شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
خواطر وانطباعات عن الاثنينية (1)
بقلم: فاضل غي
حالفني الحظ فكنت من بين الحاضرين في بيت الشيخ عبد المقصود خوجه ـ صاحب الاثنينية المعروفة في جدة ـ بمناسبة الأمسية الأدبية التي أقيمت تكريماً للناقد البارع والبلاغي المبدع الدكتور بدوي أحمد طبانه ـ بتاريخ 13 ـ شوال 1415هـ.
وكانت نفسي منذ مدة تسرف في الطول تتوق إلى حضور الاثنينية فاغتنمت فرصة زيارتي للمملكة لتحقيق هذا الحلم، فحضرت وحققت بحضوري أمنية كبيرة ظلت تقلقني في النهار وتسهرني في الليل.
فالاهتمام بالكلمة في هذا الزمان، شيء مشوّق يروقنا، لقلّة من يمتازون بهذه الميزة، لذلك شعرت بمشاعر فوق الوصف لما وقعت عيني في تلك الليلة الشاعرة ولأول مرة على من أكرم الكلمة وأعطى للإنتاج حقه.
أول ما لفت انتباهي في تلك الأمسية هو رحابة صدر صاحب الاثنينية وحسن اهتمامه بالحضور، وكانت نظراتي تتبعه وهو يصافح هذا ويعانق ذاك، بل ويقوم بين الحين والآخر ليتحدث إلى بعض الحاضرين ويصغي إلى بعضهم الآخر، والحق، أنني وجدت فيه صفات النشاط والنبل والكرم وخفة الظل، وهي الصفات التي أخبرني سابقاً بعض الزملاء بأنها من ابرز صفات عبد المقصود خوجه.
إنه فعلاً قدوة لكل من يميل إلى الفكر والإنتاج، ولكل من يؤمن بأن الحياة عطاء، ولقد أعجبني في الرجل ترفُّعه عن الاعتبارات العصبية والإقليمية الضيقة، واعترافه بقيمة الكلمة بغضِّ النظر عن وطن الكلمة ومصدرها. ولقد ظهر ذلك جلياً في الحوار الذي أجرته معه جريدة البلاد حيث قال: ((أحب أن أوكد أن الكلمة لا وطن لها، ولا تعترف بالحدود والمسافات، فهي بغيتنا سواء كانت من داخل المملكة أو خارجها طالما أنها في الإطار الأدبي النظيف الذي نسعى إليه)).
ما أروع هذا الكلام ((وما أحلى هذه الصراحة)).
عرفت حقيقة أخرى من خلال ذلك الحوار المشار إليه في جريدة البلاد عدد رقم: 11186 بتاريخ 6 شوال 1415هـ أن خوجه توارث الأدب عن والده يرحمه الله، وأن الوالد كان ((قد نذر نفسه وكل حياته لعمله ووطنه حيث كان رئيس تحرير جريدة أم القرى ومدير مطبعتها وكانت هي الصحيفة الوحيدة التي تعبِّر عن الأدباء والمفكرين والكتّاب وتعتني بإنتاجهم)) فأدركت أن هذا الشبل من ذلك الأسد.
بأبه اقتدى عدي في الكرم
ومن يشابه أباه فما ظلم
قد تعجب لأمري أيها القارئ، وتقول: ما بال هذا الصحافي يحدثنا بهذا الإطناب عن صاحب الاثنينية ويتغاضى عن الاثنينية، ويركّز على المحتفي دون المحتفى به؟ ولي أن أقول إنني لم أكتب هذه الكلمة لأغطي حفل تكريم الأديب والناقد الكبير الدكتور بدوي طبانه، أو أحلل كلمات الترحيب الشيقة التي رحب بها سعادته، ولا القصائد الشعرية الرائعة التي هزت عواطفي وجعلتني أعيش في عالم جميل ساحر لا يكدر صفاءه واقع الحياة المادية المر، ولا تشوب نقاوته الروتينيات المملة، وإنما هو عالم الكلمة الجميلة الصادقة، لم أكتب هذه الكلمة لهذا ولهذا ولا لذلك، بل أنا أعبِّر عن إعجابي بهذه الظاهرة الفذة التي تثلج الصدور وتصقل النفوس وتجمع القلوب أكتب اليوم لأظهر خواطري وانطباعاتي عن هذا الرجل الذي بهرني إقباله على أهل الفكر ورواد الأدب في زمن أدبر الناس فيه عن الأدب والمثل العليا، هذا الرجل الذي فتح بيته للكلمة وينفق أمواله بسخاء تكريماً للذين لهم صولات وجولات في دنيا الفكر والأدب الرفيع، ولكن الحمد لله على أن البر لا يبلى والتاريخ لا ينسى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :454  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 18 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء العاشر - شهادات الضيوف والمحبين: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج