شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نظرات في المجتمع (1)
الأدب في رأي الشباب
شبابنا اليوم لا ترجو الأمة سواه ولا تعقد آمالها على غيره في كل ما من شأنه إيصالها قمة مجدها وسامق عظمتها وإعادة ثروتها العلمية والأدبية وإعزاز معالمها، وذلك هو ما نراه متجسّماً في نظراتها نحوه المملوءة غبطة وإعجاباً بخطاه التي يخطوها إلى الأمام الفينة بعد الأخرى وذلك كل ما تفتر به عن أعذب ابتساماتها فلا غرو إذا ما ساروا قدماً في هذه الغاية النبيلة وضحوا بالنفس والنفيس في هذا السبيل الكفيل بالصلاح الوافر والخير الكامل. فبديهي أن شباب الأمة نموذجها ومقياس قوتها الذي توزن به قيمتها في الحياة وبه تعرف مكانتها وتميز صالحها من الطالح. وكذلك شاء الله أن يوجد في كل قطر -تنبض فيه شرايين الحياة- شباب متيقظون تعوِّل الأمة على خدماتهم وتلقي بمهام أمورها على كاهلهم وتتخذهم العدة والعتاد اللّذين تكافح بهما ما يلم من كوارث وملمات، وفي هذا من معاني العبقرية وآيات الوفاء للشعب والواجب المقدس ما هو غني عن الذكر. وأن جولة بسيطة نحو الأمم المجاورة بإمعان وروية ترينا بوضوح مقدار اعتمادها على نشئها، إذ إنهم بلا مراء يدها العاملة ونواتها الصالحة المرموز إلى ثمرتها بعين الإجلال لأننا نرى هناك من النهوض المجسّم والعمل المبرور والسعي الحثيث ما يحملنا على التقدير والإكبار من ناحية والأسف والألم من ناحية أخرى. ففي مصر اليوم وسوريا الشقيقتين والعراق رجالات من الشباب الحي يبرهنون على جهود كبيرة تصرف وتضحيات عظيمة تبذل في سبيل الواجب المقدس تتمثل في نفثات أقلامهم مؤذنة برقي باهر إن شاء الله. هذا وإني إذا ما أخذت أعزف على قيثارتهم وأشدو بنغماتهم الموسيقية التي تدع في القلب الأثر الطيب فليس ذلك من ما أراه من القوة والمتانة والإحكام والإبداع والترصيف والتنميق والبلاغة التي أخذوا بقيادها وقبضوا على زمامها. لا وعمر الحق. كل ذلك لا يستهوي الشعور ويأخذ بمجامع الأفئدة تمثيل ما يتركه في النفس الإخلاص المقرون بالعمل الصادق لأن الأمر كل الأمر العمل الحق لا القول المجرد.
وهنا يجدر بنا بعد إن ألممنا بنبذة من واجب الشباب ألاّ نلقي نظرة بسيطة على شبابنا الحجازي الذي هو محط رحال آمالنا محفوفة بالشكر الجزيل على نشاطهم وانتباههم وارتكاز القومية فيهم البادية الأثر في كل ما يكتبون ويبرزون من آراء وأفكار فنقول: خدمة للحقيقة وأداء للواجب الإنساني أن الأدب الذي ترنّ أصداؤه في جنبات قطرنا المجيد لا يعوّل ولا ترتكز دعامته إلاّ على محصن القول المزدان بالشقشقات العذبة والطلاوة الخلابة والأثر الذي لا يلبث أن يتلاشى مع ذرات الهواء يعود أدراجه معيداً للنفس خمولها وغثاءها فكم جادت قرائح أدبائنا بغرر القصائد وشيق المقالات المكتظة بنفيس المعاني وفائق الحكم ودقيق الإدراك والروعة والفخامة ولكن، والأسف يملأ فؤادي لم تجن الأمة بعد أية ثمرة تبرر هذه المساعي التي يتكبدها أصحاب النزعة الأدبية لما فيها من الالتواء المزري وفقدان الصفاء النفساني واستخذاء القلوب واتساع المسافة بينهم وبين تطبيق الأدب الحسيّ على الأدب المعنوي ومفارقة كل ما يقتضيه المقام الأدبي من العفة والنزاهة والصدق والشرف وطهارة الذيل والإخلاص إلى ذلك من الصفات التي خلقت توأماً للأدب.
فَأَنَّى لنا بعدئذ أن نهيب بالأمة إلى التكاتف ونحن في أمر مضطرب الحيل وأنى يتسنى لأدبائنا أن يتصدّوا لمعالجة أمراض الأمة وهم -ولا أقول كلهم- مرضى النفوس لا يسعون في الغالب ولا يعملون ولا يملأون الصحف والمجلات إلاّ لغرض يختلج بقراراتهم ويتغلغل في نفوسهم. وأخيراً دع عنك أيها القارئ هذا كله وتطلّع إلى فرص الاجتماع بحضراتهم وأخطب أوقات سمرهم فهل يسعدك أدبهم ويسحرك كمالهم وتسرك عزتهم وتعود رطب اللسان بالثناء عليهم والاغتباط بهم أم ترجع وقد أفعمت فؤادك أسى يتجدد بذكرى حالتهم، وإني لا أدري أبالسلب تكون الإجابة أم بغيره هذا ما لا أستطيعه الآن وليكن من قادة أقلامنا وكبراء مفكرينا في الأدب والاجتماع ففي الأديب (2) وفي يراعه الفياضة ما يطفئ الغلّة ويشبع التهمة وعليه وعلى أمثاله مني التحية... وبالله التوفيق.
المدينة المنورة -كويتب
 
طباعة

تعليق

 القراءات :462  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 17 من 71
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.