شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نحنُ نوحي إلى الطفل جميع المفاهيم
قال صاحبي: كيف تعلل تمرد المراهقين على مجتمعهم؟
قلت: إنهم يقولون عن الطفل قاصراً.. بل ربما قالوا عن الفتى إلى سن معينة إنه قاصر، وقد يطول مدى هذا السن وقد يقصر حسب استعداده الذهني وحسب الملابسات التي يهيئها له الوسط الاجتماعي.
ترى لِمَ كان الطفل قاصراً؟؟
يجيبنا عن هذا واقعه في الحياة، فهو يصافحها أول ما يصافحها خالي الذهن من كل المفاهيم السائدة، فلا يلبث المجتمع أن يوحي إليه بالقيم السائدة ويطبع ذهنه تدريجياً بالأفكار التي يتعامل بها.. ولكن الطفل لا يلبث أن ينمو وتتفاعل أحاسيسه فيشعر أن له ذاتاً، وأن لذاته كياناً مستقلاً. فإذا عرفنا كيف نتعامل مع ذاته فلا ننكرها عليه، ولا نتركها في الوقت نفسه تغريه بما تشتهي.. واستطعنا أن نوفق بين القيم التي نراها وبين ما يعتمل في صدره من نوازع، وأن نهادنه إلى حد يتعلم فيه كيف يسلس لقيادنا ويقنع بتوجيهاتنا.
إننا إذا استطعنا أن نتعامل معه على هذا النسق ضمنا اتزانه، وأطفأنا جذوة إحساسه بنفسه إذا طغت، وأقنعناه بكفاءتنا في التخطيط لحياته.
أما إذا أبينا إلاّ أن نفرض ذواتنا بشكل تعسُّفي قاهر، وأن نملي عليه ما ألفنا من قيم دون أي اعتبار لمشاعره، فإننا بهذا نثير إحساسه بذاته ونهيئه للمشاكسة.. وربما تطورت المشاكسة إلى عناد أو تمرد.
وعند هذا سيبدأ اعتداده بنفسه فيرفض استشارتنا، ويعتمد على نفسه فيما يخطط لحياته من قيم، وهنا لا يجب أن نعجب إذا زاغ به الطريق، أو أخطأت به المسيرة الصحيحة.
لا يجب أن نستغرب هذا، ولا يجب أن ننتظر منه بعد أن بلغ به الاعتداد بنفسه هذه الغاية أن يقبل توجيهنا أو نقاشنا على الأقل. فقد أثرنا عناده وتركناه ينظر إلينا في حذر وحيطة نظرته إلى طاغٍ يهيمن على مقدراته ليغتالها.
لقد تراءى له في سن المراهقة الفكرية أنه يحسن الدراسة ويحسن مناقشة الأفكار فلنناقشها معه بكثير من الحرية وبصورة موضوعية تضع يده على مفترق الطرق، وتحدد له مكان الزيغ منها، ونحاول أن نربط بين ما استنتجناه وبين واقع الحياة ونقارن له بين ما فهم وبين ما يجب أن يفهم في أسلوب لبق يعلّمه كيف يحترم كفاءتنا في الفهم.
إن مذاهب الهدم من إلحادية إلى ماركسية إلى وجودية إلى عشرات غيرها تعتمد الشعوذة في تحليل سحري لتغري الشاب المراهق، فما يمنعنا أن نعتمد اللباقة في إخلاص صادق لنقضي على أساليبهم المغرية ونفتح العيون على دجلهم وما يزيفون.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :323  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 66 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج