شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هَل نربط اقتصادنا؟
قال صاحبي: ألا ترى أننا وبلاد الشرق الأوسط في حاجة إلى ربط اقتصادنا بدول الرابطة الاقتصادية الأوروبية أو تكوين رابطة بيننا على غرار ما فعلت أوروبا؟
قلت: أرى أننا في حاجة إلى أن نتريث طويلاً وطويلاً جداً قبل أن نخطو خطوتنا في مثل هذا المجال.
إن من أهم الأخبار الأخيرة التي يجب أن نطيل النظر فيها وأن نحقق قدرتنا على مجاراتها ما قرره مجلس الرابطة الاقتصادية الأوروبية في شأن منح التسهيلات لسائر الأفراد الذين ينتمون إلى دول الرابطة.
ومثلك في سعة إدراكك لا يجهل أن منح التسهيلات يعني أن للفرد العامل في أي دولة من دول الرابطة سواء كان الفرد طبيباً أو محامياً أو ميكانيكياً أو كهربائياً أو صانعاً في أي مجال.. لهذا الفرد أن ينتقل بمهنته التي يباشرها إلى أي دولة يختارها لينزل أي مدينة أو قرية يراها فيباشر عمله بأي شكل يتراءى له، وعلى الدولة المضيفة أن تقدم له جميع التسهيلات اللازمة وأن تنظر إليه نظرتها إلى المواطنين من رعاياها.
إن مثل هذه التسهيلات تعني الحرية الكاملة المتبادلة بين دول الرابطة، فيستطيع الطبيب الهولندي أن ينقل عيادته إلى مرسيليا إذا شاء أو يجعل لها فرعاً في باريس ويستطيع المزارع الإيطالي أن يبيع مزرعته في إيطاليا ليؤسس بدلها في هولندا أو ألمانيا دون أن يجد في مقره الجديد عائقاً يعوقه أو نظاماً يحدد نشاطه. ويستطيع حتى الحداد في ورشة والميكانيكي في مصنع ومراسل الأخبار في أي جريدة والعامل في أي فرع من إصلاح السيارات أن ينقل عمله إلى أي مدينة في أي دولة من دول الرابطة ليباشر فيها مهنته في بحبوحة من التسهيلات.
وبهذا ألغيت بين دول الرابطة جميع القيود واللوائح التي كانت تعوق الفرد في عمله خارج حدود بلاده، كما ألغيت جميع الأنظمة التي كانت تميز العامل الوطني عن أي طارئ غيره، كما ألغي كل تحديد للإقامة في البلد الأجنبي من بلاد الرابطة وأصبح العمال من كل هذه البلاد يستطيعون أن يبحثوا بالتساوي عن أي عمل يتهيأ لهم في أي دولة يختارونها كما أخذت البيوت الصناعية والتجارية تفتح فروعها في أي مكان شاءت ووجد القطاع الزراعي مجاله واسعاً في أي بلد يختار.
إن دول الرابطة لا ترى في هذه التسهيلات الجديدة ما يسيء إلى اقتصادياتها؛ لأن بلادها تكاد أن تتكافأ استعداداتها في جميع المجالات الحيوية فإذا هي أفسحت لأي يد أجنبية مجال العمل فإنها بما فعلت تربح لرعاياها مجالات مثلها أو أوسع منها في أي دولة يختارونها.
ولكن الحالة في أكثر بلاد الشرق الأوسط لا تتناسب وهذا التنظيم! هنا دول سبقت غيرها بعشرات السنين وعشراتها في جميع ميادين الأعمال، فباتت الاستعدادات غير متكافئة ومعنى هذا أن مثل هذا التنظيم إذا أتاح لرعايا دولة واسعة التصنيع حرية العمل في دولة جديدة على الحياة فإنها بهذا سدت الطريق على الأيدي الجديدة في البلد الجديد ولا يجد البلد الجديد فرصة كافية للاستفادة من طاقة عماله خارج حدوده على قاعدة المثل، وبهذا تضيع الفائدة من عملية الترابط وتخسر الدولة الجديدة كل ما يحقق مكاسب غيرها من دول أخرى سبقتها إلى ميادين التقنية والتصنيع.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :342  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 85 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.