شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(34) ابنتي الصديقة أم قويق
من الخير أن تدعي للناس الحكم على ما تنشرين -تقديراً حسناً أو سيئاً.. الذي لك أنت أن تشعري دائماً بأن ما تؤدينه أقل مما تريدين وما تطمعين إليه.. هذه هي العصا الخفية التي تسوق الفنان من وراء ظهره ليكون في وسعه أن يتقدم ويصعد دائماً..
في رسالتك (بدون تاريخ) الواردة مع خطاب غازي 31/5 -شعور صريح باغتباطك بالتقدم المستمر في خميسياتك.. مقدار من الرضا والرقة ضروري لتغذية مشاعر الفنان، ومقدار أكبر من مرارة الشعور بتخلف القدرة عن بلوغ ذروة الطموح ضروري أكثر..
عن كثرة المشاغل.. كلما أتاحت لك الحياة، أعمالاً أكثر، وأثقل.. كنت من المحظوظين لديها.. الرخاوة، واللين، والعقوقة، روافد من الوهن والضعف، والتداعي والجزع.. تهدم ولا تبني.. ودائماً الإنسان بحاجة إلى نفسه وحدها، أكثر من حاجته إلى أي شيء غيرها..
الضعف والكسل والتخاذل، عوامل استنزاف، لخير ما في الإنسان من قوى مادية ومعنوية.. أنت تعرفين هذا، ولكن أي عجوز، يقتنص أي فرصة عابرة في التعبير عن الحياة -حياة الذات وفي نفس الوقت هي برهان انطباع الإنسان عن الرغبة في العمل.. حتى عندما يكون هذا العمل ثرثرة في شكل نصح، أو نصحاً في شكل ثرثرة..
ننتقل الآن إلى استديو صفر/صفر = صفر.. لنجد المعادلة الصعبة في انتظارنا.. اللهفة على جمع المال = اللهفة على تفريقه + حساب الزمن - أبو خاش الزمن = المعلوم + المجهول = صدر - فهم + جهل =؟..
طبعاً مفهوم؟ وأي شيء في الحياة وعنها.. غير مفهوم، عندما يدخل الإنسان في هذا الاستديو، ويغلقه على ذاته..
لسنا بحاجة إلى الاستديو الآخر.. علم النفس.. لكي نجد تفسيراً لهذه الظاهرة..
يقول طرفة بن العبد.. وهو شاعر قديم: مات في ربيع شبابه مقتولاً أو منتحراً، أو مختنقاً؟! في قصيدة من المعلقات بجوف الكعبة أيام الجاهلية:
إذا كنت لا تستطيع دفع منيتي
فدعني أبادرها بما ملكت يدي
إن الإنسان في سباق رهيب مع الموت، يتقدم أو يتأخر، كل حركة تساوي مثلها فناء.. وبدقة.. كل لحظة نحياها.. هي لحظة نموتها.. وإذا.. فلماذا ندع شيئاً للموت؟!
وإذاً فالحياة يمكن أن تكون مائدة القمار يذهب المال فيها ليعود، ويعود ليذهب، أو يذهب لكي لا يعود.. وهناك دائماً صخرة الروشة على شاطىء العجمي في لبنان أو في كان أو مونت كارلو أو في جبل المقطم أو في أي ركن من أركان الليل والنهار والصباح والمساء.
أليس سباقنا مع الموت صورة من صور المقامر؟ فليكن ما يكون..
أهناك صعوبة ما؟ تعقيد أو غموض أو إبهام؟ هناك من اتهم أسلوبي بالتعقيد وفي الرواية، أن هذا الاتهام منشور في عكاظ أو المدينة، ولاستهلاك كل الاحتمالات في إحدى الصحف السعودية.. هل رأيت شيئاً من ذلك؟.. إنها تهمة تجد ما يزكيها حتى عندي.. وشجاعة من الناقد، رفعته في عيني.. ليس خيراً أن تتحول الإرادة والأفكار إلى معتقدات وأن تتحول المعتقدات إلى جبال..
إذا كان كل شيء يموت ويخلى مكانه لأشياء أخرى.. فلماذا تتمتع بالبقاء المتحجر بعض الأسماء، وحيث لا يوجد مبرر لبقائها؟
متى تبلغين هذا المستوى من الشجاعة؟
