنها، لا المنشور ولا المطوي؛ وكأني لم أكتبها بقلمي ولم أوقعها بإمضائي!
ونعود إلى الشعر في هذه الفترة من هذا الزمن المزمن، فهل للشعر قيمة؟ وهل ينفق سوقه؟ أو كما قال المتنبي في ما أتذكر حينما كان يبيع الشعر في سوق "الكساد" (4) .
أما أنا فما أريم عن رأيي الذي أسلفته، فلو طاف الأستاذ العطار بغرر القصائد القديمة لما وجد لها أي قيمة، مثل عينية ابن زريق (5) ، أو حائية الفتح ابن النحاس (6) ، أو قصائد الهذليين، إلى غير ذلك من أبكار القصائد وعيونها.
ولقد كنت أعرف شخوصاً كباراً "وما تزال" كانت تحب الشعر وتتذوقه وتستعذبه، بل إنها لتقوله أحياناً مع إجادة تامة، كان هذا قبل نحو ثلاثين عاماً، أما الآن فقد تغيّروا تغيراً كلياً يشبه الانقلاب من رأس إلى عقب، أو لعلّي أنا الذي تغيرت أو تحجرت في مكاني، أما هم فلعلّهم أيضاً تطوروا مع مادية الزمن حيث تخلفت أنا فأصبح همهم منذ سنين بناء القصور في كل مكان وفتح الشوارع وإنشاء الدكاكين والبنوك، وصرفوا صرفاً تاماً عن أسطورة كان اسمها الشعر فيما مضى ومن يمارسها كان الناس يسمونهم في رثاء الشعراء!
ضرب واحد من ضروب الشعر هو الذي يروج بعض الرواج من بعضهم عند بعضهم، ولا أزيد فإن هذا الضرب معروف عند العموم!
النثر والشعر:
عندما تفضل وزارني أخي الأستاذ محمد عمر توفيق (7) ، وجرى القيل والقال حول الباب اليومي في جريدة البلاد المعنون بـ "على هامش الأيام" والانخراط في هذا السلك الهامشي.. نسينا معاً أن نذكر الشعر ولو بكلمة، وأن نذكر قيمته بالنسبة إلى المقال.. مع أني أنا وتوفيق نحب الشعر ونتذوقه ونحفظ الجيد منه، ونشيد به، وأنا متواضع جداً لو لم أقل: إن كلينا شاعران مع حذف النعوت اللازمة التي تحدد مكان الشاعر حينما يقال: فحل، أو مفلّق، أو على الأقل "طائر الصيت"، وأنا شخصياً أحب الوقوع، ولا أحب الطيران!
ليت شعري ما السر في أن الشعر أصبح غير ذي موضوع كما يقال، وعاد غير ذي قيمة؟ وليس له مجال للبحث أو المساومة في طريقة نشره بالصحف اليومية أو الأسبوعية أو حتى الشهرية! فقد سبق أن نشرت عدة قصائد بلا مقابل، ولا حتى مجرد انحناء من الطرف المقابل بأن هذه القصائد تعتبر ذات قيمة، ولو من الناحية المعنوية، فكيف لو طالبت بقيمة مادية كما هي مقررة ومحددة للمقال النثري؟
تالله لقد أصبح الشعر رميماً، وصُوّح نبته وعاد هشيماً، فهل يذكر الأستاذ توفيق ذلك وقد تحدثنا أكثر من ساعة ولم نتكلم "ولو عرضاً" عن الشعر المنكود الحظ.
اجعلوا للشعر قيمة مثل قيمة النثار، وأبشروا بمختلف القصائد من جيائد الأشعار.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :512  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 97 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد عبد الصمد فدا

[سابق عصره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج