الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > > هراء..!

هراء.. ⁽¹⁾ !

كلما أعدت النظر في ديواني الشعري "أجنحة بلا ريش" الممنوع من دخول المملكة ⁽²⁾ ، قعدت أعجب أيما عجب كيف غبر من عمري نصف قرن، وأنا ألهو برصف وتنميق أمثال هذه الدمى التي تحسب شعراً؟

وإذا كان الشعر كما يقولون قرآن الشيطان، فما اعتقدت يوماً أن الشيطان أثابني على تطوعي لخدمته من حيث لا أشعر، وإن كان سريع المثوبة لعملائه في كل حين.

لقد بدأت أقرزم الشعر في الثانية عشرة من عمري مدحاً في جلالة الملك عبد العزيز آل سعود، ونشراً في الجريدة الوحيدة أم القرى تحت اسم "الفتى النجدي" على وزن الشيخ النجدي الذي كان يشترك في مجالس قريش أيام البعثة النبوية.

ولم يكن الملك عبد العزيز يقرأ قصائدي، ولا كان -حتى- يشعر بوجود غلام متشاعر يلهج بمديحه، وهو الشاعر النبطي الشعبي المجيد والمسوق للمعاني اللامحة والقائل:

حسبي اللَّه على شلهوب

والطبيشي وابن جبر ⁽³⁾

والبيت الثاني لا تصح كتابته!

نصف قرن أهدرته في رصف الكلمة وأختها وبنت عمتها، حتى يتكوّن منها شطر، ثم يتولد الشطر الثاني، فإذا هما يطيران بجناحين هزيلين، ويسميان بيتاً شعرياً كاملاً ولكن بلا سكان.

لقد كنت بالغ الخيبة، بل كنت وقحاً مشعوذاً، وكنت بالغ الغرارة حينما صدمت الناس والأذواق بمثل هذا الهراء الذي حتى العجائز يخجلن أن يقلن مثل ذلك في خدورهن.

نصف قرن لو أنفقته في كسب المال -حل أو حرم- لأصبحت كعكياً أو شربتلياً، ولكن ماذا تقول في ضياع العقول؟