شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لِمَ كَان الامتحان غولاً مهيباً؟
قال صاحبي: ما أكثر ما يشكو طلبتنا من الامتحانات. ولا تقتصر الشكوى عليهم وحدهم بل تتعدّاهم إلى أولياء أمورهم، بل لذوي قرابتهم، بل ولمدرسيهم وسائر المعنيين بنجاحهم من رسميين وغير رسميين. فما يمنعنا أن نعدل عنه إلى أسلوب جديد يخفف هذا الضغط القاسي؟
قلت: لسنا أول الممتحنين بمشاكل الامتحانات، ولقد سبقتنا مئات الأمم إلى هذا الطريق، وعانوا منه مثل ما نعاني، وعاشوا يتمنون أن يجدوا سبيلاً إلى غير منهجه ويبتكروا طريقة تغنيهم عن لأوائه، ولكن جهودهم فشلت رغم ما بذلوا وظلت الامتحانات رغم مساوئها الوسيلة الوحيدة لتمييز الجهود وفرز نتائج النجاح.
لقد انتهى بعض علماء التربية في بعض الأمم الراقية إلى نظريات رأوا أن في استطاعتها أن تحل محل الامتحانات، ومما قالوه في هذا إن مدرس الفن لا يعجز عن تمييز الطالب الناجح من غيره بحكم احتكاكه بتلامذته.. إنه يستطيع إذا كان كفئاً أن يتفهم مستوى إدراك الطالب ويتفهم مدى قضيته ومدى نموه العقلي.. ليستطيع أن يميز درجته في التحصيل فيعطيه الرقم الذي يستحقه دون حاجة إلى أن يعرِّضه لفواجع الامتحان.
ويجري على هذا المنوال.. كل مدرس في حقله حتى تجتمع للطالب مجموعته الصحيحة التي تقرر نجاحه أو فشله.
لقد انتهوا إلى هذا وربما انتهوا معه إلى المدرس الكفء الذي يتفهم مستوى طلابه.
ولكن هل انتهوا إلى اللائق الذي يضعون عنده ثقة المدرسة وينيطون به مستقبل الأمور في أبنائها.
لقد تعذر عليهم هذا، وبدا لهم أن مثل هذه النظرية ستفتح الباب واسعاً أمام تجار السوق، وسترهق كواهل الطلبة بالكثير الذي لا يحتمل.. لا بد لهم إذن أن يخضعوا لنظرية الامتحان كضرورة لا مناص منها.. لا بد لهم أن يعانوا من مشاكله ما ليس لهم من معاناته بد.
وأنا عندما أقول معاناته أو مشاكله لا أعني أنها جزء لا يتجزأ من حقيقته، فنحن الذين أحلناه إلى هذه الصورة الفاجعة، وأعطيناه هذا السمت الرهيب.
يعيش الطالب عامه الدراسي يستمع إلى نصائح المهيمنين به -"بكره يجيك الامتحان.. يا ويلك إن قصرت" فلا يلبث أن تخالجه مشاعر الخوف وتربو هذه المشاعر فتتحول إلى عقدة نفسية تصور له الامتحان شيئاً مهولاً فيفقد الثقة بنفسه، ويرتاح، وتتبدد أحلامه في النجاح!!
ولا يختلف عن هذا طالب آخر لا يحسن تنظيم جهده الدراسي، فيلهو ويتباطأ ويستهين بالواجبات الدراسية في أكثر شهور العام إذا أذنت أيام الامتحان شمّر عن ساعده، ووصل لياليه بأيامه في جهد جاهد وسهر مرهق فلا يصافح غرفة الاختبار إلاَّ وهو محلول القوى تبددت طاقته وتهاوت حيويته فباء بالعجز ومني بالفشل.
تعالوا نوحِ إلى طلبتنا بما يعزز ثقتهم في نفوسهم، فلا يتخيلون الامتحان غولاً مهيباً. وتعالوا نعدهم لتنظيم جهودهم في الدراسة فلا يجعلونها وقفاً على أسابيع الامتحان فيعرضهم الإرهاق ويعرضهم طول السهر لأسوأ درجات الفشل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :307  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 67 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.