شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
صلاتي بصغار الأدباء (1)
عندما كنت أقرأ لصغار الأدباء في الصحف أو الكتب، كنت أتمنى أن أكحل عيني بمرآهم، وكنت أعجب للفتات الذهنية التي تطَّرد في ثنايا كتاباتهم، ويروقني أشد ما يروقني اتزانهم الفكري ورجاحة آرائهم الفنية.
ولم يسعدني الحظ كما أسعدني في هذه المرة اللذيذة، فقد توثقت صلاتي بفريق كبير منهم على أسباب مختلفات بين الأندية والمقاهي والشوارع، وسأستعرض هنا بعض الأسماء التي رسخت في ذهني، والتي بقي لها في قلبي أثر لا يمحوه الزمان.
ولن أنسى أني كنت يوماً أمشي في شارع المسعى فاصطدمت عرضاً بشاب، وكنت موشكاً أن أعتذر إليه، ولكنه لرفيع أخلاقه بادرني هو بالاعتذار، فراعني منه قامة معتدلة وهندام أنيق ووجه أبيض وسيم ينتهي بلحية مدببة جميلة، ثم قدم إلي بطاقته، فما كدت أقرأ اسمه حتى كدت أن أطير من الفرح، لولا أني خفت أن أطير ولا أعود، وتقدمت إليه باسمي الحقير في ثوب فضفاض من التواضع والتطامن، وتمت المعرفة، وترادفت بيننا الاجتماعات، وأخذ يفيض علي وابلاً مدراراً من أدبه الغزير وثقافته الواسعة ومعلوماته التي تكاد تملأ ما بين جبلين متباعدين وكسبت صداقة الوجيه الزمزمي، فإنه هو أثمن عندي من كل نفيس.
وأستطيع بلا جحود ولا عجرفة أن أعزو إليه أكبر الفضل في توجيهي هذه الوجهة الأدبية الصالحة.
أما الكاتب العظيم الأستاذ "ر-س" فقد بعثت إليه برسالة على غرار رسائل التعارف قبل اللقاء، وأثنيت على أدبه الحي وقلمه البارع، ورجوته أن يتفضل بتحديد وقت ضئيل من وقته الثمين لشرف الاجتماع به والتحدث إليه والاستفادة منه، وكنت أشك في أنه سيتنازل بالإجابة، وأنا بعد ذلك حقيق أن أعذره لشواغله الجمة وكثرة رواده ومريديه وغزارة ما يمطره به البريد كل يوم -بل كل ساعة- من رسائل الإعجاب والثناء والأسئلة.
ولكنه تفضل فأجاب، وكان يوم عيد لم يمر بي مثله، فشددت رحالي من المعابدة، ويممت داره العامرة بجبل هندي وكانت تموج بالزائرين والمتأدبين، وكانت صلة محكمة ردت إلى روحي وقلبي الكثير من الفوائد والعوائد.
ومنهم الأستاذ الأب عزيز ضياء، الذي تهطل دائماً من سماء أدبه حافلات الأنواء، فتفيض بها جوانب الغبراء، ويتلقفها الناس في جميع الأنحاء، فإني لأعتز أيما اعتزاز بحسن وده ولطف معشره، وأنسى الدنيا بما فيها من هموم كلما استمعت إلى حديثه المرح ولسانه الذرب، ولا شك أنه الآن قد أحكم صلته في مصر بأدبائها الأعلام وطاولهم بقامته التي كأنها الصعدة السمراء.
أما الكاتب العلم والراوية الكبير "ع-س"، فقد كانت مصادفة سعيدة عند أحد الأصدقاء، فلقيته، وقدمت إليه ما يكفيه عاماً كاملاً من الحفاوة والإكبار؛ وازددت منه خبرة بالدهر والناس، حتى أصبحت لا أكاد أحمل وحدي ثقل تجاربي لفرط عظمتها وضخامتها.
ولن أنسى حسين سيدي، إنه سيدي وسيد من أراد من الناس؛ فإنه بفضله البارع ومنطقه الخلاب البليغ أشهر من أن يشار إليه، ومن أراد أن يتشرف بمعرفته ويستفيد من فضله، فليراجع إدارة جريدة البلاد السعودية، ولا يفوتني أن أذكر من بين أصدقائي القدامى مثل: أبي الشمقمق، وأبي الرقعمق، وديك الجن، و [الغضبان بن القبعثرى] (2) وابن عبدوس، ممن لا أستطيع مهما بالغت أن أثني على آلائهم الأدبية الخالدة، ويستطيع الأستاذ العطار أن يستأنف حديثه الجميل الآن بعد أن قطعت عليه حبله بهذا الفضول مع المعذرة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :510  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 91 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.