شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عابر سبيل
الصالونات الأدبية.. وصمود الساحة (1)
بقلم: مصطفى محمد كتوعة
رغم طغيان ثورة المعلومات والاتصال وملهيات الفضائيات لا تزال الساحة الأدبية صامدة نسبياً وتحاول المحافظة على دورها التاريخي تجاه هوية الأمة. ولعلّنا نلمس بعض الروافد التي تسعى إلى أن تأخذ على عاتقها هذه المسؤولية ومن ذلك المنتديات الأدبية والندوات الثقافية والأمسيات وما تأتينا به المطابع من كتب ودراسات نقدية رغم ما تعانيه الساحة وتشكو منه من ابتعاد الأجيال الجديدة عن طريق المكتبات وقاعاتها بعد أن حلت محلها شاشات التلفاز وصفحات الإنترنت ومواقعه على كثرتها كالسيل وملهياتها التي هي كالزبد يذهب جفاء.
وأحسب هنا للصالونات الأدبية التي اشتهرت بها بلادنا تمسكها بدورها وهو فضل نرجعه لأصحابها لأنهم عاشقون للغتنا الجميلة وتراث ثقافة الأمة العريقة وأوفياء لمبدعينا السلف منهم والخلف.. وأحسب أيضاً أن الأعمال الأدبية كانت ولا تزال ذات وقع على النفس لدى أجيال عديدة لارتباط هذه الأعمال الإبداعية بالنسيج النفسي والاجتماعي للفرد وقضايا المجتمع بلغة رقيقة رشيقة مجنحة ولها أدبياتها التي نكاد نفقدها في خضم واقع ثقيل بأحداثه وأخباره والاستغراق في لهاث الحياة، لذلك نحن من عايش الرواد وعشنا مع إبداعاتهم نشعر بالحنين الدائم في عالمهم الجميل وإلى اللقاء معهم أو عنهم وهذا ما نعبر إليه عبر الصالونات الأدبية والأمسيات الثقافية التي يقوم عليها رموز وأعلام حافظوا على هذه السجية الأصيلة، ففي مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض وجدة وغيرها من مدن الوطن تنعقد الأمسيات.. وفي هذا السياق نذكر بالاعتزاز (اثنينية) الوجيه والأديب الكبير الأستاذ عبد المقصود خوجه، و (ثلوثية) ابن الساحة وأحد أعلامها الكاتب والمثقف البارز الأستاذ محمد سعيد طيب.. ويأتي الضلع الثالث ممثلاً في (أحدية المفكر الاستراتيجي الدكتور أنور ماجد عشقي)، وتتسع الساحة وتزداد الأضلاع بصالونات مثقفي هذه المدينة وغيرها من مدن المملكة العاشقة دوماً لكل إبداع يثري الثقافة بالحوار عبر الصالونات الأدبية الدورية لأدبائنا أينما كانوا.. في رياض الخير والعاصمة المقدسة عاصمة الثقافة الإسلامية وعمقها وفي المدينة المنورة حيث كانت الدولة الإسلامية الأولى.
اليوم أجيالنا الجديدة في حاجة إلى هذه الصالونات وإلى الأندية الأدبية لكنهم لن يصلوا إليها ولن تصل إليهم إذا لم تمد هذه الصالونات والأندية روافدها إليهم من أجل تواصل الأجيال مع ثقافتنا الأصيلة وتتعاطى مع كل فنون ومدارس الإبداع، ومن شأن وجود الأدباء الشباب في الأندية والصالونات الأدبية أن ينصهروا مع خبرة الكبار ويتمسكوا بقيمة ما تركه لنا الأولون، من رحل منهم يرحمهم الله، ومن بقي بيننا متعهم الله بالصحة والعافية. فما نخشاه أن يأتي على أجيالنا زمن يكون فيه موروثنا وأدبنا غريباً في وطنه وعلى أرضه، تحت وطأة الغزو الثقافي الشامل الساعي إلى محاولة مسح هوية الأمة في عقول ووجدان وقناعات وأعمال أجيالنا القادمة، من هنا يأتي مصدر حبنا وتقديرنا لهذه الصالونات الأدبية، أما الأندية الأدبية فالحديث عنها يطول من باب الاعتزاز بها والتمسك بدورها باعتبارها القاعدة الأساسية للبناء الثقافي والعمود الفقري للساحة وشريان حركتها الثقافية وراعية الإبداع بالحوار والطباعة والنشر، ولكن من باب العتب والعلم، كما يقولون، نتمنى من أنديتنا الأدبية في كل المناطق والمحافظات تفعيل جسور التواصل مع الأجيال الجديدة وتطويرها عبر برامج تساير عصر الاتصال والمعلومات ليس فقط بإنشاء مواقع لها في الإنترنت وإنما تعزيز برامجها لضمان استفادة أجيال الشباب وربطها بالساحة الثقافية. فالرسائل قد تختلف وتتطور لكن الهدف الأساسي يجب أن يظل قائماً في عمق مسؤولية الأندية تجاه شباب الوطن أو نسبة كبيرة منه في إطار الوعاء الثقافي الأصيل لهذا الوطن والأمة حتى يكون منهم من يحمل رايتها إبداعاً وفكراً ومدافعاً عن هويتنا الأصيلة في ظل التحديات المتزايدة ضد نسيجها الثقافي بكل تفاصيله وانعكاساته على النسيج الاجتماعي والتربوي والأخلاقي.
من هنا يأتي مصدر حبنا وتقديرنا لهذه الصالونات الأدبية.. ولعلّي هنا أشير إلى فعاليات إحدى هذه الصالونات الأسبوعية التي نقدِّرها كتقديرنا لأصحابها ومضيفي روَّادها.. إنها (أحدية) الدكتور أنور عشقي فخلال ساعاتها يعطي صاحبها للأمسية قبساً من عطاءات وثراء فكره مكوّنات شخصيته الباحثة في العلوم الاستراتيجية. فقد عرفنا الدكتور أنور منذ سنوات طويلة قارئاً فاحصاً للتاريخ ومعايشاً لقضايا الوطن والأمة في زمن التحدي الصعب.. ولقد قدَّم لنا هذا المفكر الكبير دراسات متعمقة في التاريخ الإسلامي وتناول في كتاباته قضايا الأمة عبر هذا التاريخ الطويل، وربط الأحداث واستخلص النتائج وهنا أدعو أبناءنا، خصوصاً أبناءنا الشباب أن يتواصلوا مع الساحة الأدبية عبر أنديتها وصالوناتها ومثقفيها.
إن الثقافة والأدب وكنوزهما الثرية ليست طرفاً بل هي من روافد بناء الشخصية الحضارية للأمة وهي الجدار والحصن الحصين بعد ديننا الحنيف لتعزيز عطاءات الأمة جنباً إلى جنب مع العلوم الحديثة، وكم سجل الأدب ووثَّق لنا وللأجيال هذه الشخصية في مدها وجزرها في طموحها وفي آمالها وآلامها وعهود نجاحاتها وفترات إخفاقاتها.. وكم استنهضت الثقافة همة الأمة لذلك نتوق إلى إثراء الساحة بالفكر الناضج والجاد وكنوز لغتنا الجميلة التي يجب ألا نهملها في خضم تيارات العولمة والعصر الحديث.
حكمة: الكتب بساتين العلماء.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :351  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 42 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج