شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
طه حسين والشيخان (1) ..
(طه حسين.. والشيخان) للوزير الأديب الأستاذ محمد عمر توفيق..
هذا الكتاب استقبلته منذ أيام المكتبة العربية..
ولقد كتبت عنه الصحف وتناولته بالتعريف.. وما يزال الكاتبون والباحثون يتحدثون عنه ويتحدثون!..
والحق أن أهمية هذا الكتاب الأولى إلى جانب ما يشتمل عليه من تحقيق تاريخي طري هي أنه يتحدى فيه -بحق- عميد الأدب العربي الحديث!
والحق أيضاً أن أي قارئ منصف لهذا الكتاب سوف يحكم لمؤلفه الأديب بأنه لم يكن في هذا التحدي مغامراً.. أو مجافياً للحق.. أو أنه لم يحالفه فيه الصواب!
شيء آخر نريد أن نردده هنا وهو أنه من تحصيل الحاصل القول بأن تاريخاً كتاريخ الشيخين: أبي بكر وعمر: ليس من الإنصاف في شيء أن نعتمد في تصحيح وقائعه وأحداثه على مصادر أجنبية عنا.. نعرف عنها سلفاً أنها مغرضة وممعنة في الغرض.. كأكثر كتب المستشرقين.
وهذا ما يبدو أن الدكتور طه حسين قد تأثر به كل التأثر في كتابه عن الشيخين.. مع الأسف الشديد!
ولقد وفق المؤلف في أن يضع في كتابه هذا النقاط على الحروف كما يقولون.
وما أكثر ما تورط فيه طه حسين في كتابه عن الشيخين من إيراده للكثير من الأحكام الخاطئة مما لا يقره عليها أي دليل تاريخي صحيح!..
وقد تابع المؤلف أكثر فصول كتاب الشيخين بالدراسة والتحليل.. هذا مع إنصافه للمؤلف الكبير حين يقول عنه:
(إنه من الكتّاب القلائل الذين قد لا تملهم إذا قرأتهم ولو تشبعت في الرأي والاتجاه).
ولقد ناقش المؤلف فيما ناقشه من موضوعات الكتاب موضوعاً لعلّه أخطر ما تناوله طه حسين في كتابه هذا. ونعني به موضوع (الردة) وظروفها، وأنه لمن الغريب حقاً أن نراه هنا يحاول بكل إصرار تصوير أحداث الردة.. أو تصوير ملابساتها على غير حقيقتها التاريخية!.
فالأعراب الذين لم يدخل الإيمان قلوبهم، وإنما أسلموا مذعنين لسلطان النبي صلى الله عليه وسلم فما هو إلاّ أن ذهب، حتى أظهروا ما أظهروه من الردة والمساومة في الزكاة!
والتنبؤ يظهر في أكثر من مكان..
وفي حدود الجزيرة العربية يتأهب العرب والنصارى للمكر والكيد في أطراف الشام.
وكذلك -كما يقول طه حسين بالنص- عادت الأرض كافرة بعد إسلامها، واشتعلت فيها نار ما أسرع ما انتشر لهبها حتى شمل جزيرة العرب كلها وحصر الإسلام في المدينة ومكة والطائف.
ثم يقول أيضاً: (فلما استخلف أبو بكر نظر فإذا الأرض من حوله كافرة).
ويقول أيضاً: (فأبو بكر إذن أمام نار مضطربة في الجزيرة العربية كلها).
والأنكى من كل ما مر أن مؤلف كتاب "الشيخان" يورد الآية الكريمة في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ (التوبة: 33). ثم يضيف قائلاً: "فلم يتم له إذن إظهار دين الحق على الدين كله لا في جزيرة العرب ولا في غيرها من أقطار الأرض.." إلى آخر ما يقول؟
مغالاة ما بعدها مغالاة، وإسراف في الأحكام ما بعده من إسراف ولئن دل هذا على شيء فعلي أن مؤلف كتاب (الشيخان) لم يأخذ في اعتباره وهو يراجع أكثر ما كتبه القدماء والمحدثون وأكثر ما كتبه المستشرقون أيضاً عن أبي بكر وعمر.. لم يأخذ في اعتباره في المكان الأول سوى الذي كتبه المستشرقون.
وأقلّ ما يوصف به هذا المنهج في التأليف أنه أبعد ما يكون عن منهج الإنصاف!
ولا يمكن أن يكون الأخذ بمذهب الشك في مثل هذه البحوث -كما يرى طه حسين- عذراً مقبولاً على أي حال فالشك وسيلة لا غاية -كما نفهم- ولن يكون الشك إذا كان منهج البحث سليماً إلاّ طريقاً إلى الحق وطريقاً إلى اليقين.
أو كما يقول المؤلف الناقد: "الشك منهج علمي سليم على أن يكون الهدف هو الحقيقة لا مجرد الشك أو التشكيك.. حق كل الحق أن تستقبل الأمور كلها ببادرة الشك إنما لبناء الفهم بعده على أساس صحيح".
وما بنا من حاجة للقول -بعد ذلك- إلى أن رد الناقد على أقوال طه حسين فيما يختص بالردة والمرتدين أو "المنتشرة" و "بالأرض الكافرة" و.. و.. كان هو الرد المبين!..
وهكذا في بقية فصول كتاب "طه حسين والشيخان" نجد المؤلف الناقد يقف نفس موقفه الصارم ملتزماً نفس المنهج في اعتماده على أصح الروايات التاريخية دون أن يفوته إيراد أسانيدها بما لم يبق معه للشك مجال.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :617  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 72
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.