بدأت معزوفتك الخالدة، لماذا لا تصابين بلحسة التهديد إلا في شهر يونيو وما يليه؟ أعترف بسذاجة سؤالي..
طبيعي ألا يتهيج المصابون بجنون القمر قبل ظهوره وتكامله؟
سامحيني.. إن المفاجأة مذهلة.. كنا انتهينا من التهديد بنشر الرسائل وترشيحي موضوعاً لرسالة جامعية، من عهد وفاة البانديت جواهر لآل نهرو والد أنديرا غاندي نجمة الهند المتألقة -كنت أعتقد.. ولكن ما جدوى الاعتقاد، عندما يبدو لزلزال أن يتحرك أو يرقص؟!
أكبر الحماقات أن نصنع تاريخاً، لمن ليس لهم تاريخ.. كثيرة الأشياء التي تمكن استعارتها: الشعور المستعارة، الشوارب، اللحى، الأهداب، الحواجب، وأحياناً بعض أجزاء الجسم، ولكن هناك ما لا يستعار ولا تستعار له الوسائل.. الشموع لا تضاء أمام العراة والعميان.. وأظنك بغير حاجة إلى التفسير.. لن تسأليني، ولن تسألي أحداً، حتى نفسك لماذا؟ إن الشعور المتطرف الحاد بالكرامة، يكون أحياناً عقدة نقص أو حماقة.. أقل صورها الشراسة.. إن الكرامة ليست سيفاً يسل في وجوه الآخرين.. إنها سلوك متعقل يلتزمه الإنسان.. وليست حتى شعاراً يضعه على صدره أو يعلقه على رأسه.. ما في داخل الإنسان لا يمكن أن يمس بالكلمة العابرة ولا بالسلوك الشائن من الآخرين..
ضعي نفسك دائماً في الدائرة الواضحة المضيئة، وستجدين أن كل ما يسدد إليك، يعود في هدوء إلى صدور مطلقيه..
إن كلمة التقدير التي تلقيتها من معالي الوزير وهو على مستوى الإدراك الحق، دليل على أنه لا يصح إلا الصحيح.. حاولي دائماً أن تضعي مقاييسك على أساس اختيار الصحيح والتزامه.
هل كانت خواطرك كل تجاربك وتلخيصاً لحوار طويل مع نفسك.. في داخلها؟ أم هي انبعاثات خاطفة؟!
أول ما تتطلبه الخواطر أسلوب متميز بالذكاء والعمق والبساطة.. في داخلها؟ أم هي انبعاثات خاطفة؟!
أول ما تتطلبه الخواطر أسلوب متميز بالذكاء والعمق والبساطة.. لن أحللها مكتفياً بعمومية النظرة إليها..
كلها شيق وجذاب، ولكنها لا تعبر عن أزمات داخلية..
الخطر في هذه الخواطر أن يتكرر مضمونها وتتقارب نصوصها وأن يخلو أسلوبها من الحذق والمهارة وومضات اللمحة الخاطفة في مناوشة مع النقصية البشرية أو اقتناصها أو الرمز إليها أو السخرية بها أو تهكماً عليها.. أحياناً لإبراز خلل المنطق فيها.. تجارب الإنسان متشابهة، ولذلك كانت المعاني متقاربة متجانسة.. وكذلك أساليبها.. تمايز الأساليب في بناء الشكل.. التشابه والتقارب في المضمون.. ولا بد أن يتمتع الإنسان بذاكرة قوية لكي يتجنب العثرات..
سأعطيك في ورقة أخرى شيئاً من التعديل في نصوص بعض الخواطر في أضيق نطاق من التدخل، لترى فيه رأيك الخاص.. وهذا في جملته وتفصيله ليس أقل ولا أكثر من اقتراح.
مقدمة خميسيتك عن الجفري كانت تفيض برصافة الأستاذية وعمقها وإشراق أسلوبها..
وشعارك فيها (إذا لم يكن بإمكانك أن تتحدث.. إلخ) أفضل وأكمل منه الحديث الشريف (قل خيراً.. وإلا فاصمت)..
لا تقرئي هذه الرسالة ولا تجيبي عليها إلا بعد انتهائك من موقف الاختبارات.. نجاحك أيتها الحبيبة هو المهم عندي وفقك الله ورعاك.
والدك
حمزة شحاتة
 
طباعة

تعليق

 القراءات :549  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 36 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج