شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الاثنينية)) مصدر للبحث والدراسة (1)
بقلم: د. عبد الرحمن سعد العرابي
وبما أن الزمن التاريخي سريع ولا يلتفت للكسالى.. فإن عدم الاهتمام بتسجيل الإسهامات الثقافية، وإهمال الإنتاج الفكري لأي مجتمع.. سيكون مصيره النسيان.. وما أكثر من نسيهم التاريخ!..
في اثنينية الأسبوع الماضي والتي كرمت الأستاذ عبد الله أحمد الشباط.. طرح الدكتور محمد بن مريسي الحارثي رأياً مؤداه التفات النقاد والدارسين والهيئات الأكاديمية العليا في المملكة العربية السعودية لدراسة الاثنينية ودورها في تفعيل الوعي الثقافي والفكري في بلادنا. وتجاوب مع هذا الطرح المربي الأستاذ مصطفى حسين عطار مؤيداً الفكرة.
والحق أن هذا الرأي جدير بالاهتمام والرعاية لأمور عدة. أولها أن هذا الرأي صدر كاقتراح من رجل أكاديمي له وزنه ومكانته في الأوساط الأكاديمية والثقافية في بلادنا بصفته أستاذاً جامعياً وناقداً أدبياً، فهو ـ أي الرأي ـ لم يكن مجاملة لصاحب الاثنينية بقدر ما كان معرفة من الدكتور محمد الحارثي بالقيمة الثقافية والفكرية التي تمثلها الاثنينية.
والأمر الآخر الذي يجعلني أدعو إلى تبنّي هذه الفكرة.. هو أننا لا بد ونحن في هذه المرحلة الدقيقة من مشوارنا الحضاري أن نهتم ونرعى ونشجع الإسهامات الجادة لتحريك الركود الفكري وتفعيل الدور الثقافي داخل مجتمعنا السعودي وبالدراسة والتسجيل فالتاريخ كما يبدو للكثيرين يهتم أكثر بالوقائع والأحداث السياسية وهو ـ أي التاريخ ـ محق في ذلك، لأنها الأكثر تأثيراً وفعلاً في حياة البشر.
وبما أن الزمن التاريخي سريع ولا يلتفت للكسالى.. فإن عدم الاهتمام بتسجيل الإسهامات الثقافية وإهمال إبراز الإنتاج الفكري لأي مجتمع سيكون مصيره النسيان. وما أكثر من نسيهم التاريخ.
والعالم المعاصر يعرف عنا نحن السعوديين الكثير، فنحن في موقع استراتيجي جغرافي هام، وبلادنا تحتضن المقدسات الإسلامية التي تهوي إليها أفئدة الملايين من البشر، ونحن مصدر هام من مصادر الطاقة العالمية المعاصرة، ونحن وقد أنعم علينا المولى بهذه الثروة الطبيعية. أصبحنا في وضع اقتصادي ومادي جيد، فبيوت الأزياء العالمية الشهيرة تعرفنا ونعرفها ومصانع السيارات بكل أنواعها وأشكالها الصغيرة والكبيرة والبسيطة والفخمة نمتلكها، وشركات الأثاث وموديلاتها كلها تخطب ودَّنا، والمحافل الرياضية الدولية أصبحت تعرفنا جيداً.
وكل ما سبق نعم نشكر المولى عليها وإنجازات حققناها ولا بد أن نفاخر بها، لكن العالم لا يزال لا يعرف عنا الكثير في إسهاماتنا الثقافية، إنجازاتنا الفكرية. والكتاب السعودي للأسف قليل إن لم يكن معدوماً في الأسواق الخارجية وهو كما نعرف وسيلة هامة من وسائل التعريف الثقافي. وللعالم الحق في أن يجهل فعلنا وتأثيرنا الثقافي والفكري لأن بعض مؤسساتنا الثقافية والأكاديمية المعنية بهذا الشأن لم تحاول أن تتجاوز الحدود ولم تسع إلى الاهتمام بتسجيل ودراسة ما يدور في أوساطنا الفكرية ومنتدياتنا الثقافية، والاثنينية واحدة من هذه المنتديات.
يحق للاثنينية التي يقيمها الوجيه والأديب الأستاذ عبد المقصود خوجه أن تلقى اهتمام الدارسين والنقاد والمؤرخين لحياتنا الثقافية والفكرية المعاصرة فهي صالون أدبي ثري وحقل ثقافي مؤثر. ورغم ما يبدو لأول وهلة أنها فعل اجتماعي يختص بالتكريم والاحتفاء فإنها لا تقل في نظري عن أي منتدى أدبي بما يتم فيها من حوار وحديث ثقافي وفكري من خلال شخصية المحتفى به.
وتكريم المبدعين والمفكرين والمنجزين ـ وخصوصاً من أبناء المملكة ـ في الاثنينية.. هو أمر في حد ذاته مصدر غني للدارسين والباحثين بتسليط الضوء على الرجال المكرمين الذين وإن كانت لهم إسهامات إلا أن بعضهم لا يعرف عنهم الشيء الكثير قبل تكريم الاثنينية، فالاثنينية في ذلك كأنها كشاف تراجم تعطي الدارس والباحث الضوء الأول في مشوار دراسته أو بحثه.
وخلال مسيرتها التي تمتد لأربعة عشر عاماً احتفلت الاثنينية بالعديد من رجالات الفكر والأدب والثقافة والمجتمع سواء من السعوديين أو من غيرهم. وبحسب ما عرفت فقد صدر اثنا عشر مجلداً تضم الأمسيات التكريمية التي شهدتها الاثنينية حتى الآن.
والحديث عن الاثنينية يحتم عليّ الحديث عن صاحبها رغم أنني سمعته في بعض الأمسيات التي حضرتها يكرر الرجاء بعدم مدحه وإطرائه وتخصيص الحديث للشخص المكرّم (بضم الميم) فقط. فهذا الرجل الذي وهبه الله المال يعترف بنعمة المولى عليه بالإسهام في تكريم المبدعين والمنجزين.. وكثيراً ما كنت أتساءل مع نفسي وأنا أعتقد أن كثيراً غيري يتساءل ما الذي يدفع الأستاذ عبد المقصود خوجه إلى صرف جزء من ماله في مثل هذه الأمسيات التكريمية أو المساهمة في طبع ونشر إنتاج فكري أو أدبي لهذا الكاتب أو ذاك القاص أو الشاعر. وهل يلام هذا الرجل إن فعل ما يفعله الكثير ممن يكتنزون الذهب والفضة.. بالاكتفاء برفع أرقام أرصدتهم في البنوك؟
وقد لا أجد إجابة شافية كافية لهذه التساؤلات سوى ما سمعته من بعضهم بأن عبد المقصود خوجه تربى في بيت علم ومعرفة، فأبوه ـ كما نعرف ـ كان أديباً وممن يتعاملون مع الفكر والثقافة فنشأ معه حب العلم وأهله، ورأى أن من واجبه الاجتماعي أن يساهم في رعاية وتشجيع الحركة الفكرية والثقافية في بلادنا سواء بتكريم أصحابها أو طباعة ونشر إنتاجهم،
يحق لمدينة جدة أن تفاخر وتزهو بصوالينها الأدبية، والاثنينية واحدة منها، ولا بد أن يعتني باحثونا ودارسونا ومؤسساتنا الأكاديمية باقتراح الدكتور محمد بن مريسي الحارثي.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :432  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 19 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.