شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لماذا تستفزنا (1) ؟
ما من ريب عندي على الأقل في أن الأستاذ أبا نظارة (2) أطول مني لساناً، وأبرع ذلاقة، وهمسته في عدد ماضٍ عن المجلس البلدي أوقن كل اليقين أنه لا يقصد بها إلاّ استثارتي إلى الكلام الذي سكتت عنه "شهرزاد" عندما أدركها الصباح، فإن المصلحة العامة كما تهم أبا نظارة فإنها تهمني وتهم أي فرد واعٍ من أفراد هذا البلد.
لم أقدم أي خدمة إلى محلتي ولا إلى وطني، والسبب بسيط جداً، وهو أني لم أقدم أي خدمة خاصة إلى نفسي؛ وهؤلاء الذين يقدمون خدمات عامة إلى بلادهم أو إلى أحيائها على الأقل، لا يتسنى لهم ذلك إلاّ بعد أن تتحقق لهم مطالب حياتهم الخاصة، عند ذلك يلتفتون إلى من يليهم من وطن أو محلة أو قربى فإن لم يكن هذا الكلام منطقياً ولا معقولاً، فإني مستعد أن أتناول هذا الموضوع بإسهاب، فهل الجريدة مستعدة للنشر؟
ثم ألبس نظارة أخرى خيراً من نظارتك التي صدئت، وأخذت تقلب وجوه الأشياء إلى أقفاء، وقل لي ما هي وجوه النقص التي تشكو منها بقية المحلات سواء كانت في طريقة الإنارة أو تمهيد الطرق أو نظافة الأزقة، أو تنظيم واجهات الدور على الشوارع بحيث لا تزيد دار عن دار؟ إن السرطان الذي يوجد رأسه في المعابدة سوف تجد أرجله في جرول والمسفلة، ولا يمكن قطع رأسه واستبقاء أرجله ولا يجوز العكس كذلك؛ ولكن أين البحر الذي يسع هذا السرطان العظيم فنقذفه فيه؟
وقد انتحلت لي أعذاراً لا تخطر لي على بال، ولكن عذري الصحيح، هو أن الواقع لا يمكنه أن يفسر أضغاث الأحلام التي نهذي بها، ولو لبس هذا الواقع ثياب "ابن سيرين".
وإذا كنت لا تفهم معنى لانتخاب كل محلة عضواً لها في المجلس على حد ما أشرت إليه، ولا تميز الفرق عندئذ بين الانتخاب والتعيين المحتوم، فإني لا أرثي لمبلغ فهمك، فإنك عندي في المكان العالي منه، ولكني أرثي فقط لنظارتك، ومن حق هذه النظارة أن تريحها أو تزيحها ولو إلى أمد محدود.
إن قصارى أعمالنا أن نوقع على الأنظمة التي توضع لأصحاب المهن، وأنا أوقع شخصياً إذا أجمع الجميع على التوقيع، وإن كنت لا أدري مدى اتساق ذاك مع الصالح العام أو عدم اتساقه، ولكني أطبق المثل الذي يقول "الموت مع الجماعة رحمة" (3) ، وإن أخطأت على اجتهاد، فأجري على الله.
وبعد الحج قدمت استقالتي، ولكن رئيس المجلس رجاني -تفضلاً منه- أن أسحبها، وأقنعني ففعلت، ومع ذلك فلو تصورت معك ما أردت أن تتصوره في آخر همستك؛ لما كان هناك مجال للكلام، ولكن وا أسفاه سيبقى بعد ذلك ألف مجال ومجال للعمل.
لقد بح صوتك يا أبا نظارة على رغبة منك، فلماذا تستفزنا حتى تبح أصواتنا مثلك؟ فارحمنا يرحمك الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :459  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 19 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج