شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حفر البئر ودفنها (1)
عندنا نحن البدو مثل يقول: "احفر البئر يكثر ورده، ادفن البئر يقل ورده".. وهذا المثل واضح بألفاظه ومعانيه، ولا يحتاج إلى شرح!
وقد غربت علي مدة طويلة ما استعصى علي القلم فيها وخبت قريحتي، وتبلد ذهني عندما دفنت البئر، ووضعت فوقها صخوراً ثقالاً وتلالاً من الرمال، ولكني من الناحية الأخرى أصبحت دودة قراءة، وكأن الله سبحانه وتعالى علمني الأسماء كلها -مثل آدم- عندما حجبها عن الملائكة.
في يدي كتاب، وعلى فمي دخينة، أما القلم فهو مهجور مطلول دمه، موؤود أرقمه..، لا أتراءاه إلاّ من بعيد، وعلى خوف شديد!
ولذلك أصبحت البئر مدفونة منسية فقل بذلك ورادها، وجهل موقفها قصادها، ونزر ماؤها، بل أسن وخبث!
وتراكمت فوقه الطحالب، وفسأت عليه الثعالب!
ولم يعد لي في العمر إلاّ أرذله بعد أن تجاوزني أطوله، وطفقت أرى في الحياة ما يرى الزاهد في قعب ماء مكسور، وهو كل زاده إذا حل أو ارتحل.
ولم أعد أحفل بالأيام ولا بالليالي ولا بكرورها متعاقبة، فما أزال أذكر قول "أبي حية التميري":
إذا ما تقاضى المرءَ يومٌ وليلة
تقاضاه شيء لا يمل التقاضيا (2)
زد أو زيدوا أو زدن على ذلك أني "حمار" في الحساب، فما أكاد أصدق أن واحداً وواحداً تجمعان على اثنين!
وهذا الشفق الذي يلوح من وراء الأفق وردياً أو مخضَّباً بالدماء، مؤذناً بالفناء.. ومن ورائه عالم ينداح كما تنداح رقاقة ابن الرومي (3) ، وعلى هذه الرقاقة أكاسير من "اللوزينج" ورشاش من "الكبابنج" مضمخة بكل توابل الهند وبهاراتها..
كل ذلك أصبحت أحوم حوله ولا أذوقه كما يقول إسحاق أو إبراهيم الموصلي، أو "كلاهما وتمراً":
يا سرحةَ الماء قد سدت موارده
أما إليك طريقٌ غيرُ مسدودِ
لحائم حام حتى لا حيام له
محلل عن ورود الماء مطرودِ (4)
وقد بلغ بي الجهد وأعيتني الحيلة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :506  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 73 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الجمعية النسائية الخيرية الأولى بجدة

أول جمعية سجلت بوزارة الشئون الاجتماعية، ظلت تعمل لأكثر من نصف قرن في العمل الخيري التطوعي،في مجالات رعاية الطفولة والأمومة، والرعاية الصحية، وتأهيل المرأة وغيرها من أوجه الخير.