شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
خطف الأنفاس وحبسها (1)
بقلم: سمير عطا الله
مطلوب من هذا العالم السعيد أن يعيد النظر في كل شيء مع بداية ((القرن الأميركي)).
وهو قرن يبدأ وحيداً كما ينبغي، ويجب أولاً أن نعيد النظر في المصطلحات التي عاشت معنا وعمَّت حياتنا السياسية في القرن الماضي، وعلى سبيل المثال لا الحصر، شيء اسمه الأمم المتحدة. فهو لم يعد أمماً ولا متحداً بل أمة واحدة يدعمها طوني بلير والأوسترالي جون هاوارد.
وكل ما تسمعونه عن ((التحالف)) غير صحيح. ليس هناك 80 دولة كما قيل أولاً ولا 45 دولة كما أعلن كولن باول ولا 28 دولة، كما استقر الرقم الأخير ـ ليس. ليس. ليس. هناك أميركا وطوني بلير وجون هاوارد.
ويجب أن نعيد النظر في مصطلح ((مجلس الأمن الدولي)). فهو في الحقيقة نادٍ أدبي يقول فيه كل عضو ما يشاء ثم يعود إلى بيته هانئاً مطمئناً. وما دام الأمر كذلك فأنا أفضل أن أمتع النفس بالنقاشات الرطيبية (من رطب) في اثنينية عبد المقصود خوجه و ((ثلاثية)) محمد سعيد الطيب. ففيهما لا تستجدي الأصوات من مندوب الكاميرون. ولا بد أن نعيد النظر خصوصاً في مصطلح ((الديمقراطية)) بالذات. فعلى حد علمنا أنها تعني الأخذ بقرار الأكثرية وتعني عدم الخروج من السبل السلمية في التعامل مع الآخر، وتعني التسامح والتجرد والموضوعية، ومنح الفرص حتى استنزافها. وتعني أيضاً الحرية وحقوق الإنسان واحترام الحياة البشرية وتقدير الفكر المعارض والمواقف المتناقضة. والديمقراطية كما فهمتها وقرأت عنها وعشت في ظلها مباهياً بحريتي وكرامتي كإنسان وصحفي، ترفض ثقافة الحروب وفكرة القتل ومبدأ الفرض الإلزامي. وما فعله جورج بوش هو أنه سمع فقط آراء مجموعة صغيرة من الرجال، تتقدمهم امرأة عالية الصوت، زعاقة الحنجرة، تحاول أن تستخلص من المدرسة السياسية القديمة ونظرية الصراع، أسلوباً جديداً في المواجهة والحسم والقمع وإطلاق الحروب.
غريبة هذه الصدفة: أن تكون في كل إدارة أميركية امرأة أشد عنفاً من الرجال. وأن تكون هي شريكة القرار في مسألة ((الأمن القومي)) الذي لا حدود له ولا تعريف. لقد أخذت أميركا هاواي على المحيط الهادي وظلت تعتبر أمنها القومي معرضاً. واشترت ألاسكا من روسيا وظلت تعتبر سلامتها في خطر. وبسطت القواعد العسكرية في كل الأرض ولم تشعر بالاطمئنان. والآن في بداية ((القرن الأميركي)) يغيِّر جورج بوش كل فلسفة الأمن القومي معلناً أنه سوف يخرج إلى ((الضربة الوقائية)) في أي مكان، من أجل أن يمنع الضربة عن أميركا. لذلك أرسل المفتشين يبحثون عن أسلحة الدمار الشامل في العراق. وعندما لم يعثروا على شيء أرسلهم يلاحقون النوايا والظنون ويغيرون أصل ((محور الشر)) من أجل إقامة محور ديمقراطي خير مكانه.
الديمقراطية والحرية بالمظلات في الماضي كانت تمطر في العراق منًّا وسلوى. الآن تمطر عناقيد عناقيد في حملة ((الصدمة والترويع)). وما ذلك إلا مقدمة بسيطة للديمقراطية التي يتأبطها المستر رامسفلد، الرجل الذي قال إن دقة الصواريخ ((تخطف الأنفاس)). يا عزيزي ((دون))، يا عزيزي دون، ملايين البشر يحبسون أنفاسهم، منذ أن وليت نفسك رسالة نشر الديمقراطية في هذا العالم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :304  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 56 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.