الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > > عَليْنا أن نبني شبابنا مِن جَديد

عَليْنا أن نبني شبابنا مِن جَديد

قال صاحبي: نزلت في ضيافة صديق لي في البادية. وعند عودتي أراد أن يكرمني فأمر أن يسرجوا لي فرساً أمتطيه، ولما استويت على ظهره شعرت أن ظهره يتماوج تحتي وأني لا أحسن الاستقرار فوقه، فكدت أن أهيب بهم ليقربوا لي بغلاً أو حماراً أستطيع أن أطمئن على ظهره! ولكني استحييت فصابرت فوق ظهر الفرس وأنا أتثبت بسرجه في شدة عانيت منها أشد ما يمكن أن يعانيه راكب.. ذلك أني لم أتعوّد ركوب الفرس. فلو استطاعت نوادينا أن تضيف إلى تمارينها الرياضية شيئاً من الفروسية لنشأنا عليها كما ينشأ المتحضرون حتى في البلاد التي لا تربي الخيول.

قلت: هو ذاك، فالمشاهد أن أكثر نوادينا الرياضية حصرت نشاطها في كرة القدم أو السلة أو أي لون لا يتخطّى مثل هذا المحيط. فلو حفلنا فيها أو في مثلها بألعاب الفروسية والسباحة والصيد وحمل الأثقال وشد الحبل وسباق الجري والدراجات لكان لنا شأن غير هذا الشأن المحدود بألعاب الكرة.

ولأنشأنا جيلاً نعتز بنشاطه وكفاءته في كثير من ميادين الرياضة.

إن قصتك والفرس الذي عانيت من ركوبه، وعجزت عن أي تستوي على ظهره في براعة الرجل المتمكّن من نفسه هي قصة آلاف الرجال من أمثالك الذين استهوتهم الحياة الوادعة فاطمأنوا إلى الراحة وغدوا في الترف فخثر الدم في مجاريه من شرايينهم وفقدوا نشاطهم حتى في الحياة العامة.

إن الفرس الذي بدا لك أنه غريب عنك كان في أحد الأيام نقطة انطلاق لبلادك استطاعت أن تصول به في أخطر المواقف وأقساها شدة واستطاعت أن تخوض به عباب الحياة في عزم واكد أثبتت به جدارتها وأهليتها للحياة فبنت لحضارتها مركزاً دان له نصف أقطار الأرض.

فهل يخلف بعد هذا خلف يستسلم للخمول، ويستنيم للضعف، وينسى مجده التليد؟!.

لا بد لنا أن نعيدها جذعة.. لا بد لنا أن نستأنف انطلاقتنا.. لا بد لنا أن نبدأ العمل من نوادينا فنبني لشبابنا الجديد مجال السباق وركوب الخيل والسباحة وكل ما يثير الحركة في عضلاتهم ويدفع الدم قوياً في عروقهم.. لا بد لنا أن نهيئهم للحياة الفاهمة فنشيد لهم غرف المطالعة بأوسع معانيها وقاعات المحاضرات والمناظرات، ونعقد لهم من ألوان المسابقات الفكرية والجسمية ما يتفاعل مع مداركهم فينمي مواهبها.. لا بد لنا أن نعدهم إعداداً جديَّاً يواجهون به الحياة ويثبتون كفاءتهم في شتى ميادينها.