شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
التعليم المهَني
قال صاحبي: كنتُ في بعض رحلاتي إلى الخارج أمرُّ ببعض القرى فأشاهد بعض الفلاحين منهمكين في بناء بيوتهم الصغيرة يشتركون في العمل مع أطفالهم وبناتهم.. وبسؤالي عرفت أنهم غير مأجورين للعمل فيها فهي تخصهم يبنونها لسكناهم أنفسهم فمنهم النجار والبنّاء والمبلط والمبيض، كما عرفت أنهم ليسوا من أصحاب هذه المهن، وأنهم يقحمون أنفسهم فيما يعملون فتتم أعمالهم غاية في البساطة في شكل يقيهم الحر والقر ويجمع شتات أفرادهم.
قلت: لقد كان هذا ديدن سائر بوادينا وقرانا بل مدننا الصغيرة قبل أن يغزونا الغنى والرفاه، بل كان البادي يصنع آنيته لنفسه وينسج فرش بيته، ويحوك ثوبه إلى جانب ما يزرعه لطعامه ولا يحتاج سوق المدينة إلاّ لما ندر من حاجاته.
أما اليوم وقد بدأنا خطواتنا الأولى نحو الحضارة شرعنا ننسى أكثر مميزاتنا الفطرية ونتواكل.. وتلك إحدى مآسينا.
إن الشعوب الفاهمة لا تنسى وهي تتحضر مميزاتها الفطرية، ولا تتوانى في رفاهها عمّا ألِفت من نشاطها المهني، بل إنّ بعض البلاد التي حققت شوطاً بعيداً في حضارتها باتت تتوسع في مناهجها لتعطي الأعمال المهنية نصيبها الوافر من حضارة الفرد.
ولقد قرأت في أحدث ما قرأت عن بلد أوروبي أن مجلسه البلدي قرر تعميم التعليم المهني في مدينته بشكل إلزامي، وجاء في حيثيات هذا القرار أنه لا يكفي للعامل المحترف أن يجيد مهنته التي يحترفها فربما حال دون رواجها حائل وضرب القرار مثلاً بعمال بعض المناجم التي توقفت مناجمهم عن العمل كما لا يكفي الموظف أن يستغني بوظيفته عن حرفة مهنية يستعملها فربما عاكسته بعض الظروف في وظيفته أو أحيل إلى المعاش في سن صالحة للعمل، فلا يجب أن يعيش تحت رحمة الظروف أو رحمة معاش يحدده سن التقاعد؛ لهذا كله لا بد لكل فتى أو شاب أو كهل أن يتعلم في أوقات فراغه مهنة أو أكثر تتفق مع مؤهلاته واستعداده الجسمي والعقلي ليعتمد ما تعلم إذا خانته ظروف عمله أو شعر بحاجته إلى ما يزيد دخله.
ومن أجل هذا يرى المجلس البلدي ضرورة التوسع في إنشاء مدارس مهنية تضم عشرات الحرف، وأن توزع حصصها بين الأوقات التي يتاح للمتعلمين من كل الدرجات أن ينضموا إليها ليأمنوا بما يتعلمون على حياتهم العملية.
ويرى هذا المجلس أن التطور الاقتصادي السريع والتقدم الفني والميكانيكي في كافة المرافق الصناعية يفرض بين الحين والآخر إحداث حرف جديدة تقتضيها أوضاع الحضارة الجديدة، ويطمر حرفاً قديمة فيتعين على المدارس المهنية أن تجاري محدثات المهن وتهيئ المواطنين لمزاولة أي عمل محدث ليجدوا فرصتهم في رواج السوق ويغنوا مدينتهم في كل مرفق.
هذه هي الحضارة في أدق معانيها.. أمّا أن نفرح لقشورها ونسعد برفاهها ونعيش على هامشها متكلين على ما تصنعه اليد الأجنبية وما تحمله إلينا من محدثاتها وننسى حتى صناعاتنا التقليدية ثم لا نجاري ما تطوره الأمم من محدثات فذلك أدنى ما يعرقل سيرنا ويحول دون تقدمنا في الحياة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :322  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 86 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج