شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مطل الحقوق قضى على الثقة
(1)
قال صاحبي: ما ظنك بأقوام ألِفوا مماطلة الحقوق، واستمرأوا الاستهتار بأصحابها؟ فأنت لا تكاد تحسن إلى الملهوف منهم وتحسب أنك أسعفته أو أنقذته من ورطته حتى يقلب لك ظهر المِجَنِّ ويسومك سوم الشطّار أو قطَّاع الطرق.
قلت: وهذا ما أفقد الثقة بين الناس.. وقضى على كثير من ألوان التعاطف، وأساء أكثر ما أساء إلى العلاقات العامة، وحكم بالفشل على غير قليل من أعمال النشاط.. فربما توجه إليك من يشعر في نفسه شيئاً من النشاط لتعينه ببعض المال يقيم به أود عمله، أو يتوسع في مجال تجارته، أو يسد به ثغرة بات خطرها محدقاً به.. فيأخذ العطف عليك جوانبك وتبادر إلى عونه، فإذا أنت أمام جحود لا يعترف لك بجميل، ولا يشعر بما بذلت في سبيله من فدائية ربما كانت في حينها قد كلفتك عنتاً في بعض أمرك.
وأدهش ما في الأمر أن صاحبك المستهتر واجهك يوم واجهك في طلب العون وهو أرقّ ما يكون أدباً، وأرقى ما تعرف تهذيباً وتواضعاً إن لم تقل ضعفاً وانكساراً حتى إذا قضى لبانته منك، واستطاع أن يتوسع بما بذلت وحل الأجل على أثر هذا، أو قل ما بعد الأجل نسي جماع الأخلاق التي سحرك بها، وانفتل يوليك عرض أكتافه في استهتار، أو يواجهك في عين جريئة.. وربما بلغت به الوقاحة حدًّا لا تدري كيف توفق بينها وبين ما بدا لك من تواضعه ورقته يوم جاء مستنجداً.
إن أصحاب النجدة في مثل هذا السياق كثيراً ما يفقدون بسبب أعمالهم في النجدة ألواناً من الصداقات والمجاملات والحب، كثيراً ما يتخيلون أنهم باستجابتهم للغوث والعون يؤدّون واجباً للإنسانية والود المتبادل ولكنهم لا يلبثون أن يجدوا وبال ما خسروا من علاقاتهم الإنسانية وصداقاتهم الودية عند أول بادرة يفكرون فيها مقاضاة ما يستحقونه من ديون عند المستهترين.
إننا بهذا نفقد الثقة في أهم معاملاتنا ونقضي على كثير من ألوان التعاطف، ونحكم بالفشل على غير قليل من النشاط بين صفوف المماطلين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :297  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 76 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج